Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all 1343 articles
Browse latest View live

أوقات التكبير المطلق والمقيد في عشر ذي الحجة وأيام التشريق

$
0
0
أوقات التكبير المطلق والمقيد في عشر ذي الحجة وأيام التشريق
هشام محمد سعيد قربان


تحميل ملف الكتاب
(انقر الرابط بالزر الأيمن للفأرة واختر "حفظ الهدف باسم" أو "Save Target As")




صور من الحج

$
0
0
صور من الحج


د. معشوق الخزنوي








قال المولى عز وجل في محكم تنزيله: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 27 - 29].



هذا نداء الله عز وجل الى الناس جميعاً أذن به خليل الرحمن فانطلق صوته من أعماق الزمن يدوي في آذان المؤمنين، ويحدوهم بالشوق إلى حج بيت الله وزيارته والطواف به، إذ هو أول بيت وضعه الله لعبادته في الارض وجعله مثابة للناس وأمناً.



والحج إخوة الإيمان والعقيدة من أعظم شعائر الاسلام، وأبعدها أثراً في حياة المسلمين، إذ هو في حقيقته مؤتمر كبير يلتقي فيه المسلمون على تباعد ديارهم، واختلاف ألسنتهم وألوانهم فيتآلفون ويتعارفون حول أعز بيت وأقدس مطاف.



يجتمعون في حرم الله على طاعة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعبادة ربهم وتوحيده وتقديسه، وتعظيم بيته واقامة شعائره، وتلقي دروس الدين والأخلاق والسيرة والتاريخ، فتتأكد روابطهم الأخوية، وينطلق التعارف بينهم وثيقاً متيناً، وتتوطد الصلات والعلاقات بين مختلف شعوب الأمة الإسلامية.



ولعل السر أيها السادة في مشروعية الحج في الإسلام وعقد هذا المؤتمر في هذه البقعة من العالم، أن مكة التي يشمخ في وسطها بيت الله الحرام قد شهدت انبثاق فجر الاسلام على يد آدم وشيث ونوح وإبراهيم عليهم السلام الى قيام الدعوة الشاملة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وخلال هذه الفترة ترك اكثر الانبياء أثار بصماتهم على جبين الزمن في هذا المكان المبارك، نبي ترك أثراً يدل على جهوده، وآخر أودعه رمزاً يدل على صدق مبادئه، وأخر وضع اشارة تدل على صموده، وآخر بذر الارض هذه حباً واخلاصاً، وآخر أورثنا براهين على قوته بالله واعتماده عليه عز وجل واستهزائه بكل قوى الشر والطغيان، واعتماده على الله وتفانيه في خدمته.



فالمسلم الذي يغد من أقطار الدنيا حاجاً يتنقل بين هذه المواقع كلها ليملئ عينيه من أنوار هذه الصروح المباركة، ويتمثل الصورة الحية للصراع بين الحق والباطل، ويرى عن كثب مهد الدعوة الاسلامية، والأرض التي كانت مسرحاً لملحمة الإيمان، وموطناً لجهاد الرسول والانبياء من قبله عليهم افضل الصلاة والسلام، وكفاح الصحابة وصبرهم وتضحياتهم الغالية في سبيل هذا الدين المجيد ومبادئه السامية من بعدهم.



وما من عمل أو نسك في الحج إلا وللمسلم فيه دروس وعبر وعظات وحكم، فلنحاول معاً تذكر بعض هذه النقاط والصور، ولنحدق بأعيننا وبصيرتنا في قبس من هذه الأنوار.



أرى أمامي الآن حاجاً من حجاج بيت الله الحرام وهو يضع قدمه على أرض الحجاز فيحزن حزناً شديداً وتدمع عيناه، فهذا بحر من الرمال يحيط به، وهذا الجو يلتهب عليه من كل جانب، وهذه الحرارة تنبعث نحو وجهه وجسده من الأرض أكثر من السماء، وعلى جانبي الطريق الى مكة لا يتبدى لعينيه إلا كتل من الرمال المتحركة والصخور السوداء العارية، فيلقى من وعثاء السفر وعنت الطريق ومشقة الغربة والبعد عن الاهل والبلد الشيء الكثير، ويشعر بمرارة في داخله لا يعلمها إلا من ذاقها، ولكن ما أن يرتقي على أخشبَي مكة ليشرف على واد غير ذي زرع، حتى يجد اللذة والراحة والطمأنينة والأمان، حيث يتذكر قصة أول مهاجر ومهاجرة الى هذا المكان، يتذكر هاجر وابنها اسماعيل اللذين تركهما سيدنا ابراهيم في نفس هذا الوادي حين لا مكة ولا عمار ولا ماء ولا زرع ولا خضار، وتظهر في مخيلته وهو يتأمل في الوادي صورة رحيل سيدنا ابراهيم عليه السلام وسط صيحات هاجر واستغاثاتها وإبراهيم لا يلتفت، فتناشده هاجر الله أن يقف لتقول له آلله أمرك بهذا قال نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا الله، وهنا ينزل برد الآمن على قلب الحاج، ويشعر بدفء الطمأنينة، حيث يرى نفسه ممثلاً لدور ابراهيم واسماعيل عليهما السلام، فها هو يسمع صيحات ضميره يناديه لما جئت لي الى هذا الوادي الذي لا زرع فيه؟، لما تركت المال والاهل والولد والبلد؟، آلله امرك بهذا، فيقول الجاح لضميره وقلبه: نعم الله امرني وما جئت إلا تنفيذاً لأمر الله واستجابة لدعوة إبراهيم، فيناديه ضميره من أعماقه [إذاً اطمئن فلن يضيعك الله].



يدخل هذا الحاج مكة فيرى نفسه بين الجموع المتوافدة من كل فج عميق، ويقف من جديد مرتعداً شارداً في أعماق التاريخ، لماذا؟ لأن هذه الجموع تذكره بقوافل الجهاد وجموع الابطال الفاتحين الذين دخلوا مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطهرين لبيت الله الحرام وواضعين أهم لبنة في بناء الإسلام، إنه يتذكر كيف دخل رسول الله قوياً عزيزاً منتصراً بعد أن أخرج منها مهاجراً وحيداً ضعيفاً، فتتمثل له صورة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدخل مكة فاتحاً منتصراً ولكن بلا تكبر ولا غرور بل في تواضع جم وذل لله عز وجل، فلم تنصب له الاقواس ولم تزين له الشوارع، ولم تخفق فوق رأسه الرايات والاعلام، ولم يشكل محاكم ميدانية ولم يأمر بقطع الرؤوس والاعناق بناء على احكام عرفية، بل قال: [ اذهبوا فانتم الطلقاء ]، وعند هذه النقطة يزداد شعور الحاج ويصغي بأذنيه عله يسمع بقايا نبرات صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوادي وهو يقول لأهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء، يريد أن يسمع بقايا هذه الذبذبات عسى أن يشمله العفو والمغفرة فلما ييأس من سماع شيء يعود الى أبعد، يعود الى قانون العفو الذي رسمه الرسول وسنه قبل دخول مكة حين قال: "ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن".



ويتساءل إذا كان المشركون الذين أذوا محمداً وصحبه وأخرجوهم من ديارهم بغير حق الا أن يقولوا ربنا الله، إذا كان هؤلاء المشركون قد منحو الأمان إن هم احتموا بالمسجد الحرام فكيف لا يمنحني الله الأمان وأنا جئت من بلدي محمياً به وخرجت من بيتي ملتجأ الى بيته، فيمد رجليه الى داخل المسجد الحرام ملتجأ لائذاً ليحميه الله ويأمنه ويجعله من ضيوفه الذين سيقدم لهم مائدة الرحمة والمغفرة، يدخل وهو يقول:



أصبحت ضيف الله في دار الرضا

وعلى الكريم ضيافة الضيفانِ


تعفو الملوك عن النزيل بساحتهم

كيف النزول بساحة الرحمنِ؟





وبعد هذا الموقف أرى أخانا الحاج وهو يدخل المسجد الحرام وكله شوق الى رؤية الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين التي يتجهون إليها بقلوبهم ووجوههم، الكعبة التي هي مصدر هداية وتقى، ومحور حركة دوران، ومركز قدسية وطهارة، وحين يبصر الكعبة وقد اصبحت للآمال محط، وللأفئدة ملتقى، ومركز لعشرات الدوائر التي يطوف فيها ألاف المسلمين، فيتذكر أول مؤامرة لفصل الأمة عن هذا الرمز، ويتصور أول جموع تدافعت لتخرب هذا البلد الذي ذكر الانجيل أنه موطن خاتم الانبياء، ولتهدم الكعبة التي سيجتمع النبي حولها والناس، يتذكر أصحاب الفيل الذين جاؤوا من الحبشة واليمن بجيوش جرارة لم تقف أمامها أية قوة تذكر للعرب، لأنهم كانوا أوباشاً مشردين وجماعات متفرقين، وما عرفوا الوحدة والقوة والعزة إلا بالإسلام، ولن يعرفوا الوحدة والقوة والعزة إلا بالإسلام، نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، يرى الحاج جيوش أبرهة وهي تتقدم نحو الكعبة بلا مقاومة تذكر، ولما أصبحت على مشارف مكة جاء دور المخلصين المرتبطبن بالله، وهنا يتجسد للحاج صورة عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقدم نحو الكعبة حتى يأخذ بحلقة الباب ويدعو ويستنصر على أبرهة وجنوده وهو يقول:



لاهم إن العبد يمنع

رحله فامنع حلالك


لا يغلبن كيدهم

ومحالهم غدواً محالك


إن كنت تاركهم

وقبلتنا فأمر ما بدا لك





واستجاب الله، وأرسل على المعتدين جنوداً لا يقهرون، أرسل عليهم طيوراً من البحر أمثال الخطاطيف، مع كل طائر ثلاثة احجار واحد في منقاره واثنان في رجليه، فجعلت الطيور ترميهم بهذه الحجارة فلا تصيب احداَ منهم إلا هلك، إنه حرب الطيور التي هزمت الجيوش الجرارة وجعلتها تتساقط بكل طريق وفي كل واد، وهنا يغمض الحاج عيني خياله عن هذه المشهد الملحمي ليراجع حساباته قائلاً: إذا كانت طيور ضعيفة قد فتكت بأعظم الجيوش في زمانها استجابة لنداء عبد المطلب واستغاثته، فما أحرى بالمسلمين اليوم والقوى الخفية في العالم تتعاضد وتتحد لتهدم دينهم وتزيل أثرهم وتقضي على مبادئهم وقيمهم، ما أحراهم أن يعتمدوا على الله من جديد، ويعودوا الى ساحة طاعته كي يدافع عنهم ويحميهم، ويحرر ارضهم، ويطهر مقدساتهم، ويهلك اعداءهم وخصومهم والمتآمرين عليهم، وحين ينخرط الحاج في صفوف الطائفين يرى في زاوية من الكعبة كوة فيها الحجر الاسعد، الحجر الذي جعله الله هنا ليكون سجلاً لجرائم الانسان على الارض، إنه تماماً كالصندوق الاسود الذي يوضع في الطائرات ليسجل كل المشاكل التي قد تحصل اثناء رحلة الطائرة، الحجر الاسود هو بمثابة صندوق الطائرة الاسود انه سجل جرائم الانسان تجاه الخالق والمخلوق، لان هذا الحجر لم يكن اسودا اصلاً بل سودته جرائم الانسان كما روى الترمذي عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم"، أمام هذا المشهد، و أمام هذا الحجر الأسود يتذكر الحاج أن في داخله جوهرة أيضا كانت بيضاء نقية ثم اسودت بفعل ذنوبه وخطاياه، هذه الجوهرة هي قلبه، وهو وإن لم يكن باستطاعته هداية الناس جميعاً وتطهيرهم من أدناس الشرك والذنوب ليعيد الحجر الاسود الى بياضه وطهارته ونقائه، إلا أنه يملك نفسه وبإمكانه أن يتوب الى الله ليعيد قلبه الذي اسود من الذنوب الى بياضه وطهارته، فتراه بعد ذلك يندفع ليقف بكل شعوره بالملتزم مناجياً تائباً باكياً مستغفراً معاهداً الله على الاستقامة والطاعة والخلق الكريم، وقبل أن ينتهي من مطافه يحاول أن يقف امام هذا الحجر الاسود ليقبله ويسجد لله عليه وهو يرى عمر بن الخطاب يقبله قبله ويقول: إني أعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك، كما رواه البخاري ومسلم، ثم ينطلق ليصل ركعتين خلف مقام ابراهيم وهو يتذكر الجهد الشاق الذي بذله هذا النبي وولده اسماعيل في رفع الانقاض عن أول بيت لله في الارض ورفع قواعده وتطهيره للطائعين والقائمين والركع السجود.



هذا في مكة وغداً في المواقف في عرفات ومزدلفة ومنى سيشارك الحاج في يوم الوحدة الاسلامية الكبرى القائمة على مبادئ القرآن وأخوة الإيمان، الوحدة التي تتجسد في أسمى صورها وأرفع معانيها، حيث يجتمع تحت راية الاسلام وفي ظلال رسالة محمد الخالدة يجتمع الكردي والعربي والتركي والفارسي والهندي والصيني والإندونيسي والياباني والأمريكي والأوربي والأسود والأبيض والأحمر والأصفر وغيرهم وغيرهم إخواناً متحابين بلا قوميات تفرقهم ولا عصبيات تجعل منهم شيعاً وأحزاباً.



وفي منى وعند الرجم وذبح الاضاحي يتذكر الحاج أعظم قصة وحدث في الصبر، وأروع مثال للعبد الفائز في الامتحان، يتذكر عند الاضاحي والرجم قصة ابراهيم وولده إسماعيل اللذين فازا من الله بأعظم الثواب ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 102- 111].



وهكذا أينما توجه الحاج يرى في كل مكان درس، وفي كل بقعة عظة، وفي كل زاوية عبره، فليس الحج كما يتصوره البعض منا أنه مجرد سياحة او رحلة استجمام، ولا مجرد عبادة فارغة أو طقوس روتينية، ولكن الحج مدرسة، إنه تاريخ، إنه الاسلام كله مجسداً في رموز ومعان وإشارات، وإذا كان هذا هو شأن الحج وأهميته فليس بعيدا أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة " كما رواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة، وليس بعيداً أن يتجلى الله من عليائه ويمن على ضيوفه الذين لبوا دعوته وقصدوا مائدته، وليس بعيداً أن يمن عليهم بالمغفرة والرضوان والرحمة ويقول لههم " أفيضوا عبادي مفغوراً لكم ولمن شفعتم له " رواه مسدد في مسنده.



وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الانبياء والمرسلين





[1] خطبة جمعة في جامع قناة السويس بقامشلو - سوريا.





اغتنام الأجر فيما بقي من العشر

$
0
0
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر


الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ شَيءٌ في هَذِهِ الأَيَّامِ أَوجَبَ عَلَينَا مِن حَمدِ اللهِ - تَعَالى - وَشُكرِهِ عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَينَا وَوَفَّقَنَا إِلَيهِ مِن بُلُوغِ أَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ، هِيَ أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَهُ، وَالعَمَلُ فِيهَا مِن أَحَبِّ العَمَلِ إِلَيهِ، وَالأَجرُ فِيهَا مِن أَتَمِّ الأَجرِ وَأَعظَمِهِ، وَالحَسَنَاتُ فِيهَا مِن أَكمَلِ الحَسَنَاتِ وَأَفضَلِهَا وَأَزكَاهَا عِندَهُ، عَرَفنَا ذَلِكَ وَتَأَكَّدَ لَنَا بِيَقِينٍ مِمَّا صَحَّ عَنِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ وَالنَّاصِحِ الأَمِينِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - حَيثُ قَالَ: " مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِن هَذِهِ الأَيَّامِ " يَعني أَيَّامَ العَشرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: " وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ ".

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ في هَذِهِ العَشرِ المُبَارَكَةِ، لا يَعدِلُهُ عَمَلٌ في غَيرِهَا مِن أَيَّامِ السَّنَةِ الأُخرَى حَتى في العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ، وَإِذَا استَثنَينَا الصَّومَ الوَاجِبَ في عَشرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعمَلُهُ المُسلِمُ في عَشرِ ذِي الحِجَّةِ، وَكُلَّ قُربَةٍ يَتَقَرَّبُ بها، وَكُلَّ صَدَقَةٍ يَبذُلُهَا، وَكُلَّ ذِكرٍ يَتَحَرَّكُ بِهِ لِسَانُهُ، وَكُلَّ دُعَاءٍ يَرفَعُهُ إِلى رَبِّهِ وَخَالِقِهِ، وَكُلَّ صِلَةِ رَحِمٍ يَحتَسِبُهَا، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَفضَلُ مِن مَثِيلِهِ في عَشرِ رَمَضَانَ الأَخِيرَةِ، هَذَا هُوَ صَرِيحُ قَولِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ، وَلَكِنَّنَا في الحَقِيقَةِ عَن هَذَا في غَفلَةٍ، فَبَينَمَا يَنشَطُ أَحَدُنَا في عَشرِ رَمَضَانَ - وَهَذَا أَمرٌ مَحمُودٌ وَلا شَكَّ - نَجِدُهُ يُصَابُ بِالخُمُولِ في هَذِهِ العَشرِ الكَرِيمَةِ وَيُبتَلَى بِالكَسَلِ، وَتَمُرُّ عَلَيهِ مُرُورَ الكِرَامِ دُونَ أَن يَنتَبِهَ لها، وَرُبَّمَا خَرَجَت وَهُوَ لم يُقَدِّمْ فِيهَا شَيئًا يَحتَسِبُ أَجرَهُ عِندَ رَبِّهِ، فَلا صِيَامَ وَلا قَيَامَ وَلا ذِكرَ وَلا دُعَاءَ، وَلا قِرَاءَةَ قُرآنٍ وَلا صِلَة َرَحِمٍ وَلا صَدَقَةَ وَلا عَطَاءَ. وَمَهمَا يَكُنْ مِن أَمرٍ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَحَتَّى وَإِن مَضَى أَكثَرُ العَشرِ عَلَى بَعضِنَا وَهُوَ لم يُحدِثْ زِيَادَةً في التَّعَبُّدِ، وَلم يُضَاعِفِ الجُهدَ وَالعَمَلَ، فَإِنَّهُ لم يَزَلْ في الأَمرِ مُتَّسَعٌ لِمَن مَدَّ اللهُ في عُمُرِهِ وَأَيَّدَهُ بِتَوفِيقٍ مِنهُ، وَلم تَزَلْ ثَمَّةَ بَقِيَّةٌ عَظِيمَةٌ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ وَأَيَّامٍ بَعدَهَا، وَلَو لم يَكُنْ إِلاَّ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ العِيدِ لَكَفَى بِهِما فَضلاً وَشَرَفًا، كَيفَ وَهُمَا أَمَامَنَا، وَمِن وَرَائِهِمَا أَيَّامُ التَّشرِيقِ؟! قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ " أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فَهُوَ يَومُ عِيدٍ لِلحُجَّاجِ، وَمَن ثَمَّ لم يَصُمْهُ النَّبيُّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَأَمَّا يَومُ النَّحرِ فَهُوَ عِيدٌ لأَهلِ الأَمصَارِ مِمَّن لم يَحُجُّوا، وَأَمَّا أَيَّامُ التَّشرِيقِ فَهِيَ أَيَّامُ عِيدٍ لِلجَمِيعِ. وَلأَنَّ هَذِهِ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ تَفَضَّلَ اللهُ بها عَلَى عِبَادِهِ، كَانَ وَاجِبُ الشُّكرِ مِنهُم لِرَبِّهِم، يَستَدعِي التَّقَرُّبَ إِليهِ فِيهَا بما يُحِبُّهُ وَيَرضَاهُ، مِمَّا شَرَعَهُ مِن أَعمَالٍ وَأَقوَالٍ، وَأَن يَكُونَ ذَلِكَ بِاحتِسَابٍ لِلأَجرِ وَتَعظِيمٍ لِلشَّعائِرِ، وَطَلَبٍ لمَا عِندَهُ مِن جَزِيلِ الأَجرِ وَمُضَاعَفِ الثَّوَابِ، لا أَن يَكُونُوا كَمِثلِ سَائِرِ الطَّغَامِ مِنَ الأَنَامِ، الَّذِينَ لا يُفَرِّقُونَ بَينَ المَوَاسِمِ وَالأَيَّامِ، وَإِنَّمَا هَمُّهُم فِيهَا تَنَاوُلُ الشَّرَابِ وَتَنوِيعُ الطَّعَامِ. إِنَّ المُسلِمَ يَعلَمُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِغَيرِ الحَاجِّ صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، وَيَحسِبُ لِذَلِكَ حِسَابًا وَلا يُفَرِّطُ فِيهِ أَبَدًا، لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِن أَجرٍ عَظِيمٍ وَفَضلٍ كَبِيرٍ، يَحصُلُ بِصَبرِ سَاعَاتٍ مَعدُودَةٍ يَكُفُّ فِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَيَحصُلُ لَهُ بِفَضلِ اللهِ مَا صَحَّ عِندَ مُسلِمٍ عَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَن صَومِ يَومِ عَرَفَةَ؟ قَالَ: " يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ " وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالشَّعَائِرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ صَلاةُ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ في يَومِ العِيدِ، وَشُهُودُ الخَيرِ وَدَعوَةِ المُسلِمِينَ، وَمُشَارَكَةُ إِخوَانِهِ فَرحَتَهُم في يَومِ اجتِمَاعِهِم وَفَرَحِهِم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ ﴾ وَرَوَى الشَّيخَانِ عَن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَت: أُمِرنَا أَن نُخرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَينِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَيَشهَدنَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ وَدَعوَتَهُم، وَيَعتَزِلُ الحُيَّضُ عَن مُصَلَّاهُنَّ. قَالَتِ امرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِحدَانَا لَيسَ لَهَا جِلبَابٌ ! قَالَ: " لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلبَابِهَا " وَالأَمرُ بِإِخرَاجِ الحُيَّضِ وَهُنَّ لا تَجِبُ عَلَيهِنَّ الصَّلاةُ، وَإِنَّمَا لِيَشهَدنَ الخَيرَ وَدُعَاءَ المُسلِمِينَ , فِيهِ أَنَّ القَصدَ إِظهَارُ شِعَارِ الإِسلامِ بِالمُبَالَغَةِ في الاجتِمَاعِ، وَلِتَعُمَّ الجَمِيعَ البَرَكَةُ، وَمِن ثَمَّ فَكَم هُوَ عَجِيبٌ أَن يُفَرِّطَ رِجَالٌ غَيرُ مَعذُورِينَ وَيَتَثَاقَلُوا وَيَتَكَاسَلُوا، فَلا يَحضُرُوا صَلاةَ العِيدِ وَلا يَشهَدُوا الخَيرَ مَعَ المُسلِمِينَ، وَيُحَقِّرُوا أَنفُسَهُم وَيُدَسُّوهَا، إِذْ يَتَسَاهَلُونَ وَلا يُقِيمُونَ لِشَعَائِرِ اللهِ وَزنًا وَلا يَرفَعُونَ بها رَأسًا، استِجَابَةً لِدَاعِي النَّومِ، أَوِ اتِّبَاعًا لِشَهَوَاتِ النَّفسِ وَإِملاءَاتِ الشَّيطَانِ.

فَالحَذَرَ الحَذَرَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مِنَ التَّكَاسُلِ عَن حُضُورِ صَلاةِ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ، وَإِيَّاكُم وَمَا يَفعَلُهُ بَعضُ مَن يَحضُرُ مِنَ الاستِعجَالِ وَالخُرُوجِ مِنَ المُصَلَّى بَعدَ الصَّلاةِ وَقَبلَ انتِهَاءِ الخُطبَةِ، الَّتي فِيهَا المَوعِظَةُ وَالدُّعَاءُ وَذِكرُ اللهِ، وَكُلُّهَا مِنَ الخَيرِ المَندُوبِ لِلمُسلِمِ شُهُودُهُ. وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ وَيَحرِصُ عَلَيهِ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ ذَبحُ الأُضحِيَةِ في يَومِ العِيدِ وَفي أَيَّامِ التَّشرِيقِ بَعدَهُ، وَالأُضحِيَةُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ وَسُنَّةٌ مَؤَكَّدَةٌ، يُكرَهُ تَركُهَا مَعَ القُدرَةِ عَلَيهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: " وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ " وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: خَطَبَنَا النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَومَ النَّحرِ قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبدَأُ بِهِ في يَومِنَا هَذَا أَن نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرجِعَ فَنَنحَرَ، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد أَصَابَ سُنَّتَنَا... " الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: ضَحَّى النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَلا تَكُونُ الأُضحِيَةُ إِلاَّ مِن بِهِيمَةِ الأَنعَامِ، بِشَرطِ أَن تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَةَ شَرعًا، وَتَكُونَ سَالِمَةً مِنَ العُيُوبِ الَّتي تَمنَعُ الإِجزَاءَ ؛ لِقَولِ اللهِ - تَعَالى -: " لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ " وَلِقَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَذبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَن يَعسُرَ عَلَيكُم فَتَذبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأنِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَلِقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَربَعٌ لا يُجزِينَ في الأَضَاحِي: العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالعَرجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالعَجفَاءُ الَّتي لا تُنقِي " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَوَقتُ الذَّبحِ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ حَتَّى مَغِيبِ الشَّمسِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ذَبحٌ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَيُسَنُّ الأَكلُ مِنَ الأُضحِيَةِ، والإِهدَاءُ لِلأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ، وَالتَّصَدُّقُ مِنهَا عَلَى الفُقَرَاءِ، قَالَ - تعالى -: ﴿ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ ﴾ وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ وَيَحرِصُ عَلَى الإِكثَارِ مِنهُ لِسُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ التَّكبِيرُ، مُطلَقًا كَانَ في سَائِرِ الأَوقَاتِ في أَيَّامِ العَشرِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ، أَو مُقَيَّدًا في أَدبَارِ الصَّلَوَاتِ مِن فَجرِ يَومِ عَرَفَةَ إِلى عَصرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاذكُرُوا اللهَ في أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ وَلا أَحَبُّ إِلَيهِ العَمَلُ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ " أَخرَجَهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحمَدُ شَاكِر. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاعمَلُوا صَالِحًا تُفلِحُوا ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]
• • •

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ بِما يُحِبُّ وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ، فَإِنَّهُ - جَلَّ وَعَلا - قَرِيبٌ مُجِيبٌ يُحِبُّ المُتَقَرِّبِينَ وَيَجزِيهِم بِخَيرٍ مِمَّا عَمِلُوا، يَقُولُ - تَعَالى - في الحَدِيثِ القُدسِي المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " وَيَقُولُ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الآخَرِ: " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. إِنَّهُ لَحَرِيٌّ بِالمُسلِمِ أَن يَستَثمِرَ مَوَاسِمَ الخَيرِ عَامَّةً بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ، وَالإِقلاعِ عَن جَمِيعِ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، وَأَخذِ النَّفسِ بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ، وَالحَذرِ مِنَ التَّكَاسُلِ وَالتَّسوِيفِ، أَوِ الإِعرَاضِ عَن مَوَائِدِ الخَيرِ وَالزُّهدِ فِيهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَاصدُقُوهُ يَصدُقْكُم، وَأَحسِنُوا يَكُنْ مَعَكُم، فَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ ﴾ إِنَّ الدُّنيَا أَيَّامٌ قَلائِلُ، فَاصَبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاعمَلُوا ؛ لِيُقَالَ لَكُم غَدًا: ﴿ كُلُوا وَاشرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسلَفتُم في الأَيَّامِ الخَالِيَةِ ﴾.





اتفاق سلام ..أم خطة : الموت أو الاستسلام؟!

$
0
0
اتفاق سلام ..أم خطة : الموت أو الاستسلام؟!

د. زياد الشامي





بعد كل اجتماع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف حول سورية تزداد حدة همجية القصف الروسي النصيري على مناطق سيطرة الثوار , ويزداد معدل قتل المدنيين من الأطفال والنساء بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والفسفورية والحارقة ..... هذا ما أكدته التجارب السابقة لمرحلة ما بعد اتفاقهما دائما .


والحقيقة أن من يدقق في توقيت هذه الاجتماعات وزمانها , يمكنه ملاحظة أنها تأتي دائما لإنقاذ النظام النصيري وحليفه الروسي ودعم موقفهما القتالي على الأرض , بينما يكون توقيت ونتائج هذه الاجتماعات ضد فصائل الثورة السورية على طول الخط , وخصوصا منها تلك الفصائل ذات المرجعية الإسلامية السنية .


وفجر اليوم أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري من جنيف عن التوصل إلى اتفاق مع روسيا على هدنة في سورية من المقرر أن تبدأ ليل الأحد الاثنين بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك .
وقال كيري : إنه في حال صمدت الهدنة "أسبوعا"، فإن القوات الأمريكية ستوافق على التعاون مع الجيش الروسي في سوريا , وتحديد أماكن العمليات لتوجيه ضربات إلى "فتح الشام" وتنظيم الدولة في سوريا.



من جهته قال وزير الخارجية الروسي يسرغي لافروف : إن الاتفاق يحتوي على 5 وثائق تشتمل على العديد من الاتفاقيات بين الجانبين الروسي والأمريكي.
وأضاف : أن "الخطة المشتركة تقضي على وجه الخصوص بتحديد مناطق سيتم فيها ضرب المسلحين "الإرهابيين" من قبل الطيران الحربي الروسي والأمريكي حصرا دون مشاركة سلاح الجو السوري , إلى جانب الاتفاق على الإجراءات الواجب اتخاذها ردا على انتهاك وقف إطلاق النار".



الغريب في الأمر هو الوصف الذي تم إطلاقه على هذا الاتفاق من قبل الوزيرين , حيث زعما بأن الاتفاق قد تضع قطار السلام في البلاد على السكة !! وأن من شأن تنفيذها على أرض الواقع أن يخرج البلاد من أزمتها !!


ولم يبخل كيري على المنكوبين في سورية بالتعبير عن أمله بأن تحقق الخطة السلام في سورية وأن تخفف المعاناة عن أهلها !!! زاعما : أن بإمكان هذه الخطة أن تمنح الفرصة للمضي قدما لوقف أعمال العنف في سورية , و أن تخرج البلد المنكوب من عنق الزجاجة إذا نفذت بمشاركة كل المعنيين، من أجل إعادة أطراف الأزمة إلى طاولة المفاوضات !!!


ولعل أهم ما جاء على لسان كيري قوله : إنه يتعين على كل جماعات المعارضة السورية أن تنأى بنفسها بكل وسيلة ممكنة عن جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الإسلامية .


إن أقل ما يمكن أن يقال في بنود هكذا اتفاق أنه اجتماع أمريكي روسي أممي دولي لإبادة أهل السنة في سورية بامتياز , هكذا بكل وقاحة وصفاقة ودون أي مواربة هذه المرة أو حتى دبلوماسية , والشعار الذي يستخدمونه لشرعنة هذه الإبادة هو : "محاربة الإرهاب" الذي بات الوسيلة الأنجع لاستهداف أهل السنة في كل مكان .


لم يعد عاقل يشك أن أمريكا هي شريك أساسي في قتل الشعب السوري ومحاولة إجهاض ثورته بكل السبل والوسائل , بل ربما تكون واشنطن أشد عداوة لاهل السنة في سورية من كل من النظام النصيري ومرتزقة طهران وروسيا , وكيف لا وقد منعت سقوط الطاغية وانتصار الثورة أكثر من مرة , وحرمت المدنيين على الحدود الشمالية من منطقة آمنة طالما طالبت بها تركيا , واستخدمت غطرستها لمنع وصول الأسلحة النوعية للثوار وما زالت تمنعه حتى الآن .


إن الخطة التي سماها الوزيران "خطة السلام" , هي في الحقيقة خطة الموت أو الاستسلام , فالفصائل الثورية التي ترضخ لإملاءات أمريكا وأوامرها , وتقبل برؤيتها للحل السلمي الذي قد لا يختلف في قليل أو كثير عن رؤية النظام النصيري وروسيا وطهران , وتنأى بنفسها عن الفصائل التي تصنفها روسيا وأمريكا "إرهابية" – وهي للعلم كل من يحمل السلاح ضد طاغية الشام – ربما تنجو من القصف الروسي الأمريكي الآن .


ثم من قال بأن أمريكا لم تشارك بطيرانها الحربي - قبل هذا الاتفاق - المقاتلات الروسية في قصف واستهداف فصائل الثوار ؟!! وهل يمكن لعاقل أن يصدق النفي الأمريكي - على لسان مصدر في البنتاغون - استهدافه قادة فتح الشام في اجتماع لهم مؤخرا وأدى إلى استشهاد قائد جيش الفتح "أبو هاجر الحمصي" وقادة بارزين آخرين ؟!


أما عن ضمان روسيا التزام النظام النصيري بالهدنة المعلن عنها فهو أمر يثير السخرية والضحك , فكيف يمكن لقاتل مجرم أن يضمن التزام قاتل ومجرم مثله بالتوقف عن القتل والإجرام ؟!! وهل التزامت روسيا أولا بالهدن السابقة حتى تضمن التزام صبيها بدمشق ؟!



ولعل أكثر ما يثير الاشمئزاز والتقزز هو حديث كيري لافروف عن المسائل الإنسانية ووصول المساعدات الإغاثية , نظرا لهول اللاإنسانية التي أبدتها واشنطن وروسيا في هذا الجانب , ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن ممرات إنسانية إلى حلب , ما زالت مضايا وأخواتها في سورية ترزح تحت وطأة الحصار والتجويع النصيري الرافضي حتى الآن !!!


لا يمكن قراءة اتفاق كيري لافروف الجديد بمعزل عن نتائج وآثار اجتماعاتهما الكارثية السابقة على الثوار والثورة السورية , ومن هنا يمكن القول بأن أفضل وصف للاتفاق هو ما قاله المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية رياض نعسان آغا الذي اعتبر ما توصل إليه الوزيران الأميركي والروسي هو "حرب على السنة" في سورية ..... مضيفا أن خلاصة ما توصلت إليه خطة السلام في جنيف هو شرعنة للقضاء على مدن كاملة في سوريا بحجة الحرب على الإرهاب .



الأكل من هدي الإحصار

$
0
0
الأكل من هدي الإحصار

اجاب عليها فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك

السؤال

هل يؤكل من هدي الإحصار؟ فقد سمعت من بعض المفتين أنه لا يؤكل منه، ومن آخر أنه يؤكل، علما أني أكلت منه في سنة مضت، فماذا أفعل إذا كان الجواب بالمنع؟







الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد: فقد اختلف أهل العلم فيما يجوز الأكل منه من الهدي وغيره من الدماء وما لا يجوز؛ فذهب كثيرون إلى أن كل هدي واجب لا يجوز الأكل منه، إلا هدي التمتع والقران، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة، وعن الإمام أحمد رواية أنه يأكل من كل ذلك إلا من جزاء الصيد والمنذور، قال في المغني (5/445ـ طبعة التركي): "وهو قول ابن عمر وعطاء والحسن وإسحاق"ا.هـ.
وعلى هذا فيجوز الأكل من هدي الإحصار وهدي التمتع والقران، وقال ابن أبي موسى من أصحاب الإمام أحمد: لا يأكل من المنذور ولا جزاء الصيد ولا الكفارة، أي: ويأكل مما سوى ذلك (نقله في المغني عنه)، ولعله يريد بالكفارة ما وجب بترك واجب أو فعل محظور؛ كفدية الأذى، وأما الشافعي فعنده لا يجوز الأكل من أيِّ هدي واجب، حتى هدي التمتع والقران، وظاهر السنة خلافه في هدي التمتع والقران، فقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم من بدنه؛ فإنه أمر أن يؤخذ له من كل واحدة بضعة، فجعلت في قدر، فطبخت فأكل منها، وشرب من مرقها، كما في حديث جابر الطويل في مسلم، وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عن أزواجه بقرا، وأُدخل عليهن من لحمها، وكلهن متمتعات، وعائشة قارنة.
وأظهر هذه الأقوال عندي قول الإمام أحمد في الرواية الثانية، و هو الذي عزاه صاحب المغني إلى ابن عمر وعطاء والحسن وإسحاق، وهو جواز الأكل من دم الإحصار ودم التمتع والقران، ويؤيد ذلك أن لفظ القرآن في الحكمين واحد (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، (فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من هدي نسكه وهو قارن، وكذا نساؤه، كما تقدم، فهدي الإحصار مثل هدي التمتع والقران، وقد نبه على هذا التنظير بين الحكمين من حيث لفظ الدليل الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة البقرة (2/402)، وبناء على هذا فلا حرج عليك أيها السائل من أكلك من هدي الإحصار، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك لثلاث خلون من ذي الحجة لعام 1437ه.





حج القلوب

$
0
0
حج القلوب

اللجنة العلمية



كل القلوب تهفو إلى بلد اصطفاها الرحمن، وتنزل في جنباتها القران، فيها ولد وبعث سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وفيها نزلت اقرأ والبقرة والحج والأنعام، وعنها قال الرحمن: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) سورة ابراهيم 37.



فإلى هذا البيت يفد الناس إليه حجاجا وعمارا، ولأجلها يستعد المؤمنون سنينا ودهورا، فقد وفد الناس لها بقلوبهم قبل أبدانهم، ولذا كان لا بد من التركيز عليها قبل دراسة أحكام الحج ومسائله، كيف لا وقد قال ربنا: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) سورة الحج 32.



ومحل تعظيم الشعائر في القلوب قبل أن يظهر ذلك في الأقوال والأفعال، فالحاج المسلم الذي آمن بالركن الخامس من أركان الاسلام يمر بالمشاعر والمواقيب بقلبه شوقا ومحبة وتعظيما ورغبة قبل أن يمر بها بدنه وجسده. لأنه يعلم أن ربه قبل أن ينظر إلى عمله سوف ينظر إلى قلبه.



فحج القلب يبدأ قبل حج البدن، وحج البدن تبع لحج القلب، فالإخلاص من أعمال القلوب ولا حج لمن لم يدركها ويحققها في حجه، حج خالص من الرياء والسمعة، قال أنس: حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللُّه عَلَيْهِ عَلَى رَحْلِ قَطِيفَةٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ حِجَّةً لا رِيَاءَ فِيهَا وَلا سُمْعَةَ ". رواه ابن ماجة



فحج القلوب تتصل بكل شعيرة من شعائر الحج والعمرة في محبة لله وتعظيمه وإجلاله والخضوع له والتوكل عليه واليقين، والرجاء وغيرها، والإخلال أو التقصير في أحد هذين الأمرين يضعف أثر الحج والعمرة في النفس، ويقلل من الأجر، ويصبح الحج مجرد روتين وأعمال ظاهرية فقط، والمتأمل يجد أن أغلب آيات الحج قد قرنت بأعمال القلوب، ما بينه فضيلة المشرف العام الشيخ الدكتور ناصر العمر في لقائه الماتع: (حج القلوب).



فنأمل منكم استماعها أو مشاهدتها



رمضان قاديروف جلّاد روسيا في أرض الشيشان

$
0
0
رمضان قاديروف جلّاد روسيا في أرض الشيشان
. محمد الأمين مقراوي الوغليسي


رمضان قاديروف جلّاد روسيا في أرض الشيشان



هو نسخة عن والده أحمد قاديروف العميل السابق لموسكو، والذي تفنن في خدمة فلاديمير بوتين بشكل لم ينتظره أشد الروس تفاؤلا، لكن قاديروف الابن أكثر شراسة من والده في محاربة أعداء الوطن- روسيا - كما يحب أن يقول في خطاباته، تسلم رمضان الرئاسة بعد قتل والده، بتعيين مباشر من فلاديمير بوتين، ومن يومها وهو يشن حملات متتالية لتصفية المقاومين لروسيا وسياساتها، حيث قام بتشكيل فرق الموت المرعبة، فظهرت ميلشيا قاديروفستي التي أثارت الرعب في أوساط السكان، وسنَّ قانونا جديدا وهو: هدم بيت أي أسرة إذا ثبت مشاركة فرد منها في أي عملية ضد القوات الروسية وحليفتها القاديروفية، وطردها خارج البلاد، كما عمد قاديروف إلى سياسة الابتزاز، فكان يختطف أهالي المقاومين، خاصة من النساء، لمحاولة التأثير في المقاومة وتسليم سلاحها، ولم يكتف بذلك بل راح يبني المعتقلات السرية، ويسجن كل من يشتم فيه رائحة ما يسميه الوهابية أو نقد بوتين أو الاعتراض على سياسات روسيا، ويمعن في غطرسته أكثر عندما يظهر رجاله هذه السجون عبر أشرطة فيديو، وتظهر خلالها لقطات لتعذيب الشباب أشد العذاب، لنشر الرعب والخوف بين السكان.
تاريخ حافل بالبطش والإجرام:
ومع تمكنه من الأوضاع في الشيشان، بدأ رجاله يظهرون تعطشا واضحا لارتكاب جرائم الخطف والاغتصاب بحق بنات الأسر الشيشانية المعروفة بكرهها لروسيا، وقد وثقت هيئات حقوق الإنسان الكثير من الجرائم، التي ارتكبها قاديروف وميليشياته، خاصة أن يده الملطخة بالدماء لم تكتف بسفك دماء الداخل، بل راحت تفتك بالمعارضين في النمسا وتركيا، والإمارات وقطر والسويد، وراح لسانه يجهر بمسؤوليته عن كل هذه الجرائم: إذ يقول متبجحا على صفحته بالفيس بوك: " لقد قتلتهم جميعا، وسوف أطارد كل من كان يقف وراءهم حتى أقتلهم، وبوتين رجل عظيم زار قبر والدي بنفسه، بوتين يهتم بالشيشان أكثر من اهتمامه بأي جمهورية أخرى من جمهوريات روسيا الاتحادية، بوتين يستحق أن يبقى رئيسا مدى الحياة، نحن بحاجة لقيادة قوية، والديمقراطية هي مجرد تلفيق أمريكي وروسيا لن تخضع لقوانينهم" ، الأمر الذي يؤكد اعتباره رجلا دمويا بحق، لم تشهد الشيشان عبر تاريخها أكثر وحشية وعمالة منه، ويؤيد هذا الأمر إدراجه في اللوائح الأمريكية والأوروبية على لائحة المعاقبين، والممنوعين من دخول أراضيهما، بينما تعتبره أوكرانيا مجرم حرب، مطلوبا للعدالة، أما جمعيات حقوق الإنسان في العالم فتعتبره مجرم حرب مطلوبا لدى محكمة لاهاي، نتيجة ممارسات الاغتيالات، والتعذيب، والنفي، التي مارسها في الداخل الشيشاني وخارجه.
قاديروف سمعة سيئة وفساد أخلاقي:
أما في الجانب الأخلاقي فهو من أشد الناس نفاقا وازدواجية، فتظهره الصور راقصا مع الراقصات، كما تظهره يبكي أمام شيوخ الصوفية، وتظهره اللقطات يحتفل بزي "بابا نويل" في عيد السنة الميلادية وهو يغني ويتمايل، كما تظهره الصور وهو يستقبل كأس وشعرة يدعي أنها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نعتقد أن الله تعالى تارك أثار محمد صلى الله عليه وسلم تقع بين أيادي ملطخة، محاربة لأوليائه، لكنها التجارة بالدين، كما تظهره الصور وهو يحتفل بالخمر مع بعض الممثلين، ويستقبل رونالدو ومارادونا، ويعطيهما عطاء سخيا؛ بمناسبة مشاركتهما عيد ميلاده، وكثيرا ما يدعو الملاكمين والرياضيين إلى زيارته، فهو يعيش حقيقة كطاغية، نشر الرعب بين السكان، وخص نفسه بحياة البذخ، فقد بنى في كل ولاية قصرا، وشيد الحدائق، وجلب لها الحيوانات، ولم يكتف بهذا بل إنه أعلن فيه هذه السنة، أن نسبه ينتهي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن دماء النبي عليه الصلاة والسلام تسري في عروقه، ويريد من وراء ذلك جعل نفسه إمام المسلمين الثاني في روسيا، بعد الإمام الأول لهم فلاديمير بوتين، كما يقول بعظمة لسانه، الذي تجب طاعته ونصرته، ويحرم الخروج عليه.
قاديروف..واستغباء العالم الإسلامي:
بعد اعتلائه سدة الحكم في 2004، تدفقت الأموال على قاديروف وجماعته، فشرع في تنفيذ خطة محكمة، تهدف إلى تشويه صورة المقاومة، فكان أن أرسل وفدا من رموز الصوفية في البلاد إلى بعض الدول العربية؛ لإقناع بعض المشايخ المشهورين بأن ما يحدث في أرض الشيشان عنف وإرهاب، وقد نجح الوفد بافتكاك بعض التصاريح التي أثارت ضجة كبيرة، وكان أبرزها تصريح الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي قال في بيانه يومها أن ما يحدث في الشيشان عنف مرفوض، وأنه على المسلمين الاعتراف بروسيا والتعاون معها، ولم يراع للأسف هذا البيان شيشان المهجر، قادة وأفرادا، ولم يسع إلى استقصاء الواقع، الذي اتهم شباب الشيشان بجمع الجهل به والجهل بالشريعة، ولعل أقل ما يقال في هذا البيان أنه كان متسرعا، بعيدا عن الواقع والتاريخ، فإن كان الشباب الشيشاني متحمسا وجاهلا بدقائق الشريعة، فهل يجهلون تاريخ بلادهم وأجدادهم، وهل يجهلون قيمة الحرية الراسخة في فطرة البشر؟ وها هي الأمة المسلمة تدفع الثمن غاليا بسبب أمثال هذه المواقف، فبعد أن شعر الروس بأن الجبهة الجنوبية-شمال القوقاز- قد انتهت، التفتوا إلى تركيا وسوريا، بحصار الأولى والتآمر عليها، وتقتيل وتدمير الثانية، فمتى نتعلم من التاريخ؟ متى نتعلم أن روسيا لا يمكنها أبدا أن تتوقف عن الاعتداء على جيرانها، وعلى العالم الإسلامي خاصة؟ هذه الحقيقة التي أصبح الغرب يدركها، ويخشى من استقرار روسيا وعافيتها على أمنه ومستقبله، بل ويعلم أن ترك روسيا مرتاحة في عقر دارها يعني الدمار والخراب في العالم الغربي.
إن قاديروف لا يختلف كثيرا عن إيران، فأمريكا بالنسبة لقاديروف الشيشان هي الشيطان الأكبر، والشر المستطير، بينما يسبح بحمد الروس قتلة المسلمين، وقتلة الشعب السوري الأبي الثائر، وفي نفس الوقت يرفع شعارات رنانة، ويتمظهر بمظاهر كاذبة، كادعاء الورع، وحب القرآن والسنة، وحمل المسبحة، وتصوير نفسه زعيما إسلاميا فذا، وكما انخدع الكثيرون بإيران، فإنه لا يجب السقوط في نفس الخطأ مرة ثانية بالنسبة لهذا الرجل وعصابته الخطيرة، فالمشروع الروسي يهدف إلى تصفية الإسلام عن طريق توظيف الإسلام الشيشاني الخرافي المنبطح، وهذا سيكون له أثار خطيرة على مستقبل القوقاز وآسيا الوسطى.
قاديروف الشيشان ومعاداة العرب وأهل السنة:
بعد تنفيذه للخطة الأولى، شن قاديروف حملة شعواء ضد العرب، فوصفهم في عدة محطات بأقذر الأوصاف، التي لم تصدر عن أي زعيم في العالم، ويحث الشيشانيين على عدم الا×ذ عن العرب فهم جهلة وأهل شهوات، بل يتهمهم بقتل الصحابة، وتحريف الإسلام، ويرميهم بالجبن، وقد سار على منهج قاديروف جميع الموالين له ولروسيا، فهذه أحد التصريحات الموثقة لرئيس برلمان الحكومة الموالية لروسيا وأحد رجال قاديروف المخلصين، المسمى دوقواخا عبد الرحمانوف في حديث مع مراسل "السياسة القوقازية" يقول فيه: ".. في أواخر التسعينيات من القرن المنصرم، جاءنا مبعوثون إلى الشيشان، والداغستان، وإنغوشيا من المملكة العربية السعودية، وسوريا، وليبيا. كنا نظن أنهم يعرفون الإسلام لتلك الدرجة التي ينبغي علينا أن نتعلمه منهم، وقد تبين لنا، أنهم لم يكونوا يعرفون الحد الأدنى من الذي يعرفه علماؤنا في الدين، من الشيشانيين والداغستانيين وغيرهم"، ويقول المؤرخ الشيشاني بشير دالغات مؤلف كتاب "الديانات القديمة في الشيشان" عن الوفود التي أرسلها دوداييف في التسعينات لإعادة الارتباط بالعالم العربي: " إن زيارة قيادة الحركة الشيشانية إلى بعض الدول العربية وغيرها لهو تصرف لا مسؤول يدل إما على الجهل المطبق، كما أنه خيانة للشعب الشيشاني وأجياله اللاحقة. ".
ضرورة التصدي لقاديروف ومشاريعه الهدامّة:
إن رمضان قاديروف لا يختلف إطلاقا عن صناديد الطغيان والإجرام، فهو لا يختلف عن طاغية الشام في شيء، مجاهر بالعمالة للروس، محارب للسنة، ومبغض للعرب، طاغية مع شعب الشيشان، شديد عليهم، ذليل عند الروس صغير، يجب على المسلمين مقاطعته وفضحه، خاصة مع تبنيه كل مشروع يعادي المسلمين السنة، والعالم العربي خاصة، وتبنيه الطاعنين في صحيح البخاري، وعدالة الصحابة، وحفاوته بالمذهب الجعفري والسياسات الإيرانية في المنطقة العربية. أما السكوت عن سياساته فيعني ولادة أجيال مسلمة مشوهة في كل آراضي القوقاز، يخشى العاقل أن تستخدمها روسيا يوما ما في محاربة المسلمين وجيرانها، وقد فعلت في سوريا وأوكرانيا، فهل نرى حملة تتصدى له ولسياساته، وكشفه عمالته وخيانته، وتفضح الإسلام المزور الذي يسعى لنشره في آسيا الوسطى والقفقاس؟.

أحياة بلا كدر؟!

$
0
0
أحياة بلا كدر؟!

د. خالـــــــــــــد رُوشه



6.jpg

بعض الناس يلتزم بدينه ويؤدي العبادات بشرط أن يعيش حياة متميزة , صافية هادئة , فلا مرض ولا ضرر , ولا اختبار ولا ابتلاء , ولا معاناة ولا مشكلة من أي نوع .


فإن أصابه بلاء انزعج وطار عقله باحثا عما يمكن أن يفرغ فيه طاقته المكبوته من أمور الدنيا , ويبحث جاهدا عن زيادة المتاع ويزداد تعلقه بزخرف الحياة ناسيا التعلق بالله ربه .


وقد ذكر الله مثاله ووصف وصفه بدقة القرآن الكريم في آيات تدعو للتدبر , يقول الله تعالى : " وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَب عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الاَخِرَةَ ذَلِك هُوَ الخُْسرَانُ الْمُبِينُ , يَدْعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضرُّهُ وَ مَا لا يَنفَعُهُ ذَلِك هُوَ الضلَلُ الْبَعِيدُ, يَدْعُوا لَمَن ضرُّهُ أَقْرَب مِن نَّفْعِهِ لَبِئْس الْمَوْلى وَ لَبِئْس الْعَشِيرُ, إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ جَنَّتٍ تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنْهَرُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, مَن كانَ يَظنُّ أَن لَّن يَنصرَهُ اللَّهُ فى الدُّنْيَا وَ الاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسبَبٍ إِلى السمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطعْ فَلْيَنظرْ هَلْ يُذْهِبنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظ" سورة الحج



لقد جعل الله سبحانه من سننه في خلقه أن الحياة لاتصفو من كدر , كما شاء سبحانه أن يبتلي المؤمنين بأنواع الابتلاءات والاختبارات, وكلما كان العبد في إيمانه أقوى وأعلى كلما كان ابتلاؤه أشد واختباره أصعب.



وليس هناك أرقى ولا أعظم مقامًا من مقام النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس, وليس هناك أكرم على الله منه, ومع ذلك فقد ابتُلي صلى الله عليه وسلم وأوذي أشد أنواع الابتلاء والإيذاء.


* وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يصب منه ) أخرجه البخاري



* وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا, وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني



* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني



فالله سبحانه يبتلي أهل الإيمان, ليختبرهم ويعلم الصادق من الكاذب, وكذلك ليطهرهم وينقيهم من ذنوبهم حتى يلقوه وما عليهم ذنب.



غير أنه سبحانه يمتن على عباده المؤمنين فيثبتهم في المواقف , ويصبرهم في المصائب , ويرضيهم بقضائه , ويهون عليهم الآلام , وينصرهم على عدوهم , ويقويهم أمام العقبات .



فلنر الله منا خيرًا, ولنصبر في ابتلاءاته واختباراته سبحانه, و نعلم أن فيها خيرًا كبيرًا لنا وحكمة عظيمة لا ندركها, فنرضى بكل ما أصابنا ولنسلم به ولنصبر عليه وليلهج لساننا بحمده عز وجل في كل حال.


قال سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:3].



الإمام ابن قيم الجوزية.. رحلاته للحج (691 هـ - 751 هـ)

$
0
0
الإمام ابن قيم الجوزية.. رحلاته للحج (691 هـ - 751 هـ)
. خالد بن محمد الأنصاري

لقد حاز علماء المسلمين قصب السبق في ميدان الرحلات، واعتنى بعضهم قديماً وحديثاً برحلة الحج عناية خاصة، وشدوا الرحال لبيت الله الحرام لأداء هذه الفريضة، ولأخذ العلوم عن الشيوخ ومقابلتهم، وحضور بعض المجالس العلمية للاستزادة من العلم والمعرفة، والقيام بتدوين ما يجري عليهم أثناء هذه الرحلة، ووصف مشاقها وأحداثها إلى حين عودتهم لبلادهم. وكان لهذه الشعيرة (الحج) الأثر البالغ في رفع معنوياتهم النفسية والعلمية، ما دفع بعضهم للمجاورة والتفرغ للعبادة وأخذ العلم وتدوينه.
وقد كان الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - أحد هؤلاء الأعلام الذين رحلوا للحج عدة مرات، وجاوروا البيت الحرام، وقد تحدث عن أسرار شعيرة الحج في كتابه الشيق والممتع (مفتاح دار السعادة) (2/323 – 324)، فقال ما نصه: (وأما الحج، فشأن آخر لا يدركه إلا الحنفاء الذين ضربوا في المحبة بسهم، وشأنه أجل من أن تحيط به العبارة، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، حتى قيل في قوله تعالى «حنفاء لله» أي: حجاجاً.
وجعل الله بيته الحرام قياماً للناس، فهو عمود العالم الذي عليه بناؤه، فلو ترك الناس كلهم الحج سنة لخرت السماء على الأرض، هكذا قال ترجمان القرآن ابن عباس؛ فالبيت الحرام قيام العالم، فلا يزال قياماً ما دام هذا البيت محجوجاً.
فالحج هو خاصة الحنيفة ومعونة الصلاة وسر قول العبد لا إله إلا الله؛ فإنه مؤسَّس على التوحيد المحض والمحبة الخالصة، وهو استزارة المحبوب لأحبابه، ودعوته إلى بيته ومحل كرامته، ولهذا إذا دخلوا في هذه العبادة فشعارهم: لبيك اللهم لبيك، إجابة محب لدعوة حبيبه، ولهذا كان للتلبية موقع عند الله، وكلما أكثر العبد منها كان أحب إلى ربه وأحظى، فهو لا يملك نفسه أن يقول: لبيك اللهم لبيك، حتى ينقطع نفسه.
وأما أسرار ما في هذه العبادة من الإحرام، واجتناب العوائد، وكشف الرأس، ونزع الثياب المعتادة، والطواف، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وسائر شعائر الحج؛ فمما شهدت بحسنه العقول السليمة والفطر المستقيمة، وعلمت بأن الذي شرع هذا لا حكمة فوق حكمته).
وذكر الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - سر انجذاب أفئدة المسلمين للبلد الحرام فقال في كتابه (زاد المعاد) (1/ 52 – 53): (وقد ظهر سر هذا التفضيل والاختصاص في انجذاب الأفئدة وهوى القلوب وانعطافها ومحبتها لهذا البلد الأمين، فجذبه للقلوب أعظم من جذب المغناطيس للحديد، فهو الأولى بقول القائل:
محاسنه هيولى كل حسن
ومغناطيس أفئدة الرجال
ولهذا أخبر سبحانه أنه مثابة للناس، أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطراً، بل كلما ازدادوا له زيارة، ازدادوا له اشتياقاً:
لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها
حتى يعود إليها الطرف مشتاقاً).
وإن للإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - قصصاً عجيبةً في رحلته للحج ومجاورته للبيت الحرام، أذكر منها ما تيسر الوقوف عليه، فمن ذلك:
اجتهاده في العبادة والطواف:
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – في (ذيل طبقات الحنابلة) (2/448): (وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه).. وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في «البداية والنهاية» (14/246): (ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه).
حضوره حِلَقَ العلم في مكة:
قال ابن القيم – رحمه الله – «في مفتاح دار السعادة» (2/117 - 119): (وحضرت مرةً في مجلس بمكة – شرفها الله تعالى – فيه من أكابر البلد، فجرت هذه المسألة، وأخذ بعض الجماعة الحاضرين يطنب في تفضيل النخل وفوائده، وقال في أثناء كلامه: ويكفي في تفضيله أنّا نشتري بنواه العنب؛ فكيف يفضلُ عليه ثمر يكون نواه ثمناً له؟! وقال آخر من الجماعة: قد فصل النبي صلى الله عليه وسلم النزاع في هذه المسألة، وشفى فيها بنهيه عن تسمية شجر العنب كرماً، وقال: «الكرم قلبُ المؤمن»، فأي دليل أبينُ من هذا؟! وأخذوا يبالغون في تقرير ذلك.
فقلت للأول: ما ذكرته من كون نوى التمر ثمناً للعنب فليس بدليل؛ فإن هذا له أسباب:
أحدها: حاجتكم إلى النوى للعلف، فيرغب صاحب العنب فيه لعلف ناضحه وحمولته.
الثاني: أن نوى العنب لا فائدة فيه ولا يجتمع.
الثالث: أن الأعناب عندكم قليلة جداً، والتمر أكثر شيء عندكم، فيكثرُ نواه، فيشترى به الشيء اليسير من العنب، وأما في بلاد فيها سلطان العنب فلا يشترى بالنوى منه شيء ولا قيمة لنوى التمر فيها.
وقلت لمن احتج بالحديث: هذا الحديث من حُجج فضل العنب، لأنهم كانوا يسمونه شجرة الكرم؛ لكثرة منافعه وخيره، فإنه يؤكل رطباً ويابساً وحلواً وحامضاً، وتجنى منه أنواع الأشربة والحلوى والدبس وغير ذلك، فسموه كرماً لكثرة خيره؛ فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن قلب المؤمن أحق منه بهذه التسمية؛ لكثرة ما أودع الله فيه من الخير والبر والرحمة واللين والعدل والإحسان والنصح وسائر أنواع البر والخير التي وضعها الله في قلب المؤمن، فهو أحق بأن يسمى كرماً من شجر العنب.
ولم يُرد النبي صلى الله عليه وسلم إبطال ما في شجر العنب من منافع وفوائد، وأن تسمية «كرماً» كذب، وأنها لفظة لا معنى تحتها كتسمية الجاهل عالماً والفاجر براً والبخيل سخياً، ألا ترى أنه لم ينفِ فوائد شجر العنب، وإنما أخبر أن قلب المؤمن أغزرُ فوائد وأعظم منافع منها؟! هذا الكلام أو قريب منه جرى في ذلك المجلس).
أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر في مكة:
حرص الإمام ابن القيم – رحمه الله – على القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي إحدى رحلاته للحج يقول عن بعض المنكرات في كتابه «إغاثة اللهفان» (1/ 231) ما نصه: (ومن أعظم المنكرات تمكينهم من إقامة هذا الشعار الملعون هو وأهله في المسجد الأقصى عشية عرفة، ويقيمونه أيضاً في مسجد الخيف أيام منى؛ وقد أخرجناهم منه بالضرب والنفي مراراً، ورأيتهم يقيمونه بالمسجد الحرام نفسه، والناس في الدعاء والتضرع والابتهال والضجيج إلى الله، وهم في هذا السماع الملعون باليراع والدف والغناء!).
فقدانه ابنه يوم التروية:
يقول الإمام ابن القيم في كتابه «مفتاح دار السعادة» (3/ 311): (وأخبرك عن نفسي بقضية من ذلك، وهي أني أضللت بعض الأولاد يوم التروية بمكة وكان طفلاً، فجهدت في طلبه والنداء عليه في سائر الركب إلى وقت يوم الثامن، فلم أقدر على خبر، فأيست منه، فقال لي إنسان: إن هذا عجز، اركب وادخل الآن مكة فتطلبه فيها، فركبت فرساً، فما هو إلا أن استقبلت جماعة يتحدثون في سواد الليل في الطريق وأحدهم يقول: ضاع له شيء فلقيه، فلا أدري انقضاء كلمته كان أسرع أم وجداني الطفل مع بعض أهل مكة في محمله، عرفته بصوته).
تدوينه العلم:
اشتغل الإمام ابن القيم – رحمه الله – أثناء مجاورته في مكة بتصنيف العلم وتدوينه، وقام بكتابة عدد من مؤلفاته القيمة التي كان من أبرزها كتابه الفريد «مفتاح دار السعادة»، حيث يقول في مقدمته (1/ 215 – 216): (إذا كان هذا من بعض النزل والتحف التي فتح الله عليّ حين انقطاعي إليه عند بيته، وإلقائي نفسي ببابه مسكيناً ذليلاً، وتعرضي لنفحاته في بيته وحوله بكرةً وأصيلاً، فما خاب من أنزل به حوائجه، وعلق به آماله، أصبح ببابه مقيماً وبحماه نزيلاً).
ومن ذلك أيضاً تأليفه لكتابه «تهذيب السنن»، إذ يقول في خاتمته (8/ 121) ما نصه: (ووقع الفراغ منه في الحجر - حجر إسماعيل – شرفه الله تعالى تحت الميزاب – ميزاب الرحمة في بيت الله – آخر شوال سنة 732، وكان ابتداؤه في رجب من السنة المذكورة).
مرضه في مكة واستشفاؤه بزمزم ورقيته لنفسه:
لقد اعترت الإمام ابن القيم مجموعة من الأمراض والأسقام أثناء مجاورته البيت الحرام، وكان يعالج نفسه تارة بماء زمزم وشرب العسل، وتارة بالرقية الشرعية، وعن ذلك يقول في كتابه «مفتاح دار السعادة» (2/ 171): (ولقد أصابني أيام مقامي بمكة أسقام مختلفة، ولا طبيب هناك ولا أدوية كما في غيرها من المدن، فكنت أستشفي بالعسل وماء زمزم، ورأيت فيها من الشفاء أمراً عجيباً).
وقال في كتابه «الداء والدواء» (ص 8): (ومكثت بمكة مدة تعتريني، ولا أجد طبيباً ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً، فكان كثير منهم يبرأ سريعاً. ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها، هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحل، وقوة همة الفاعل، وتأثيره، فمتى تخلّف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المحل المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية؛ فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة؛ أثر في إزالة الداء).
ويقول في كتابه «مدارج السالكين» (1/ 133): (وقد جربت أنا من ذلك في نفسي وفي غيري أموراً عجيبة. لا سيما مدة المقام بمكة. فإنه كان يعرض لي آلام مزعجة، بحيث تكاد تقطع الحركة مني. وذلك في أثناء الطواف وغيره. فأبادر إلى قراءة الفاتحة أمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط. جربت ذلك مراراً عديدة. وكنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً. فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء، والأمر أعظم من ذلك. ولكن بحسب قوة الإيمان، وصحة اليقين. والله المستعان).
(لَطَائِـفٌ وفَـوَائِـدٌ)
ذكره بعض الأودية في مكة والمشاعر المقدسة:
قال ابن القيم في كتابه «زاد المعاد» (2/236 – 237): (ومحسَّر: برزخ بين منى وبين مزدلفة، لا من هذه، ولا من هذه، وعُرَنةُ: برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس بمشعر، ومزدلفة: حرم ومشعر، وعُرَنةُ ليست مشعراً، وهي من الحل، وعرفة: حِل ومشعر).
ثناؤه على بعض الفوائد وكونها تساوي رحلة:
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – عن بعض الفوائد التي يقتنصها ويفتح الله بها عليه في كتابه «بدائع الفوائد» (2/614): (فتأمل هذه الأسرار التي أدناها يساوي رحلة).
واضع رحلة الإمام الشافعي:
قال الإمام ابن القيم في كتابه «مفتاح دار السعادة» (3/ 247): (عبدالله بن محمد البلوي هذا؛ فإنه كذابٌ وضّاع، وهو الذي وضع رحلة الشافعي، وذكر فيها مناظرته لأبي يوسف بحضرة الرشيد، ولم يرَ الشافعي أبا يوسف ولا اجتمع به قط، وإنما دخل بغداد بعد موته).
ابن حزم لم يحج قط!
قال ابن القيم في كتابه «زاد المعاد» (2/213): (وسألت شيخنا عنه – أي ابن حزم – فقال: هذا من أغلاطه، وهو لم يحج رحمه الله تعالى).
وصفه الحج شعراً:
قال الإمام ابن قيم الجوزية في ميميَّته عن «موقف الحج»:
أمـا والـذي حـج المحبون بيته
ولبوا لــه عــند المـهلِّ وأحـرمـوا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً
لـعزةِ مـن تـعنو الوجوهُ وتُسـلـمُ
يـهـلون بالـبيـداء لـبـيـك ربـنا
لك الملك والحمد الذي أنت تعلمُ
دعـاهـم فــلبـوه رضـاً ومـحبـة
فـلـما دَعـَوه كـان أقـربَ مـنهمُ
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة
ولـم يـثنهم لـذاتهم والـتـنـعـم
يسيرون من أقطارها وفجاجها
رجـالاً وركـبـانـاً ولله أسـلمـوا
ولما رأتْ أبصارهُم بـيته الـذي
قلوبُ الورى شوقاً إليه تَضرمُ
كأنهمُ لـم يـنصبـوا قـط قـبلـه
لأن شقاهم قــد ترحل عنهمو
فلله كم مـــــــن عَبرة مهراقة
وأخرى عـــلى آثارها لا تقدم
وقد شرقت عين المحب بدمعها
فينظر من بين الدموع ويسجمُ
إذا عاينته العين زال ظـلالـهـا
وزال عن القلب الكئيب التألمُ
ولا عجبٌ من ذا فحين أضافهُ
إلى نفسه الرحمن؛ فهو المعظمُ
كساهُ من الإجلال أعظم حُـلـة
عـليـهـا طـراز بالمـلاحة مـعلـمُ
فمن أجل ذا كل القلوب تحبهُ
وتــخـضعُ إجلالاً لـه وتـعـظـم

لماذا تهفو قلوب المؤمنين إلى الحج ؟

$
0
0
لماذا تهفو قلوب المؤمنين إلى الحج ؟

د. عامر الهوشان





في مثل هذه الأيام المباركة من كل عام , ومع حلول أشهر الحج المعلومات التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم بقوله : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ....... } البقرة/197 تهفو قلوب الملايين من المؤمنين إلى زيارة أطهر بقاع الأرض , وتطير أفئدة الذين منعتهم الأعذار المادية أو المعنوية إلى تلك الأماكن المقدسة لتتلمس هناك شيئا من إيمانيات الحج ونسماته الروحية .



كم من عبرة ذرفتها تلك العيون المحرومة من أداء فريضة الحج وهي ترى وفود الحجيج تصل تباعا إلى مكة المكرمة , وكم من زفرة خرجت من أفئدة مكلومة حرقة وألما على فوات مشاركتها في ذلك المشهد المهيب الذي لا يمكن أن يُرى أو يُشاهد إلا في موسم الحج .



قد يستغرب كثير من غير المسلمين هذه المشاعر الفياضة وتلك الاحاسيس المرهفة , وقد يتعجب بعض المسلمين - ممن لم يتذوقوا بعد حقيقة حلاوة الطاعة ولذة العبادة - ذلك الشوق والحنين من كثير من المؤمنين إلى مكة والكعبة وسائر المناسك المقدسة , فهم لا يرون في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام إلا : الكلفة المادية والجهد البدني والحرمان من متع الحياة وشهواتها !! ومن هذه الزاوية المادية الضيقة يتساءل أمثال هؤلاء : لماذا تهفو قلوب الكثير من المسلمين إلى الحج ؟!



والحقيقة أن الجواب على هذا السؤال من السهولة بمكان لمن طلب الحق على الحقيقة , وابتعد عن المكابرة أو المعاندة , ويمكن اختصار الجواب فيما يلي :


1- تلبية لنداء ابراهيم عليه السلام الذي أمره الله تعالى أن ينادي في الناس بالحج فقال تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } الحج/27 , وامتثالا لأمر الله تعالى لعباده بأداء مناسك الحج والعمرة بقوله تعالى : { ......وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا....... } آل عمران/97 , واقتداء بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي حج بيت الله الحرام مع أصحابه مخاطبا إياهم وأمته من بعده : ( أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا ) فَقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ( لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ - ثُمَّ قَالَ - ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَدَعُوهُ 9 صحيح مسلم برقم/3321



2- تهفو قلوب المؤمنين إلى الحج بحثا عن السعادة والطمأنينة الحقيقية التي لا يمكن أن ينالها الإنسان على وجه هذه الأرض إلا بطاعة الله تعالى وعبادته , تلك السعادة التي يستشعرها حجاج بيت الله الحرام في كل لحظة من لحظات أداء هذا الفريضة العظيمة , منذ خروجهم من بيوتهم وحتى الانتهاء من آخر منسك من مناسك الحج .



تلك السعادة التي يبحث عنها ويسعى إليها أبناء آدم عليه السلام جميعا , فيشرقون ويغربون ... ثم لا يجدونها على الحقيقة إلا في رحاب الإيمان ومحراب العبودية لله تعالى وحده , بعد ان تقطعت بهم السبل في البحث عنها في كثرة المال أو عز الجاه أو الولوج في حمأة الشهوات دون جدوى أو فائدة .



إن لحظة واحدة من لحظات الإخلاص والإنابة إلى الله تعالى في تلك الأيام المباركة من أيام الحج ولياليه , كفيلة بإغراق تلك القلوب الملبية المهللة المكبرة بسعادة لا توصف , وراحة وطمأنينة وسرور لا يمكن أن يعبر عنها إلا من ذاقها وشعر بها .



3- طلبا لمغفرة الله تعالى و عفوه , فمن المعروف أن الحج من أعظم العبادات المكفرة للذنوب والخطايا , بل إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الحج الخالي من الرفث والفسوق وسيلة لتطهير صحيفة الحاج من الذنوب والخطايا بحيث يعود من حجه كيوم ولدته أمه , لا ذنب عليه ولا إثم , ففي الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) صحيح البخاري برقم/1521 , وفي رواية مسلم : ( مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) صحيح مسلم برقم/3357


4- تشتاق أفئدة الموحدين لأداء مناسك الحج طمعا بالجنة التي وعد الله تعالى بها الحج المبرور على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم , فقد ورد في الحديث عن عامر بن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما من الذنوب و الخطايا و الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) صحيح الجامع للألباني برقم/4136



كثيرة هي مشاعر الشوق والحنين التي تعبر عنها الآهات والدموع التي تذرفها عيون كثير من المحرومين من أداء مناسك الحج في مثل هذه الأيام من هذا العام وفي كل عام , وهم في الحقيقة معذورون في ذلك , فمن عرف منزلة الحج ومكانته في دين الله الإسلام , ومن ذاق حلاوة مناجاة الله في تلك البقاع الطاهرة , ومن أيقن بعظيم الثواب الذي أعده الله تعالى للحاج والمعتمر ..... لن يستغرب أو يتساءل : لماذا تهفو قلوب المؤمنين إلى الحج ؟!



يوم عرفة مكانه وأحوال السلف فيه

$
0
0
يوم عرفة مكانه وأحوال السلف فيه

سليمان بن جاسر الجاسر




يوم عرفه، وما أدراك ما يوم عرفة؟ يوم عظيم، له من الدين المحل المكين والمنزلة الرفيعة، خصه النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد العناية، وعظيم الرعاية، لما له من الفضائل والمزايا فمنها:

1- أنه يوم أكمل الله فيه الدين وأتم فيه النعمة:
قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3].

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية:
«هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعل الله خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيءٍ أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خُلف، كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} [الأنعام:115] أي: صدقًا في الأخبار وعدلًا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم، ولهذا قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3] أي: فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام، وأنزل به أشرف كتبه» ا.هـ(1).

هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة، ففي الصحيحين(2) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}. فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة.

2- أنه يوم يكثر فيه العتق من النار ويباهي الله عز وجل بأهل الموقف الملائكة:
ففي صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟»(3).

وروى الإمام أحمد(4) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا».

وروي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا بلال، أنصت لي الناس»، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس فقال: «معشر الناس، أتاني جبريل عليه السلام آنفًا فأقرأني من ربي السلام وقال: إن الله ـ عز وجل ـ غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات»، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، لنا خاصة، قال: «هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة»، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب(5).

3- أن صيامه يكفر سنتين:
ففي صحيح مسلم(6) من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده».

4- أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة:
ففي سنن الترمذي(7) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».

أما أحوال السلف ـ رضي الله تعالى عنهم ـ في يوم عرفة فهم بحسب مراتبهم، فمنهم من كان يغلب عليه الحياء أو الخوف من الله عز وجل في ذلك اليوم.

فهذا مُطرف بن عبد الله بن الشخير ـ رحمه الله ـ وهو من علماء التابعين ومن عُبادهم، وقف في عرفة مع بكر الـمُزَني فقال أحدهم: «اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي»، وقال الآخر: «ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيه».

ووقف الفضيل بن عياض بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة، قد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: «واسوأتاه منك وإن عفوت» ـ يقول ذلك لأنه غلب عليه الحياء من الله عز وجل، ويقول لشعيب بن حرب: «إن كنت تظن أنه شهد الموقف أحدٌ شرٌ مني ومنك فبئسما ظننت».

ودعا بعض السلف بعرفة فقال: «اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصيبة على تركِكَ القبول مني».

وكان بعض السلف يأخذ بلحيته في يوم عرفة ويقول: «يا رب قد كَبُرت فأعتقني»، وشوهد بعرفة وهو يقول:
سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على حِمَى الشوك والمُحميِّ من الإبر
لـم نبلغ العشـر من معشار نعمته *** ولا العشير، ولا عشـرًا من العشـر
هو الرفيع فلا الأبصار تدركه *** سبحانه من مليكٍ نافذ القدر
سبحان من هو أُنسـي إذ خلوتُ به *** في جوفِ ليلي وفي الظلماء والسحر

 وجاء عبد الله بن المبارك إلى سفيان الثوري ـ رحم الله الجميع ـ عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه في عرفة، وعيناه تُهمِلان من الدموع، فقال ابن المبارك لسفيان الثوري: «من أسوأ هذا الجمع حالًا»، فقال: «الذي يظن أن الله لا يغفر له» ا.هـ.(8)

_______________________
(1) تفسير القرآن العظيم (3/26).
(2) رواه البخاري (45) واللفظ له، ومسلم (3017).
(3) رواه مسلم (1348) باب: فضل يوم عرفة.
(4) المسند (2/224) برقم (7089)، وقال شعيب الأرنؤوط: «إسناده لا بأس به».
(5) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/16): صحيح لغيره، رقم (1151).
(6) رواه مسلم (1162).
(7) رواه الترمذي (3585)، وحسنه الألباني.
(8) ذكر هذه الأحوال وغيرها ابن رجب في لطائف المعارف (ص:285-288).



أثر النشر الإلكتروني في الارتقاء بالتراث العربي

$
0
0
أثر النشر الإلكتروني في الارتقاء بالتراث العربي


رجب عبدالحميد حسنين





مقدمة:
يتشكل تاريخ الأمم والحضارات مما لديها من تراث فكري وحضاري تراكم عبر مراحل تطور هذه الأمم، وفي أمتنا العربية والإسلامية يشكل التراث العربي الإسلامي جزءً هاماً من حضارتنا العربية الإسلامية، بل ويتعدى ذلك أن هذا التراث يدخل بشكل مباشر في العمليات التعليمية في الوطن العربي وبالتالي فإن هذا التراث يُشكل بطريقة كبيرة عقول أبناء هذه الأمة، ولذا فإن العناية بتراثنا القديم ما هو إلا تخطيط لمستقبلنا.

ومع انتشار التقنيات الحديثة من وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات أصبح لزاماً علينا أن نستفيد من هذه التقنيات في مجالاتنا المتعددة وتطويعها في خدمة التراث الخاص بنا والعمل على نشره بين أفراد المجتمع بطرق سهلة وميسرة، وكذلك فيها نوع من الجاذبية والسلاسة في الشكل، وذلك لا يتحقق إلا عن طريق إعادة نشر مصادرنا التراثية في شكل إلكتروني أو رقمي، ذلك الشكل الذي أضحى محبباً لدى الجميع من الأطفال إلى الشيوخ، بالإضافة إلى تيسير الحصول على الأجهزة التي تساعد في اقتناء المصادر الإلكترونية في كل بيت سواء كانت الأجهزة Hardware كالحواسيب أو البرمجيات Software.

المقصود بـ"التراث العربي":
قبل الخوض في مسائل النشر الإلكتروني للتراث العربي والإسلامي نود أن نقدم بعض الومضات السريعة التي ستساعدنا على فهم الموضوع، وهي:

أولاً: ماذا نقصد بلفظة "التراث" عندما نتحدث عن تراثنا العربي؟
التراث لغةً:
عند البحث في معاجم اللغة العربية عن أصل لفظة "تراث" نجد أنها مشتقة من الفعل الثلاثي "ورث"، وقد ذكرت كل المعاجم العربية أن "تراث" مشتقة من الفعل "ورث" وأن أصل حرف "التاء" فيها هو "واو"، والوارث اسم من أسماء الله الحسنى وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وقد ذكرها ابن منظور في (لسان العرب) بهذا المعنى وكذلك معظم المعاجم العربية الأخرى، وبهذا يكون المقصود بلفظة "التراث" هو "كل تركة مورثة من جيل إلى جيل" ونعني هنا التراث العربي الثقافي.

التراث اصطلاحاً:
يُعرف الدكتور عماد الدين خليل في دراسة له عن مصطلح "التراث" بأن "التراث هو الثقافة المتناقلة بين الأجيال بما تتضمنه من أفكار وفلسفات وعادات وتقاليد ورؤى وجماليات وأذواق"، كما يضيف أن "التراث" يأتي على ثلاثة أنماط الأول منها يتضمن القرآن الكريم والسنة النبوية، أما الثاني فيتضمن آثار الصحابة والتابعين، والثالث يتضمن خلاصة أفكار علماء الأمة على مر العصور.

وقد أضافت الدكتورة الجوهرة بنت العبد الجبار تعريفاً لمصطلح التراث في دراستها وهو "ذلك التراث العلمي المخطوط الذي يحمل في طياته فكراً علمياً قيماً، في مختلف فروع العلم، وورثه سلف علماء الأمة ومفكريها للأجيال الحديثة، ويعد قلباً نابضاً بالحياة، يضخ دماءً جديدة نقية للأمة الإسلامية في حاضرها كما كان في ماضيها"

ومن هذه التعريفات السابقة لمصطلح التراث العربي والإسلامي يمكن أن نخلص إلى "أن التراث العربي الإسلامي هو كل ما وصل إلينا من السلف متضمناً القرآن الكريم والسنة النبوية بالإضافة إلى خلاصة العقل البشري العربي والمسلم في كل مجالات العلوم والفنون على مر العصور مكتوباً باللغة العربية وحُفظ لنا من القدم حتى وصل إلينا محفوظاً بطرق مختلفة".

المقصود برقمنة التراث ونشره إلكترونياً:
المقصود بذلك هو تحويل هذا التراث ومصادره من الشكل الورقي المطبوع إلى الشكل الرقمي Digital أو الإلكتروني Electronic وتخزينه على وسائط متنوعة، وإتاحتها على أقراص مليزرة CD-ROMs أو عبر الشبكة العالمية Internet وبالطبع فهذا التراث الإلكتروني لا يمكن الاستفادة منه وقراءته إلا من خلال الحواسيب.

مفاهيم عن النشر الإلكتروني: الحداثة تستدعي الذكريات:
إذا أردنا أن نأصل لمفهوم النشر الإلكتروني في تاريخ أدبيات الكتابة العملية فلابد لنا من الرجوع إلى العام 105م والذي اكتشف فيه المواطن الصيني "تساي لون" الورق كوسيط للكتابة عليه بدلاً من تلك الوسائط التي كانت تستخدم قبله منذ بدء البشرية كالأحجار وألواح الطين وورق البردي وغيرها، وقد انتظر العالم فترة كبيرة جداً حتى ظهر أول كتاب مطبوع على الورق في عام 870م.


وفي مرحلة تالية وبالتحديد في عام 1455م قام الشاب يوهان جوتنبرج الألماني باختراع آلة الطباعة والتي اعتبرت ثورة في عالم الكتابة والنشر وهي مرحلة ثالثة من مراحل تطور الكتابة و النشر في تاريخ البشرية والتي نطلق عليها ثورة الطباعة.

والمرحلة التالية لذلك هي مرحلة النشر الإلكتروني الذي نحن بصدد الحديث عنه، وقد حمل أول مشروع للنشر الإلكتروني على شبكة الإنترنت اسم مخترع آلة الطباعة جوتنبرج وذلك في أواخر القرن العشرين

الحاجة إلى نشر التراث العربي إلكترونيًّا:
لقد حظي التراث العربي منذ القدم وإلى الآن بعناية كبيرة من قبل الباحثين والمحققين، فنجد في كل مكان وزمان من يقضي السنوات في عمليات تحقيق ونشر مصادر التراث العربي وإبداع الوسائل التي تعمل على تيسير الاستفادة منها كعمل الفهارس والكشافات لهذه المصادر الكبيرة، وكذلك إعادة طبعها على آلات الطباعة الحديثة التي توفرها في شكل جيد ومحبب للنفس، ومع كل هذا الجهد لنا أن نسأل .. إذا كان العلماء والمحققون قد قاموا بكل ذلك لإتاحة مصادر تراثنا العربي وإعداد وسائل الاستفادة منه، فما هي الفائدة إذاً من عمليات نشر هذا التراث بالشكل الإلكتروني؟ أهو مجرد ترف فكري؟ أم تكرار لجهود السابقين؟ أم أنه بالفعل ضرورة علمية وعملية أصبحت ملحة في عصر المعلومات؟

للإجابة على هذه الأسئلة لابد لنا أن نقرر أولاً صعوبة البحث في مصادر التراث العربي في شكله العادي، وهذا ليس بجديد فالعلماء القدماء وفي العصر الحديث يشتكون من صعوبة الوصول إلى معلومات محددة في مصادر التراث العربي القديم، وذلك إما لغزارة المعلومات الواردة في هذا المصدر أو لطريقة ترتيب موضوعاته والتي تختلف في كل مصدر عن الآخر وفق المؤلف وموضوع الكتاب، بالإضافة إلى أننا في عصرنا الحالي نختلف بالكلية عن العصور السابقة في نقطة الموسوعية والتخصص، فبينما نجد أسلافنا الواحد منهم يضع المؤلف في موضوعات عدة بين الطب والدين والفلسفة، نجد أن علماء العصر الحالي يجنحون إلى التخصص، بل هناك من يوغل في التخصص فنجد المؤَلف الكبير يتناول نقطة من موضوع فقط، وهذا بالفعل يجعل من الصعب أن نجد ما يناسبنا أو ما نبحث عنه في كتب التراث نظراً لتشعب وتعدد الموضوعات في الكتاب الواحد.

ويمكن حصر الأسباب التي تحدو بنا إلى اللجوء إلى عملية رقمنة التراث ونشره إلكترونياً فيما يلي: -
1. ارتفاع الأسعار: حيث نجد أن كتب التراث عادة ما تكون أسعارها مرتفعة لارتفاع تكاليف نشرها، وهي غالباً في مجلدات كثيرة وليست مجرد كتاب، فأصبح من الصعب على بعض المؤسسات فضلاً عن الأفراد توفير ميزانيات مناسبة لاقتناء أمهات التراث في ظل عصور الغلاء التي نعيش فيها.


2. عدم توفر الحيز: حيث تحتاج الكتب التراثية إلى حيز كبير بالفعل في عملية تخزينها نظراً لكبرها من حيث الحجم وكثرتها من حيث العدد لأنها مجلدات كما أسلفنا.


3. صعوبة الحصول عليها: حيث لا يمكننا الحصول على نسخ من كتاب معين نظراً لاختلاف أماكن الناشرين من بلد إلى بلد، وكذلك ممن الممكن أن يكون هناك نسخ محدودة من هذا الكتاب.

وبالإضافة إلى ما سبق ُيمثل النشر الإلكتروني فرصة كبيرة لعمليات إحياء التراث العربي الحضاري، كما أنه يمثل أيضاً تحدياً كبيراً لهذا التراث ولنا أيضاً كعرب، فهذا التحدي يجعلنا أمام خيارين فإما أن نستطيع أن نستغل هذه التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات المتطورة في عملية إحياء تراثنا العربي الإسلامي ونشره على العالم بالطرق الحديثة التي أضحى لا غني عنها، وإما أن نرضخ أمام الأمر الواقع في أن نكون بالفعل "عالم ثالث" حتى في طرق نشر وتداول ثقافتنا وحضارتنا التي كانت هي منبع وشعاع النور لدول العالم في حقبة كبيرة من الزمن، وذلك سيجعل من تراثنا وبالطبع لغتنا في حالة انزواء وركود هائل كما هو حادث الآن، ويخرج علينا من مُدعي الثقافة والعصرنة ليقول إن اللغة العربية لغة جامدة لا تصلح لنشر التراث والعلم الحديث.

وللتدليل على ما يعانيه التراث العربي والإسلامي من إهمال وانزواء نستعين بنتائج دارسة حديثة (2009) قام بها مركز التراث الحضاري و الطبيعي بمكتبة الإسكندرية في مصر، كشف فيها المسئولون عن أن حجم المحتوى العربي على شبكة الإنترنت لا يتعدى نسبة 5 .0 في المائة من المحتوى العالمي للشبكة العالمية، كما كشفت الدراسة عن أن نسبة التراث العربي الإسلامي على الشبكة العالمية لا يتجاوز 16.5 % مما تم تسجيله على قائمة التراث العالمي، وذلك لا يتوافق بأي حال من الأحوال بما أسهم به التراث العربي والإسلامي وحضارته في الفكر البشري على مر العصور.

وفي هذا الصدد نسوق حكاية عن أحد المشجعين لاستخدم الحاسوب في مجال حفظ مصادر التراث الإسلامي وخاصة الحديث الشريف، هو الدكتور عبد العظيم الديب، وقد ذكر أن فكرة مشروع تخزين الأحاديث النبوية الشريفة على الحاسوب قد استقرت في ذهنه عند تعرضه لمشاق كبيرة جداً في تخريج بعض الأحاديث، ويذكر أنه قد أضطر إلى قراءة صحيح البخاري من أوله كلمة كلمة حتى وصل إلى كتاب مواقيت الصلاة ووجد فيه الحديث الذي يريد تخريجه، وهذا الذي يحدث مع عالم متبحر في هذا العلم فما بالنا بغير المتخصصين ومن لا يحفظ نص الحديث، ويعرف معناه أو لا يعرف معناه.

كما تذكر إحدى الحكايات العربية القديمة التي وردت في بعض كتب التراث أن أميراً أراد أن يكرم عالماً كبيراً، فدعاه إلى الإقامة في قصره، ليستفيد من علمه وينهل من شعره، ولم يشأ العالم الكبير، أن يرفض دعوة الأمير، ولكن طلب منه أن يرسل له أربعين من الإبل والبغال والحمير، ولما سأله الأمير عن سر طلبه، أجابه أن الإبل والبغال والحمير ليست له، ولكن لحمل بعض كتبه ومراجعه ومجلداته ومعاجمه التي لن يستطيع الاستغناء عنها أثناء إقامته عند الأمير، فطلب الأمير من الوزير تنفيذ ذلك الأمر.

أهمية رقمنة التراث العربي ونشره إلكترونياً:
تنبع أهمية نشر التراث العربي والإسلامي في الشكل الإلكتروني المرقمن من أهمية التراث العربي نفسه، فمن المؤكد أن كل أمة ليس لها تراث فليس لها تاريخ وتكمن قيمة الأمم فيما تحتفظ به من تراثها القديم الذي تراكم عبر العصور من خبرات السابقين، وأن هذا التراث القديم إنما هو أرض صلبة يقف عليها الحاضر ويُولد دفعة إلى مستقبل الأمم، وفي تراثنا العربي الإسلامي يشكل هذا التراث دفعة هائلة لنا للتطلع إلى المستقبل، فقد ساد العلماء العرب والمسلمون العالم قروناً في جل -إن لم يكن كل- ميادين العلوم والمعرفة، وبالتالي فإن عملية بعث هذا التراث ونشره يمثل لنا دفعة إلى مصاف الأمم الرائدة، ولكن الوقت الراهن يحتم علينا أشكال معينة في عمليات النشر، فمع أن العالم أصبح كما يقال مجرد قرية صغيرة بفضل وسائل النقل والاتصالات الحديثة، إلا أنه من الصعب بمكان أن ننشر كتب التراث العربي في شكلها المعتاد كأن ننشر الكتب متعددة المجلدات في هذا الحجم، وقد أصبح بالإمكان أن يتم تجميع عشرات بل مئات من هذه المجلدات على اسطوانة مكتنزة واحدة CD-ROMبل أصبح متاحاً أن نجعلها بضغطة زر فقط على بوابة إلكترونية على الشبكة العالمية.

يعد مصطلح الرقمنة Digitization بصفة عامة جديد في أوساطنا العربية وفي أوساط النشر الإلكتروني بصفة خاصة، وبالتالي إن مصطلح "رقمنة التراث العربي" جديد بالتبعية، وقد شاع استخدام الرقمنة في مجالات عديدة وأصبح من المفيد استخدام هذه التكنولوجيا في مجال النشر الإلكتروني عامة وفي نشر التراث العربي خاصةً، وهناك العديد من الأسباب التي رجحت كفة الشكل الإلكتروني لمصادر التراث العربي عن نظيره الورقي، وخاصة أنه أصبح من المألوف الآن أن نجد مصطلحات "المكتبات الرقمية" و "المكتبات الإلكترونية" في مقابلة المكتبات التقليدية، وكذلك "الكتب الإلكترونية" في مقابلة "الكتب المطبوعة".


ومن الأسباب التي رجحت كفة الشكل الإلكتروني لمصادر التراث عند البعض ما يلي: -
1. قلة التكاليف: حيث أصبحت تكنولوجيا المعلومات متوفرة في متناول الغالبية وبتكاليف ميسرة، وبالتالي يمكن للفرد اقتناء المصادر التراثية في شكلها الجديد بسهولة ويسر.


2. توفير الحيز المكاني: حيث لا يحتاج المصدر الرقمي أو الإلكتروني إلى حيز كبير لحفظه بل نجد أن أغلب المصادر في شكلها الجديد تحفظ على الحاسوب مباشرة وحتى إن كانت في وسائط خارجية كالاسطوانات المليزرة فإنها لا تحتاج إلى حيز كبير، مجرد رف من مكتبة البيت الصغيرة تجعلنا نقتني آلاف المصادر، وذلك إذا علمنا أن قرص واحد يمكن أن يضم الكثير والكثير من أمهات الكتب التراثية مجتمعة مع بعضها.


3. سهولة الحصول عليها: تقدم تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات الحديثة جعلت من السهولة بمكان الحصول على المصادر التراثية، ولا نحتاج للحصول عليها سوى الاتصال بالشبكة العالمية في حالة إتاحة المصادر على الإنترنت أو وجود قارئ الاسطوانات المليزرة CD-ROM Readers.


4. المشاركة في المصادر: تتيح مصادر التراث الإلكترونية فرصة المشاركة بين الأفراد والجهات في أماكن متباعدة، ويمكن الإطلاع والاستفادة من نفس المادة لأكثر من جهة أو أكثر من شخص في نفس الوقت.


5. إمكانية الوصول إلى المصادر من أكثر نقط وصول Access Points، فيمكن الوصول إلى المصدر من المكتبة أو المنزل أو مكان العمل أو أي مكان متصل بالحاسوب.


6. سهولة الوصول للمعلومات: فباستخدام تقنيات البحث البسيطة والمتقدمة يمكننا الحصول على المعلومات بسهولة ويسر وفي سرعة فائقة في المصادر الإلكترونية وفي ذلك توفير لوقت وجهد الباحثين مقارنةً بالمصادر المطبوعة.


7. الشكل الإلكتروني يسهل عمليات مقارنة النصوص بين نسخ المطبوع الواحد وذلك في عمليات تحقيق ونسب المؤلفات.


8. العمل على تسهيل نشر الثقافة بين أفراد المجتمع وخصوصاً في حالة النشر الإلكتروني على الشبكة العالمية، وفي ذلك تعريف أبناء الأمة العربية والإسلامية بمصادرها العتيقة من التراث العربي الإسلامي وأمهات الكتب.


9. يسمح الشكل الإلكتروني بتخزين أشكال متعددة لمصادر التراث، فيمكن أن يتم تخزين الكتاب في شكل إلكتروني بالحروف كما يمكن أن يتضمن وسائط سمع - بصرية، كأن يكون هناك صوت مرافق يقرأ الكتاب وفي ذلك مساعدة للباحثين ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنه يوجد الآن بعض المواقع التراثية التي تشتمل على خاصية التفاعل مع القارئ والتي ترتكز على المواقع الأدبية والشعرية.

ويمكن القول أن النشر الإلكتروني قد أحدث تطوراً هاماً على صعيد الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في مجال نشر التراث العربي وذلك على عدة أصعدة وهي: -
تخزين المعلومات: حيث أصبحت المساحة متوفرة لتخزين عدد هائل من المصادر التراثية، وذلك من خلال النشر الإلكتروني ورقمنة مصادر التراث العربي.


استرجاع المعلومات: فقد أمكن بواسطة النشر الإلكتروني لمصادر التراث ووسائل الاتصال من سرعة ودقة استرجاع المعلومات من مصادر التراث.



استعمال المعلومات: فقد أصبح من الممكن عن طريق النشر الإلكتروني لمصادر التراث استخدام المعلومات عن طريق أكثر من شخص وذلك تحقيقا للاستفادة القصوى من المعلومات.


معايير النشر الإلكتروني وعلاقته بالتراث العربي:
حتى الآن لا توجد معايير محددة في البيئة الإلكترونية العربية يمكن من خلالها تقييم المواد أو المصادر المنشورة رقمياً أو إلكترونياً، بل ليس هناك مؤسسات تعنى جدياً بهذا الأمر الهام في مجال النشر الإلكتروني، وحسبنا محاولات قليلة لمحاولة إيجاد مثل هذه المعايير وعلى رأسها قيام الإتحاد العربي للنشر الإلكتروني، وقد أخذ على عاتقه العديد من المهام التي من شأنها الارتقاء بعمليات النشر الإلكتروني على مستوى الوطن العربي وعند النظر في لائحته التأسيسية في الباب الثاني الخاص بأهداف الإتحاد واختصاصاته نجد أنه يعمل على الآتي: -
"المحافظة على معايير الجودة في المحتوى والتقنيات الحديثة ورسم سياسة لرفع معايير الجودة الحالية من واقع ما هو متعارف عليه لواقع آخر عالمي ومتناسب مع بيئتنا وثقافتنا العربية".

وبهذا يكون من وظائف هذا الإتحاد القيام بدور إيجاد معايير متوافقة مع المعايير العالمية في مجال النشر الإلكتروني وفي نفس الوقت تكون متوافقة مع بيئتنا العربية التي لها نوع من الخصوصية سواء من ناحية المادة العلمية كتراث حضاري عربي أو من حيث نوعية هذه المصادر، لذا فنحن نؤمل على الإتحاد الوليد القيام بهذا الدور الهام.

جهود المؤسسات في النشر الإلكتروني للتراث العربي:
يحتاج النشر الإلكتروني إلى جهود مؤسسية للقيام بهذا النوع من النشر وخصوصاً في حالة نشر التراث الثقافي العربي الضخم، وهناك العديد من المؤسسات الثقافية في الوطن العربي التي قامت بعمليات نشر بعض مصادر التراث العربي منذ فترة بدايات القرن الحادي والعشرين، وفي هذه الفترة حدثت العديد من المحاولات الجادة في مجال نشر التراث الثقافي العربي، حيث بدأت من عمليات نقل أمهات الكتب العربية من الشكل الورقي التقليدي إلى الشكل الإلكتروني وذلك بتصويرها وخزنها في وسائط التخزين الجديدة كالاسطوانات المليزرة، إلى أن تطورت في الآونة القريبة إلى عمليات النشر على صفحات الشبكة العالمية سواء من خلال المكتبات الرقمية التي أنشئت لنشر كتب التراث أو من خلال الكتابة الإلكترونية مباشرة في مجال تحقيق هذا التراث على هيئة مقالات إلكترونية.
ونود في هذا الصدد التعرف على بعض هذه المحاولات وجهود القائمين عليها منذ بدايتها إلى ما انتهت إليه في الوقت الحالي، ومن هذه المحاولات ما يلي: -
الوراق www.alwaraq.com.
ببليو إسلام. www.biblioislam.net
مكتبة الإسكندرية http://dar.bibalex.org
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث www.almajedcenter.org

أولاً: الوراق www.alwaraq.com
يُنظر إلى موقع الوراق على أنه من أولى المحاولات في مجال استخدام التقنيات الحديثة لتكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات في توثيق وإتاحة مصادر التراث العربي وأمهات الكتب التي أوشكت على الاندثار وذلك عن طريق رقمنة هذه المصادر ونشرها إلكترونياً على شبكة الإنترنت، ولعل أهم ما يميز هذه التجربة عما سبقها وعما لحقها من تجارب النشر الإلكتروني العربي أن "الوراق" ركز وبصفة أساسية على مصادر التراث العربي والإسلامي، وحتى وقت قريب كان الوراق هو الناشر الإلكتروني الوحيد الذي يتيح كتب تراثية مثل كتاب الأغاني للأصفهاني وكتاب الطبقات الكبرى لابن سعد وكتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير وغيرها من أمهات كتب الحضارة العربية الإسلامية، وقد تطور الوراق منذ التخطيط له في عام 1996 من مجرد قرص مليزر CDيتضمن مكتبته الخاصة إلى إصدار الموقع الإلكتروني على الشبكة العالمية في عام 2000.


ويحتوي موقع الوراق على تفريعات موضوعية تشمل الموضوعات التالية: -
الموضوع
عدد الكتب
الأدب
182
اللغة و معاجمها
59
الحديث و علومه
60
علوم القرآن و رجالاتها
27
الجغرافيا
21
الفلسفة
33
الأنساب
32
علوم مختلفة
29
تفسير الأحلام
4
الشعر و الشعراء
111
التاريخ
79
التراجم
75
الفقه والفقهاء
23
الرحلات
11
التصوف
21
وعظ وإرشاد
40
العقيدة
12
الببليوغرافيا
7

وهذه الموضوعات كما نري تتضمن كل موضوعات المعرفة، ومن نافلة القول أن موقع "الوراق" هو موقع غير ربحي والاشتراك به بدون مقابل، وذلك يعني أنه يقدم خدماته الكثيرة والقيمة بهدف نبيل، ولعل هذا يتضح جلياً من رؤية القائمين على هذا العمل الكبير وأهدافهم منه، حيث يذكر الموقع أهدافه فيما يلي "نشر التراث العربي والإسلامي باستخدام تكنولوجياالمعلومات وما يتضمن ذلك من إعادة تحقيق وتوثيق لبعض مصادره وإعادة صياغة بعضهاالآخر"، ولا يتيح موقع "الوراق" تنزيل الكتاب كاملاً وذلك حفاظ على حقوق النشر.


وتقسم الموضوعات في موقع "الوراق" إلى فئات كما في الشكل رقم (1) وأمام كل فئة موضوعية عدد الكتب التي تحتويها هذه الفئة.





ويقدم "الوراق" مصادر التراث العربي الإلكتروني في طريقة سهلة ومبسطة وتتيح عمليات الوصول إليها من خلال امتلاكه آليات بحث متميزة، تسهل في عملية الوصول إلى الكتب، فهناك النوع الأول من البحث وهو البحث العام عن (عناوين الكتب- المؤلفون – القرآن الكريم – المجالس) وهو يظهر كما في الشكل رقم (2)





النوع الثاني من البحث وهو خدمة البحث في نصوص الكتب، والذي يتيح البحث في نصوص مصادر التراث العربي كما في الشكل رقم (3)



وهناك خدمة البحث في معجم لسان العرب، ويعمل على البحث اللغوي عن الكلمات في المعجم كما يظهر في الشكل رقم (4)



كما يقدم "موقع الوراق" مجموعة من مصادر التراث على هيئة مواد سمعية وبصرية، وذلك بالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في جعل مصادر التراث العربي أكثر ألفة وقرباً من القراء وكذلك خدمة لبعض جمهور القراء الذين يفضلون الاستماع أو المشاهدة عن مباشرة القراءة كما في شكل (5).



وفي نهاية رحلتنا مع موقع "الوراق" نود أن نعرض صورة لشكل صفحة الكتاب عند عرضة إلكترونيا على شاشة "الوراق" وهي كما تظهر في الشكل رقم (6) وهو يوضح أن الوراق يتيح قراءة الكتاب على الموقع ولا يتيح تحميل الكتاب نفسه.



ثانياً: موقع ببليو إسلام www.biblioislam.net
يعد موقع ببليو إسلام مكتبة أكاديمية رائدة في مجال تقديم الخدمات الأكاديمية للباحثين العرب على الإنترنت، فهو يقدم خدمات معلوماتية وبحثية وفكرية وتواصلية متكاملة لخدمة الدارسين والباحثين والمثقفين والمفكرين في المجالات التي تخدم منظومة "القيم والهوية" في المجتمع الإسلامي المعاصر.

وقد بدأ موقع ببليو إسلام كجزء من الموقع الأم وهو إسلام أون لاين www.islamonline.netوكان يعرف بـ"المكتبة الإلكترونية" لموقع إسلام أون لاين، ثم تطورت الفكرة من مكتبة إلكترونية إلى رواق بحثي داخل الموقع أيضاً وذلك في عام 2003م، وفي منتصف عام 2006م تطورت الفكرة إلى أن أصحبت موقع مستقل تحت مسمى "ببليو إسلامBiblioislam".



ونرى اهتمام الموقع بقضايا التراث العربي الإسلامي وذلك من خلال الرؤية التي وُضعت كأساس للعمل به ولتقديم خدماته للباحثين، حيث يقدم الموقع خدماته من خلال ثلاث قطاعات هي التأصيل والتنظير والتفعيل، وفي القطاع الأول نجد الإهتمام بالعلوم الشرعية وعلوم العربية والعلوم التاريخية، ومجالاتها كالتعريب والتحقيق والتراث، وهو بذلك يساعد في عمليات نشر التراث العربي و الإسلامي في فضاء الإنترنت.

ويتكون موقع "ببليو إسلام" من خمسة أقسام رئيسية وهي:-
المكتبة الإلكترونية.
عروض ومراجعات.
رؤى ودراسات.
منتدى الباحثين.
خدمات وفعاليات.
تتيح المكتبة الإلكترونية البحث فيما يقارب 50.000 مادة بحثية تشتمل كتب وأطروحات علمية ومقالات وبحوث علمية، ويتراوح مستوى التعريف بهذه المواد من البيانات الببليوجرافية أو مستخلص، أو عرض، أو النص الكامل وفق الاتفاقيات المنصوص عليها بين الموقع وبين مالك المادة البحثية، حيث يعتمد "ببليو إسلام" في توفير مادته البحثية هذه على مجموعة من الاتفاقيات وبروتكولات التعاون العلمي مع أكثر من 30 هيئة ومؤسسة؛ تتراوح ما بين منظمة دولية، وجامعة، ومعهد بحثي، وناشر أكاديمي؛ تزود "ببليو إسلام" بالبيانات الببليوجرافية للمواد التي تنتجها، بالإضافة إلى الباحثين العاملين ضمن الموقع.



وضمن المكتبة الإلكترونية يقع قسم "تراثيات" ومن خلاله يمكن للباحث تصفح الدراسات العلمية المعاصرة المرتبطة مع العديد من الكتب التراثية ومصادر التراث الإسلامي والعربي، مع إمكانية قراءة النص الكامل لهذه المصادر التراثية ضمن اتفاقيات التعاون مع المؤسسات المالكة لحقوق هذه المصادر.



ثالثاً: مستودع الأصول الرقمية بمكتبة الإسكندرية http://dar.bibalex.org

تعد مكتبة الإسكندرية من أشهر المكتبات على مر التاريخ وقد ساهمت في حفظ الكثير والكثير من مصادر المعلومات عبر حقب التاريخ المختلفة، وفي العصر الحديث ومنذ افتتاح المبنى الجديد للمكتبة بشكلها العالمي وتنوعها الحضاري، أبت المكتبة إلا أن تقوم بنفس الدور الريادي والحضاري في حفظ تراث الأمم القديم والجديد على حد سواء، وليس ذلك فحسب، وإنما أيضاً تعمل المكتبة جاهدة على نشر هذا التراث وجعله في متناول الجميع على مستوى أنحاء المعمورة وبوسائل التكنولوجيا الحديثة.

وفي هذا الصدد قامت مكتبة الإسكندرية وضمن مشروعاتها الرقمية العديدة بإطلاق مشروعها الحضاري الكبير "مستودع الأصول الرقمية" Digital Assists Repository DARوهو عبارة عن نظام لإنشاء وإدارة المحتوى الرقمي بمكتبة الإسكندرية.



والهدف من إنشاء نظام "مستودع الأصول الرقميةDAR" هو إنشاء وصيانة المجموعات الرقمية بالمكتبة، وكذلك العمل كمستودع لجميع أنواع المواد الرقمية الحالية والمستقبلية، وقد تم حتى الآن إتاحة ما يقارب من 62.000 من مصادر المعلومات على الإنترنت بالنص الكامل Full Text، كما تتوفر إمكانية البحث في محتويات هذه المصادر، ومصادر المعلومات المتاحة هي التي سقطت عنها حقوق الملكية الفكرية لمؤلفيها، والتي تقتنيها مكتبة الإسكندرية، وأما المصادر التي لم تسقط عنها حقوق الملكية الفكرية فإنها ُتتاح للاستخدام بنسبة 5% وبما لا يقل عن 10 صفحات لكل مصدر.

ويتميز هذا الموقع بإمكانية البحث عن أي مادة علمية أو وثائقية مكتوبة أو مصورة في مجالات علمية مختلفة، كما يمكن للباحث الاستفادة من البحث عن مقاطع الفيديو أو التسجيلات الصوتية، حيث يحتوي الموقع على أنواع مختلفة من الوسائل السمعية والبصرية، تغطي المواد السمعية والبصرية شتى المجالات والموضوعات.

ويحتوي الموقع على إمكانيات سهلة ومتعددة في نفس الوقت للبحث عن مصادر المعلومات، فهناك البحث البسيط في الشاشة الرئيسية كما يحتوي على البحث المتقدم للمساعدة في الحصول على نتائج بحث أكثر تحديداً وتميزاً، ويمكن البحث بأكثر من عنصر للوصول إلى مصدر المعلومات، كالعنوان والمؤلف، والكلمات المفتاحية، الترقيم الدولي ... وغيرها.
شكل رقم (11) شاشة نتائج البحث

شكل رقم (12) طريقة عرض الكتاب


رابعاً: مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث www.almajedcenter.org
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث من أهم صروح الثقافة والتراث في الإمارات العربية المتحدة وعلى مستوى الوطن العربي، وهو هيئة علمية ثقافية وقفية ذات نفع عام، وقد أنشئ المركز بكتاب وزارة الإعلام رقم أ ع ش 428 بتاريخ 2/4/1991م ولكن فكرة التحضير له قد بدأت منذ عام 1988م، وقد نبعت فكرة المركز من محبة السيد جمعة الماجد للكتب والثقافة ونشر المعرفة فكان يعمل على إنتقاء المفيد من المطبوعات والمخطوطات في أسفاره الكثيرة كرجل أعمال وإقتنائها.

والمركز من لحظة تأسيسه رسمياً في عام 1991م في إمارة دبي وعلي يد مؤسسه رجل الأعمال السيد جمعة الماجد، عمل المركز على أن يكون مناراً لجمع وصيانة مصادر التراث الفكري الإنساني بصفة عامة، ومصادر التراث العربي الإسلامي بصفة خاصة، وذلك من خلال السعي الدؤوب وراء هذه المصادر أينما وجدت وبتوجيهات ورعاية مباشرة من السيد جمعة الماجد وتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية في سبيل جمع هذه المصادر وترتيبها وحفظها في المركز ومن ثم إتاحة هذه المصادر للباحثين في مجالات الفكر والثقافة.

ويمكننا أن نتلمس مدى اهتمام مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بمسئوليته تجاه التراث الفكري العالمي والعربي من مقولة مؤسسه والتي تلخص فكرة وهدف إنشاء هذا الصرح الثقافي العملاق، حيث يقول السيد جمعة الماجد "إن الباحث الذي قضى أكثر نصف عمره في سبيل تأليف كتاب، وجاب مشارق الأرض ومغاربها، وتعرض للمشقات والعقبات، ألا يستحق الآن ونحن بهذه القوة والصحة والمال، أن نسعى جاهدين للمحافظة على هذا التراث القيم العظيم، الذي يمثل نتاج أولئك الباحثين خدمة لهم ولأهل العلم؟"



وفي سبيل تحقيق أهداف المركز وما يرنو إليه صاحبه ومؤسسه انطلق المركز من مرحلة تجميع مصادر التراث إلى إعداده فنياً وإتاحته للباحثين، وقام المركز في عام 2004م بإطلاق مشروع تطوير مكتبة المركز، وذلك من خلال بناء نظام آلي للمكتبة يضاهي أنظمة المكتبات المتوفرة وفي نفس الوقت يحافظ على خصوصية مكتبات ومجموعات المركز وأطلق عليه "نظام الماجد للمكتبات"، وإلى الآن يتم تطويره بما يتلائم مع متطلبات العصر وبما تتطلبه خدمات الباحثين على أعلى مستويات الخدمة المتوافرة حالياً.

وفي سبيل مواكبة آخر تطورات عصر تكنولوجيا المعلومات، وتوفير مصادر المعلومات لأكبر شريحة من المستفيدين وعلى مستويات متعددة خطى المركز خطوة هائلة في عالم تكنولوجيا المعلومات وهي بداية عمليات التحول إلى الرقمنة Digitalization وذلك بتحويل رصيده الكبير من مصادر التراث العربي الإسلامي بصفة خاصة والمخطوطات النادرة من الشكل العادي الورقي إلى الشكل الآلي المرقمن، وذلك لتحقيق نشر الثقافة العربية الإسلامية بشكل جديد و معاصر وأيضاً تحقيق مستوى عالي من المحافظة على هذه المصادر النادرة من الكتب والمخطوطات.

وقد بدأ مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بتصوير مصادر التراث العربي متمثلة في المخطوطات العربية، فقام المركز بتصويرها منذ العام 2001م وكان يتم حفظها في الميكروفيلم Microfilms، وتطورت الفكرة إلى تم إنشاء وحدة رقمية بمركز جمعة الماجد متمثلة في المعمل الرقمي Digital Lab واقتناء أحدث أجهزة الرقمنة والنشر الإلكتروني، وتدريب كادر العاملين على هذا المجال الجديد.



ومن النقاط التي يمكن الحديث عنها في مجال إسهام مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في عمليات نشر التراث العربي الإسلامي على الشبكة العالمية، هي تميز المركز في عدم الإكتفاء بمجرد تصوير هذه المصادر رقمياً ونشرها إلكترونياً ولكنه يعمل على تطوير أساليب العمل في عمليات الرقمنة والنشر الإلكتروني للمحتوى العربي للوصول بتجارب النشر الإلكتروني العربي إلى مستوى الدول المتقدمة في هذا المجال.

وفي هذا الإطار قام مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بتطوير جهاز خاص بالمسح الرقمي Scanningبالتعاون مع خبرات محلية عربية مائة بالمائة، وكان نتاج هذا التعاون هو جهاز "الماجد للمسح الضوئي "Al Majid Scanning Machine"، والذي تم التغلب به على مشاكل أجهزة المسح الضوئي الأخرى، حيث يقوم جهاز الماجد للمسح الرقمي بمعدلات طيبة جداً في العمل وبجودة عالية جداً محققاً المحافظة على خصوصية وطبيعة مقتنيات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وجاري إجراء تحديثات أخرى على الجهاز لإصدار الجيل الثاني من جهاز الماجد للمسح الضوئي.


ويقوم مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بإتاحة الكتب والمطبوعات التي تم الإنتهاء من عمليات المسح الضوئي ومعالجتها على البوابة الخاصة به، وكذلك المخطوطات، مراعياً في ذلك أن ينتقي الكتب القديمة التي سقطت عنها حقوق التأليف من أمهات الكتب القديمة والتي يمتلكها المركز في خزانته، ويجري العمل في عمليات رقمنة المطبوعات القديمة على قدم وساق في المركز لإنجاز رقمنة كل رصيد المركز من المطبوعات في وقت قريب إن شاء الله.





بالنسبة لإتاحة الكتب والمطبوعات التي تم الإنتهاء من عملية رقمنتها على موقع المركز فيجري حالياً تركيب خادم بسعة كبيرة جداً لتحميل كافة مطبوعات المركز، وسيتم إتاحة هذه المطبوعات بعد تركيب الخادم الجديد.

وبالنسبة لقواعد إتاحة المطبوعات على الموقع الإلكتروني للمركز فيتم حالياً تبادل الكتب المرقمنة والمخطوطات للباحثين عن طريق البريد الإلكتروني للمركز، وإرسال المطبوع كاملاً إلى الباحث بعد إرساله طلب بالمطبوعات والمخطوطات التي يريد الحصول عليها مشفوعة برسالة تنسيب وتزكية من المؤسسة العلمية التي ينتسب لها الباحث، حتى يكون المركز قد أفاد بالفعل في عملية إثراء البحث العلمي عن طريق توفير مطبوعات ومخطوطات نادرة جداً، وحتى لا تذهب هذه الدرر المعرفية إلى من لا يستحقها أو يستخدمها فيما لا يفيد البحث العلمي وإثراء الثقافة.





أما المطبوعات الصادرة عن مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث والتي يملك المركز حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها فإنه يتيحها كاملة بالنص الكامل على موقعه ويتيح إمكانية تحميلها وطباعتها، ويحمي المركز حقوقه الملكية الفكرية عن طريق العلامة المائية الخاصة بمركز جمعة الماجد في خلفية كل صفحة من صفحات المطبوع أو المخطوط كما في الشكل.





إحصائيات الرقمنة
وفقاً لآخر إحصائيات المعمل الرقمي بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، نجد أنه تم الإنتهاء من عمليات المسح الضوئي لعدد هائل من مصادر المعلومات المتاحة لدى المركز وهي كالتالي: -

م
نوع المادة
عدد العناوين
عدد النسخ
1-
الكتب المطبوعة
27.584
58.277
2-
الرسائل العلمية
12.813
6184
3-
الدوريات العلمية
425
7634
4-
الأبحاث
41
74
5-
المقالات
110
166

وهذه الأعداد في إزدياد مضطرد يومياً، حيث يعمل المعمل الرقمي في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث وفق منهجية وخطة عمل مسبقة على المدى القصير والبعيد بهدف إنهاء العمل من رقمنة كافة مطبوعاته في المدى القريب، وهنا نلاحظ أيضاً أن مقتنيات المركز أيضاً في زيادة باستمرار من المطبوعات بكافة أشكالها، حيث هناك سياسة تزويد بصفة دائمة والبحث عن كل ما هو مفيد في مجال الثقافة والتراث.

وبالإضافة إلى التجارب العربية السابقة في مجال الإسهام بنشر التراث العربي في شكله الإلكتروني، نجد أنه قد توفرت بعض التجارب الرائدة في مجال تسويق الكتب العربية التراثية على شبكة الإنترنت والذي يعد مساهمة فاعلة في النشر العربي الإلكتروني ونذكر من هذه الأمثلة دار نشر كتب عربية، ودار ناشري.

الخلاصة:
التراث العربي الإسلامي هو الرافد الرئيس لثقافتنا المعاصرة متمثلاً في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما ورد إلينا من آثار السلف عبر العصور، ولذلك فإن أهميته بالنسبة إلينا في الوقت الحاضر هو القواعد الأساسية والصلبة التي يمكن الوقوف عليها لبناء مستقبل هذه الأمة.


فيجب أن نُعرف الأجيال الجديدة بهذا التراث ومصادره، وحمايته من الإندثار والتحول إلى مجرد أطلال وذكريات، وهذا يحتم علينا الاستفادة من تكنولوجيا العصر الحديث في إعادة نشر وبث مصادر التراث العربي والإسلامي في ثوب جديد بما يلائم مقتضيات عصرنا الحديث، محققين في ذلك أكثر من فائدة.

وهذا ما نقصد به عمليات رقمنة مصادر التراث العربي الإسلامي ونشره بالشكل الإلكتروني على وسائط تخزين عصرية وبثه على الشبكة العالمية Internet.

المراجع:
العبد الجبار، الجوهرة بنت عبد الرحمن. حركة نشر كتب التراث في الجامعات السعودية: (دراسة تحليلية). – الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1427هـ/2006م. ص. 43-44.
خليل، عماد الدين. حول مصطلح التراث. عالم الكتب. – الرياض: دار تثقيف للنشر. مج. 13، ع. 2 (رمضان 1412 هـ)، ص. 139-140.
العبد الجبار، الجوهرة بنت عبد الرحمن. حركة نشر كتب التراث في الجامعات السعودية: (دراسة تحليلية). – الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1427هـ-2006م. ص. 45-46.
وكالة انباء شينخوا: خبر عن "دراسة تدعو إلى إثراء المحتوى العربي الإلكتروني. متوفر على الرابط:
http://www.arabic.xinhuanet.com/arabic/2009- 01/19/*******_801629.htm
تمت زياته في يوم 22-1-2009.
الديب، عبد العظيم. نحو موسوعة شاملة للحديث النبوي الشريف: الكمبيوتر حافظ عصرنا. – بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، 1409هـ/1989م. ص. 21-22.
زكار، معتصم. استعمال تكنولوجيا المعلومات في استكشاف و نشر التراث: ورقة عمل مقدمة إلى الندوة الإقليمية حول توظيف تقنيات المعلومات و الاتصالات في التعليم برعاية الاتحاد الدولي للاتصالات – دمشق – يوليو 2003. متوفرة في الرابط http://www.ituarabic.org/PreviousEvents/2003/E-Education/Doc8-alwaraq.docشوهد في 24-12-2008.
الموقع الرسمي للإتحاد العربي للنشر الإلكتروني: اللائحة الأساسية. متوفر في البرابط: http://www.arabepublishing.com/index.php?laeha=true تمت زيارته يوم 25-12-2008.
زكار، معتصم. استعمال تكنولوجيا المعلومات في استكشاف و نشر التراث: ورقة عمل مقدمة إلى الندوة الإقليمية حول توظيف تقنيات المعلومات و الاتصالات في التعليم برعاية الاتحاد الدولي للاتصالات – دمشق – يوليو 2003. متوفرة في الرابط
http://www.ituarabic.org/PreviousEvents/2003/E-Education/Doc8-alwaraq.doc
شوهد في 28-12-2008.
الموقع الرسمي لـ "ببليوإسلام.نت"
www.biblioislam.net
http://dar.bibalex.org
مكتبة الإسكندرية مكتبة رقمية تضم 29 ألف كتاب و30 ألف صورة / داليا عاصم. جريدة الشرق الأوسط. (ع. 10655 الأربعاء 22 محرم 1429هـ 30 يناير 2008). متوفرة على الرابط: تمت زيارته في 1-2-2009
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issueno=10655&article=45622 3&feature=1
آفاق الثقافة التراث. ع. 1، س. 1 (المحرم 1414هـ/1993م). ص. 6-8.
مقابلة مع الأستاذ محمد حسن نوفلية رئيس قسم المكتبات بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، في يوم 9-2-2009م.







ماجستير إدارة أعمال

$
0
0
ماجستير إدارة أعمال
د. سليم يعقوب (أبو أميرة)





عِلم إدارة الأعمال من العلوم الجميلة التي تساعِد على إدارة المنشآت، سواء كانت تجاريَّة، حكومية، أو غير ربحيَّة، بالطريقة الأمثل؛ من حيث الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق أفضَل النتائج.

يشمَل عدَّة تخصصات وعلوم، منها: إدارة عامة، التسويق، إدارة العمليات، الإدارة الماليَّة، اقتصاد، إدارة المعلومات، شؤون موظفين، تخطيط، اتِّخاذ القرارات، سلوكيات المنشأة... إلخ.

طبيعة العلوم جميلة جدًّا وممتعة في دراستها؛ حيث إنَّها قابلة للتطبيق في مختلف الجوانب، حتى على المستوى الشخصي.
قبل عقدين من الزَّمان تقريبًا انتشرَت ظاهِرة الدمج بين التخصص الأساسي درجة البكالوريوس مثلًا في الهندسة، الطب، الصيدلة، أو الحاسب الآلي، والحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال (mba)؛ إذ تمكِّن المرء من تَغطية النواحي الفنية والإدارية، وبالتالي تكون الصورة أشمل.

والخيار الأمثل أن يَعمل الخريج بعد درجة البكالوريوس لبضع سنوات، يفضل أن تكون 4 سنوات فما فوق، ثم يلتحق ببرنامج لدراسة ماجستير في إدارة الأعمال.

من واقع خبرة بسيطة في هذا الموضوع، يتمكَّن هؤلاء من الحصول على وظائف بمناصِب جيدة، ومميزات مغرية، أو البدء بأعمالهم التجارية.

هناك خيار آخَر لمن لا يتمكَّن من الالتحاق بالبرنامج لسبب أو لآخر، هو محاولة تطوير الجانب الإداري؛ من خلال دورات مختلفة في هذه التخصُّصات، تكون من جهاتٍ موثوقة وقوية.

هي نصيحة لأبنائنا الخريجين الذين لا زالوا في مقتبل حياتهم العملية، أيضًا للعاملين سواء في مجال التجارة، أو المنشآت غير الربحية؛ العائد مجزٍ جدًّا، وله دور كبير في توفير موارد المنشأة، والحصول على نتائج أفضل بكثير.

عندما تتحدَّث مع أحد المتخصصين في الإدارة الماليَّة، سيقنعك أنَّها القِسم الأهم، مع إبداء الأسباب، وكذلك التسويق، أو إدارة العمليات!


من وجهة نظري المتواضعة - إن كان ولا بدَّ من التحديد - فأرى أنَّ عِلمَي التسويق وإدارة العمليات من العلوم المهمَّة، والتي نفتقدها كثيرًا في منشآتنا.

سيكون لي بعض المواضيع بإذن الله عن أساسيات عِلم التسويق بصورة مبسَّطة للاستخدام العام.




بمن نحتمي؟

$
0
0
بمن نحتمي؟
أ. منى مصطفى




كلُّنا يعاني من إزعاج الأطفال، خاصة في عطلة الصيف الطويلة وفي رمضان، ويزيد ذلك عندما يجتمع أطراف العائلة كلُّها في غالب هذه الأيام، بل إن هناك بعضَ الأسر ممن امتنَّ عليهم الله بالمودَّة والألفة يقضون الشهر كاملًا معًا في بيت الجد أو الأخ الأكبر وما شابه.








فلا نترك الأطفال يهنؤون بجَمعهم، ولا يتركوننا هم نهنَأ بخلوتنا مع الله، فتبرَّعت لأتولَّى أمر الأطفال في هذا اليوم؛ إذ بلغ التعب من أمهاتهم مبلغًا!








فجمَّعتهم وجلستُ معهم وحدَنا، وكانوا من سنِّ الخامسة إلى العاشرة؛ وذلك في محاولة يائسة لإشاعة الهدوء في البيت.



فكرت: فيمَ أتحدَّث معهم؟



طرأ في ذهني (الدعاء)؛ لأننا كنا في وقت السحر تقريبًا، فقلت لهم:



كلُّ واحد منكم يدعو دعوةً، ويظل ذاكرًا لها، وسيرى أنها ستتحقَّق على مدار عمره.








وأعطيتهم خمس دقائق، ثم سألت كل واحد:



بمَ دعوتَ حبيبي؟



فما وجدت غالبَهم يعرفون بماذا يدعون، وهذا خلل بيِّن في التربية!



فأوضحتُ لهم أن الدعاء: (أن نطلب من الله ما نريده بعد حمدِه والصلاة على رسوله)؛ ولأن الإنسان سيعيش الدنيا ثم يذهب للمقرِّ النهائي في الآخرة، فأكدت عليهم أنه:



كلما لجأنا إلى الله بالدعاء، فعلينا أن ندعوَ بدعوة للدنيا ودعوة للآخرة، وأن أفضلَ ما في الآخرة الجنةُ بنعيمها؛ فلتكن الجنة مطلبًا ثابتًا في كل دعوة، ثم يُتبعها بما اشتهى من الدنيا.








وجددت لهم المدة دون استفاضةٍ، وكنت أسهِّل لهم الأمور بما يناسب عمرهم؛ حتى لا ينصرفوا أو لا يتحقق الهدف من الجلسة (مراعاة الحال)، وجدَّدْت لهم المدَّة وانتظرت، ثم سألت ثانيةً:



ماذا طلبتم من ربكم أحبابي؟



فسألني أحدهم: هل نستطيعُ أن نطلب من الله أيَّ شيء حتى لو صعبًا؟



انتهزتها فرصة؛ لأثبِّت عقيدتهم، فحدَّثتهم قليلًا عن صفات الله عز وجل ...








وتلقفتني إحداهن: هل ربُّنا يستجيب كلَّ الدعوات؟ ولماذا لا أرى ذلك؟



وأنا أنتشي بكل سؤال؛ إذ يقرِّبُني من هدفي، ويجعل الفائدة أعظم!



فوضَّحت لهم أن جميع الدعاء مجابٌ، إما أن يحدث كما طلَبْنا من الله السميع البصير، وإما أن يؤخِّره للوقت المناسب؛ لأنه يعلم الغيب، وإما يجعله لكم رصيدًا للحسنات في الآخرة ولا يحققه في الدنيا؛ لأن تحقيقه سيكونُ فيه ضرر أنت لا تعلمه، ورويت لهم بعض صور جزاء الله للعبد الذي يدعو ويكون على يقين بالإجابة حتى لو كانت في الآخرة، حتى أصبح كلٌّ منهم يتراقص أنه طلب من الله أشياء ولم تتحقق، وسيكون له قصرٌ في الجنة بدعائه الذي لم يُستجَب، وعمَّقت في أنفسهم أن الدعاء في ذاته عبادة وغاية، وما تحقق منه في دنيانا خير، وما تأجل فهو خير أوفر.








ثم جدَّدتُ السؤال: ماذا طلبتم من الله؟



نانسي قالت: اللهم اجعلني مقيمة للصلاة ومن ذريتي.



سارة قالت: أريد الجنةَ، وأن يكون زوجي مثلَ خالي فلان.








نلاحظ: (هاتان الفتاتان تذهبان لمركز تحفيظ).



هدى قالت: أريد أن أموت أنا وماما في يوم واحد.



مريم قالت: خواتيم سورة آل عمران، ثم توجه فكرها بتوجه فكر سارة، وقالت:



يكون زوجي كخالي فلان خالها الثاني (العجيب أن كلَّ واحد اختارت من يناسب شخصيتها فعلًا من أخوالها، وهنا نقف وننتبه أن الفتاة من سن التاسعة فعلًا تبدأ في إدراك الفروق والشخصيات).








نلاحظ: (هاتان البنتان أمُّهما كثيرة الحوار معهما، ولا تترك شاردةً ولا واردة إلا وربطتها لهم بالدين).



محمد: صامتٌ لا يعرف بمَ يدعو؟



مصطفى: بعد حيرة وتردُّد كرر إحدى الدعوات السابقة، وهو أكبر الأطفال سنًّا.



نلاحظ: أمُّهم لا تجلس معهم إلا لضرورة، وإن حدث فهي آمرةٌ ناهية معنِّفة فقط.







كانت هذه هي المرة الأولى التي يمارس فيها الأطفال هذه العبادة رغم وصول أغلبهم إلى سنِّ العاشرة وأكثر.



والله إنها عبادةٌ عظيمة لو عقلنا؛ فهي دواء مجَّانيٌّ للقلوب، وتحقيق سريع للرغبات، وباب عظيم لترسيخ حسن التوكُّل على الله تلازمًا مع الأخذ بالأسباب.








وحفَّظتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض)).



أنبِّه أخواتي الأمهات: سن العاشرة ولا يعرف بمَ يدعو؟! والله إنه لتقصير منكنَّ عظيم!







أيها الآباء، لو تأملتم الصلاة لوجدتموها كلَّها دعاء، فعلِّموا أولادكم الدعاء، علِّموهم أن هناك مجيبًا قديرًا رحمانًا رحيمًا يفرح بالعطاء لك، وإجابة دعائك، كما تفرح أنت بالأخذ.



فلا يكون ملجؤهم كله للبشر حتى لو كان الأب أو الأم؛ فالحماية الحقيقية من الله، والملجأُ الأول والأخير له، وستجد ثمار هذا الغرس لاحقًا، حيث سيعمِّق في نفسه قدرة الله، فيتجنَّب لاحقًا الرشوة والخضوع للمادة وغيرها.








علموهم دومًا: أن اللهَ أعظمُ من كل عظيم.








علِّموهم: أن للدعاء أوقاتٍ وأحوالًا يكون الغالب فيها الإجابة؛ وهي: السَّحَر، ووقت الاضطرار، وما بين الأذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء، ووقت الإفطار، وأوقات السفر، ووقت نزول المطر، وأثناء المرض.








الجميل في الموضوع أنهم جمَّعوا أنفسهم في اليوم الثاني، وأتوا إليَّ يطلبون مني جلسة ثانية مثل الأمس، مصرِّين على ذلك، وكأن أرواحهم عطشى، وكيف لا وهو حديث تحفُّه الملائكة؟!







سعدت بكم، ونلتقي دومًا في خير حال على أرض دنيانا، وتحت مظلَّة ديننا.





الهيمنة في العالم العربي: اللغة الإنجليزية نموذجا

$
0
0
الهيمنة في العالم العربي: اللغة الإنجليزية نموذجا
د. مطيع عبدالسلام عز الدين السروري












الهينمة، باختصار، كما أعبر عنها، هي الرضا والموافقة بأن ليس بالإمكان أفضل مما كان أو هو كائن، في البلدان التي يفترض أن تعمل على النهوض بنفسها مما يعتريها من خلل واضح في جميع مؤسساتها العامة. مصطلح الهيمنة “Hegemony” ليس مصطلحاً جديداً، إن أول من صاغه ووسعه، في ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي، هو الفيلسوف الماركسي الإيطالي جرامشي الذي درس من خلاله سبب نجاح الطبقة الحاكمة في تمرير مصالحها على أنها مصالح المجتمع ككل. وهو مصطلح يعبر أساساً عن سيطرة سلبية على مؤسسات أي بلد من خلال التوجيه والتحكم بمؤسسات ذلك البلد مثل مؤسسات التعليم والإعلام وغيرها.








الهيمنة هنا تتم بوسائل لطيفة ودقيقة ولكنها قد تكون خطيرة على مستقبل البلدان، خاصة عندما تكون موجهة لتحقيق أغراض فئات لا يهمها مصلحة البلد العامة ولا تطوره ونموه بقدر مصالح فئة صغيرة ضيقة فيه.








الهيمنة، التي هي محور حديثنا هنا، تتم من خلال ممارسات مؤسسية غاية في الدقة وبرضا الناس أنفسهم، حتى بدون اقناعهم بها مباشرة. هذا المقال يسلط الضوء على الهيمنة التي تمارس من خلال أقسام اللغات الأجنبية (الإنجليزية، خاصة) في أقسام كليات الجامعات ومراكز ومعاهد اللغات المنتشرة في كل مدينة تقريباً في كل بلد عربي؛ ويختم المقال بما ينبغي الانتباه له من وجهة نظرنا.








من تخدم هذه المؤسسات الأكاديمية والمراكز التعليمية في المقام الأول فيما يتعلق بتعلم اللغات الأجنبية في ظل غياب الوعي باستخدامها الاستخدام الأمثل؟



قد يقول قائل: إنها تخدم أصحاب البلد التي هي فيه. ولكن بنظرة أولية بسيطة، سنلاحظ أن معظم خريجي هذه المؤسسات والمراكز والمعاهد يتشربون ثقافة اللغة الأجنبية وآدابها نطقاً وكتابة (وغالباً ما تكون هي اللغة الإنجليزية في أكثر الوطن العربي). ثم تشرئب أعناقهم نحو الشركات والمؤسسات والمنظمات الأجنبية التي تشجعهم للالتحاق بها من خلال الإعلان عن حاجتها لموظفين يجيدون اللغة الإنجليزية؛ حتى إن بعض الشركات والمؤسسات المحلية التي لا تستخدم تلك اللغة فيها أصلاً إلا فيما ندر تشترط اللغة الإنجليزية لكل من أراد العمل معها.








إغراءات تلك الشركات والمؤسسات والمنظمات يتم من خلال الرواتب المغرية مقارنة بالشركات والمؤسسات المحلية. ومن ذاق المزايا المادية لا يرضى لأولاده بعد ذلك إلا اللغة الإنجليزية. فنجد، نتيجة لذلك، انتشاراً واسع للمدارس الخاصة المحلية والدولية التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة تعليم في وطننا العربي منذ أول فصل دراسي. وبعدها الجامعات الحكومية والأهلية بأقسام كلياتها التي تتيح الدراسة باللغة الإنجليزية في أغلب تخصصاتها.








بعد ذلك (أو أثنائه أو قبله)، هناك المنح المقدمة من الدول الغربية (في معظمها) للدول العربية. وهذه المنح تواصل المهمة في تغريب الشباب العربي ليتحدثوا ويكتبوا بلغة أو لغات غير لغتهم العربية تحت مبررات البحث العلمي أو إلإضافة للمعرفة التي عادة ما تكون أصلاً مشفرة بتلك اللغة أو اللغات عن مجتمعهم الذي عول عليهم في تعليمهم ودراساتهم.








إن معظم الكتابات المتخصصة في فروع المعرفة النظرية والتطبيقية التي يكتب بها الشباب أو المتعلمون العرب أغلبها باللغة الإنجليزية: ومن الأسئلة التي تحتاج لها إجابات:



من يستفيد من تلك الكتابات والأبحاث التي تتم بتلك اللغة؟



من يفك شفرتها؟



من ينقلها أو سينقلها للعالم العربي؟



وهل قد حدث فعلا نقلها للغة العربية؟ لا أعتقد ذلك، إلا فيما ندر، والله أعلم.








إن معظم الترجمات التي تترجم للغة العربية (مع قلتها مقارنة بما يترجم للغات الأخرى كما نلاحظ من تقارير الترجمات التي تتم في دول العالم) لا تكون عادة ترجمات لعرب كتبوا باللغة الإنجليزية وإنما لغربيين. لأن الباحثين العرب، والمتخصصين في العلوم التطبيقية خاصة، عندما يكتبون باللغة الإنجليزية تكون عادة كتاباتهم ضعيفة. وقد خبرت شخصياً كثيراً من تلك الكتابات الإنجليزية في كثير من مجالات المعرفة التطبيقية وغيرها، حيث عملت في تحرير بعض من تلك الكتابات لأساتذة وطلاب الدراسات العليا العرب. والحالة مأساوية بالفعل. لا أولئك الأساتذة العرب مرتاحون وهم يكتبون بلغة غير لغتهم ولا طلاب الدراسات العليا راضون عن أدائهم بتلك اللغة التي وجدوا أنفسهم يحاولون الكتابة بها والتي في الأغلب سيواصلون الكتابة فيها برغم يقينهم أنها لن تصل إلى العالم العربي في حياتهم على الأقل وكل ذلك تحت مبرر البحث العلمي والترقيات الأكاديمية.








أليس كل هذا هيمنة؟ أم تراني أبالغ في وصف المشهد العربي البائس مع اللغة الإنجليزية التي تأخذ متعلميها بعيداً - فكراً وممارسة - عن واقعهم العربي الذي لا يفكرون هم بالعودة إليه؟



هناك أيضاً أغلب المعلومات التي تحصل عليها المنظمات العاملة في الوطن العربي (والتي يعمل بها كثير من العرب المتحدثين باللغة الإنجليزية) لا تخدم إلا أصحاب تلك المنظمات التى عادة ما تتبع في أكثرها منظمات غربية. ولا يستفيد منها الوطن العربي إلا مزيداً من الهيمنة، حيث يعمل العاملون فيها بالترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الأجنبية حتى تستطيع تلك المنظمات الاستفادة من جهودهم نظير ما تدفعه لهم كرواتب مغرية.








متى سيتقدم العالم العربي وأهله من المتعلمين والمثقفين يتغربون في لغتهم ويخدمون غير بلدانهم بحجج تتراوح بين الأمانة للبحث العلمي (الذي لم نره عندنا ولا في لغتنا العربية) أو بحجة البحث عن لقمة العيش وكأن لقمة العيش تمنعهم من الكتابة باللغة العربية لإفادة مجتمعاتهم التي ترزخ تحت التبعية "اللغوية" الثقافية برغم ما تمتلكه مكتباتهم العربية من كنوز معرفية سبقت تاريخياً معارف الغرب في كثير من المجالات. متى سننهض ونحن نغالط أنفسنا أو نجري وراء لقمة العيش كحجة واهية للتغريب.








كلمة أخيرة لا بد منها:



أقول: لست ضد تعليم وتدريس ونشر اللغة الإنجليزية فهي مهمة ولا شك في كثير من جوانب الحياة. وليس في هذا أي تناقض مع المشهد أعلاه ولكن بشرط واحد، وهو أن يعي المتحدثون والكتَّابُ منا باللغات الأجنبية (وخاصة من يتقن اللغة الإنجليزية) أن بلداننا العربية بحاجة إلينا. بحاجة لفكرنا وفهمِنا (كلاما وكتابة) باللغة العربية في عصرنا الحاضر على الأقل. شبابنا وأولادنا وأجيال المستقبل بحاجة لمن يقول لهم (وقبل القول ينبغي أن يرونا نمارس ما نقوله) أن تعلم اللغة الإنجليزية أو غيرها هو، في المقام الأول، لننفع به أمتنا ومجتمعاتنا، وننفع به أصحاب تلك اللغات بتعريفهم بديننا الإسلامي الحنيف الذي شرفنا الله كعرب بواجب ووجوب نشره في أرجاء الأرض قاطبة. إن أمتنا العربية والإسلامية اليوم بحاجة لمن ينهض بها في جميع مجالات المعرفة حتى تستطيع أن تتبوأ دوراً قيادياً عالمياً لائقاً بها كما كانت قبل قرون من الزمن، ولن يتم لها ذلك مجدداً إلا من خلال جيل يعي تماماً أساليب الهيمنة التي تمارس عليه حتى يستطيع أن ينهض برغم تلك القيود الخفية.






اختيارات الحج الفقهية للألباني (word)

$
0
0
اختيارات الحج الفقهية للألباني (WORD)


د. أحمد مصطفى متولي





تحميل ملف الكتاب
(انقر الرابط بالزر الأيمن للفأرة واختر "حفظ الهدف باسم" أو "Save Target As")




يوم عرفة.. يوم المنح

$
0
0
يوم عرفة.. يوم المنح


د. مصعب سلمان أحمد السامرائي









جعل الله لأهل الايمان مواسم تزداد فيها الخيرات، وأزمنة لتكثيف الطاعات، وعمل الصالحات، والمسابقة في القربات، هذه المواسم تزداد فيها الحسنات، وتضاعف فيها والأجور والخيرات، ولا بد للمسلم الفطن اغتنام هذه الفرصة وتحينها من بين جميع الأوقات، ومن هذه الأزمنة العظيمة يوم عرفة فقد جمع الله فيه الفضائل والكرامات والمنح ما خص به هذا اليوم دون غيره من أيام العام:

1- أحد أيام شهر ذي الحجة وهو من الأشهر الحرم قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾.



2- أحد أيام أشهر الحج قال الله - تعالى -: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾.



3- أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في القرآن الكريم قال الله - تعالى-: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾.



4- أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - تعالى-: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [الفجر: 1 - 3]، ومن المعلوم أن العظيم لا يقسم إلا بعظيم، وعلى أمر عظيم، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: (الوتر يوم عرفة، والشفع يوم الذبح)، وهو اليوم المشهود الذي قال الله فيه: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [سورة البروج:3 ]، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه؛ فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شر إلا أعاذه الله منه)).



5- أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل - ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)).



6- أكمل الله في يوم عرفة الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [سورة المائدة:5]. قال عمر - رضي الله عنه -: "قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة".



7- اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم.

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان - يعني عرفة - وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف: 172، 173].



8- يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف، فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟))، وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً)).



9- يوم إغاظة الشيطان، وإعمام الله عباده بالرحمات ومحو الخطايا والزلات، مما يجعل إبليس يندحر صاغرا؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ)).



10- يوم العتق من النار، فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه يدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)).



11- يوم تكفير ذنوب سنتين ماضية وقادمة قال رسول الله صل الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: ((يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)).



12- يوم التضرع بين يدي الله والابتهال وطلب الحاجات قال النبي صل الله عليه وسلم: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة)).




فهو بحق يصح أن يطلق عليه يوم الأيام، ومنحة المنح، والعطية العظمى، والمقصود الأسمى، فيا ربح من طلبه، ويا خسران من زهد فيه وغفل عنه، تعهد الله فيه بالغفران العظيم، والعتق الكبير والسعادة الأبدية.



نسأل الله أن يبلغنا يوم عرفة صائمين، وبعبادته من القائمين، وعند الله من المقبولين، وبالجنة من الفائزين إنه نعم المولى، ونعم الوكيل.





أعمال عشر ذي الحجة

$
0
0
أعمال عشر ذي الحجة


يحيى بن إبراهيم الشيخي



الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، فرض علينا الحج إلى بيته الحرام ورتب عليه الثواب الجزيل، أحمده حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله أفضل من صلى وزكى وحج وصام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.



أما بعد:

عباد الله أوصيكم ونفسي بأغلى وصية، وأعظم وصية، التي ما تمسك بها عبد إلا سعد في الدنيا والآخرة، ألا وهي تقوى الله تعالى وطاعته ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



عباد الله:

إننا نعيش هذه الأيام أجمل أيام الدنيا وأحبها إلى الله تعالى، إنها أيام العشر المباركة، عشر ذي الحجة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها أنها أفضل أيام الدنيا كما في حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل أيام الدنيا أيام العشر- يعني عشر ذي الحجة - قيل - ولا مثلهن في سبيل الله قال ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه في التراب" صححه الألباني، ولولم يكن في العشر إلا يوم عرفة لكفاها فضلا.



وفي هذه العشر يا عباد الله يوم النحر الذي هو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر" صححه الألباني. وفي هذه الأيام يا عباد الله تجتمع أمهات العبادات، ولهذا كانت أفضل أيام الدنيا، لأنك لا تجد أياما في السنة كهذه الأيام حيث تجتمع فيها الصلاة والصيام والحج والوقوف بعرفة ومزدلفة والنحر ورمي الجمار وغيرها من العبادات، إلا في هذه الأيام، فهي فرصة العمر التي ينبغي استثمارها، والعمل فيها بركة في العمر، فقد لا تدور عليك في السنة المقبلة إلا وأنت تحت الثرى، فكم من إنسان يتمنى منها لحظة ليعبد الله فيها ولكنه لا يستطيع ذلك لأنه تحت التراب، فالله الله في اغتنامها عباد الله.



أيها المسلمون يشرع لنا في هذه الأيام المسابقة والمسارعة في أعمال الخير كلها ومن أهمها:

الأول: المحافظة على الواجبات وفي مقدمتها الصلاة مع الجماعة لوجوب الجماعة على المسلم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.



ثانياً: الصيام للحديث الذي راه أبوسعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه وهذا لفظ البخاري. هذا في سائر الأيام فكيف بمن يصوم في هذه الأيام وخاصة بمن يصوم الأيام التسعة كلها لاشك أن الأجر أعظم وأحب عند الله تعالى فلا يفرط المسلم بصيام هذه الأيام ولو على الأقل صيام يوم عرفة ففضله عظيم، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".



ثالثاً: التكبير بنوعيه المطلق والمقيد، فأما المطلق فمن بداية العشر حتى آخر أيام التشريق، وسمى مطلق لأن المسلم يكبر في كل وقت وفي أي مكان سواء في بيته أو الشارع أو السوق يرفع فيه صوته بالتكبير، فيقتدي به من يسمعه كما كان بعض الصحابة يكبرون في السوق فيقتدون بهم من يسمعهم، فقد روى البخاري في صحيحه " أن ابن عمر، وأبو هريرة كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما" فهذه السنة يا عباد الله قد ماتت هذه الأيام فمن يحييها أحياه الله ففي صحيح مسلم" من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً"... الحديث. فلو كل واحد منا بدأ ببيته فرفع صوته بالتكبير حتى يقتدوا به أهله وسائر أسرته ثم بعد ذلك يكبر في الشارع والسوق لعادة السنة بعد هجرها وأصبح التكبير أمراً مألوفاً عند الناس.



أما التكبير المطلق فيشرع لغير الحاج من صبح يوم عرفة وأما الحاج من ظهر يوم النحر حتى أخر أيام التشريق.



عباد الله:

سيأتي يوم لا محالة يندم فيه الإنسان على هذه الفرص التي يضيعها عندما يشاهد يوم القيامة الأجور العظيمة تتوزع على أصحابها وهو محروم منها لأنه ضيعها في الدنيا فعندها يندم حيث لا ينفع الندم ويتحسر ويقول حينها يا ليتني قدمت لحياتي فالله الله يا عبد الله اعمل من هذا اليوم قبل أن لا تستطيع العمل.



عباد الله:

ينبغي علينا جميعا أن نتسامح ونعفو عن بعضنا ونصفي قلوبنا في هذه الأيام حتى تقبل أعمالنا ففي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين يوم الأثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا" فلا تحرم نفسك فضل العشر عند الله بسبب بغض قلبك على أخيك المسلم فليسامح كل منا أخاه لعل الله أن يسامحنا ويتقبل منا.



ومن الأعمال الصالحة في هذه العشر ذبح الأضحية يوم العيد فهي سنة أبيكم ابراهيم وفضلها عند الله عظيم قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32] فعلينا تعظيمها في نفوسنا ونفوس أولادنا وأهلينا ويستحب ذبحها بمشهد الأهل والأولاد وغرس معاني هذه الشعيرة في نفوس الأولاد، لأن الأضحية لا تذبح لأجل اللحم وإنما عبادة لله، فمن الجهل أن يعتقد بعض الناس أنها تذبح للحم فبعض الناس لا يشتري الأضحية بحجة أنه لا يحب اللحم وهذا خطأ بل ينبغي غرس معاني الأضحية في نفوس الأهل والأولاد بأنها شعيرة نتقرب بها إلى الله، وأن المقصود هو إنهار الدم ذلك اليوم تقربا لله قال تعالى ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، ومن أراد أن يضحي فعليه أن يمسك عن حلق الشعر وتقليم الأظافر حت يذبح أضحيته.



عباد الله إن من أراد الحج في هذه الأيام فعليه أمور ينبغي عليه فعلها:

أولاً: التوبة إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[التحريم: 8].



ثانياً: أن يطلب العفو ممن ظلمه ويعفو هوعن الناس حتى لا يكون بينه وبين أحد شحناء فيمنع من قبول العمل عند الله كما في الحديث السابق ذكره.



ثالثاً: أداء الحقوق التي عليه والديون الحالة إلا إذا سمحوا له بالذهاب للحج أو عفوا عنه.



رابعاً: يعتبر الحاج مسافر منذ مفارقته لعمران بلده حتى يعود إليه فهو مسافر يترخص برخص السفر وهي قصر الرباعية، والجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء إذا احتاج إلى ذلك، لكن إذا دخل مع إمام مقيم فإنه يتم صلاته اقتداء بإمامه.



خامساً: يجوز للحاج الاغتسال والتنظف وتغيير الإحرام لكن يتجنب المزيلات العطرية حتى لا يقع في المحظور.



سادساً: الحاج في عبادة عظيمة فينبغي له أن يشغل نفسه بما يرضي الله ويتجنب الانشغال بما يلهيه عن ذكر الله مثل الانشغال بالجوال ومواقع التواصل الاجتماعي التي قد تعرضه للإثم من حيث لا يشعر، إما بالنظر إلى الصور المحرمة أو الاستماع إلى ما حرم الله والمسلم ينبغي أن يستبرئ لدينه وعرضه ويبعد نفسه عن مواطن الفتن والله الموفق إلى سواء السبيل.



أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.




أما بعد: عباد الله:

روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) وفي رواية له أيضًا: (من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) هذا فضل عظيم يا عباد الله فالحاج هو ضيف الله فينبغي له أن يكون متذللا لله منكسرا بين يديه فلا يؤذي ضيوف الرحمن لا بلسانه ولا بيده فلا يغتاب مسلما ولا يسب أو يشتم أو يضرب أحدا وعليه الصبر على ما يلقاه من أذى ومشاق في حجه ويحتسب ذلك كله عند الله حتى يتحقق وعد الله له بطهارته من الذنوب فيرجع كيوم ولدته أمه، وينبغي له أن يكثر من ذكر الله والتلبية والدعاء له ولإخوانه المسلمين فإنها من أسباب الإجابةقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل. وفي رواية: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: "آمين ولك بمثل". رواه مسلم.



كذلك عليه أن يحرص على إتمام الحج بأركانه وواجباته ويتجنب سائر المحظورات من لبس المخيط وإزالة الشعر والأظافر وتغطية الراس وبقية المحظرات المفصلة في أحكام الحج وعلى المرأة كذلك تجنب لبس القفازين والبرقع فأنها من المحظورات فمن فعل محظورا جاهلا أو ناسيا أو مكرها أو نائما فلا شيء عليه، ومن فعله متعمدا فلكل قسم من المحظورات فدية حسب ما يناسبه فلا يتسع المجال لذكرها هنا ولكن من أراد الفائدة والتفصيلات فليرجع إلى كتب أهل العلم في مسائل أحكام الحج والعمرة أو يسأل أهل اذكر عن ذلك، والذي ينبغي على الحاج أن يفعله قبل السفر لحجه أن يتفقه في مسائل الحج والعمرة حتى يحج على بصيرة من أمره فاتقوا الله عباد الله وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.





اللياقة البدنية بلسم الصحة للانسان

$
0
0
اللياقة البدنية بلسم الصحة للانسان





نصري محيسن







مهماكانعمرهيستطيعالمرء،منذطفولته،الحفاظعلىصحتهولياقتهالبدنية،إذاوعىأهميةالتمارينالرياضية،وواظبعلىادائهابانتظام،وتزدادفوائدهابنوعيةوكيفيةاختيارهذهالتمارين،بمايناسبالمراحلالعمريةللانسان.
وهنا في موضوعنا هذا سنتتبع المراحل العمرية هذه، والتغيرات التي تطرأ على الجسم في كل مرحلة، ونوعية وكيفية التمارين التي تناسب كلاًمنها.
من سنتين إلى خمس سنوات
ينمو جسم الطفل في هذه المرحلة بسرعة ملحوظة، ويستطيع بالكاد تحمل الثقل المتمثل في وزنه وعضلاته. وأثبتت إحدى الدراسات التي أجراهاالباحثون في قسم علم الحركة في جامعة ميريلاند في واشنطن، أن حبو الطفل وحركاته العشوائية التلقائية، أفضل نشاط عضلي يمكن أن يؤديه فيتلك الفترة.
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال عن مقدار التمرينات التي يجب أن يؤديها الطفل في هذه السن . يقول المختصون إنه لا يجب أن تزيد فترة التمريناتالعشوائية التلقائية عن 15 دقيقة يومياً.
إذاً فما نوعية التمارين التي تناسب الطفل الذي يحبو، أو بالكاد يستطيع المشي على قدميه؟ بروفيسور كريغ وليامز، المدير المساعد لمركز أبحاثصحة وتمارين الأطفال في جامعة اكسيتر يقول: "يولد الطفل ولديه استعداد فطري للتسلق والجري والقفز والتحرك، ولابد أن نسمح له بذلك، بليجب أن نشجعه عليه كخطوة أولى على سلم اللياقة البدنية الدائمة".
وحسبما يرى اختصاصي طب الأطفال الأمريكي, دكتور ايريك سمول، فإن الطفل يمكنه القيام بأنواع أخرى من التمرينات المنظمة التي تناسبهذه المرحلة، كتمرينات الحبو، ورياضات الهواء، و"يوجا" الأطفال، ولكنها ليست ضرورة، كما أن أجسام الصغار لا تستطيع ممارسة الأنشطةالبدنية اللازمة لتقوية وتحسين الحالة الصحية للقلب والأوعية الدموية، كما أنهم ليسوا في حاجة إليها في الأساس . ومن الناحية النفسية، يمكن أنيؤدي الإفراط في ممارسة الأنشطة الرياضية النظامية إلى نتائج عكسية، فطفل الثلاث أو الأربع سنوات يمكن أن يصاب بالملل إذا ألحق بأحدنوادي كرة القدم أو بأي نشاط رياضي رسمي.
من خمس سنوات إلى ثماني عشرة سنة
تلك هي مرحلة التغيرات الهرمونية والنمو السريع، إذ ينمو جسم الطفل الذكر في هذه الفترة بمقدار تسعة سنتيمترات سنوياً، بينما ينمو جسم الفتاةبمقدار ثمانية سنتيمترات.
وعند بلوغ الفتاة سن 12 و13 سنة، يزداد معدل نموها إلى أن يكتمل في الثامنة عشرة، بينما يكتمل نمو الصبي عند بلوغه العشرين.
وللمواظبة على أداء التمرينات الرياضية في هذه السن أهمية كبرى، لما لها من دور فاعل في تحفيز النمو الطبيعي للفتى والفتاة، كما تجنبهماالإصابة بالسمنة عند البلوغ.
ويجب على أطفال الخامسة وحتى الثامنة عشرة، أداء ساعة يومياً من التمرينات المعتدلة، التي تتطلب منهم مجهوداً كبيراً، ولكن لايصل لدرجةالإرهاق.
كما يرى البروفيسور كين فوكس، أستاذ علم وظائف الأعضاء في قسم علم التمرينات والصحة في جامعة بريستول في لندن بالمملكة المتحدة، أنهلا ضرر إذا امتدت هذه الساعة من التمرينات، فبديهياً أن تزداد فترة التمرينات عن الساعة المحددة، لأن كون الطفل غير جالس يعتبر تمريناً فيحد ذاته.
وبخصوص نوعية التمرينات التي تناسب عظاماً لم تصل بعد إلى مرحلة النمو الكامل، فينصح المختصون بممارسة الرياضات المعتدلة، مثلالسباحة، والجري، وركوب الدراجات، التي تعزز النمو الطبيعي للجسم وتقيه مخاطر الإصابة بالسمنة، وضرورة تجنب الرياضات العنيفة مثلرفع الأثقال.
وينصح الآباء باقتناء أحبال القفز وشبكات كرة السلة الصغيرة، وعصي البوجو وكرة البيسبول والكريكيت، في المنازل لتكون في متناول الأطفال.كما يجب على الأهل تشجيع الطفل في سن العاشرة وحتى الثامنة عشرة، ولداً كان أم بنتاً، على المشاركة في المسابقات الرياضية، وممارسةرياضة الجري، وركوب الدراجات.
ولا يجب تهميش دور الرياضة المدرسية، فعلى الجهات المختصة أن تولي اهتماماً أكبر لإشراك التلاميذ من خمس إلى 16 سنة في الأنشطةالرياضية المدرسية مدة لا تقل عن ساعتين أسبوعياً.
وإذا لم تكن للمدرسة اهتمامات بمثل هذه الأنشطة، فعلى والد الطفل، أو الطفلة، منهجة ذلك بصفة شخصية، إذ أثبتت الدراسات أن اتجاهات الأبناءتتأثر كثيراً باتجاهات الآباء.
من ثماني عشرة سنة الى ثلاثين سنة
هذه هي المرحلة العمرية التي يسهل فيها الحفاظ على وزن مثالي، إذ تصل عملية حرق المواد الغذائية لتحويلها إلى طاقة إلى أعلى مستوياتها منالكفاءة، ويتم التخلص من السعرات الحرارية في فترات الراحة وحتى أثناء القيام بنشاط ما.
ولكن من الممكن أن يتعرض الجسم لزيادة منتظمة في الوزن يصعب التخلص منها فيما بعد، ومعروف أن كثافة العظام تصل إلى أعلى مستوياتهابين الخامسة والعشرين، والخامسة والثلاثين، وأن كتلة العضلات تكون في أفضل حالاتها في الخامسة والعشرين، ما يجعل هذه الفترة العمريةالأسهل للحفاظ على الرشاقة واللياقة البدنية.
وينصح الفرد في هذه المرحلة بأداء 30 دقيقة يومياً على الأقل، من التمرينات المعتدلة على مدار خمسة أو ستة أيام أسبوعياً.
ولا يعني ذلك أن هذه هي المدة الكافية للحفاظ على الحالة الصحية للفرد في هذه المرحلة العمرية، بل يجب عليه أداء ثلاث ساعات على الأقلأسبوعياً، من رياضات الهواء التي تنشط عمل القلب والرئتين.
كما يجب ألا يخلو جدول ممارسة الألعاب من تمارين التحمل للمحافظة على كثافة العظام والمرونة.
وتتضمن هذه التمرينات تحريك الجسم على سطح ما، مثلما يحدث أثناء الجري أو أثناء ممارسة ألعاب الهواء، فيؤدي ذلك إلى تقوية العظام،والأوتار، والأربطة، بفعل الضغط الواقع عليها.
ويجدر الإشارة هنا إلى أن التجديف، والسباحة، وركوب الدراجات، لا تندرج تحت هذه النوعية من التمارين.
ولعل الجري، والسباحة، والمشي الخفيف، وركوب الدراجات، من أنسب الرياضات لأبناء هذه المرحلة، كما يمكن ممارسة اليوجا لمزيد منمرونة العضلات.
وإذا لم يكن لديك الوقت للقيام بمثل هذه التمارين يمكنك الوثب الذي ينشط الجهاز الدوري ويقوي العظام والعضلات، كما يؤدي إلى حرق 110سعرات حرارية خلال 10 دقائق.
من سن ثلاثين حتى أربعين سنة
في هذه المرحلة السنية، إذا تكاسل الشخص عن ممارسة نشاط رياضي فسوف يفقد من واحد إلى اثنين في المائة من كتلة العضلات سنوياً بداية منالثلاثين وما بعدها . وعند بلوغ الخامسة والثلاثين سيكون بحاجة إلى 125 سعراً حرارياً يومياً على الأقل.
وتفرز الغدة النخامية في كل من الذكر والأنثى نسبة قليلة من هرمون النمو في تلك المرحلة السنية، مما يؤدي إلى تراجع في نمو العظاموالعضلات. ويتعرض الإنسان في هذه السن إلى آلام المفاصل التي قد تصل إلى التمزق، ويستغرق شفاؤها وقتاً طويلاً.
وأبناء هذه المرحلة العمرية يلزمهم من ساعتين لأربع ساعات أسبوعياً من تمرينات الوزن والقوة، التي يمكن أداؤها في صالة الألعاب الرياضيةأو بالمنزل باستخدام الأحزمة المطاطية، أو برفع عدد كبير من المعلبات أو حتى بالحفر في حديقة المنزل، بالإضافة إلى ساعة أسبوعياً منتمرينات التمدد والمرونة مثل "اليوجا".
أما نوعية التمارين المناسبة للإنسان في هذه السن فتشمل تمارين الأثقال، والتمرينات الهوائية لا تحافظ على الرشاقة فقط، ولكنها أيضاً تساعد فيالمحافظة على كثافة العضلات وصلابتها كما يقول "لويس ساتون"، المحاضر في العلوم الصحية والرياضية في جامعة ليدز ميتروبوليتان.
من سن اربعين حتى خمسين سنة
في هذه السن تضعف العظام وتتدهور أسرع من تكونها، وتفقد النساء واحد في المائة من كتلة العظام سنوياً من سن الأربعين وحتى انقطاعالطمث، الذي يحدث في أواخر الأربعينات أو بداية الخمسينات ويصاحبه عدد من التغيرات الهرمونية التي تسبب زيادة الوزن بمعدل رطل سنوياًحتى انقضاء انقطاعه.
والتغيرات الهرمونية التي تحدث في سن الخمسين في هرمون التستوستيرون وهرمون "دي إتش آي إيه" الذي ينتج بشكل طبيعي من الكولسترولالذي تفرزه الغدد الكظرية للذكور والإناث، والذي يساعد في التحكم في استخدام الطاقة، تبدأ هذه التغيرات في التراجع ما يجعل الحفاظ علىالرشاقة من الأشياء الصعبة، إلا أن الانتظام في أداء التمرينات يساعد في إبطاء وتيرة هذه التغيرات.
أما مقدار التمرينات المناسبة لهذه المرحلة فمن ساعتين لأربع ساعات أسبوعياً من تمرينات الوزن والقوة، وتمرينات تقوية الجهاز الدوري،إضافة إلى ساعة أسبوعياً من تمرينات التمدد والمرونة.
والتمارين المناسبة تشمل التمرينات الهوائية مثل الهرولة التي تحرق الدهون بفعالية كبيرة، لذا احرص على أداء 16 ألف خطوة يومياً مهرولاً .ولو شعرت بألم في المفاصل، استبدل هذه التمرينات بالسباحة أو ركوب الدراجات.
ولا يقلل ذلك من أهمية تمارين الأحمال، إذ أثبتت الدراسات أن رفع 70 في المائة من إجمالي ما تستطيع رفعه مرتين أسبوعياً يقلل من فقدان كتلةالعضلات في هذه السن.
ويمكن أداء مثل هذه التمرينات في صالة الألعاب أو في البيت، حيث يمكن رفع زجاجات مملوءة بالرمال أو بالماء.
من سن خمسين حت ىستين سنة
تبدأ كتلة العضلات في التدهور بداية من سن الخمسين بمعدل خمسة أرطال سنوياً، مما يؤثر سلبياً في الرجال بدرجة أكبر من النساء.
ويستعاض عن العضلات المفقودة بالشحوم مما ينبئ ببداية حقيقية لمتاعب خريف العمر.
كما تتغير لدى السيدات عملية توزيع الشحوم في الجسم بعد فترة انقطاع الطمث، مما يكسب المرأة شكل التفاحة بسبب انتقال الوزن إلى منطقةمحيط الخصر، ما ينتج عنه مخاطر الإصابة بأمراض القلب ويقلل من القدرة على تحمل الجلوكوز.
وللتأكد من عدم وجود مخاطر من هذا القبيل، يمكن وضع شريط قياس حول الخصر، فإذا تعدى القياس 80 سنتيمتراً للنساء و94 للرجال فذلك يعنيأنك في خطر متزايد للإصابة بأمراض القلب والسكري، وإذا تعدى القياس 88 سنتيمتراً للسيدات و102 للرجال فذلك مؤشر على الوصول إلىأقصى درجات الخطر.
أما مقدار التمرينات المناسب لهذه السن فمن ساعتين لأربع ساعات أسبوعياً من تمرينات الوزن والقوة، وتمرينات تقوية الجهاز الدوري، إضافةإلى ساعة أسبوعياً من تمرينات التمدد والمرونة، وتشمل تمارين السرعة والتحمل مثل التنس الأرضي وتنس الريشة، ولعب كرة القدم.
وتعد تمارين الاندفاع وخاصة مع حمل أثقال باليد، ورفع الساقين من شأنه تقوية عضلات الفخذ، مما يساعد على تجنب الإصابة بهشاشة العظام.
من سن الستين فأكثر
كلما تقدم العمر بالإنسان، زادت كميات المياه التي يفقدها البناء الجسماني، والغضاريف التي تحمي المفاصل وتصبح الأنسجة ضعيفة فتزداداحتمالات الإصابة وسهولتها.
وهشاشة العظام حالة مرضية تنكسية يكثر حدوثها في سن الستين وما بعدها، وتحدث عندما تضعف الغضاريف التي تحمي المفاصل، مما يسببانحناءها تجاه بعضها البعض.
ومابين سن السبعين والثمانين، يقل عدد الأنسجة داخل العضلات إلى نصف عددها بالنسبة لخمسيني، مما يعني تدني القدرة على القفز أو أداءالتمرينات الرياضية.
وعند بلوغ الثمانين يقل طول الرجل بمقدار بوصتين بينما تقصر المرأة بمقدار ثلاث بوصات عما كانت عليه وهي ابنة الثلاثينات، والسبب فيذلك تناقص كتلة العظام.
وأظهرت الدراسات أن كبار السن الأكثر مواظبة على ممارسة الرياضة تتمتع أجسامهم بقدر أكبر من المرونة، كما أنهم أقل عرضة لحوادثالسقوط وللإصابة بأمراض قاتلة مثل أمراض القلب والسرطان والسكري، أما مقدار التمرينات المناسب لهذه المرحلة السنية، فيجب الحرص علىأداء 30 دقيقة من النشاط المعتدل، خمسة أيام في الأسبوع.
وإذا كنت تعاني من التهاب المفاصل، فالسباحة من التمارين الرياضية التي تناسبك فالماء بمثابة وسادة قوية واقية للجسم.
وتؤثر حركات الأطراف في مجموعات عضلية مختلفة، لذلك حاول دائماً الجمع بين السباحة للأمام وعلى الصدر وللخلف وكالفراشة.
وتعد تمرينات الوزن أو أنشطة الصلابة مثل تمرينات "بيلاتس" التي تهدف إلى تعزيز قوة الجسم، وزيادة مرونته وإحداث التوازن، الأنسب لتقويةالعظام وللوقاية من هشاشتها.
كما أن أداء التمرينات المنتظمة في الصالات الرياضية طريقة رائعة لضمان عدم المبالغة في أدائها . وتعد تمرينات "تاي تشي" الصينية التي تتمبأداء حركات بدنية بطيئة وهادئة لإحداث حالة من الاسترخاء في الجسم والعقل، ذات تأثير فعال في تحسين مشكلات التوازن المصاحبة للتقدم فيالسن.



عشر حقائق عن إنقاص الوزن الدائم

$
0
0



عشر حقائق عن إنقاص الوزن الدائم










الدكتور مدحت خليل














كنأنتولاتحاولأنتكونغيرك! لقدأتيناكلناإلىالحياةبأجساملهاأحجاموأشكالمختلفة،منهاالجسمالطويلأوالقصير. والجسمالقصيرقديكونممتلئاأوقديكوننحيفا،وهناكجسمعظامهكبيرةوآخرعظامهصغيرة،ويوجدجسمذوأكتافعريضةوأردافضيقة،وجسمآخرتكونأكتافهضيقةوأردافهعريضة.




ويرجع معظم أحجام وأشكال الجسم إلى العوامل الوراثية، على الرغم من أن كل فرد يمكنه تغيير جسمه بدرجة محدودة، عن طريق إنقاص أو زيادة بعض وزنه، إلا أنه، لا يمكن - بأي نظام غذائي أو تحت أي ظرف من الظروف - عمل تغيير كامل للجسم؛ لأن الجسم لم يبن أصلا في بدايته على الشكل الذي قد يريده صاحب الجسم الآن. وهنا بعض الحقائق حول هذا الموضوع:




الحقيقةالأولى:

يمكن للفرد الإقلال من الزيادة في وزن جسمه المتراكمة في أردافه، لكنه لن يستطيع تحويل هذه الأرداف الممتلئة، إلى رشاقة تصل إلى قوام عيدان الكرفس!




الحقيقةالثانية:

إنقاص الدهون: إنقاص الدهون أو إنقاص الوزن! والأدق والأصح علمياً أن تقول: “إنقاص الدهون”، وليس “إنقاص الوزن”، لان تعريف السمنة يرتبط بتراكم الدهون الزائدة في الجسم.

وعادة ما يوصف الرجل بأنه سمين، عندما تمثل الدهون في جسمه أكثر من خمس وزنه، بينما يعتبر جسم المرأة سمينا، عندما يكون أكثر من ربع وزنها دهنا.

ويعبر وزن الجسم عن وزن الدهون والعظام والأنسجة والماء وأعضاء الجسم المختلفة. فمثلا، إن إعطاء مدرات للبول أو ملينات، يؤدي إلى فقدان بعض الماء والسوائل، وبالتالي ينقص وزن الجسم، لكنه في حقيقة الأمر ليس إنقاصا للدهن، إنما هو إنقاص للوزن ناتج عن نقص الماء والسوائل. وكذلك فإن فقدان الكتلة العضلية يؤدي إلى فقدان بعض الوزن، وهذه الحالة أيضا ليست فقدانا للدهن إنما هي فقدان للوزن ناتج عن فقدان بعض الكتلة العضلية.




السلوكالصحي:

الحقيقةالثالثة: السمنة مرض يتعلق بالسلوك الإنساني، وليس النمط الغذائي فقط! والتحكم والسيطرة الدائمة على الوزن ليس نظاما غذائيا سحريا يخلصك من الشحوم والوزن الزائد في عدة أسابيع أو أشهر، إنما هو أسلوب حياة مستمر، يحافظ على الصحة والوزن بصفة دائمة.

ويتطلب التحكم والسيطرة الدائمة على الوزن الجمع بين معالجة الحالة النفسية والسلوكيات المتعلقة بتناول الطعام، وإدراك مدى تقبلك لشكل الجسم، ومدى تأثرك بالوسط والأشخاص المحيطين بك، مع ممارسة النشاط والحركة بانتظام، بالإضافة إلى اختيار أصناف الطعام الصحية.




تحديدالهدف:

الحقيقةالرابعة: تحديد الهدف هو أحد المفاتيح الأساسية لإنقاص الوزن الدائم. والأهداف هذه ثلاثة أنواع: قصيرة المدى (منتهية)، متوسطة المدى، طويلة المدى (مستمرة). ويجب أن يكون هدفك مستمرا، وليس منتهيا. ولا يجب أن يكون هدفك إنقاص بعض الوزن كي تستطيع ارتداء ملابسك لحضور مناسبة معينة.. فهذا مثلا هدف منتهٍ، لكن يجب أن يكون هدفك الصحة واللياقة والمظهر الجيد وإنقاص الوزن الدائم.. فاستمرارية الهدف تضمن لك أقصى نسبة من النجاح، وتجنبك مخاطر النكوص بعد تحقيق الهدف.




التأجيلوالتسويف:

الحقيقةالخامسة: حاذر من التأجيل والتسويف، لأن التأجيل والتسويف عادة قابلة للتكرار، والمسوف يعشق كلمة (فيما بعد) ويسجل أرقاما قياسية في قول «سأفعل»، ويبدع في استدعاء الحجج والمبررات التي تمنعه من القيام بعمله، واستدعاء الشيء وضده في الوقت ذاته. تراه يقول: «لا بد من البدء في إنقاص وزني بجدية وإصرار»، ويقول في موضع آخر: «حالتي لا تسمح الآن بإنقاص وزني.. الأمر يسترعي الاسترخاء والراحة والمزيد من الطعام!!».




إغراءاتالطعام:

الحقيقةالسادسة: كيف تحصن نفسك ضد إغراءات الطعام؟

عندما تشعر بالرغبة الملحة والتوق الشديد لتناول الطعام، احرص على الامتناع عن تناول الطعام لمدة 10 - 15 دقيقة، لأن الرغبة في تناول الطعام تقل بعد هذه المدة، كما يجب الابتعاد عن التفكير في الطعام والحرص على الانشغال في نشاط آخر ليس له علاقة بتناول الطعام، مثل أخذ حمام دافئ، أو القيام بتنظيف المنزل، أو حتى الاستماع إلى الموسيقى أو قراءة كتاب. المهم ألا يرتبط هذا النشاط بتناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، احرص على تقرير كمية الطعام المناسبة كي تتناولها. وتناول الطعام ببطء، وتلذذ بكل قضمة مع عدم الشعور بالذنب أو الهزيمة، إذا استسلمت لإغراء الطعام، لأن ذلك قد يؤثر في أكثر الأشخاص إرادة.




لهفةالشوكولاته:

الحقيقةالسابعة: تعلم تناول الشوكولاته دون الشعور بالذنب. والشوكولاتة من أكثر أنواع الطعام شيوعا التي تؤدي إلى اللهفة على تناولها، وعدم القدرة على التخلص من تناولها بسهولة، والشعور بالذنب. لذا يمكن تطبيق الاستراتيجية التالية لتناول الشوكولاتة دون الشعور بالذنب، وفى الوقت نفسه تناولها بطريقة صحية:

تناول الخروب بديلا من الشوكولاته.

عدم شراء الشوكولاته عند الذهاب للتسوق.

الحرص على شراء العبوات الصغيرة.

الحرص على وضع الشوكولاته في أماكن يصعب عليك الوصول إليها بسهولة.

تجنب تناول الشوكولاته أثناء الشعور بالجوع لأن ذلك يزيد من الشوق واللهفة إلى تناولها.

تناول الشوكولاته بعد الانتهاء من تناول الوجبة الرئيسية (بنحو خمس عشرة دقيقة) يحد من الرغبة في تناولها فيما بعد.

تناول قطعة من الشوكولاته الخام الداكنة (تحتوى على سعرات أقل ومذاقها أقوى)، بدلا من البسكويت المغطى بالشوكولاته أو الحليب الممزوج بالشوكولاته.

تناول قطعة من حلوى الشوكولاتة (80 سعرة حرارية) أو نصف فنجان من لبن الشوكولاته المثلج منزوع الدسم (100 سعرة حرارية)، مع فنجان من شرائح الفراولة (20 سعرة حرارية)، بدلا من تناول الآيس كريم بنكهة الشوكولاته.

امزج نصف كوب من حليب الشوكولاته منزوع الدسم مع المياه الغازية الدايت.

استخدم مبشور الشوكولاته على الحليب منزوع الدسم (تحتوي الملعقة الصغيرة من مبشور الشوكولاته على 20 سعرة حرارية).




سلوكياتخاطئة:




الحقيقةالثامنة:

تجنب السلوكيات الخاطئة المتعلقة بتناول الطعام. ويشمل ذلك تجنب:

تناول الطعام بسرعة (في العجلة البدانة وفي التأني الرشاقة).

تناول تقديم كميات الطعام الكبيرة، إذ أكدت الدراسات العلمية أن المبالغة في وضع كميات كبيرة من الطعام على المائدة أو تناول الطعام من أواني الطهي أو الآنية كبيرة الحجم يؤدي إلى زيادة الشراهة لتناول الطعام، وعدم الشعور بالشبع، وتناول كميات كبيرة من الطعام دون وعي أو استمتاع).

الحرص على تناول الطعام المتبقي في الصحن، فقد أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من البدانة يحرصون دائما على تناول الوجبة المقدمة إليهم بالكامل، والتهام ما تبقى من الطعام في الطبق، وأنهم يأكلون هذه الكميات الإضافية من الطعام، على الرغم من شعورهم بالشبع، لذلك فهم يلجأون إلى إزالة المتبقي من الطعام تحت مسميات «العادة فقط».

القيام بأعمال أخرى أثناء تناول الطعام، حتى لو كان مجرد مشاهدة التلفاز أو القراءة أو إجراء محادثة هاتفية، لأن المخ في هذه الحالة يربط بين تناول الطعام والنشاط الذي تقوم به.

تناول الطعام أثناء تحضير أو تقديم الطعام. وهذه إحدى العادات السيئة التي نحرص عليها أحيانا، وتتسبب في تناول كميات إضافية من السعرات الحرارية لا ندركها.

تناول الطعام في أكثر من حجرة بالمنزل، وبالتالي فأنت تتناول الطعام أثناء تجوالك بالمنزل من غرفة إلى غرفة، وتحرص على تناول الطعام هنا وهناك، لذا نجد أن البدناء يحرصون على الاحتفاظ ببعض الطعام في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة النوم وفى الحمام أحيانا.

تناول الطعام في أوقات متأخرة من الليل، مما يؤدى إلى تكدس السعرات الحرارية لانخفاض معدلات حرق الطاقة بالليل وأثناء النوم.

الاستغناء عن إحدى الوجبات اليومية، وهي إحدى العادات السيئة جدا التي تتعارض مع الرشاقة، لأن ذلك يزيد من تأثير الجوع، بدرجة تسبب زيادة كمية الطعام المتناولة في الوجبة التالية.

المبالغة في تناول الطعام أثناء المناسبات الاجتماعية واللقاءات المستمرة للأهل والأصدقاء في مطاعم الوجبات السريعة، لتناول وجباتها الممتلئة بالدهون، وهذه المناسبات تمثل تأثيرات وضغوطا اجتماعية تغير من النظام الغذائي الذي تتبعه وتحرص على استمراره.




بدعغذائية:

الحقيقةالتاسعة: حاذر من البدع الغذائية الضارة بالجسم، إذ ومع أهمية مقاومة السمنة وضرورة تحقيق الرشاقة، يجب تفادي ظاهرة بدع الريجيم الخاطئة الضارة بالجسم.

وإحدى البدع الغذائية للريجيم الضار تتضمن ضرورة الفصل بين الكربوهيدرات والبروتينات والدهون تحقيقا للرجيم والرشاقة. وهذه البدع لا تقوم على أي أساس علمي، لأن الأغذية الطبيعية تحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات والدهون معا في تركيب المادة الغذائية الواحدة نفسها، لكن بنسب متفاوتة، كما أن العمليات الحيوية للتمثيل الغذائي للمكونات الغذائية الثلاثة، تتوافق فيما بينها في تداخل محكم متوافق، لتحقق للجسم أعلى استفادة غذائية. فالغلوكوز (الناتج النهائي لهضم الكربوهيدرات) والأحماض الدهنية (الناتج النهائي لهضم الدهون) والأحماض الأمينية (الناتج النهائي لهضم البروتينات)، تدخل المسار الحيوي الذي ينتج الطاقة التي يحتاجها الجسم.

الريجيم الذي يؤدي إلى تذبذب وزن الجسم بالزيادة والنقصان يطلق عليه خبراء التغذية «ريجيم اليويو». وقد حذرت الدراسات العلمية من خطورة هذا الريجيم، نتيجة زيادة تعرض الجسم للإصابة بأمراض القلب، بدرجة تفوق ما قد يتعرض له الجسم السمين ذو الوزن الثابت تقريبا، كما يؤدي «ريجيم اليويو» إلى المزيد من مقاومة الجسم لإنقاص الوزن، لذا يوصي خبراء التغذية ألا تقل كمية المواد الغذائية في الوجبات اليومية عن الحد الذي يوفر للجسم نحو 1200 سعرة حرارية، ما لم يكن هناك إشراف طبي دقيق.

مثلاً إن ريجيم الوجبات الغذائية الغنية بالبروتينات والمنخفضة في نسبة الكربوهيدرات، ضار بالجسم، فبعد نحو ساعتين ونصف الساعة من تناول هذه الوجبات يتحول البروتين إلى غلوكوز من أجل توفير احتياجات المخ، ومع الاستمرار في هذا الريجيم يلجأ الجسم إلى عملياته الحيوية التي تعمل على تكسير عضلاته (مكوناتها الأساسية هو البروتين)، وبالتالي يفقد الجسم عضلاته، وتظهر عليه علامات الضعف والتعب العام، كما أن الكتلة العضلية في الجسم تعتبر بمثابة ماكينة حرق سعرات طاقة المواد الغذائية، مما يتسبب في اتجاه الجسم إلى تخزين معظم الطاقة التي يحصل عليها من أغذية أخرى في صورة دهون، فيزداد وزنه مرة أخرى بعد أن نقص بصورة كبيرة في أول الأمر. وبالتالي يصاب الجسم بالضعف العام وزيادة الدهون وضعف العضلات ومقاومة إنقاص الوزن مرة أخرى.




الحقيقةالعاشرة:

إحذر الرجيم الذي يأكل جسمك.

يجب احتواء وجبات الرجيم على الكميات الضرورية من الفيتامينات والمعادن في حدود الاحتياجات القياسية والمحددة منها يوميا. والهدف من ذلك تفادي أضرار نقص وجودها، حتى لا يبدأ الجسم في استهلاك ما يوجد منها في أنسجته ومكونات أعضائه الداخلية، وهو وضع ضار توصف خطورته بأن الجسم بدأ يأكل نفسه.

ونظرا لعدم وجود جميع هذه الفيتامينات والمعادن في مادة غذائية واحدة، فإن الوجبات اليومية يجب أن تعتمد على التنوع والاعتدال في ما تحتويه من أغذية طبيعية، لضمان حصول الجسم على احتياجاته الضرورية من الفيتامينات والمعادن. وبالتالي تظهر خطورة بدع الريجيم التي تحرم الجسم من تناول أغذية معينة، فيتعرض للإصابة بأضرار نقصها.

وقبل أن تأكل أي وجبة رجيم لا تبحث فقط عما تعطيه من سعرات حرارية منخفضة، وما تحدثه من نقص في وزن الجسم، بل يجب التأكد من احتوائها على الفيتامينات والمعادن والمغذيات الرئيسية من الدهون والبروتينات والكربوهيدرات والألياف، حتى لا تبدأ في أكل جسمك.




Viewing all 1343 articles
Browse latest View live