September 6, 2016, 1:36 pm
مكونات الجسم البشري وحكمة الخالق
أ. عاهد الخطيب
خلق الله الإنسانَ في أحسن تقويم، وواحدة من حِكَمه التي لا تُحصى في خَلق أجسامنا على ما هي عليه من هيئةٍ وما لها من خصائص - أنَّه جعل متوسِّط كثافتها قريبًا من كثافة الماء؛ لكي نتمكَّن من العوم بقليل مِن الجهد كالعديد من مخلوقاته الأخرى التي تجيد السِّباحة بالفطرة، ولا نغرق بسهولة كما يَحصل للمواد ذات الكثافة العالية؛ كالحجارة والمعادن، فمعدَّل كثافة الجسد البشري أعلى بقليل مِن كثافة الماء، وتقلُّ كثافة جسم الإنسان كلَّما ازدادت بدانَتُه؛ لأنَّ الشحوم أو الدهون هي الأقل كثافة من بين المكونات العديدة لأجسامنا، فهي أقل بعشرة في المائة من كثافة الماء، بينما الباقي مقاربة أو تزيد عن كثافة الماء؛ كما هو حال العظام التي هي أعلى المكونات كثافة.
تزيد كثافة جسم الإنسان العادي غير البدين بمقدار 5 % إلى 8 % عن كثافة الماء، بينما قد لا تتعدَّى هذه الزيادة 1 % إلى 2 % للشخص السَّمين؛ ولهذا السَّبب فإنَّ أعلى الطرق دقَّة لقياس مستوى الدهون في جسم الإنسان هي بقياس معدَّل كثافته، ويتم ذلك بمراكز متخصصة لهذا الغرض.
وبما أنَّ شكل الجسم غير منتظم، يصعب حساب حجمه بدقَّة لاستخراج معدل كثافته بمعادلة رياضية بسيطة، فيلجأ لطريقة الغَطس وغمر الجِسم بالكامل في الماء، ويطلب من الشخص المعنيِّ إخراج أقصى ما يستطيعه من هواء رئتيه لفترة وجيزة يمكن احتمالها؛ للحصول على أفضل نتيجة ممكنه، ثمَّ يحسب حجمَ الماء المزاح المساوي لحجم الجسم لاستخراج كثافة جسم الإنسان؛ وبناء عليه يتمُّ تحديد نِسبة الدهون فيه بدقَّة قد تصِل إلى حوالي 97 %، فكلَّما قلَّت الكثافة ارتفعتْ نسبة الدهون بطبيعة الحال؛ وهذا مؤشِّر صحِّي غير جيد.
بما أنَّ هذه الطريقة صَعبة ومكلِّفة لقياس نِسبة الدهون في جسدك - وإن كانت ضروريَّة في بعض الحالات التي تَستدعي الدقَّة لأغراض طبيَّة - فهناك طريقة بَديلة وسَهلة، أقل دقَّة من سابقتها لمعرفة وَضْعك التقريبي؛ من حيث البَدانةُ ونسبة الدهون الضارَّة المتراكمة في جسدك؛ وهو ما يُعرف بمؤشِّر كتلة الجسم الذي يتطلَّب حسابُه منك فقط معرفةَ طولك ووزنك، ثمَّ تحسب قيمة هذا المؤشِّر بقسمة وزنك بالكيلوجرام على مربَّع طولك بالمتر.
♦ فإذا كان الرقم أكبر من 30 فأنت تُعاني من بداية سِمنه، وزيادة في الوزن تتطلَّب منك بذل مجهودٍ والعناية بغذائك للتنحيف.
♦ أما إذا كان هذا المؤشِّر أكبر من 40؛ فسِمنتك مفرِطة للغاية، وبحاجة إلى علاج فوري.
♦ أمَّا إن جاء المؤشر دون 18؛ فجسدك نَحيل أكثر من اللازم، وبحاجة لزيادة وَزنك.
وإليك مثالاً توضيحيًّا لحساب المؤشِّر:
♦ وزنك 80 كجم وطولك 172 سم؛ فإنَّ مؤشر الكتلة لجسمك هو 27؛ إذًا لديك زيادة في الوزن لا تصِل إلى حدِّ السمنة، فاحذر من زيادة إضافية.
↧
September 6, 2016, 1:40 pm
نقطة الهاشمي لشبع المعدة
الدكتور محمد الهاشمي
أهممايفسدحميةمريضالسمنةهوشعورهبالجوعوالحرمان،ومنثميقبلعلىالطعامبشراهةكبيرةتزيدوزنهأكثرمماكانعليه. ولكنهذاكانقبلعام 2008.
ففي ذلك العام، وبعد دراسات علمية عديدة، اكتشفت نقطة شبع المعدة وأطلقت عليها elhashemy stomach satiety spot . ولم يأتِ هذا الاكتشاف من فراغ فقبل ذلك بأعوام، اكتشف فريق من علماء جامعه نيويورك، وعلى رأسهم بروفيسور “وانج”، أن عضلات المعدة عندما تتمدد في نهاية وجبه الطعام، فإنها تنشط جذور العصب الحائر الذي يصل بين المعدة وبين مركز الشبع في المخ. هذا التنشيط يتسبب في إرسال إشارات الشبع من المعدة إلى المخ، فيؤدي إلى الشعور بالشبع والامتلاء فيتوقف الإنسان عن تناول الطعام ويكتفي بما أكله .
واكتشف فريق آخر من العلماء أن جذور هذا العصب الحائر تتركز في منطقه في اعلى المعدة، ولكنهم لم يكتشفوا وظيفة هذه الجذور. ولما كان من المعروف فيسيولوجيا أن الأطعمة الصلبة تحقق قدرا أكبر من الشبع، مقارنة بالأطعمة السائلة، أفادت نتائج الدراسات التي قمت بها بأن منطقه أعلى المعدة، وتسمي في الطب gastric fundus، لا بد وأن يكون بها مركز الشبع في المعدة، وبناء عليه أعلنتُ في 27 يونيه عام 2008 عن اكتشاف نقطه شبع المعدة، وأسميتها نقطة الهاشمي لشبع المعدة.
بعدها تطرقت في دراساتي العلمية إلى البحث عن أفضل وسائل إحداث الشبع السريع، من دون تناول كميات كبيرة من الطعام، فأظهرت النتائج أن تناول بضع حبات من المكسرات وأفضلها اللوز (ثلاث حبات) أو الفول السوداني (خمس حبات) يؤدي إلى إحداث شبع بسيط في المعدة بشرط عدم تناول سوائل أو طعام آخر لمدة نصف ساعة بعدها علي الأقل، فأطلقت عليها “لقيمات اللوز”. وبتكرار تناول هذه اللقيمات من اللوز أو الفول السوداني كل نصف ساعة، أو كل ساعة، ولمده 3-5 ساعات أثبتت نتائج الدراسات أن هذا الشبع يصبح أقوى، وأن الإنسان يستطيع عندئذ التحكم في وجبته المفرحة (حسب رجيم اللقيمات) ولن يشعر بالحاجة لافتراس الطعام الذي أمامه.
بعد نجاح تطبيق نظام الشبع أو “لقيمات اللوز” اتبعها العديد من أطباء التغذية وعلاج السمنة، معتقدين أن تناول المريض لثلاث حبات من اللوز عدة مرات قبل الوجبة الرئيسية يصيبه بالشبع لاحتواء اللوز على دهون أوميجا 3، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن ثلاث حبات لوز بها كمية أوميجا 3 أقل من 1%، مما في كبسولة الأوميجا 3، وهذه الكبسولة إذا تناولها المريض قبل الوجبات لن تشبع المعدة. إذًا السبب في الشعور بالشبع ليس دهون الأوميجا 3، وإنما التأثير الفيزيائي لحبات اللوز، لأنها صلبه فتنشط نقطة الهاشمي لشبع المعدة.
وهذه الطريقة “لقيمات اللوز” تعني أننا نستطيع إشباع المعدة بنسبة 50% على الأقل قبل الوجبة الرئيسية، من دون تناول طعام، مما يساعد على الإقلال من كمية الوجبة الرئيسية، وبالتالي تتناقص السعرات الحرارية الداخلة إلى جسم الإنسان، وبالتالي تساعد على تناقص الوزن بصفة مستمرة .
إن مئات البدناء الذين اتبعوا هذه الطريقة، منذ عام 2005 إلى يومنا هذا، نقصت أوزانهم بمعدل لا يقل عن 33 كيلو في أول 33 أسبوعاً، بل وصل بعضهم من مفرطي السمنة إلى إنقاص 60 كيلو من وزنهم في أول عام (52 أسبوعاً) وهذا يدل على نجاح لم يصل إليه أي رجيم عالمي أو دواء لإحداث الشبع .
↧
↧
September 6, 2016, 1:42 pm
تغير لون الأسنان: الأسباب و العلاج
د. أحمد أبو رضوان
لقد حبا الله سبحانه وتعالى الأسنان بلون أبيض جميل يضفي على الأسنان البيضاء والمتراصة بشكل طبيعي ابتسامة جميلة وراحة نفسية، و تختلف ألوان الأسنان منشخص لآخر و من منطقة إلى منطقة و من قارة إلى قارة في العالم.
الأسبابالأساسيةفيتغييرلونالأسنان:
1- مرض تسوس الأسنان:
إن لون التسوس في الأسنان يتراوح ما بين اللون البني والأسود أو الطباشيري وذلك حسب درجة تسوس الأسنان.
2- التدخين وآثاره على الأسنان:
إن الأصناف المتعددة الموجودة في الأسواق من التبغ مثل– السيجارة – والأرجيلة – والغليون – والسيجار وما يحتويه الدخان مننيكوتين و قطران و تركيبات كيماوية خطيرة أخرى تؤثر تأثيرا مباشرا على الأسنان و يعمل على تلونها باللون القاتم مما يضفي على الأسنان لونا غير مقبول.
3- إن كثرة تناول الشاي و القهوة والكاكاو و البيبسي يلون الأسنان من اللون الأبيض إلى اللون الأسود أو البني أو الأصفر القاتم.
4- تناول العقاقير و المضادات الحيوية مثل التتراسيكلين:
إذا تناولت المرأة الحامل هذ ا المضاد في المراحل الأولى من الحمل يؤدي الى تلون أسنان الطفل إلى اللونالبني أو الرمادي وذلك نتيجة ترسب هذا العقار عند عملية تكوين السن.
5- إن الاستخدام المتواصل لغسول الفم الذي يحتوي على مادة الهكساتيدين يلون الاسنان الى اللون القاتم.
6- الفلورايد:
إن تناول جرعة كبيرة من هذه المادة يؤدي على المدى البعيد إلى تغير لون الأسنان إلى اللون الأبيض الطباشيري أو اللون البني.
7- تموت لب السن أوعصب السن :
ويحدث ذلك في حالات تعرض السن إلى حادث أو ضربة مفاجئة أو رضة أو تعرض السن الى قوة خارجية تؤثر على عصبالسن ما يغير لونه تدريجيا إلى اللون البني او الاسود.
8 - سوء تكون السن:
إن سوء تكون السن يعتبر من العيوب الخلقية التي تحدث في مرحلة تكوين السن مما يؤثر على لون المينا و العاج معا مما يؤدي إلى تلون الأسنان.
9- إن وصول مرض تسوس الأسنان إلى حجرة العصب و حدوث ألم شديد جدا مما يضطر طبيب الأسنان إلى إجراء استئصال لعصب السن المسبب وهذا يغير لونالسن مع الوقت إلى الداكن ويجعله هشا.
10- توجد نظرية سنية تقول إن السن يفقد لونه تلقائيا بدون أي من الأسباب المذكورة أعلاه ويتم امتصاص عصب السن دون وجود أي مرض في السن مما يؤثر على عمر السن ويعطيه لونا داكنا.
العلاج:
1- إمكانية إزالة الصبغات الخارجية بغض النظر عن لونها و ذلك في عيادة طبيب الأسنان مع صقل و تلميع الأسنان جميعها.
2- إمكانية إجراء حشوات تجميلية للأسنان.
3- إمكانية تلبيس الأسنان حسب اللون المنشود بواسطة تلابيس خاصة جميلة وذلك يتم بالتعاون بين طبيب الأسنان في العيادة و مختبر الأسنان حيث يختار الشخصاللون الذي يرغب.او اللون الانسب لباقى الاسنان.
4- إمكانية تبييض الأسنان بواسطة الليزر.
↧
September 6, 2016, 1:46 pm
تأثير العلاح الحركي على أجهزة الجسم
طاقم الطبي
العلاج الحركي أو المعالجة الحركية هي احد وسائل العلاج الطبيعي وتعني الإستخدام العلمي لحركات الجسم وشتى الوسائل المختلفة المبنية على أسس علم التشريح والفسيولوجيا والعلوم التربوية والنفسية لأغراض وقائية وعلاجية بهدف ألمحافظة على العمل الوظيفي وإعادة تأهيل النسيج قبل وأثناء وبعد الإصابة وبذلك فإن العلاج الحركي يعتمد وسيلة هي الأكثر فعالية بين وسائل القوى الطبيعية ( الحركة) من أجل الوقاية والعلاج والتأهيل عند الاصابة والمرض أو الاعاقة.
يعد العلاج الحركي من أكثر وسائل العلاج الطبيعي فعالية إذا ما استخدم بشكل منظم ودقيق وبتوافق مع الخلل الوظيفي للجسم ، حيث يعتمد العلاج الحركي التوافقات النسيجية لأجهزة الجسم كافة ويعتمد على مفاهيم علم الحركة وقوانينه في بناء الأنظمه العلاجية لاستعادة وتجديد الوظائف الحركية والوصول إلى حالة ما قبل الاصابة أو المرض وتحديد مضاعفات الإعاقة .
الجهاز العصبي والتعلم الحركي:
نتيجة لعملية التعلم الحركي تظهر بعض التغييرات الوظيفية تعبر عن تكيف الجهاز العصبي إذ يظهر عند ذلك تأثير إيجابي ينعكس على تحسين عمليات الإستثارة والكف للقشرة الدماغية المخية، وهذا ينعكس على العمليات العصبية بقوتها ومرونتها ويمكن توضيح ذلك في المثال الآتي :
إن المراحل التي تمر بها عملية تعلم الحركة كما يراها بعض العلماء هي ثلاث مراحل اساسية ترتبط فيما بينها وتؤثر واحدة في الأخرى وتتأثر بها وهي:
أ. مرحلة اكتساب التوافق الأولي للحركة.
ب. مرحلة اكتساب التوافق الجيد للحركة (الكف).
ج. مرحلة إتقان وتثبيت الحركة (الإستثارة، والكف).
ففي المرحلة (أ) الأداء الحركي صعباً لاشتراك عضلات غير مطلوب اشتراكها مما يجعل الأداء الحركي متوتراً وبذلك يحتاج إلى طاقة إضافية.
أما في المرحلة (ب) يتم التخلص من التوتر العضلي الزائد والحركات الجانبية ويأخذ الأداء المهاري الحركي في التحسن تدريجياً وتصحيح الأخطاء من خلال عمليات التعلم المنظم.
وفي المرحلة (ج) الأخيرة يتم التوازن بين الإستثارة والكف، وعن طريق التدريب على أداء الحركة تحت مختلف الظروف يمكن إتقان أداء الفرد للحركة مع الإقتصاد بالجهد والتناسق بين حركات الجسم ونشاط الأعضاء الداخلية.
إن أداء الحركات يعتمد بشكل كبير على التغذية الراجعة، وتشير إلى أثر المثيرات الناتجة من الإستجابات الحركية في أداء الإستجابات اللاحقة، كنتيجة طبيعية لحركة الإنسان، فعندما يحرك يديه فإن معلومات خاصة بهذه الحركة تأتيه من عضلات ومفاصل اليد وهذه المعلومات آتية من العينين وربما من مصادر أخرى، سوف تصل عن هذه الحركة، وهذا النوع من التغذية الراجعة يحدث كاستجابة طبيعية للجسم وليس كمعلومات أو إثارات خارجية صادرة من البيئة الخارجية.
تأثيرات المعالجة الحركية :
تؤدي المواظبة على الحركة، الى تأثيرات خاصة في الجهاز الحركي، والى تأثيرات في أجهزة أخرى خاصة في الجهازين القلبي الوعائي والتنفسي، وذلك بحكم علاقتها الوظيفية المترابطة. وتوافق هذه التأثيرات بشكل عام التأثيرات المعروفة للتدريب الرياضي ولو أنها أقل وضوحا.
تأثيراتالتدريبالرياضيعلىالعضلاتالهيكلية :
زيادة حجم العضلات نتيجة للتدريب. -
زيادة سمك وقوة الغشاء المغلف للألياف العضلية. -
زيادة مطاطية وطول الألياف العضلية مما يساعد على إنتاج قوة عضلية أكبر. -
- سرعة العمليات الكيميائية داخل العضلة مما يساعد على زيادة كمية المواد المنتجة للطاقة مثل الفسفوكرياتين والهيموجلويين وبالتالي يصبح العمل العضلي بكفاءة أفضل ولمدة أطول.
تكتسب العضلات لدى الفرد الرياضي صفة الجلد العضلي. -
- الفرد الرياضي لديه القدرة على إشراك أكبر عدد من الألياف العضلية في العمل العضلي وبالتالي تزداد القوة الناتجة.
- يسهل مرور إشارات العصبية خلال نهاية العصب الحركي في الليفة العضلية المدربة عنها في غير المدربة.
- زيادة التوعية الشعرية في العضلات.
تأثيراتالتدريبعلىالجهازالعظمي :
- زيادة مرونة المفاصل وتقوية الأربطة وبذلك يعمل المفصل بكفاءة.
- تثبيت المادة الأساسية للعظام أو الغضاريف والأنسجة الضامة من خلال زيادة تركيز الكالسيوم في العظم.
- تحريض النمو العرضي للعظم (زيادة القطر العرضي للعظم).
- زيادة تأقلم تركيبات العظم والمفصل الشكلانية مع المتطلبات الوظيفية الزائدة.
- تقوية وتثبيت أماكن ارتكاز العضلات على العظم.
تأثيراتالتدريبالرياضيعلىالدم :
- زيادة عدد كريات الدم الحمراء وحجم الدم :
خلال فترة الراحة تكون عدد كريات الدم الحمراء من ( 4 – 5 ) مليون كرية في كل (1) ملم3 من الدم ، وأثناء الجهد البدني تزداد عدد الكريات الدم الحمراء بمقدار ( 1 ) مليون كريه كل (1) ملم3 من الدم
- زيادة عدد كريات الدم البيضاء أثناء الجهد البدني :
خلال فترات الراحة تكون عدد كريات الدم البيضاء حوالي من ( 6 – 8 ) ألف كرية كل (1) ملم3 من الدم ونتيجة للجهد البدني تحدث زيادة في عدد كريات الدم البيضاء إلى (15-30) ألف كريه كل (1) ملم3 من الدم ثم تعود إلى وضعها الطبيعي بعد حوالي (48) ساعة
- زيادة عدد الصفائح الدموية أثناء الجهد البدني :
خلال فترة الراحة يكون عدد الصفائح الدموية حوالي 250 ألف صفيحة دموية كل ( 1 ) ملم 3 من الدم ، ونتيجة الجهد البدني تحدث زيادة في عدد الصفائح الدموية من ( 2 – 4 ) أضعاف حالتها في خلال فترة الراحة.
- زيادة كمية سكر الكلوكوز في الدم أثناء الجهد البدني :
خلال فترة الراحة تكون كمية الكلوكوز بالدم من ( 80 –120) ملغم كل 100سم3 من الدم وخلال الجهد البدني ترتفع إلى أكثر من (160) ملغم كل 100سم3 من الدم إلا أنه بعد استمرار الجهد بشكل متواصل لأكثر من ( 30 ) دقيقة تهبط هذه الكمية نتيجة لكثرة إستهلاك الكلوكوز والكلايكوجين أثناء الجهد البدني.
- زيادة كمية حامض اللاكتيك في العضلات والدم.
- زيادة السعة الدارئة للدم.
- زيادة الفعالية الحالة للشحوم.
- ارتفاع الفارق بين الأكسجين الشرياني والوريدي أثناء الراحة، مقارنة مع غير المتدريبن.
تأثيراتالتدريبالرياضيعلىالقلبوالدورةالدموية :
- زيادة حجم عضلة القلب وبالتالي تزداد قوتها وذلك لزيادة حجم الألياف القلبية وليس عددها.
- حجم القلب أثناء الإنقباض مع المجهود أصغر من انقباضه أثناء الراحة ويرجع ذلك نتيجة تنبيه العصب السمبثاوي للدورة الدموية أثناء المجهود وكذلك مدى ما يسحب من كمية الدم الإحتياطي.
- زيادة سعة القلب وسمك عضلته وحجراته.
- زيادة كمية الدم المدفوعة في كل دقة وكل دقيقة.
- يقل معدل النبض في الشخص المدرب عنه في الشخص غير المدرب كما أن سرعة النبض تعود لحالتها الطبيعية أسرع لدى الشخص المدرب عن الشخص غير المدرب.
- الزيادة في ضغط الدم.
- زيادة عدد الشعيرات الدموية المغذية للعضلات حتى تواجه الزيادة في حجم القلب.
تأثيراتالتدريبالرياضيعلىالجهازالتنفسي :
- زيادة السعة الحيوية للفرد وتكون السعة الحيوية للرئتين لدى الفرد الرياضي أكبر منها لدى الفرد غير الرياضي حيث تبلغ لدى الرياضيين حوالي 8 لتر في حين لدى الفرد غير الرياضي حيث تبلغ لدى الرياضيين من 3 إلى 4 لتر.
ـ تقوية عضلات التنفس وأهمها عضلة الحجاب الحاجز وعضلات ما بين الضلوع.
ـ زيادة معدل التنفس في الدقيقة لدى الرياضيين عنها لدى غير الرياضيين حتى يمكن إمداد الجسم والعضلات بكمية أكبر من الأكسجين.
ـ سرعة التخلص من الغازات والعضلات المتراكمة في العضلة نتيجة العمل العضلي وبالتالي يساعد ذلك على زيادة العمل العضلي والإستمرار فيه.
ـ زيادة عدد الحويصلات الهوائية المشتركة في عملية تبادل الغازات بين الدم والرئتين وبالتالي تزاد المساحة التي يتعرض فيها الدم للأكسجين.
تأثيراتالتدريبالرياضيعلىالجهازالعصبيالمركزي :
سرعة الإستجابة الداعية للمثير سرعة رد الفعل. -
ـ اكتساب الفرد الرياضي للتوافق الحركي والتوافق العضلي العصبي ويعني الإستجابة الجيدة بين الإشارة العصبية والعمل العضلي.
ـ اكتساب التوقيت الحركي السليم ويعني التكوين الديناميكي للحركة ويساعد على الإقتصاد في المجهود وعدم إشراك مجموعات عضلية أكثر من المطلوب.
ـ تحقيق التوازن بين عمليات الكف والإستثارة.
ـ اكتساب الإحساس الجيد للحركة.
ـ سهولة مرور الإشارات العصبية من المراكز العصبية إلى العضلات والعكس.
قلة الحركة :
يمكن النظر الى قلة الحركة على أنها متلازمة، تؤهب للكثير من الأمراض ومن آثارها :
- قصور الوضعة.
زيادة الوزن. -
- نقص الإستطاعة القلبية وعدم الإقتصادية في عمل القلب.
- فرط الفعالية الودية الأدرنالية.
- انعدام التوازن النفسي والعاطفي.
* لتعرف اكثر عن الموضوع تحدث مع طبيب الان .
المصادر :
المراجع:
http://emedicine.medscape.com/article/324583-overview http://blog.iraqacad.org
http://bialabanat.ahlamontada.net
http://kenanaonline.com
كتاب مدخل في الطب الفيزيائي والتأهيل.
↧
September 6, 2016, 1:48 pm
صدمة التقنية
علي بن حسين بن أحمد فقيهي
بوح القلم
(تأملات في النفس والكون والواقع والحياة)
جذور الانحراف: صدمة التقنية
• في قريتي الصغيرة ومدينتي النائية، وقبل دخولي للمدرسة، كنت أسمع همسات الكبارِ، وهَمْهمات الشباب للالتقاء والاجتماع في نهاية الأسبوع عند أحد الجيران الذي يملك تلفازًا صغيرًا بشاشة سوداءَ؛ لمشاهدة المغنية الفاتنة، والفنانة الجاذبة، التي قلما تجد بيتًا في القرية - بل في المدينة - إلا وقد تسمَّى باسمها، وخلَّد ذكرها؛ لتكون سميرة العائلة، ووردة الأسرة.
• مع بداية القرن الهجري الجديد راجت ثقافة الكاسيت، وأخذت في التوسع والانتشار في أوساط جميع شرائح المجتمع؛ لتعدد موادِّها، وتنوع محتواها، وبساطة لغتها، ورخص أسعارها.
• قبل عقدين من الزمن - تقريبًا - سُمِح للبث الفضائي المباشر بالدخول للمملكة؛ ليتيح نوعًا جديدًا وأسلوبًا حديثًا من التأثير والإبهار للقنوات العربية والفضائيات العالمية.
• في عام ظ،ظ©ظ©ظ©م استطاع أفراد المجتمع السعودي الحصولَ على إذن الاستفادة والاستمتاع بالإنترنت، الذي فتح لهم سهولة التواصل مع العالم الآخر بكل حرية وأريحية.
• في عام ظ¢ظ*ظ*ظ§م ظهر جهاز آي فون من شركة أبل (Applei Phone) الذي أحدَثَ ضجةً في العالم، وأصبح مستخدموه يتزايدون ويقدَّرون بالملايين، ومعه كانت الانطلاقة الفعلية لعالم جديد، ونمط حديث بصحبة الأجهزة الذكية.
• تلك الطفرة الإعلامية والنقلة التكنولوجية كانت في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز بضعة عقود، ولكنها غيَّرت من أنماط الحياة: الدينية، والثقافية، والاجتماعية، والأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية، المتوارثة من قرون.
• كل هذا التغيُّر والتحول المتسارع والمتطوِّر في الوسائل التكنولوجية والأجهزة الإلكترونية، والانفتاح الفضائي والتواصل المعلوماتي - واكبه وعاصره المواقف السلبيَّة، والمواجهة المخيبة من مؤسسات الإعلام، وهيئات الثقافة في الدول العربية والإسلامية بالتقليد والتبعيَّة، أو الهروب والانهزام، أو الذهول والانبهار!
• من أهم أهداف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو UNESCO) مواجهة التحديات الاجتماعيَّة والأخلاقية المستجَدَّة، ومن أبرز بنود ميثاق المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو isesco): مواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في المجالات التربوية، والعلمية، والثقافية، والاتصالية.
ولكن هذه المنظَّمات خيَّبت آمال وتطلُّعات الدول والشعوب، والمجتمعات والأفراد، وفرَّطت في أهم مقوِّماتها ومكوِّناتها، وهي القيم والأخلاق، والتربية والتعليم.
• تنوَّعت الدراسات، وتعدَّدت البحوث التربويَّة والاجتماعية الموضحة والمبينة لأثر التقنية الحديثة على الفرد والمجتمع في: الفكر والتصور، والقيم والأخلاق، والاتجاهات والسلوك، ولكنها ظلَّت مجرد بحوث أكاديمية، ودراسات تثقيفيَّة، لم تلقَ اهتمامًا، ولم تواكب واقعًا، ولم تُحرِّك ساكنًا عند أصحاب الرأي وأرباب القرار.
• في ظلِّ المظاهر السلبية والآثار المؤلمة للثورة التقنيَّة، أضاءت شمعة، وبرق وميضٌ من قبل الهيئات والأفراد الأهلية والمدنية للاستفادة من هذا الفضاء الكبير من المعلومات والمخترعات، فكانت سنة (ظ¢ظ*ظ،ظ¢م) عامَ ولادة منصات التعليم المفتوح عبر الإنترنت (MOOC (Massive Open Online Course، والتي وفَّرت التعليم والتدريب عبر الإنترنت في كافَّة التخصصات والمجالات، وبمناهج ومقررات من أعرق المعاهد والجامعات، واستقطَبت الملايين من المتابعين والمشاركين والمشاهِدِين.
• نؤمن جميعًا أن الحاضر والمستقبل لنا ولأجيالنا يتطلَّب منا كدُولٍ ومنظمات وأفراد ومؤسسات القيامَ بالمهام التالية:
ظ،- الوعي واليقين بطبيعة تأثير سلطة الإعلام (التقليدي والرقمي) على الأفراد والمجتمعات.
ظ¢ - إدراك أن سياسة المنع والحجب لم تَعُدْ مناسبة في الوقت الذي أصبح العالم فيه كالقرية الواحدة، بل كالكف الواحدة.
ظ£ - تحمُّل الأفراد والمؤسسات والمنظمات الأهليَّة والمدنية المسؤولية بالتوعية والتثقيف، والمدافعة والمقاومة، والمبادرة والمواجهة للتحديات المحدقة بالمجتمعات في كافة الجوانب والمجالات.
ظ¤- انطلاق الرؤى والخطط الإعلامية المستقبليَّة وَفْق الدراسات الاجتماعية والتوصيات التربوية.
ومضة:
"جيل الإنترنت سيعشقُ وطنه أفضل بكثير من أجيال سابقة إذا تحدَّثت معه المؤسسة الحكومية بلغته التي يفهمها اليوم، لغة التفاعل والشبكات الاجتماعيَّة والانفتاح والثقة، وعندما لا يحصل ذلك، فهناك مخاطرة حقيقيَّة أن يستخدم (أعداء الوطن) هذه الفجوة" د. عمار بكار.
↧
↧
September 6, 2016, 1:53 pm
مؤلفات الإمام الشاطبي
|
الشيخ وليد بن فهد الودعان |
لم يكن الشَّاطبي مكثرًا من التأليف، ولكنه كان متميزًا في التأليف؛ فتأليفه يتحلى بميزة، وهي أنه كان يعتمد في تأليفه على الاستقراء، فلا يكاد يؤلف كتابًا، أو يضع مسألة في كتاب إلا ويستقرئ ما يتعلق أو يتصل بالمسألة؛ ولذا لقيت مؤلفاته قبولًا، وأثنى عليها العلماء والباحثون؛ قال التنبكتي: له تآليف جليلة، مشتملة على أبحاث نفيسة، وانتقادات وتحقيقات شريفة"، وقال: "ألَّف تآليفَ نفيسة، اشتملت على تحريرات للقواعد، وتحقيقات لمهمات الفوائد"[1].
ومن مؤلفات الشَّاطبي:
أولًا: كتاب الموافقات:
وهو أجلُّ كتب الشَّاطبي وأبدعها، وقد ذكره الشَّاطبي في مواضع[2]، ونسبه له تلميذه المجاري[3]، والتنبكتي[4]، وغيرهما[5]، واشتهر عنه، وذاع صيته.
واسمه الموافقات، وبعضهم أضاف: "في أصول الأحكام"[6]، و"في أصول الشريعة"[7]، و"في أصول الفقه"[8]، و"في الفقه"، ومنهم من سماه بعنوانه الذي عدل عنه الشَّاطبي، وهو: عنوان التعريف بأسرار التكليف[9]، والشَّاطبي إنما استقر أمره على تسميته بالموافقات[10] دون إضافة، كما أن أغلب من ذكره في ترجمته اقتصر على ذلك.
وقد أثنى العلماء والباحثون على كتاب الموافقات، فقال ابن مرزوق الحفيد: " كتاب الموافقات من أقبل الكتب"[11].
وقال التنبكتي: " كتاب جليل القدر جدًّا، لا نظير له، يدل على إمامته، وبُعْد شأوِه في العلوم، سيما علم الأصول"[12]، وقال محمد مخلوف: "جليل جدًّا، لا نظير له، مِن أنبل الكتب"[13].
وقال ابن عاشور: "لقد بنى الإمام الشَّاطبي حقًّا بهذا التأليف هرمًا شامخًا للثقافة الإسلامية، استطاع أن يشرف منه على مسالك وطرق لتحقيق خلود الدين وعصمته، قل من اهتدى إليها قبله، فأصبح الخائضون في معاني الشريعة وأسرارها عالةً عليه، وظهرت مزية كتابه ظهورًا عجيبًا في قرننا الحاضر والقرن قبله، كما أشكلَتْ على العالم الإسلامي عند نهضته مِن كبوته أوجهُ الجمع بين أحكام الدين ومستجدات الحياة العصرية، فكان كتاب الموافقات للشاطبي هو المفزع، وإليه المرجع لتصوير ما يقتضيه الدين من استجلاب المصالح، وتفصيل طرق الملاءمة بين حقيقة الدين الخالدة، وصور الحياة المختلفة المتعاقبة"[14].
وكان الشَّاطبي قد سمى كتابه هذا: عنوان التعريف بأسرار التكليف، ثم مال إلى تركه وتسميته بالموافقات، قال الشَّاطبي: "سميته بـ: عنوان التعريف بأسرار التكليف، ثم انتقلت عن هذه السيماء لسند غريب، يقتضي العجب منه الفطن الأريب، وحاصله أني لقيت يومًا بعض الشيوخ الذين أحللتهم مني محل الإفادة، وجعلت مجالسهم العلمية محطًّا للرحل ومناخًا للوفادة، وقد شرعت في ترتيب الكتاب وتصنيفه، ونابذت الشواغل دون تهذيبه وتأليفه، فقال لي: "رأيتك البارحة في النوم، وفي يدك كتاب ألفته، فسألتك عنه، فأخبرتني أنه كتاب الموافقات"، قال: "فكنت أسألك عن معنى هذه التسمية الظريفة، فتخبرني أنك وفَّقْتَ به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة"، فقلت له: لقد أصبتم الغرض بسهم من الرؤيا الصالحة مصيب، وأخذتم من المبشرات النبوية بجزء صالح ونصيب، فإني شرعت في تأليف هذه المعاني، عازمًا على تأسيس تلك المباني؛ فإنها الأصول المعتبرة عند العلماء، والقواعد المبني عليها عند القدماء، فعجب الشيخ من غرابة الاتفاق"[15].
وقد صرح الشَّاطبي بأن كتابه هذا كتاب مبتكر في معناه ومبناه، فقال: "فإن عارضك دون هذا الكتاب عارض الإنكار، وعمي عنك وجه الاختراع فيه والابتكار، وغر الظان أنه شيء ما سمع بمثله، ولا ألف في العلوم الشرعية الأصلية أو الفرعية ما نسج على منواله، أو شُكِل بشكله، وحسبك من شر سماعه، ومن كل بِدْع في الشريعة ابتداعه، فلا تلتفت إلى الإشكال دون اختباره، ولا ترْمِ بمظنة الفائدة على غير اعتباره"[16].
كما أن الشَّاطبي قد ذكر أن كتابه هذا هو نتيجة العمر، وأنه حصيلة نظره وتطوافه في العلوم الشرعية، يذكر الشَّاطبي ذلك، وهو يحكي تعبه ومعاناته في تحصيله لمادة كتابه، فيقول: "وعند ذلك فحق على الناظر المتأمل، إذا وجد فيه نقصًا أن يكمل، وليحسن الظن بمن حالف الليالي والأيام، واستبدل التعب بالراحة والسهر بالمنام، حتى أهدى إليه نتيجة عمره، ووهب له يتيمة دهره، فقد ألقى إليه مقاليد ما لديه، وطوقه طوق الأمانة التي في يديه، وخرج عن عهدة البيان فيما وجب عليه"[17].
وقد نظم الشَّاطبي كتابه وقسمه إلى خمسة أقسام:
"القسم الأول: في المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود.
القسم الثاني: في الأحكام، وما يتعلق بها، من حيث تصورها، والحكم بها أو عليها، كانت من خطاب الوضع، أو من خطاب التكليف.
القسم الثالث: في المقاصد الشرعية في الشريعة، وما يتعلق بها من الأحكام.
القسم الرابع: في حصر الأدلة الشرعية، وبيان ما ينضاف إلى ذلك منها على الجملة، وعلى التفصيل، وذكر مآخذها، وعلى أي وجه يحكم بها على أفعال المكلفين.
القسم الخامس: في أحكام الاجتهاد والتقليد، والمتصفين بكل واحد منهما، وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح، والسؤال والجواب.
وفي كل قسم من هذه الأقسام مسائل وتمهيدات، وأطراف وتفصيلات"[18].
وقد حظي هذا الكتاب بشهرة فائقة، لا سيما في العصر الحديث، وأقبل الناس عليه إقبالًا واضحًا، والمستفيدون منه في هذا العصر في بحوثهم ومؤلفاتهم، بل والمعتمدون عليه تمامًا لا يمكن حصرهم أو استيعابهم، فهو أمر يفوق الحصر[19]، وقد طبع الكتاب طبعات عديدة[20].
أما المؤلفات حول الكتاب، فهي قليلة، ومنها:
أ- نيل المنى في اختصار الموافقات: لأبي بكر محمد بن محمد بن عاصم، تلميذ الشَّاطبي، وقد جعل اختصاره للموافقات نظمًا[21].
ب- نيل المنى من الموافقات، وقد ألفه تلميذ آخر من بلدة وادي آش[22].
ج- المرافق على الموافق: لمصطفى بن محمد فاضل بن محمد مأمين الشنقيطي، وهو نظم لكتاب الموافقات، مع شرح له بعبارات الشَّاطبي واختصار شديد لها[23].
د- اختصار الموافقات: لإبراهيم بن طاهر بن أحمد بن أسعد العظيم، وهو في جزأين[24].
هـ- توضيح المشكلات في اختصار الموافقات: لمحمد يحيى بن عمر المختار الولاتي الشنقيطي، وقد طبع منه جزآن[25].
ثانيًا: كتاب الاعتصام:
وهو ثاني كتب الشَّاطبي في الشهرة والإبداع، وقد نسبه له المجاري[26]، والتنبكتي[27]، وغيرهما[28]، واشتهر عنه.
وسماه المجاري: "الحوادث والبدع"[29]، وبعضهم سماه: "الاعتصام بالسنة"[30]، وعند بعضهم: "تأليف في - أو كتاب في - الحوادث والبدع"[31].
ومؤلفه قد أفصح عن اسمه في بدايته، فقال: "فاستخرت الله تعالى في وضع كتاب يشتمل على بيان البدع وأحكامها، وما يتعلق بها من المسائل أصولًا وفروعًا، وسميته بـ: "الاعتصام"[32]، وواضح من سياق كلامه موضوع الكتاب، فهو عن البدع، وهذا هو الذي دعا بعضهم لأن يطلق عليه الحوادث والبدع، وقد جعله الشَّاطبي في عشرة أبواب بعد المقدمة:
الباب الأول: تعريف البدع، وبيان معناها، وما اشتق منه لفظًا.
والباب الثاني: في ذم البدع، وسوء منقلب أهلها.
والباب الثالث: ذم البدع والمحدثات عام لا يخص محدثة دون غيرها.
والباب الرابع: مأخذ أهل البدع بالاستدلال.
والباب الخامس: أحكام البدع الحقيقية والإضافية، والفرق بينهما.
والباب السادس: أحكام البدع، وأنها ليست على رتبة واحدة.
والباب السابع: هل يدخل الابتداع في الأمور العادية أم يختص بالعبادية؟
والباب الثامن: الفرق بين البدع، والمصالح المرسلة، والاستحسان.
والباب التاسع: السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين.
والباب العاشر: معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه سبل أهل الابتداع.
وكتاب الاعتصام ألفه الشَّاطبي بعد الموافقات، كما هو واضح من كثرة العزو فيه إلى الموافقات[33]، بل قد يكون هو آخر ما ألف؛ ولذا لم يتمه[34].
ويبين الشَّاطبي سبب تأليفه لهذا الكتاب فيقول: ".. لأني رأيت باب البدع في كلام العلماء مغفلًا جدًّا إلا من النقل الجلي... أو يؤتى بأطراف من الكلام لا يشفي الغليل بالتفقه فيه كما ينبغي.. فأخذت نفسي بالعناء فيه، عسى أن ينتفع به واضعه، وقارئه، وناشره، وكاتبه، والمنتفع به، وجميع المسلمين، إنه ولي ذلك ومسديه بسَعة رحمته[35].
وفيما يبدو أن ما كان الشَّاطبي يأمله قد تحقق؛ إذ قد تبوأ كتاب الاعتصام مكانة علمية ضافية، واستفاد منه طلبة العلم، وأثنى عليه الفضلاء، كقول التنبكتي: "وتأليف كبير نفيس في الحوادث والبدع، في سفر في غاية الإجادة"[36]، وتبعه محمد مخلوف، فقال: "وتأليف جليل في الحوادث والبدع في غاية الإجادة، سماه: الاعتصام"[37].
وقال محمد رشيد رضا: "وكتاب الاعتصام لا ندَّ له في بابه؛ فهو ممتع مشبع"[38].
وقد طبع الكتاب عدة طبعات[39].
ثالثًا: كتاب الإفادات والإنشادات:
وقد نسبه له غير واحد[40]، وممن رواه عنه تلميذه أبو الحسن علي بن سمعة[41].
وقد جمع الشَّاطبي في كتابه هذا كما قال: "جملة من الإفادات المشفوعة بالإنشادات، مما تلقيته عن شيوخنا الأعلام، وأصحابي من ذوى النبل والأفهام، قصدت بذلك تشويق المتفنن في المعقول والمنقول، ومحاضرة المستزيد من نتائج القرائح والعقول"[42]، ووصفه التنبكتي بقوله: "فيه طرف وتحف، ومُلَح أدبيات وإنشادات"[43]، وقد بلغ عدد ما ذكر فيه ما بين إفادة وإنشادة مائة وواحدًا، وأخذ التوجه إلى العربية وعلومها الطابع العام على هذا الكتاب، وقد طبع الكتاب[44].
رابعًا: كتاب عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق:
ذكره التنبكتي[45]، وغيره[46]، وذكر التنبكتي أنه ذكره في شرح الألفية، وذكره بعضهم باسم الاتفاق في علم الاشتقاق[47]، وذكر التنبكتي أنه رأى في موضع أنه أتلفه في حياته[48].
خامسًا: كتاب أصول النحو:
ذكره التنبكتي[49]، وغيره[50]، وذكر التنبكتي أنه ذكره في شرح الألفية، وأنه رأى في موضع أنه أتلف[51].
سادسًا: كتاب شرح الخلاصة:
ذكره غير واحد[52]، ومنهم تلميذه المجاري، وسماه: شرح رجز ابن مالك[53]، وسماه بعضهم: المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية[54]، وهذا الاسم هو المثبت على مخطوطات الكتاب، وهذا الكتاب موجود بكامله، وهو مخطوط في ستة أجزاء ضخام، وله نسخ كثيرة[55]، وقد طبع جزء منه من باب النائب عن الفاعل إلى نهاية حروف الجر[56].
وهو شرح لألفية ابن مالك المشهورة، وهو شرح ضاف موسَّع، يذكر فيه قول الناظم، ثم يشرحه بكلام مسهب مليء بالنكت العلمية، والتنكيتات على كلام الناظم، والجواب عن ذلك، وقال في مقدمته: "أما بعد: فإن بعض من يجب عليَّ إسعافه، ولا يسعني خلافه، كان قد أشار عليَّ أن أقيد على أرجوزة الإمام العلامة أبي عبدالله بن مالك الصغرى، وهي المسماة بالخلاصة، شرحًا يوضح مشكلها، ويفتح مقفلها، ويرفع على منصة البيان فوايدها، ويجلو في محك الاختيار فرائدها، ويشرح ما استبهم من مقاصدها، ويقف الناظر فيها على أغراضها من مراصدها من غير تعرض إلى ما سوى هذا الغرض، ولا اشتغال عن الجوهر بالعرض، فسمحت الأيام منه بما شاء الله أن يسمح، وسرح القلم في ميدانه إلى ما قدر له أن يسرح، ثم عاق عن إتمامه بعض الأمور اللوازم، ودخلت على فعلي الحالي فيه الأدوات الجوازم، فثنت عنه عِناني، وأمسكت عن التفكير فيه جَناني..." [57].
وقد امتدحه التنبكتي بقوله: "منها شرحه الجليل على الخلاصة في النحو في أسفار أربعة كبار، لم يؤلف عليها مثله بحثًا وتحقيقًا فيما أعلم"[58].
سابعًا: كتاب عنوان التعريف بأسرار التكليف:
ذكره بعضهم مؤلفًا مستقلًّا دون الموافقات[59]، وليس بصواب.
ثامنًا: كتاب المجالس:
وهو شرح لكتاب البيوع من صحيح البخاري، نسبه له التنبكتي[60]، وغيره[61].
ووصفه التنبكتي بقوله: "فيه من الفوائد والتحقيقات ما لا يعلمه إلا الله"[62]، وذكر أنه لم يتمه[63].
تاسعًا: قال التنبكتي وهو يعدد آثار الشَّاطبي: "وفتاوى كثيرة"[64]:
وقد حفظ كتاب المعيار المعرب للشاطبي جملة من هذه الفتاوى[65]، وقد قام د/ محمد أبو الأجفان بجمع فتاويه من المعيار وغيره في كتاب مستقل، وجمع منها ستين فتوى كما ذكر[66]، وسماه: فتاوى الإمام الشَّاطبي[67].
عاشرًا: جزء في دعاء المؤذنين بالليل في الصوامع، والرد على من أجازه:
وقد ذكر الشَّاطبي أنه ألف جزءًا في ذلك[68].
وقد وعد الشَّاطبي بتأليف كتاب في بيان مذهب التصوف، فقال: "وإن فسح الله في المدة، وأعان بفضله بسطنا الكلام في هذا الباب، في كتاب مذهب أهل التصوف، وبيان ما أدخل فيه مما ليس بطريق لهم"[69].
ويلاحظ من لفظه أنه كان يجمع مادة هذا الكتاب، وعزم على تأليفه، بل وسماه، ولكنه لم يشرع في تدوينه بعد، ويبدو أنه لم يدونه؛ إذ لم يرد أنه صنف في ذلك شيئًا، لا سيما مع العلم أنه لم يتم كتابه الاعتصام، وهو قد وعد بتأليف هذا الكتاب فيه.
وما ذكر إنما هو جملة من مؤلفات الشَّاطبي، وله غيرها[70]، ولكن المراجع لم تسعفنا بتسمية كتب أخرى غير ما ذكر.
[1] نيل الابتهاج (47 - 48).
[2] انظر: الاعتصام (1/ 159، 182، 183، 230، 250، 252، 2/ 284، 311، 315، 329، 344، 348، 368، 415، 423، 447، 499، 510).
[3] انظر: برنامج المجاري (118).
[4] انظر: نيل الابتهاج (48).
[5] انظر: روضة الأعلام (88) هدية العارفين (1/ 18) فهرس الفهارس والأثبات (1/ 191) شجرة النور الزكية (1/ 231) الأعلام (1/ 75) معجم المؤلفين (1/ 77).
[6] انظر: معجم المؤلفين (1/ 77).
[7] كذا في الطبعة التي عليها شرح عبدالله دراز.
[8] انظر: نيل الابتهاج (48) الأعلام (1/ 75).
[9] انظر: إيضاح المكنون (2/ 127).
[10] انظر: الموافقات (1/ 11).
[11] نيل الابتهاج (48).
[12] نيل الابتهاج (48).
[13] شجرة النور الزكية (231).
[14] أعلام الفكر الإسلامي (76) نقلًا عن فتاوى الإمام الشاطبي (46 - 47)، وانظر: مقدمة تحقيق الموافقات لمشهور حسن، وتقديم الزرقاء لفتاوى الإمام الشاطبي (8).
[15] الموافقات (1/ 10 - 11).
[16] الموافقات (1/ 12 - 13).
[17] الموافقات (1/ 13).
[18] الموافقات (1/ 10).
[19] انظر شيئًا من ذلك في مقدمة تحقيق الموافقات (1/ 36) لمشهور حسن.
[20] انظر لبيان بعض طبعاته: المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع (3/ 345) الدليل الجامع إلى كتب أصول الفقه المطبوعة باللغة العربية (1/ 333 - 334) مقدمة تحقيق الموافقات (1/ 52) لمشهور حسن، وأجود هذه الطبعات تحقيقًا وتخريجًا للحديث هي طبعة مشهور حسن.
[21] انظر: توشيح الديباج (127) نيل الابتهاج (290) نفح الطيب (7/ 19) شجرة النور الزكية (247).
[22] توجد منه نسخة خطية بمكتبة دير الأسكوريال بإسبانيا، رقمها 1164، وصفها محمد محمود الشنقيطي فيما أملى من وصف لأشهر الكتب بإسبانيا سنة 1305هـ؛ انظر: أشهر الكتب العربية بخزانة مكاتب دولة إسبانيا (121) نقلًا عن هامش الفتاوى للإمام الشاطبي (47)، والذي جعلني أصنفه كتابًا مستقلًّا هو أن ابن عاصم ليس من بلدة وادي آش، وقد جاء في آخر المخطوطة: "تم والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وذلك بمدينة وادي آش كلأها الله، في أواخر ربيع الثاني عام 820هـ "، وهذه المدينة من مدن الأندلس، وهي قريبة من غرناطة، في شمالي شرقها، وهي مدينة كبيرة جليلة، تحيط بها البساتين والأنهار؛ انظر: الروض المعطار (604) معيار الاختيار (112) نفح الطيب (1/ 148).
[23] طبع سنة 1324هـ بمطبعة أحمد يمني بفاس.
[24] انظر: الأعلام (1/ 44).
[25] طبع بمراجعة حفيده بابا محمد عبدالله، المحاضر بكلية التربية بجامعة الملك سعود.
[26] انظر: برنامج المجاري (118).
[27] انظر: نيل الابتهاج (48).
[28] انظر: روضة الأعلام (82) هدية العارفين (1/ 18) شجرة النور (231) فهرس الفهارس والأثبات (1/ 191) الأعلام (1/ 75) معجم المؤلفين (1/ 77).
[29] برنامج المجاري (118).
[30] انظر: هدية العارفين (1/ 18).
[31] انظر: روضة الأعلام (88) نيل الابتهاج (48).
[32] الاعتصام (1/ 26).
[33] انظر: الاعتصام (1/ 159، 182، 183، 230، 250، 252، 2/ 284، 311، 315، 329، 344، 348، 368، 415، 423، 447، 499، 510)
[34] جاء في آخر المخطوط (وهو في المطبوع 2/ 515): "انتهى القدر الذي وجد من هذا التأليف، ولم يكمله المؤلف رحمه الله".
[35] الاعتصام (2/ 356).
[36] نيل الابتهاج (48).
[37] شجرة النور (231).
[38] مقدمة الاعتصام (1/ 4).
[39] انظر: المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع (3/ 344)، ومن طبعاته طبعة بضبط الأستاذ: أحمد عبدالشافي، وأجودُ هذه الطبعات تحقيقًا: طبعة دار ابن عفان، تحقيق سليم الهلالي.
[40] انظر: نيل الابتهاج (48) نفح الطيب (7/ 249)، نقل عنه أيضًا في المواضع الآتية (7/ 186، 318، 354 - 356) هدية العارفين (1/ 18) شجرة النور (231) فهرس الفهارس والأثبات (1/ 191، 2/ 683) الأعلام (1/ 75).
[41] انظر: فهرس الفهارس والأثبات (191، 683).
[42] الإفادات والإنشادات (81).
[43] نيل الابتهاج (48).
[44] طبع بتحقيق: د/ محمد أبو الأجفان، الأستاذ بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس.
[45] انظر: نيل الابتهاج (48).
[46] انظر: هدية العارفين (1/ 18) شجرة النور (231) معجم المؤلفين (1/ 77).
[47] انظر: الأعلام (1/ 75).
[48] انظر: نيل الابتهاج (49).
[49] انظر: نيل الابتهاج (48 - 49).
[50] انظر: هدية العارفين (1/ 18) الأعلام (75).
[51] انظر: نيل الابتهاج (49).
[52] انظر: نيل الابتهاج (48) شجرة النور (231) الأعلام (1/ 75) معجم المؤلفين (1/ 77).
[53] انظر: برنامج المجاري (118).
[54] انظر: الأعلام (1/ 75).
[55] ذكر في الأعلام أن له نسخة محفوظة في خزانة الرباط رقم (6 جلاوي)، وهو موجود في مركز البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، وله نسخ مصورة بالمكيروفيلم من دار الكتب الوطنية بتونس، ومن المكتبة الأزهرية بمصر، ومن مكتبة الخزانة الوطنية بالرباط، ومن مكتبة الأسكوريال، وغيرها، ولها أرقام كثيرة، ومنها: للجزء الأول/ 272، 564، 728، والثاني/ 565، 730، 806، وللثالث/ 697، 731، 986، وللرابع/ 567، 816، وللخامس/ 733، 872، وللسادس/ 655، 805، وقد حدثني بعض الإخوة في المركز أن الكتاب محقق كاملًا منذ عام 1403هـ، ولكن لم يطبع لظروف خاصة (وقد طبع الكتاب مؤخرًا كاملًا).
[56] وهو بتحقيق: د/ عياد الثبيتي، الأستاذ المشارك بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة.
[57] المقاصد الشافية (1/ 2/ أ).
[58] نيل الابتهاج (48).
[59] انظر: معجم المؤلفين (1/ 77).
[60] انظر: نيل الابتهاج (48).
[61] انظر: هدية العارفين (1/ 18) شجرة النور (231) الأعلام (1/ 75).
[62] نيل الابتهاج (49) وانظر: شجرة النور (231) الفكر السامي (4/ 292).
[63] كفاية المحتاج (17/ أ).
[64] نيل الابتهاج (49) وانظر: شجرة النور (231) الفكر السامي (4/ 292).
[65] انظر: الفهرس الخاص بالأعلام من فهارس المعيار المعرب (13/ 398).
[66] فتاوى الإمام الشاطبي (107) وانظر: منه (101 وما بعدها).
[67] وهو مطبوع عام 1405هـ.
[68] انظر: الاعتصام (2/ 345) وانظر: كفاية المحتاج (17/ أ).
[69] الاعتصام (1/ 159).
[70] انظر: نيل الابتهاج (49).
↧
September 6, 2016, 1:55 pm
تفسير التاريخ
تفسير التاريخ
مطلب إنساني تخلف فيه المسلمون
منذ خمسة قرون، والبحث عن المنهج التاريخي الأصلح لكتابة التاريخ الإنساني، وتفسير التاريخ يحتل من المفكرين والمؤرخين في العالم مكانة عظيمة، وتبذل فيه جهود شاقة رائعة، سواء اختلفنا معها أو اتفقنا.
ويعتبر العالم الإسلامي - للأسف الشديد - نشازًا في هذا البحث اللاهث، فما زال البحث التاريخي لا يهتم - إلا في قليل - بقضيتي منهج البحث التاريخي وفلسفة التاريخ.
والنظر إلى قائمة الأطروحات العلمية التي قدمت في جامعات العالم الإسلامي في أقسام التاريخ والحضارة - بالإضافة إلى بحوث المؤرخين والمفكرين - يؤكد هذا الحقيقة!
لكن القضية بدأت تطرح نفسها علينا بعمق، بعد أن بطلت مقولة إقامة السور الحديدي الفكري بيننا وبين العالم الأوربي؛ لحماية أنفسنا من أفكاره ومناهجه؛ ففضلًا على عبثية هذه المقولة في ظل الأساليب الحضارية المعاصرة فإنها أيضًا مقولة لا تخدمنا، حتى ولو نحج في تطبيقها!
إننا لا بد أن نبحث في بنائنا الداخلي، وفي تطوير كياننا، وفي البحث عن وسائل القوة في داخلنا ومن خارجنا، وفي فقه سنن الله الكونية والاجتماعية في التطور والبقاء، ولا سبيل لبقائنا في هذا العالم إلا عن هذا الطريق.
إن تشريحًا قويًا يجب أن نقوم به - بإخلاص وجرأة - لتجربتنا في التاريخ، وإننا يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا في الاعتراف بالحقيقة كما هي، وفي تقويم هذه الحقيقة على ضوء الثوابت الإلهية التي نؤمن بأنها (المطلق) و(المثل العليا الحضارية) لنا وللإنسانية.
وجدير بالذكر أنه لم يعد ممكنًا كتابة التاريخ غير مرتبط بتفسيره، إن المنهج العلمي لكتابة التاريخ يحكم الوشائج بين قبول الواقعة رواية (نقلًا)، وقبولها دراية (عقلًا).
وقد أصبح فقه البيئة الاجتماعية والنفسية والثقافية المسيطرة من أركان قبول الواقعة والحكم عليها ومهما يكن لتفسير التاريخ من كيان مستقل فإن أجزاء كثيرة منه - على الأقل في معطياته الأولى - ستبقى مرتبطة بالوقائع التاريخية الجزئية لا تنفصل عنها.
إن هذه مسلمة قرآنية أغفلها المسلمون وبحثت عنها البشرية طويلًا!
↧
September 6, 2016, 1:58 pm
سوء اختيار أم ظلم اجتماعي معتاد؟
د. زهرة وهيب خدرج
إذا خيَّرك أحدُهم بين أن تختار بين موتك حرقًا أو موتك تقطيعًا، أيهما ستختار؟ هل هناك أسوأ من أن تُجبر على اختيار أحد أمرَين أحلاهما أمرُّ من العلقم؟ أليس أسوأ الاختيارات هي تلك التي تضطرُّك للحكم على نفسك بالذلِّ والهوان في لحظة لا تتوفر لديك أية خيارات أخرى؟ أعتذر من حضراتكم مسبقًا على ما سأقول، وقبل أن أُسهب في سرد حكايتي أرجوكم ألا تسخَروا منِّي، ولا تعتبروا كلامي فلسفةً غير جديرة بها مَن هي مثلي، أمهلوني حتى أروي حكايتي، وبعدها قولوا عني ما تشاؤون، وأَصدِروا عليَّ من الأحكام ما تحبُّون، ولكن أرجو ألَّا تُحمِّلوني ما لا أطيق من اللوم والانتقاد.
أعتقد أنه لا بدَّ للمرء أن يُعيد تقييم حياته السابقة بين الحين والآخر، ليُعيِّن مكامن الضعف لديه، ويُحدِّد مناطق القوة، ويميِّز الأسباب التي حدَتْ به لسوء الحال الذي يكدِّر حاضره ويَمتهن كرامته، فهذا التقييم أجدُه مهمًّا لاستخلاص العبر من التجارِب التي مر بها، والخبرات التي اكتسبها من كل تجربة؛ حتى يضع الخطط المناسبة لمستقبله، إن كان هناك أمل في المستقبل أصلًا. تقييمٌ يعينه على الوصول لأهدافه مهما كانت مُتواضِعة كأهدافي مثلًا؛ وذلك كي يتفادى تكرار الأخطاء السابقة، وليس ليتفنَّن في جَلْدِ ذاته ولومها وتَقريعها على ما وقعت فيه من أخطاء كارثية لن يُنقذه منها إلا لطفُ الله (كما أفعل أنا دائمًا).
لا أقول هذا الكلام من باب البطر الكلامي، أو لأنهاكم عن أشياء أقوم أنا شخصيًّا بها، أبدًا؛ بل لأن هذا بالضبط ما آمنتُ به لاحقًا، وبتُّ أطبِّقه في حياتي حتى وإن توصَّلتُ لذلك بعد فوات الأوان.
في صغري لم تكن المدرسة من ضمن اهتماماتي، ولم أجد مَن ينصحني في صِغَري ويتابع دراستي؛ فبعد رسوب مُتكرِّر في الصف الثامن قررتُ ترك المدرسة دون أن أجد أي معارضة لقراري، وركنتُ للراحة وألعاب الحاسوب ومُشاهَدة التلفاز، كيف لا وأنا الفتاة المدلَّلة بين سبعة من الذكور؟
على كل حال، وجدت نفسي أَعبُر الثلاثين من العمر بين إخوة ذكور - أنا أصغرهم - تزوَّجوا جميعًا، وغادروا البيت ما عدا أخي الذي يَكبرني مباشرة، بقي معي وزوجته في بيت العائلة يؤنس وحدتي بعد أن تُوفي والداي في حادث طرق خلال أدائهما لفريضة الحج.
بدأتِ الدنيا تضيق في ناظري مع تدخُّلات زوجة أخي في حياتي وفي كلِّ ما يخصني، وبتحريضها الدائم لأخي عليَّ، ومراقبتها لي، وتعليقاتها الساخرة والجارحة!
جرَّبت الانتقال لبيوت إخوتي الآخرين ولكن لم يكن الحال مريحًا، بل شعرتُ نفسي ضيفًا ثقيلًا حلَّ بالإجبار في مكان ليس من حقه، فرجعتُ بعد تجارِبَ عدةٍ لبيت العائلة طائعةً.
كنتُ في الأوقات السابقة أرفض كل مَن يتقدَّم لخطبتي لأسباب كثيرة أختلقها في كل مرة، وأصارحكم الآن أنَّ جميعها كانت أسبابًا غير حقيقية، السبب الحقيقي الوحيد أنني كنت أتهرب من المسؤولية التي يَفرضها الزواج عليَّ، والتي لم أعتَدْ عليها في بيت أهلي.
وبعد دخولي الثلاثين ووفاة والديَّ، تغيَّر حالي تمامًا، غلب عليَّ شعوري بالغربة في بيت أهلي، وطغت عليَّ الرغبة في الزواج للخروج من هذا الوضع الكئيب والمُستقبَل القاتم، ولكن لم يعد يطرق بابي أحدٌ يطلب الزواج مني، سبحان الله! عندما كنتُ أرفض الزواج كان كثيرون يَخطبون وُدِّي، وعندما غيَّرتُ رأيي وقبلت الزواج انقطع كل أمل أمامي به.
تقدَّم لي رجل مُطلِّق، أبتر اليد، يَكبرني بخمسة عشر عامًا، ولسذاجتي ورغبتي في الخلاص مما أنا فيه، قبلتُ دون تردُّد، وتمت خطبتي به على عجل، خلته أثناء ذلك إنسانًا حسن الأخلاق، هادئ الطباع، وفي يوم زفافي، جاءت امرأة عجوز لا أكاد أعرفها، ومالت عليَّ وسط أقاربي، وهمستْ في أذني بكلمات أدخلتني في دوامة، ووضعتني في مواجهة صعبة للاختيار وبشكل سريع بين الرمضاء أو النار، فقد قالت لي: "إنَّ خطيبي مُصاب بمرض عصبي" (أي مجنون بلغتنا الدارجة)، وحذَّرتني من إكمال الزفاف به!
احترتُ، أأُكمل التجربة التي بدأتها حتى النهاية بغضِّ النظر عن نتائجها؟ أم أتراجع عن هذا الزواج وأبقى في بيت أهلي فأُسمَّى حينها مطلَّقة، وأبقى تحت رحمة زوجة أخي التي ستَشمت بي وتُعايرني وستزداد معاملتها لي سوءًا؟! اتخذت قراري بسرعة، وقررتُ إكمال ما بدأت.
مرَّت الأيام الأولى بسلام، ثم بدأت الويلات تُصبُّ فوق رأسي... اكتشفت أن زوجي شكَّاك جدًّا، فكل تصرف مني يُؤوله تأويلات شتى تَبعد تمامًا عن الواقع، ولا يُعطيني نقودًا نهائيًّا بسبب ظنونه التي لا تنتهي، ولا يُحضر احتياجات البيت، ويفتعل المشاكل مع الجيران لأتفه الأسباب، ويرفض أن يُعرِّفني بأهله وأقاربه، ويَمنعني من الخروج من بيتي!
طلبتُ منه أن أذهب وأعمل في روضة أطفال، رفَضَ أيضًا، ولو كان بإمكانه أن يَحبسني في زنزانة لفعل، فضلًا عن أنه يُصاب بنوبات من التشنُّجات يدخل بعدها في نوم عميق لساعات عدة، يستيقظ منها عصبيًّا جدًّا.
أندم على أشياء كثيرة في حياتي، وليس فقط على هذا الزواج، ولكن على الرغم من كل التَّعاسة التي أعيشها الآن، إلا أنني أجدها أرحم مما لو بقيتُ عند زوجة أخي!
لو أكملتُ تعليمي لما كان حالي الآن هكذا، لو كنتُ أُتقن مهنةً أتكسَّب منها لما انحصَرت الخيارات أمامي بينه وبين بيت أهلي.
أقولها لكل فتاة: سعادتُك لا تَكمن في الدَّلال والراحة، بل في تطوير ذاتك واكتسابك للعلم والمهارات التي تؤهِّلك لمُستقبل مُشرِق، فطوِّري نفسك، واستغلِّي أوقاتك لتعلُّم ما يُفيدك في حياتك.
↧
September 6, 2016, 2:24 pm
↧
↧
September 6, 2016, 3:08 pm
علاقتي بأهلي وتطوير ذاتي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجوكم ساعدوني؛ فأنا في حَيرةٍ من أمري، ولا أعلم ماذا أفعل؟
أنا عصبيَّةُ المزاج كثيرًا، وخصوصًا مع أهلي - كبيرهم وصغيرهم - ولا أحبهم؛ وذلك بسبب رفْعِ صوتهم عليَّ، وسُوء تصرُّفاتهم، ومُعاملتهم التي تُثِير عصبيتي، وسوء مُعاملتي لهم.
أحسُّ بأنني مقصِّرة في حقِّهم، وأريد أن أُحسِن مُعاملتي وتصرفاتي معهم، لكنني أحسُّ نفسي عاجزةً، وأريد أن أقوِّي عَلاقتي مع الناس؛ لأنني أرى أنَّ الناس لا يهتمون بي وبكلامي وبشخصيتي الضعيفة، ولا يُعيرونني اهتمامًا، خاصة وأنني ليس عندي صديقات، فقط مَعارفي من المدرسة والجامعة، وغالبًا لا أراهم ولا أتواصَل معهم لا بالهاتف ولا شخصيًّا.
كذلك ليس لديَّ معلوماتٌ، ولا ثقافة، ولا حُسن تصرُّف في الأمور لأجلسَ مع الناس لأحدِّثهم، وكذلك الناس القريبون مِن قلبي - ومن خلال هذه الأمور - يحسُّون بأنني ضعيفة الشخصية، ولا أحسن التصرُّف في كل الأمور، خاصة المهمة في الحياة.
أنا لستُ منظَّمة في وقتي، خاصة وأنني أدرس في الجامعة، ولدي ابنٌ، وجلُّ وقتي يذهبُ في عمل البيت ومع ابني، فكيف أنظِّم وقتي، وأوفِّق بين الدراسة واهتمامي بالبيت وبابني؟
كما أني أريد أن تَقْوَى مهاراتي الشخصية، وأريد اكتساب ثقافاتٍ ومعلومات تُفِيدني في الحياة، وفي تصرُّفاتي مع أهلي ومع الناس أجمعين، وأريد تقوية عَلاقتي مع أهلي والناس، والتخلُّص من عصبيتي الزائدة.
أريدُ أن يهتمَّ الناس بي ويُعِيروني اهتمامًا، ويحبون الحديث والجلوس معي، وأريد أن أُثبِت لهم أنني قوية الشخصية، وحسنة التصرُّف في كل الأمور التي تُوَاجِهُني، وأني لستُ جاهلة، وأني قد تغيَّرتُ ولم أَعُدْ تلك الفتاةَ التي يعرفونها مِن قبلُ، وأريد تطبيقًا عمليًّا لكلِّ ما ذكرتُه سابقًا؛ لألتزمَ به، وأسير عليه.
أريدكم أن ترشدوني إلى الطريق والعمل الصالح والصحيح، وماذا أفعل؟
الجواب
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.
حسنًا, تريدين حياةً كريمة, تَشعُرين فيها بأهميتِكِ, تتمتَّعين فيها بمَكانتِكِ, تتعاملين فيها مع مَن حولَكِ على أُسُسٍ مِن الاحترام والتقدير والمحبة.
في الحقيقة كلُّنا نتوقُ إلى ذلك ونحبُّه, إلا أنَّ هذا التقديرَ وتلك المكانة لا بدَّ أن تكونَ مُتبادلة؛ فليس من المنطقِ في شيءٍ أن يحترمَنا الناسُ وألا يجدوا مثلَ ذلك منَّا, وليس من العقلِ أن يقدِّرونا دون أن نستحقَّ ذلك التقدير فعلًا!
على كل حالٍ, سننظر معًا فيما تفضَّلتِ بطرْحِه، بنوعٍ من التفصيل:
أولًا: سوء مُعاملة الأهل, والعجز عن احتمال الناس.
ثانيًا: المعلومات, الثقافة, حسن التصرُّف, اللباقة... مقوِّمات الشخصية الجذَّابة.
ثالثًا: تنظيم الوقت بين الدراسة والابن ورعاية البيت.
أولًا: العجزُ عن احتمالِ الأذى من الناسِ - سواء كانوا أصدقاء، أو أهلًا، أو غيرهم - لا يخوِّل لنا التعاملَ معهم بنفس الأسلوب, ولا يقودُنا ذلك إلا لحلقةٍ مُفرغة من التراشقِ بالكلام السيئ، والتداخل في دوَّامة من الغضب لا تنتهي؛ "اعلم أنك ستُبتَلى من أقوامٍ بسفهٍ, وأن سَفَهَ السفيهِ سيطلع لك منه حقدٌ, فإن عارضتَه أو كافأته بالسفه, فكأنك قد رضيتَ ما أتى به, فاجتنبْ أن تحتذيَ مثالَه، فإن كان ذلك عندك مذمومًا فحقِّق ذمَّك إيَّاه بتركِ معارضتِه، فأما أن تذمَّه وتمتثلَه؛ فليس ذلك لك"؛ (من مختارات المنفلوطي).
والتعامل مع الناسِ لا يكونُ على مبدأ "أعطِ لتأخذ"، أو "هذه بتلك"! بل يكون بالصبر الوقور، والحلم الجميل، والعطاء المعتدل, ولا يكون ذلك كلُّه مع غير أهله إلا أتى بعكس غرضه، فلتتعلَّمي فنَّ ضبط النفس, وتتمرَّني على كظْمِ الغيظ, وتتذكَّري فضلَه وعظيم أجرِه عند الله, وقد تبيَّن لكِ - بما لا يدَع مجالًا للشك - أن الغضب عليهم والسفه بسفهم لا يجلب إلا المزيد مِن المتاعب، والكثير من الأكدار!
لن يحترمَكِ الناس بكثرةِ غضبِكِ, ولن يثنوا عليكِ أو يَهَابُوكِ بالمجاهرة ورفع الصوت, ولن يوقِّروكِ بالتعنيف أو التوبيخ, كلُّ هذا لن يجعلَ لكِ مكانةً ساميةً، ولا درجةً عاليةً, بل سيُدنِي منزلتَكِ ويحقِّر مِن شأنكِ عندهم؛ فالناسُ - يا عزيزتي - تعرفُ كيف ترفع صوتَها مثلنا، وكيف يردُّون الإساءة بمثلها أو أشدَّ, وكيف يُعَادُون مَن يُعَادِيهم، ويسبون مَن يسبُّهم, كلُّ هذا لا يحتاج لتعلم أو تدرُّب! والعجيب أن البعض ما زال يظنُّ أن سُوء الخُلُق يُجبِر الناس على احترامِه، وبذاءة اللسان تَدفَعُهم إلى هَيْبته, وأقول لكِ ولكلِّ مَن يظن ذلك: اعكسْ تُصِبْ!
حسنُ الخلق ليس ضعفًا, وجميل القول ليس هوانًا, وحلاوة اللسان ليستْ مداهنة, وإنما كلُّ إناءٍ بما فيه ينضحُ, فلا يحملنَّكِ البغضُ - أو حبُّ الانتقام - على الإساءة لمن أساء إليك، أو الاقتصاص ممن غمطكِ حقًّا, بل جاهدي نفسكِ، واستعيني بربكِ على ملك قلوبهم بحُسنِ الخلق، وجميلِ الصبر، والموازنةِ بين مسامحتهم وعدم التنازل عن حقِّك بما يهين نفسَكِ، أو ينقص قدرَكِ, وذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء.
قد نغضبُ في لحظات ضعفٍ, لكن الفرق بين حَسَنِ الخلق وسيِّئه: أنَّ الأول يملكُ نفسَه حال غضبِه, فلا يقع في قبيحِ فعلٍ، ولا يصدر عنه ذميمُ قولٍ, وكل ذلك بتدريب النفس وتعويدِها ومجاهدتِها ليس إلا؛ قال حكيمٌ لابنه: "أَيْ بُنَيَّ، إذا أردتَ أن تؤاخِي رجلًا فأغضِبْه قبل ذلك، فإن أنصفَك عند غضبه فآخِه، وإلا فدَعْه".
ثانيًا: للجاذبية مُقوِّمات, وللمحبَّة أسبابٌ, ولكسب قلوب الناس مقدِّمات وخطوات, وليس من السهل ذلك, وقد تجتمعُ أسباب المحبَّة كافَّة لرجلٍ، ثم لا نرى إلا بُغضَه يملأ قلوب العباد, وقد لا يجتمع في رجلٍ من أسبابِها إلا النَّزْر، ثم يجعلُ الله له قبولًا عند الناس, وكأن محبتَه قد زُرِعتْ في القلوب، ونحتت بين الضلوع! نرى مَن حاز الفنون وعَلَا اجتماعيًّا أو ماديًّا أو علميًّا, ولم يملك مِن قلوب العباد إلا كما يملكُ المرءُ من طَيْف حلمه! ونرى مَن اقتصر على اليسير مِن العلم والمال والحكمة، وقد احتلَّ المكانة العالية، والدرجةَ السامية في أفئدةِ الخَلْق, وذلك فضلُ الله يؤتيه مَن يشاء؛ فما مفتاحُ ذلك؟ وما الضابط الذي يكسبك هذه الأمنية ويحقِّقها؟
عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله إذا أحبَّ عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحبُّ فلانًا فأحبه، قال: فيحبُّه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحبُّ فلانًا فأحبُّوه، فيحبه أهل السماء, ثم يُوضَع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أُبغِضُ فلانًا فأَبغِضه, فيُبغِضه جبريل، ثم يُنَادِي في أهل السماء: إن الله يُبغِض فلانًا فأَبغِضُوه، قال: فيُبغِضونه، ثم توضع له البَغْضَاء في الأرض))؛ رواه مسلم.
فمتى رَضِي الله على عبدٍ وأحبَّه؛ أرضى عنه الصالحين مِن عباده، وجعل له المهابة والوقار والاحترام, ومتى سَخِط على عبدٍ؛ نَزَع محبته مِن قلوب الصالحين، وأكسبه المذلَّة والهوان, ولو اجتمعتْ له أسباب الثقافة، والمعرفة، والفضل، والمال، والوجاهة الاجتماعية، والمكانة العلمية.
فاجعلي رضا الله غايتَكِ، وطاعتَه وجهَتَك، والْزَمي بابه، واجتهدي في تحصيل مَرضاته، والبُعد عن عِصْيانه, وسيفتح لكِ مِن أبواب الخير، ويسخِّر لكِ مِن قلوب العباد ما يَسعَى إليه الملوك، ويتمنَّاه السلاطين, ويحارب لأجله الأمراء؛ ومِن عجيب ما سمعتُ حول وَلَع الناس باستشعار الأهمية أو العظمة - كما يطلق عليها "فرويد" - أن إحدى ملكات "إنكلترا" كانتْ تأبَى أن تنزع غلاف أي خطاب لم يُعَنْون بـ"صاحبة الجلالة", وكان "كرستوفر كولومبوس" يتمنَّى ويسعى للحصول على لقب: "أدميرال المحيط، ونائب الهند", وكان "جورج واشنطن" يلقِّب نفسه بـ"فخامة الرئيس", والتاريخ ينضحُ بأمثلة رغبات الناس في استشعار أهميتهم, لكن هناك مَن تحقق له ذلك بصدقٍ, وهناك مَن وجد مَن يُدَاهِن لنَيْل مكانة، أو كسب مادي، أو غيرها من المصالح الدنيوية.
وتلك الرغبةُ لا تعني بالضرورة خبثَ النفس، أو خسَّة رغباتها؛ وإنما هي فطرةٌ فطر الله عليها الناس، وميزهم عن غيرهم من الكائنات, وعلى حسب نية صاحبها تكون!
وقد سأل نبيُّ الله إبراهيم - عليه السلام - ربه شيئًا من ذلك؛ فقال: ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84]؛ قال المفسِّرون: "اجعلْ لي ثناءَ صدقٍ، مُستمرًّا إلى آخر الدهر؛ فاستجاب الله دعاءه، فوهب له مِن العلم والحكم، ما كان به مِن أفضل المرسلين، وألحقه بإخوانه المرسلين، وجعله محبوبًا مقبولًا معظَّمًا مثنًى عليه في جميع المِلَل، في كل الأوقات".
فمتى ما أردتِ أن يجعلَ الله لكِ هذه الجاذبية وتلك المنزلة, فاحرصي على مَرضاة الله وطلب العلم, والتسلح به, ولتكنْ نيتُكِ خالصةً لله, لا لأجل فلانٍ ولا فلانة.
ثم احرصي على بعضِ الخصال التي ينصحُ بها المختصُّون في مجال التواصل, لكَسْب محبَّة الناس والتعامل معهم بشكل عام؛ ومنها:
1) تسامحي معهم في حدودٍ لا تؤثِّر على مكانتك، أو تشعرُكِ بالمهانة, وليكنْ غضبُكِ بحلمٍ, وإظهار ضيقِكِ باحترامٍ يُجبِر مَن يعاملكِ على احترامكِ, أي أن تعامليهم بما تحبِّين أن تعاملي به.
2) تجنَّبي تمامًا افتعالَ المشكلات، أو إثارة العداوات, وليكن صمتُكِ أكثر من حديثِكِ, فكم مِن مرَّة هممتُ بالحديث ثم تبيَّن لي الفائدة العظمى للصمت!
3) أشعري مَن حولكِ بالاهتمام الصادق، والمحبة الحقيقية, وثقي أن ذلك لن يؤثِّر على مكانتكِ ومنزلتك في القلوب إلا بالإيجاب.
4) اجعلي لكِ يوميًّا قدْرًا من القراءة الحرة, ولو لم تتجاوز الدقائق العشر, وهذا من أكثرِ ما ينمِّي لديكِ مهارة التحدُّث وأسلوب التعامل اللَّبِق.
5) أَحسِني الاستماعَ إليهم، والتفاعل مع ما يقولون, وحاولي أن تجعلي حديثَك فيما يحبُّون, وليس فيما تحبِّين أنتِ.
6) لا بدَّ أن نستشعر الثقةَ في أنفسنا، بصرف النظر عن نظرة الناس إلينا؛ أنت تستحقين الاحترام، سواء اقتنع الناس بذلك أم لم يقتنعوا, أنتِ تستحقين الرعاية وأخذَ قسطٍ من الراحة, لا بدَّ أن تعاملي نفسَكِ على هذا المبدأ "مبدأ الاحترام"، الذي منحَكِ الله إياه, وأقرَّتْكِ الشريعة عليه, فعلامَ نحتقر أنفسنا، وننظر لها نظرة الدُّونِ، لمجرد أن مَن حولنا لا يقتنعُ بنا، أو لا يشعر بأهميتنا؟!
بَيْدَ أن هناك فارقًا كبيرًا بين الكِبْر والثقة في النفس أو احترامها؛ فعن عبدالله بن مسعودٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كِبْر))، قال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسنًا ونعلُه حسنة، قال: ((إن الله جميلٌ يحب الجمال, الكِبْر بَطَر الحقِّ، وغَمْط الناس))؛ رواه مسلم.
ثالثًا: لعلِّي سأختصرُ في هذه النقطة, وأهم ما أحبُّ أن أذكِّركِ به أن معظمَ مَن أعرفُ يشكو ضيقَ الوقت, وكثرةَ الأعباء, إلا أني ألاحظُ فيمَن يزعم ذلك أن المشكلة لديه ليستْ في ضيق الوقت أو زيادة الأعباء, والدليلُ أنهم مع استمرارِ شكواهم لا يُحسِنون استغلال ما لديهم من وقتٍ, وكأنهم استثقلوا ما لديهم، فأَهمَلوا فيما عندهم وأَضاعُوه كاملًا, ولو أحسنَّا استغلال الوقت الذي نرى قلَّته وضِيقَه لأنجزنا ضِعْفَ ما نعتقدُ قدرتَنا عليه.
لن أخدعَكِ بأن الدراسةَ مع أعباء البيت والطفل سهلةٌ ميسَّرة, لن أزعم ذلك بالتأكيد, وإنما أنصحُكِ وكلَّ مَن لها زوج وبيت وأبناء ولها نشاط آخر؛ كعملٍ أو دراسة أو غير ذلك, أن تحرصَ على كتابة كلِّ ما تفعله في يومِها, وتقوم بتسجيله بدقة في دفترٍ خاصٍّ، مع تسجيل الوقت المخصَّص لكل عمل, ثم بإمكانِكِ بعد ذلك أن تحدِّدي لكل عمل وقتَه المناسب لكِ؛ فقد يُنَاسِبكِ أن تدرسي في ساعات الصباح الأولى, ثم تتبعي ذلك بتنظيم وترتيب شؤون البيت, أو العكس.
ومن الأمور المفيدة لمَن في حالتِكِ أن تجمعَ بين عملينِ في آنٍ؛ فملاعبةُ طفلِكِ أو إطعامُه يمكن أن تتم وأنت تعدِّين الطعام, أو ترتِّبين الفرش, وهكذا حاولي ضمَّ الأعمال إلى بعضِها على حسبِ الاستطاعة.
جرِّبي التفويض؛ فإن كان طفلُكِ قد تجاوز العامَيْن فقد يناسبُه زيارة بيتِ والدتكِ من بداية الصباح إلى آخر اليوم, بحيث تُنجِزين في ذلك اليوم الكثير من المهام المؤجَّلة.
وهنا استشارةٌ في نفس الموضوع أجابتْ عليها الأستاذة شروق الجبوري - حفظها الله - تفضلي غيرَ مأمورةٍ بالاطلاع عليها " كيف أوفق بين أبنائي وزوجي ودراستي؟ "
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
↧
September 6, 2016, 3:10 pm
أختي على علاقة بشاب ، فما الحل؟
|
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي |
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي تدرسُ في جامعةٍ بعيدةٍ عن بيتنا؛ لذلك فهي تَبِيت في الإقامة الجامعية، وقد اتَّصل بي أحدُ معارفي، وأخْبَرَني أنه قد رأى أختي مع شابٍّ!
أنا الآن في غيظٍ شديدٍ؛ حتى إنه مِن الممكن أنْ أضربَها حتى الموت، لقد أُخْبِرْنا مِن قبلُ بأمرٍ مثل هذا فثُرْتُ عليها، وكدتُ أن أعملَ مشكلة كبيرةً، لكني تريَّثتُ، وقلتُ في نفسي: لعل مَن أخْبَرَنا أخطأ، ويجب أن نتبيَّن الأمر، وجاءتْ ردَّة فعلها قوية، وكانتْ تحلف بالله أنها لم تَقُمْ بأي شيءٍ مِن هذا، إلا أن هذا الشابَّ الذي كانتْ معه مدرِّسها، وأنها لم تكنْ تعرف أن حديثها مع مدرِّسها خارج مكان الدراسة سيجلبُ لها الفضائح، ومع هذا نصحتُها بالرجوع إلى الله، وأكَّدتْ لي بأنها لن تتكلَّم مع أي رجلٍ مرة أخرى.
لكني الآن وبعد سماعي بالأمر الجديد - ولا أعلم إذا كان صحيحًا أو لا - على استعدادٍ بأنْ أقتلَها، فأنا مِن البداية مُعارِضٌ لذَهَابِ البنتِ للدراسة في الجامعة بدون مَحْرَم، ومعارضٌ كذلك للاختلاطِ الذي في الجامعات، ولو كان الأمرُ بيدي لمنعتُها مِن الدراسة، لكن الوالدَ يرى أن هذا الأمر طبيعي؛ حتى إذا اقتضى الأمر مِن الممكن أن يوبِّخَها فقط، لكن هذا لا يُجدِي، ويجب تأديبُ هذه البنت؛ مع العلم بأني لا أستطيع أن أتحرَّى أمرها، وهذا يزيدُني غيظًا، ومَن أخبرني بذلك رجلٌ صالحٌ مِن أقاربنا، يدرس معها في الجامعة نفسها، فما الحل في ذلك؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فأبدأُ معك - أيها الأخ الكريم - بما أنهيتَ به رسالتَك، حيث ذكرتَ أنَّ مَن أخْبَرَك بأمر أختِك رجلٌ صالحٌ، يدرس معها في الجامعة نفسها - جزاه الله خيرًا - ما دام يرجو مِن وراء ذلك الحِرْص عليكم، وعلى سُمعة أختِك؛ فقد أمَرَنا الله بقَبُول أخبار العَدْل الثقة، دون الفاسق؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]؛ فدلَّت الآيةُ على المنْعِ مِن قَبُول خبرِ الفاسق بدلالة الموافَقة، وعلى قبول خبر العدل بمفهوم المخالَفة.
إذا تقرَّر هذا؛ فالواجبُ عليك التعامُل مع الأمر بهدوءٍ وواقعية ومسؤولية، وعدم تعدٍّ، فقد جعل الله مِقدارًا للأشياء لا يتعدَّاه ولا يقصر عنه؛ فقال - سبحانه -: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، فلا تقتلْها؛ لأنه غايةٌ في التعدِّي على حدود الله، ولن يزالَ المؤمن في فُسحةٍ مِن دينه ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا؛ كما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند البخاري، وكذلك لا تترك لها الحبلَ على غاربه، وإنما الواجبُ عليك أن تأمرَها بالمعروف، وتنهاها عن المنكر، وتخوِّفها بالله - تعالى - ولا تسمحْ لها بأن تخدعَك أو تكذب أو تُراوغ، وإذا لم تستجبْ لك، أو شعرت منها كذبًا أو خداعًا، فأخبرْ والدَيْك؛ ليُساعداك على تقويمها، وإرجاعها لرشدها.
ولتعلمْ أن الضرب ليس حلًّا لأي مشكلة، وإنما تُحَلُّ المشاكل مِن هذا النوع بالمناقشة الجادَّة، والبحث عن المدخَل المناسب لتغيير سلوكِها الخاطئ، وما يُجدِي معها؛ سواء كان النُّصح، أو الوعظ، أو الترهيب، ويحسُن الاستعانة ببعض الداعيات، أو الفتيات المُلتَزمات معها في الجامعة؛ ليَتَعهَّدْنها بالنُّصح والإرشاد والمراقبة، كل هذا مع الحَزْم، وإفهام الفتاة أنكم لن تسمحوا لها بهذا أبدًا، ولن تتركوها تغامرُ بسمعتها وسمعتكم، وهي في حاجة أيضًا - مع النقاش – إلى أن ترشدوها لما تتعرَّض له الفتاة - غير تلويثِ السمعة - لأكبر عملية خداعٍ من الشباب الذي يتلهَّى بها، وينظر إليها نظرةً دونيةً، وحذِّرها كل الحذَر أنه مجرَّد كلام، وتنفيس لا حقيقة له، لن تَجنِي منه إلا التعلق، وشغل القلب الذي قَطْعًا سيُؤَثِّر على دينها ومستقبلِها، ويشغلها عن طاعة ربها، وكل هذه الخسائر بلا طائل، ولا فائدة.
واطلبْ منها أن تسألَ نفسها - بصِدقٍ -: ما الهدفُ المنشود مِن وراء هذه العَلاقات؟ فإن كان الجوابُ هو: الزواج، فاطلبْ منها أن تنظرَ للواقع؛ لتعرفَ أن حبيب القلب دائمًا إن أراد أن يتزوَّج، بحَثَ عن فتاةٍ لم يرتبطْ بها عاطفيًّا؛ لعدم ثقته فيمَن سبَق لها أن رافقتْ أجنبيًّا عنها، ولو كان هو، فمَن رافقته يومًا لا يبعد أن ترافقَ غيره!
وإن كانتْ تفعل هذا لهوًا، أو لتشعر بأنوثتها، فهل ترضى لنفسِها بمِثْل هذا المصير؟! وهل المجتمعُ سيرحمُها؟ أو سيرحمُ أهلها؟ أَلَا تعلم أن دينَنا وقِيَمنا العربية لا تعرف هذا، ولا يبيحُه ولو كان في النية الزواج؟ فليس في الإسلام ما يُعْرَف بالتعارف، أو الصداقة بين الجنسَيْن.
إلى غير ذلك مِن المناقشات المُثْمِرة، والممزوجة في الوقت نفسه بالصَّرامَة التي قد تصل إلى حدِّ الحِرمان من الدراسة؛ كي تيئسَ من مخادعتكم، فتستقيم، فالشارعُ الحكيمُ جعل الرجل قيِّمًا على المرأة مسؤولًا عنها؛ ليأخذَ على يديها إن أخطأتْ، ويقوِّمها ويصبر عليها، لا أن يتخلَّى عنها، أو يقتلها!
هدى الله أختك للخير، وشرح صدرها، وأنار قلبها بالحق
↧
September 6, 2016, 3:12 pm
ابني على علاقة بفتاة ، فما الحل؟
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني يبلغ مِن العمر (11 عامًا)، بنيتُ علاقتي به على الصراحة والصداقة، وأستشيره في أمورٍ كثيرةٍ، أثق فيه وفي رأيه، الذي غالبًا ما يكون سديدًا، متفوقٌ دراسيًّا، رياضي.
بدأتْ مشكلتي عندما تعرفتُ على صديقة جديدة لديها ابنة في نفس عمر ابني، لا تهتم بأبنائها، وعليها ملاحظات كثيرةٌ في تربيتها لأبنائها، لاحظتُ أن الفتاةَ تتقرَّب من ابني، وحذَّرْتُه لأني وجدتُ رسائل ورقية بينهما فيها كلمات حبٍّ، فوعدني أنه لن يعيد الأمر معها.
لكن عاد لمراسلتها مرة أخرى، ودار بينهما كلام حبٍّ وغزَل، حتى وصَل الأمر إلى أن طلبتْ منه الفتاة أن يُقَبِّلها ويحضنها، واتفقَا على أن يتقابَلَا في مكان لا يوجد فيه أحد ويفعلا ما طلبتْه منه.
ولكن الحمد لله تداركتُ الأمر وعلمتُ الرسائل التي كانت بينهما قبل فوات الأوان، وعندما علمتُ حزنتُ جدًّا، وضربتُه ضربًا شديدًا، وقاطعتُه، وفقدت الثقة فيه.
أشعر أني فشلتُ في تربيتي له، ولا أعلم ماذا أفعل؟ أشعر أني أُمٌّ فاشلة فما الحل؟
الجواب
بسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيتها الأم العزيزة، هل يصح أن نفقدَ الثقة في صبيٍّ له إحدى عشرة سنة؟!
أنت تربِّين بشرًا وليس ملكًا، وهذا يعني أنك ستستمرين على تربية ابنك العزيز وتأديبه حتى يمتدَّ قوامه، ويستكمل شبابه، والذنبُ مِن مُوجبات البشرية، كما يقول ابنُ القيِّم - رحمه الله - فما ظنك بصبيٍّ مرفوع عنه القلم؟!
أوصيك بريحانتك خيرًا، وأن تتعاملي معه بواقعيَّة، وبما يتواءَم مع آداب زمانه، وعمره العقلي والزمني، فكونك قد توسَّمتِ فيه مخايل النجابة، وبدَتْ فيه علاماتُ النُّضج مع أنَّ سِنَّه في أوان منشَئِها، فذلك لا يعني أبدًا أنه قد أصبح ناضجًا وعاقلًا بالفعل، بل يعني أنه قد قارَبَ في خصائصه النفسية والعقلية خصائصَ المراهقين المُرهَقِين، مع استبعاد التفكير الجنسيِّ بلا ريب، فلا تخسري ابنك، وتدفعيه بعيدًا عنك في الوقت الذي بدَتْ فيه حاجته الماسة إلى الرعاية والحبِّ والدِّفءِ العاطفيِّ.
مِن هنا، أنصحك بتفريغ طاقات ابنك العزيز بالأنشطة المفيدة والجديدة، غير التي اعتادَها ومَلَّها، ولتُنَظِّمي له جدولًا حافلًا بالواجبات المدرسيَّة، والألعاب التعليميَّة المتنوِّعة، والأنشطة الترفيهية داخل وخارج المنزل؛ حتى لا يُفسدَه الفراغُ بالتفكير العاطفي وهو في هذه السن، مع الاهتمام بالتعبير العاطفيِّ عن الحبِّ الوالدي تقبيلًا وعناقًا ومَديحًا.
في المقابل، اعملي على تصحيح الجانب الآخر مِن المشكلة مِن خلال الحديث مع والدة تلك الصغيرة العاشِقة؛ لتلتفتَ إلى واجباتها التربوية تُجاه بنيتها، مع مُناصَحة الصغيرة بشكلٍ مباشرٍ بدون أن تغلظي عليها؛ فلعلها تخجل منك فترتدع، ولا تعود ثانيةً إلى تلك التصرفات الرَّديَّة!
وعسى الله أن يحفظَ أبناءَكم بحفْظِه، ويقرَّ أعينكم ببرهم، وصلاح أمرهم، وهدايتهم، اللهم آمين.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب
↧
September 6, 2016, 3:15 pm
تدهْوُر حالتي سبَّب لي الاكتئاب!
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعيشُ حياةً تعيسةً للغاية؛ فأنا لستُ جميلةً، وصِحَّتي متدهْوِرةٌ، والأهمُّ مِن ذلك أنني أُعاني مِن مشاكلَ نفسيَّةٍ كثيرةٍ، سببُها الفشلُ الدراسي، وعدم إتقاني للغات الأجنبيَّة، وفوق هذا كله شخصيتي ضعيفةٌ للغاية، وأُعاني مِن خَجَلٍ شديدٍ، إضافةً إلى مُستواي المادي الضعيف، كلُّ هذه الأشياء جعلتْ لديَّ كآبةً شديدةً؛ مما دفعني إلى الغرَق في أحلام اليقظة، وتخيُّل أنَّ الكلَّ يهتم بي، وأنني جميلة، لدرجة أنَّ ذلك أثَّر على مستواي الدراسي، والأسوأ أنني أتخيَّل أن الجميع معجبون بي! أصبحتُ مُدمِنةً لهذه الأحلام، وأريد أنْ أصيرَ محورَ اهتمام الجميع، وحلمي أن أصبحَ مشهورة.
باختصارٍ: تحوَّلتْ حياتي إلى سلسلةٍ مِن أحلام اليقظة.
أرجوكم أرشدوني إلى حلٍّ لتقوية شخصيتي، وللتخلُّص مِن هذه الأحلام، كما أني أشْعُر بالكآبة؛ لأنَّ جميع صديقاتي أفضل مني! أرجوكم أنقدوني مِن هذا المأزق.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا انضمامكِ إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يستخدمَنا ويُسَخِّرَنا في تقديم ما ينفعكِ وينفع جميع المستشيرين.
وأودُّ أنْ أُحَيِّي إقراركِ بالأخطاء السلوكيَّة والفكرية والنفسية التي تجتاحكِ، ومُواجهتك لها، بل وسَعْيكِ الجاد للكفِّ عنها بأساليبَ سليمةٍ، بدليلِ سؤالك المختصِّين عنها، وهي سماتٌ إيجابيةٌ تُحسَب لكِ، ولا تتوفر لدى الكثيرين للأسف؛ لذا أتمنَّى منكِ تعزيزها في نفسِك والمحافَظة عليها، واعتمادها كأساسٍ لبناء خطوات الحل بإذن الله تعالى.
عزيزتي، إنَّ أحلام اليقَظة تعدُّ مِن الوسائل الدفاعية التي يلجأ إليها الإنسانُ - لا سيما في المراحل الأولى مِن حياته - للتخفيف مِن ضُغُوطٍ نفسيَّةٍ مُعينة، يُسَبِّبها الحرمانُ غالبًا؛ فإن كان هذا الأمرُ بشكلٍ مؤَقَّتٍ، فلا بأس به، بل إنه يكون دافعًا أحيانًا للتغيُّر نحو الأفضل، ومُحَفِّزًا للطُّموح، لكنه يُصبح مشكلةً إذا اكتفى صاحبُه به دون أخْذِه خطوات حقيقيَّة وجادَّة نحو التغيُّر الذي يتمنَّاه في أحلام اليقَظة، كما أنه يُعَدُّ مشكلةً إذا اتخذ الإنسانُ نموذجًا أو قدوةً غير صالحة، ويضع نفسه محلَّها في تلك المخيلات.
وقد لمستُ مِنَ استقرائي لرسالتكِ أنكِ تتخذين نماذجَ تتميَّز بالشُّهرة واستقطاب الأنظار، ليس في خلْقهِنَّ أو عَطائهنَّ الإيجابي، بل في الجمال ونحوه، وهو أمرٌ أراه قد زاد فيك إحساسَ الحِرمان، فانْعَكَس سلبًا على مُستوى ثقتكِ بنَفْسِكِ، وعلى دافعيتكِ في الأداء، فتردَّى مُستواكِ الدِّراسيُّ، ولم يكنْ ذلك بسببِ قلَّة في مُستوى الذكاء الذي أرى أنكِ تتَّسمين به، بدليل أُسلوبكِ المميَّز في نقْدِ وضْعِكِ النفسيِّ، بل بسبب الخطأ في اختيار النموذج مِن ناحية، وفي إجرائكِ المقارَنات الداخلية مع الآخرين، والتي تُرَكِّز فقط على ما لديهم مِن مزايا، مِن جهةٍ ثانيةٍ.
ولذلك - يا عزيزتي - أنصحكِ بعد أن اتَّخَذْتِ الخطوةَ الأولى الصائبة في اتجاه الحلِّ، وهي الرغبة والدافعية في التغيُّر - أن تتَّخِذي قرارًا داخليًّا في السَّعْي نحوه بإصرارٍ، مهما شعرتِ بصعوبتِه وإخفاقك أحيانًا في ذلك، وبعد ذلك أنصحكِ بالاطِّلاعِ على سِيَر حياة بعض الصحابيَّات وقراءتها؛ مثل: أسماء بنت أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - واستبطني أثناء قراءتكِ مَشاعرَها في كلِّ موقفٍ، وأسلوبَها الفكري والحواري، واتركي لمخيلتكِ تصوُّر كلِّ ذلك.
كما أنصحكِ بقراءة قصص نجاح كثيرٍ مِن النساء الناجِحات، وكيف تحدَّين الظروفَ الصعبة مِن أَجْل تحقيق أهدافٍ ساميةٍ، ونَيْل مراتب نجاح عالية، فحصدْنَ بذلك إعجابَ المحيطين، ليس بسبب جمالٍ سيزول مهما طالتْ سنواتُه، ولكن بسبب تميُّزهنَّ في أفكارهنَّ وإصرارهنَّ على الوُصول لتلك الأهداف.
فإنَّ قِيامَكِ بذلك عن قناعةٍ ودافعيَّةٍ، سيعمل على استبدالِ النموذج الوهميِّ الذي تَبَنَّيْتِه في مُخيلتكِ - والذي أجده سببًا في مشاعركِ السلبية - بآخرَ إيجابيٍّ وواقعيٍّ، يكون بإذن الله تعالى - سببًا في تغيير شخصيتكِ وأسلوبكِ الفكري على نحوٍ سليمٍ ومتَّزِنٍ، وهو ما أتمنى أن يكونَ سببًا في تحسُّن وضْعكِ الصحيِّ أيضًا، بسبب التأثير النفسيِّ المهم للصحة النفسية على الصحة البدنيَّةِ.
كذلك أنصحكِ بالالتِفات إلى حالاتٍ لها مُعاناة كبيرة ممن حولكِ؛ مثل: الفتيات اللائي هنَّ في عُمُركِ، ويَعِشْنَ في ملاجئ الأيتام، أو المُعاقَات جسديًّا، أو عقليًّا بشكل لا يُمكِنهن معه القيام بأبسط أمورِهنَّ، وغير ذلك كثير، ثم استشعري مُعاناة كلِّ حالة، وعيشي في خيالكِ موقعها وآلامها؛ فإنك إن قُمتِ بهذه العملية - والتي تسمى بـ: المقارَنة التحتيَّة - على الوجه السليم فستشعرين بنِعَم الله تعالى الكثيرة عليكِ، والتي لا يُمكنكِ إحصاؤها، وستعودين إلى واقعكِ بسعادةٍ، كمَن يصحو مِن "كابوسٍ" مُخيفٍ فيشعر بسعادة؛ لأنَّ ما رآه كان "كابوسًا" فقط.
وأخيرًا، أختم بالدُّعاء إلى الله تعالى أن يُصلِح شأنَك كله، ويَهْدِيَكِ سُبُل الخير، وينفع بكِ، وسنسعد بسماع أخباركِ الطَّيِّبة مجدَّدًا.
↧
↧
September 6, 2016, 3:17 pm
الشعور بالدونية يعوق تواصلي مع الناس
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المستشارون النفسيُّون في شبكة الألوكة الموقَّرة، السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعدُ:
فأنا شابٌّ في السابعة والعشرين، ومنذ صِغَري وأنا أمرُّ بشعورٍ غريبٍ - خاصَّة عند وُجُودي بين أشخاصٍ لا يعرفون عني أي شيء - وهو أني أحسُّ بدونيَّة، وبأنني أقلُّ منهم شأنًا, وعندما أتكلَّم مع أحدِهم أُصاب ببعض التردُّد، وأحسُّ بأنهم يُصَابُون بخَيْبة الأمل بعد ذلك، وأحسُّ كذلك بأنني شخصٌ ذو وجهٍ بَشَعٍ غير مرغوب فيه!
أخشى مِنَ الخَوْض في عَلاقاتٍ جديدةٍ؛ خشْيَة أخْذ انطباعٍ سيِّئ عني! علمًا بأنني - ولله الحمد - شخصٌ ناجحٌ جدًّا في حياتي العملية، ومِن الأوائل في دُفعتي بالجامعة، وموظَّف براتبٍ مُجْزٍ.
خلال هذه السنين حاولتُ أنْ أكْتَشِفَ الخَلَل باجتهادٍ ذاتيٍّ؛ ففي الثامنة مِن عمري تقريبًا تعرَّضتُ للتحرُّش، لكني لم أُخبرْ أيَّ أحدٍ حتى هذه اللحظة، وعكفتُ على تطوير ذاتيٍّ بالتطوير في تخصُّصي، وفي حياتي العامَّة.
حاولتُ أن أجدَ أيَّ دوراتٍ في فنِّ الإلقاء - لكني لم أجدْ حتى الآن - وذلك اعتقادًا مني بأنَّ المشكلة ستحسِّن بشكلٍ كبيرٍ، لا أعلم حقيقةً ما هي مشكلتي؟ أهي حياءٌ؟ أو ترسُّبات نفسية مِن حادثة التحرُّش؟!
لا أدري، أنا في حيرةٍ مِن أمري، أتمنَّى أن أجدَ منكم - مأجورين - جوابًا شافيًا، هذا، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب
أخي الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نشكر لك ثقتَك في شبكة الألوكة، ونسأل الله أن ينفعك والمسلمين بها.
أما ما ذكرتَ مما تُعَانِي منه في رسالتِك؛ فأطمئنُك - أخي - أنك ستجدُ حلًّا سريعًا، وتغيُّرًا واضحًا فيما تُعاني منه - بإذن الله تعالى - إذا ما توصلتَ للسبب الرئيسي لمشكلتك، والذي سنُعطيك مفاتيحَها؛ لأنه لا يُمكن لأحدٍ الوصول إليه سِواك.
فقد لاحظتُ مِن كلامِك نشاطًا وقدرةً نفسيَّة عالية على مُساعدةِ نفسِك والرقِيِّ بها، ومحاولتك للنجاح، ووصولك إليه؛ فكما نجحتَ علميًّا ستنجح اجتماعيًّا - بعون الله تعالى - فمثلُكَ يسهلُ عليه تغييرُ نفسِه بسُرعة وعدم الاستسلام، والعزيمة، والإرادة، وهذا هو الأساسُ لعلاج أي مشكلة.
ما تشتكي منه يعدُّ شعورًا بالنقص؛ وإليك تلك النقاط المهمة:
1- لا بدَّ أن تُؤمِنَ بوجودِ نقْصٍ عند جميع الناس في أمرٍ ما، فليس هناك أحدٌ كاملًا، فعندما نؤمن بوجود نقصٍ في جميع البشر؛ نستطيع أن ننظرَ لذلك النقص بإيجابيةٍ، وأنه يُعدُّ أمرًا طبيعيًّا.
2- لا بدَّ أن تبحثَ عن الشيء الذي تَشعُر بالنقص فيه، سواء كان نفسيًّا أو جسديًّا، وتُواجِهه وتَقبلُه، ولا تهرب منه؛ لأنَّ الهُرُوب منه يزيده سوءًا.
• فمثلًا إذا كنتَ تشعرُ بالنقص بسبب وجهِك أو شكلِك الجسديِّ، فلا بدَّ أن تتقبَّل نفسك، وتُؤمن بأنك تَرضَى عن نفسك وتحبُّها وتقدِّرها، ودليلُ ذلك سعيُك للنجاح؛ فخاطِبْ وجهَك، وانظرْ إليه بحبٍّ وتقبله، وتذكَّر غيرك مِن المعاقين، أو المحرومين نعمًا جسديَّة كثيره تتمتَّع بها أنتَ.
• وإذا كان سببُ نقصِك هو مُقارنةَ نفسك بالآخرين، فامتَنِعْ عن ذلك فورًا؛ لأنَّ الله خَلقَنا مختلفين، وبيننا فروقٌ فرديةٌ، وكلُّ شخص يتميَّز بأمورٍ تختلف عن الآخر، والعبرةُ بالرضا والقبول.
• وإذا كنتَ تضعُ لنفسِك صورةً مثاليَّة للكمال، فَعِشْ على قدْرِ إمكانياتك التي خَلَقَها الله لك... وهكذا.
فعليك البحث عن السبب الذي يُشعِرك في كلِّ مرة بذلك، وواجِهْه وتخلَّص منه، واعكسْ تلك المشاعر مِن السلبية للإيجابية.
فواجِهْ شعورَك بالنقص، ولا تُحاول التهرُّب منه بينك وبين نفسك، أو بينك وبين المحيطين بك، وَثِقْ تمامًا بأنك لستَ وحدَك الشاعرَ بالنقص في أحدِ جوانب شخصيتك، وَضَع الناحيةَ التي تشعرُ بوُجُود نقصٍ فيها نُصْبَ عينيك، وابدأ بدراستِها بكثيرٍ مِن الاهتمام والعناية - للتوصُّل إلى الطريقة الأفضل لمواجَهتها، ومن ثَمَّ التغلُّب عليها، أو التغلُّب على شُعورك بها.
3- اكتبْ مميزاتك، ثم اكْتُبِ الجوانبَ التي تراها عيبًا، وارسمْ بعدها تلك الصورة التي ستكون بها راضيًا عن نفسك؛ فهذه الصورةُ ستُعطيك حافزًا قويًّا نحو التغيُّر، وستشعر بكتابة مميزاتك بالرضا عن نفسك، والفخر بها، ومن ثَمَّ الثقة بها.
4- كُنْ على يقينٍ بأنَّ الآخرين يحكمون علينا مِن خلال نظرتِنا لأنفسنا، فإذا شعرتَ بالرضا عن نفسك؛ رَضِي عنك الآخرون، وإذا شعرتَ بالضعف والنَّقْص شعر الآخرون نحوَك بالضعف والنقص؛ فركِّزْ على نفسك بالرضا والقبول، ومن ثَمَّ ستجد ردَّة فِعل الآخرين كما تريد، أو ستكون واثقًا راضيًا عن نفسك إذا ما تحدَّثتَ مع أشخاصٍ ينتقدون الآخرين ويحبطونهم، فأهَمُّ شيءٍ نظرتُك لنفسك، فكما كان الرسولُ - عليه الصلاة والسلام - ثابتًا راسخًا رغم كلِّ ما أصابه مِن سُخرية الكفَّار واحتقارهم له، وذلك كان لقوَّة إيمانه بما يعتقد وما يدعو له؛ فثِق في إمكانياتك، وارْضَ عن نفسك.
5- بحثُك عن السبب الذي يُشعِرك بذلك الشعور مِن جهةٍ ظاهرية؛ كمِثْل تعرُّضك لموقفِ التحرُّش، أو معاملة أي أحدٍ لك - هو نوعٌ مِن الهُرُوب بإسقاط الشعور على أي شيء خارجيٍّ، فخاطبْ نفسَك، وتحدَّثْ معها، مَن مِن الناس لم يتعرَّضْ لمشاكلَ نفسيةٍ مختلفة في طفولتِه؟!
قد تكون تعرَّضتَ لما تعرَّض له الكثيرون، ولكن يبقى الأهم، وهو: ماذا استفاد كل شخص مما مرَّ به؟ تلك المواقفُ مؤلِمة حين نتذكَّرها، وتشعرنا بالغضِّ نحو مَن يستغلون ضعفَ الأطفال وبراءتَهم، ولكن انظرْ لذلك بإيجابيةٍ، كيف سيجعلك ذلك تُحافِظ على أبنائك وترعاهم، ولا تعرِّضهم لأي أذِيَّةٍ مِن أحدٍ؟
ربما تُفِيدك تلك القصة في التفكير بإيجابية نحو أي موقفٍ:
• اشترى أحدُ الزُّرَّاع في مدينة "فلوريدا" قطعةَ أرضٍ من مشروعٍ لتقسيم الأراضي، وعندما نال نصيبَه منها وصل إليها، ووصلتْ خيبة الأمل معه؛ فالأرضُ غير صالحةٍ للزراعة، ولا ينبتُ فيها غيرُ شجرِ "البلُّوط"، ولا تعيش فيها إلا الأفاعي السامَّة، وقف طويلًا يتأمَّل،لقد دفع كلَّ ما يملك مِن مال، وهذا ما ناله؛ فماذا يفعل؟
- لقد قرَّر بعد تفكيرٍ أن يَستَفِيد من تلك الأفاعي السامَّة، وأمام دهشة الجميع من جيرانه اليائسين بدأ تعليب لحمِ الأفاعي، وأنشأ مختبرًا لاستخلاصِ السمِّ مِن الأفاعي، وبيعه لمصانع الأدوية؛ حيث يتم تحويله إلى مضادَّات حيوية يعود عليه بربحٍ وفير، كما كان يُصوِّر هذه الأفاعي، ويطبع بطاقات لها توزَّع في المكتبات، وبلغ عددُ السيَّاح الذين يزورون مزرعتَه كلَّ عامٍ عشرين ألف سائح؛ ليتفرَّجوا على الأفاعي والثعابين السامَّة.
إن بإمكانِ أيِّ غبي أن يستفيد مِن أرباحه، ولكن الذكيَّ فقط هو الذي يستطيع أن يستفيدَ مِن خسائرِه؛ فهو يحوِّل الهزيمةَ إلى انتصار، والنقص إلى الكمال.
إلى الأمام دائمًا، ولا تجعلْ لتلك الصغائر عائقًا نحو نجاحِك وانطلاقك، وتعاملك بحرية وطلاقه مع نفسك ومع الناس، غيِّر قناعاتِك نحو ذاتِك، وسَلِ العونَ من الله - تعالى - وفَّقك الله.
↧
September 6, 2016, 3:29 pm
علاقة الشيعة بمخالفيهم
أ.د. ناصر بن عبد الله القفاري
الشيعة يعيشون في مجتمعاتهم مع المسلمين وغيرهم، ويحملون الهوية الإسلامية، ولا يوجد تمييز لهم عن غيرهم، والأصل في العلاقة بين المسلمين الحب والمودة والتكافل والإيثار، كما أن العلاقة في الإسلام مع غير المسلم قائمة على العدل، بل والإحسان، كما قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ظ¨]، أي تفضوا إليهم بالقسط؛ وهو العدل، والبر؛ وهو الإحسان[1]، وهو أعلى من العدل، ومعنى: {تَبَرُّوهُمْ}: أن تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة وليس مجرد العدل، فإن العدل واجب ممن قاتل وممن لم يقاتل[2]، فلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم، وهذا القدر من الموالاة غير منهي عنه، فإن الله عز وجل عم بقوله: {الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ} جميع من كانت تلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض[3]، «فلا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا رحمة لهم لشدتهم في العداوة»[4].
بل إن مبادئ الإسلام توجب الدفاع عن أهل الذمة[5] إذا قصدهم معتدٍ؛ لأنهم في جوارنا وخفارتنا، وأجمع العلماء على أن من كان في الذمة وجاء أهلُ الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح[6].
هذا في حق غير المسلمين، فكيف الحال بعلاقة المسلم مع أخيه المسلم؟! فقد أرسى الإسلام دعائم الود بين المسلم وأخيه، وقدم جيل الصحابة رضوان الله عليهم أعظم صور المحبة والوفاء امتثالًا لهدي القرآن والسنة، ولا شك في أن مبدأ الأخوة والاعتصام بحبل الله جميعاً الذي هو صفة الأمة المسلمة كان هدفاً من أهداف العدو المتربص بالأمة، وكانت مؤامراته في تقويض البناء المتماسك كثيرة، ولقد اندس هؤلاء الأعداء في التشيع وأعملوا من خلاله الهدم والتخريب لهذا الأساس المتين في المجتمع الإسلامي.
ولهذا كان من الشائع والمستفيض:
أن علاقة الشيعي مع غيره مبنية على حب الإيذاء بأي وسيلة، واتخاذ ذلك قربة عند الله.
وأن إضمار العداء والكره لمخالفيهم من صفاتهم.
وأن عدم الوفاء ومراعاة الحقوق من طبيعتهم.
وأن الغدر والمكر والخيانة والخديعة من سجاياهم المشهودة، وأعمالهم المشهورة، والتي تبدأ بالأذى وتنتهي بالقتل.
قال شيخ الإسلام: «وأما الرافضي فلا يعاشر أحداً إلا استعمل معه النفاق؛ فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة، وغش الناس، وإرادة السوء بهم، فهو لا يألوهم خبالًا ولا يترك شراً يقدر عليه إلا فعله بهم، وهو ممقوت عند من لا يعرفه، وإن لم يعرف أنه رافضي تظهر على وجهه سيما النفاق وفي لحن القول، ولهذا تجده ينافق ضعفاء الناس ومن لا حاجة به إليه لما في قلبه من النفاق الذي يضعف قلبه»[7].
وقد قدّم العلامة الشوكاني مشاهدات شخصية من خلال معايشته للرافضة في اليمن، وكشف من خلال ذلك أموراً عجيبة وأكد أنه «لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له؛ لأنه عنده مباح الدم والمال. وكل ما يظهره من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة»[8].
وبين حقيقة ذلك بالتجربة العملية مع هذه الطائفة فقال: «وقد جربنا هذا تجريباً كثيراً فلم نجد رافضياً يخلص المودة لغير رافضي، وإن آثره بجميع ما يملكه، وكان له بمنزلة الخول وتودد إليه بكل ممكن، ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم، ثم لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجري على شتم الأعراض المحترمة، فإنه يلعن أقبح اللعن، ويسب أفظع السب كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة وأحقر جدال، وأقل اختلاف، ولعل سبب هذا - والله أعلم - أنهم لما تجرؤا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم، ولا جرم، فكل شديد ذنب يهون ما دونه»[9].
وقد أشار الشوكاني - رحمه الله - إلى أنهم لا يتورعون عن اقتراف أي جريمة في المجتمع الإسلامي، ولا يتنزهون عن فعل أي محرم، فقال: وقد جربنا وجرب من قبلنا فلم يجدوا رجلاً رافضياً يتنزه عن محرمات الدين كائناً من كان ولا تغترَّ بالظواهر؛ فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ويكون أعف الناس عنها في الظاهر، وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من لا يخاف ناراً ولا يرجو جنة.
ثم استشهد على ذلك ببعض مشاهداته الشخصية فقال: «وقد رأيت منهم من كان مؤذناً ملازماً للجماعات فانكشف سارقاً، وآخر كان يؤم الناس في بعض مساجد صنعاء، وله سمت حسن وهدي عجيب وملازمة للطاعة، وكنت أكثر التعجب منه كيف يكون مثله رافضياً ثم سمعت بعد ذلك عنه بأمور تقشعر لها الجلود وترجف منها القلوب»، ثم ذكر رجلاً ثالثاً كان به رفض يسير، ثم تطور به الرفض حتى ألف في مثالب جماعة من الصحابة. قال الشوكاني: «وكنت أعرف عنه في مبادئ أمره صلابة وعفة، فقلت: إذا كان ولابد من رافضي عفيف فهذا، ثم سمعت عنه بفواقر، نسأل الله الستر والسلامة»[10].
ثم قال رحمه الله: «وأما وثوب هذه الطائفة على أموال اليتامى والمستضعفين ومن يقدرون على ظلمه كائناً من كان فلا يحتاج إلى برهان، بل يكفي مدعيه إحالة منكره على الاستقراء والتتبع فإنه سيظفر عند ذلك بصحة ما ذكرناه»[11].
هذه «مشاهدات» مهمة سجلها الشوكاني، وبيّن كيف يفعل «الرفض» بأهله وأثر ذلك في علاقته مع غيره، وهي رؤية خبير وعالم كبير بعد دراسة ونظر وتجربة طويلة مع مختلف طبقات الرافضة؛ لأنه يقيم مع هذه الفئة من الرافضة في اليمن التي خرجت من نطاق الزيدية إلى الرفض كما هو معروف عن الجارودية[12].
والأمر الأعجب أن ظلمهم لم يقتصر على مخالفيهم، بل تجاوز ذلك إلى ظلم بعضهم بعضاً، ومما سجله التاريخ والواقع أن أهل السنة «خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض»، وهذا ما يعترفون به؛ ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم يقولون لأهل السنة: «أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضاً»[13].
وقد وقفت على نص مهم في الكافي للكليني يثبت هذه الحقيقة، ويبيّن طبيعة الرافضي في علاقاته مع الناس، وهو يشهد لكلام الشوكاني، ويعترف بصدق ما قاله، والاعتراف سيد الأدلة، وشهادة المخالف أكثر وقعاً في النفس من شهادة الموافق.
جاء في الكافي أن أحد الشيعة - ويسمى عبد الله بن كيسان - قال لإمامهم: «إني.. نشأت في أرض فارس، وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فأخالط الرجل فأرى له حسن السمت[14]، وحسن الخلق، وكثرة أمانة، ثم أفتشه فأتبينه من عدواتكم [يعني من أهل السنة]، وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة[15]، ثم أفتشه فأتبينه عن ولايتكم»[16].
هذه الرواية تعترف لأهل السنة بحسن الخلق، وكثرة الأمانة وحسن السمت، بينما تصف الرافضة بضد هذه الأوصاف.
وفي خبر آخر في الكافي أن رجلاً شكا لإمامه ما يجده في أصحابه من الرافضة من «النزق والحدة والطيش» وأنه يغتم لذلك غماً شديداً، بينما يرى ممن خالفهم من أهل السنة حسن السمت، قال إمامهم: لا تقل حسن السمت، فإن السمت سمت الطريق[17]، ولكن قل: حسن السيما؛ فإن الله عز وجل يقول: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } [الفتح: 29] قال: قلت: فأراه حسن السيما وله وقار، فأغتم ذلك[18].
وهذا شيعي ثالث يقال له عبد الله بن أبي يعفور لا ينقضي عجبه من ذلك البون الواسع بين أخلاق أهل السنة وبين خلق شيعته، ويرفع ذلك لإمامه فيقول: «إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً[19] لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم [يعني الرافضة] ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق. قال: فاستوى أبو عبد الله جالساً فأقبل عليّ كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله. قلت: لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء؟ قال: نعم»[20].
وهذا الجواب الذي ينفي العتب والذم عنهم، وإن اقترفوا الموبقات هو الذي أدى بهم إلى هذا الدرك الهابط من التعامل والتساهل في ارتكاب المنكرات، لأن الدين عندهم «ولاية الإمام» وحب علي حسنة لا يضر معها سيئة، وما لم يصلح هذا الأساس فستبقى هذه الخصيصة فيهم.
وعلاقة الشيعي مع مخالفه تبلغ أسوأ درجاتها في سعيه لسفك دم كل من يخالفه في ديانته، فتقرر لهم مصادرهم «مبدأ الغيلة»، وتصفية الخصوم بهذا الأسلوب، ولا تشترط سوى شرط واحد وهو أن يأمن الشيعي الضرر على نفسه وهو القصاص.
تقول كتب الشيعة: عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: ما تقول في قتل الناصب؟ فقال: «حلال الدم، ولكن أتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً، أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل»[21].
وفي رجال الكشي يحكي أحد الشيعة لإمامه كيف استطاع أن يقتل مجموعة من مخالفيه فيقول: «منهم من كنت أصعد سطحه بسلم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج عليّ قتلته، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلا لي قتلته»[22]، وذكر أنه قتل بهذه الطريقة ثلاثة عشر مسلماً؛ لأنه يزعم أنهم يتبرؤون من علي[23].
ويكشف شيخهم نعمة الله الجزائري جريمة كبرى جرت في عهد هارون الرشيد، وتم من خلالها قتل خمسمائة مسلم في ليلة واحدة لا ذنب لهم سوى أنهم ليسوا على دين الرافضة، وقد ذكر الجزائري الرافضي تفاصيل هذه الجريمة الشنيعة على سبيل الرضا بها والتأييد لها، والدعوة لأتباعه إلى امتثال هذا المسلك الإجرامي الإرهابي الخطير، ومن الجدير بالذكر أن هذه الجريمة لم تسجلها مصادر المسلمين التاريخية - بحسب علمي -، وذلك لخفاء الأسلوب الذي تم ارتكاب الجريمة بواسطته، فقد تمكن أحد رموز الرافضة ويدعى علي بن يقطين من التسلل إلى الجهاز الأمني في عهد هارون الرشيد حتى صار المسؤول الأول عن السجون أو ما يشبه وزير الأمن أو الداخلية[24]، ونترك الحديث للجزائري يخبرنا عن هذه الجريمة البشعة فيقول: «إن عليَّ بن يقطين[25] وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين، فأمر غلمانه وهدموا أسقف المحبس على المحبوسين، فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريباً، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم (ع)، فكتب إليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت إليّ قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم. وحيث إنك لم تتقدم إليّ فكفر عن كل رجل قتلت منهم بتيس، والتيس[26] خير منه»[27]. فانظر كيف يعيشون وسط المسلمين وهم يتحينون أدنى فرصة لقتلهم والانتقام منهم!
وهذه اعترافاتهم تشهد بآثارهم السوداء، فترى إمامه هنا يقره على قتل خمسمائة مسلم لمجرد أنهم ليسوا بروافض، ويأمره بالتكفير بتيس، لأنه لم يستأذنه قبل ذلك، فالشيعي إذا استأذن إمامه أو نائبه وهو الولي الفقيه فليفعل ما يريد، وإن لم يستأذن فالأمر لا يعدو ذبح تيس.
ولذلك علق شيخهم الجزائري (راوي الخبر) على دية التيس هذه، بقوله: «فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد، فإن ديته عشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي، فإنهما ثمانمئة [كذا] درهم، وحالهم في الآخرة أخس وأنجس»[28].
وهذا قول من الشناعة بمكان، ولا يحتاج إلى تعليق فهو ينطق بنفسه على حقدهم على أهل السنة، وأنهم أكفر عندهم من اليهود والنصارى والمجوس، وأن دماء المسلمين عندهم هي أرخص الدماء، وديتها - إذا لم يستأذن القاتل إمامه - مجرد ذبح تيس ينعمون هم بأكله، وقرر شيخهم ابن المطهر الحلي الملقب عندهم بـ«العلامة» أن المسلمين عندهم أكفر من اليهود والنصارى، وبنى هذا الحكم على إنكار مخالفيهم لإمامة الاثني عشر التي هي أساس مذهبهم[29].
ويبدو أن دماء هؤلاء الأبرياء لم تذهب سدى، فقد انكشف أمر هذا الزنديق الذي لم يجد ولم ينفع إكرامه ومنحه رتبة الوزارة في إزالة حقده وعدائه للأمة، فقد كانت نهايته أن قتل على الزندقة، كما ذكر الإمام الطبري[30].
ولا يقتصر عداؤهم على المسلمين فحسب، بل هم أعداء للإنسانية كلها كحال يهود، ولذا جاء في مصادرهم المعتمدة أنهم يستعدون لتصفية شاملة للبشرية تبدأ بالعرب الذين أسقطوا دولتهم الكسروية المجوسية، ثم يمتد إجرامهم إلى البشرية كلها حتى إنهم يعدون أتباعهم بوقوع مقتلة عظيمة لا تبقي على مخالفيهم، وذلك على يد مهديهم المنتظر الذي يبعث - كما يقولون - بــ«الجفر الأحمر» وهو الذبح لكل مخالف، قال إمامهم يخاطب أحد الشيعة: «كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم [يعني مهديهم] قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثم أخرج المثال: الجديد على العرب شديد، قال [الراوي] قلت: جُعلتُ فداك ما هو؟ قال: الذبح. قال: قلت: بأي شيء يسير فيهم، بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال: لا، إن علياً سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكف، وهو يعلم أنه سيظهر على شيعته من بعدهم، وأن القائم يسير بما في الجفر الأحمر، وهو الذبح، وهو يعلم أنه لا يظهر على شيعته»[31].
ويقولون إن منتظرهم: «يسير في العرب بما في الجفر الأحمر - وهو قتلهم»[32]، «وإنه يقتل المولي ويجهز على الجريح»[33].
وفي رواياتهم أيضاً المقدسة عندهم: سئل الصادق - كما يزعمون -: «أيسير القائم بخلاف سيرة علي؟ فقال: لا، وذاك أن علياً سار بالمنِّ والكف، لعلمه أن شيعته سيظهر عليهم من بعده، أما القائم فيسير بالسيف والسبي؛ لأنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبداً»[34].
وفي رواياتهم أن إمامهم ومهديهم ومن ينوب عنه اليوم (الولي الفقيه) يبعث بالجفر الحمر وهو القتل العام، ففي مصادرهم: «كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثم أخرج المثال الجديد، على العرب شديد. قال (الراوي): قلت: جعلت فداك ما هو؟ قال: الذبح، قال: قلت بأي شيء يسير فيهم؛ بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال: لا، إن علياً سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكف، وهو يعلم أنه سيظهر على شيعته من بعده، وأن القائم يسير بما في الجفر الأحمر وهو الذبح، وهو يعلم أنه لا يظهر على شيعته»[35].
والقتل صفة دائمة ملازمة له، تقول نصوصهم إن قائمهم «ليس شأنه إلا القتل فلا يستبقي أحداً، ولا يستتيب أحداً»[36]، وهذا يشمل البشرية كلها، وكذلك يفعل نوابه سواء بسواء بحسب نظرية ولاية الفقيه الخمينية.
هذه طبيعتهم العدوانية التي صنعتها مصادرهم ومآتمهم وفتاوى مراجعهم، وإن رابك شيء من ذلك فارجع البصر إلى ما تفعله اليوم فرق الموت وميليشيات الرافضة في أهل العراق والشام واليمن! كل هذا لا لشيء سوى أنهم ليسوا على دين الروافض!
فالحقيقة التي تؤكدها مصادرهم، ويشهد عليها تاريخهم، وتقررها فتاوى مراجعهم أنهم ما إن يتمكنوا من بلد إلا وساروا في أهله قتلاً وإبادة وانتقاماً، وعاثوا في أرضه فساداً وخراباً ودماراً.
ومصداق ذلك ما نشاهده اليوم من جرائمهم الوحشية التي لا تخطر ببال، ولا يتصورها خيال، من قتل عام ومجازر دموية للمسلمين في سوريا والعراق واليمن وغيرها مما لم يجر مثله في التاريخ، ولن ينصلح حال هؤلاء حتى يحال بينهم وبين مصادرهم التي يستمدون منها الإرهاب، ويحاسب ملاليهم الذين يزينون لهم العدوان، وتمنع مآتمهم التي تغذي فيهم روح الانتقام، ويقطع مدد الخمس عن مراجعهم الذي يستولون به على أموال أتباعهم، وبه يموِّلون نشر مذهبهم وتصدير ثورتهم.
[1] انظر: محاسن التأويل للقاسمي 16/128.
[2] أحكام القرآن لابن العربي 4/1785، وتفسير القرطبي 18/59.
[3] تفسير الطبري 28/66، محاسن التأويل 16/129.
[4] تفسير الرازي 29/304، محاسن التأويل 16/120.
[5] يرى شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - أنه ليس عندنا أهل ذمة؛ لأن أهل الذمة هم الذين يخضعون لأحكام الإسلام، ويؤدون الجزية، وهذا مفقود منذ زمن طويل، لكن لدينا معاهدون ومستأمنون ومعاهدون معاهدة عامة، ومعاهدة خاصة، فمن قدم إلى بلادنا من الكفار لعملٍ أو تجارة وسمح له بذلك فهو: إما معاهد أو مستأمن فلا يجوز الاعتداء عليه (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 25/ 493).
[6] انظر: تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية، المطبوع على هامش الفروق للقرافي 1/26.
[7] منهاج السنة: 3/260.
[8] أدب الطلب: ص70-71.
[9] أدب الطلب: ص71.
[10] أدب الطلب: ص73.
[11] أدب الطلب: ص74.
[12] الزيدية الجارودية: هي وإن تسمت بالزيدية فهي رافضة تكفر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن شيخ الإمامية «المفيد» في كتابه «أوائل المقالات» (ص39) أخرج الزيدية من دائرة التشيع واستثنى منهم «الجارودية» لأنهم على مذهبه.
وهم أسلاف حوثية اليوم، ونحن نرى ما يفعله حوثية اليمن اليوم بأهل اليمن من سنة وزيدية، هذا وهم لم يتمكنوا بعد! فكيف الحال إذا صارت الكلمة لهم والسلطة في أيديهم؟! الحقيقة أنهم سيجرون من دماء السنة أنهاراً كما فعل أسلافهم الصفويون، وكما يفعل رافضة اليوم في العراق والشام.
[13] منهاج السنة 5/157-158.
[14] المعنى: هيئة أهل الخير (هامش الكافي: 2/4).
[15] الزعارة: سوء الخلق، وفي بعض النسخ (للكافي) «الدعارة» وهو الفساد والفسوق والخبث.
[16] أصول الكافي: 2/4، تفسير نور الثقلين: 4/47.
[17] من المعلوم في اللغة أن السمت يطلق على الوقار والهيئة، كما يطلق على الطريق. قال في المصباح: «السمت الطريق، والقصد، والسكينة والوقار والهيئة».
[18] أصول الكافي: 2/11، وقد كان جواب إمامهم على هذه الشكاوى بالاعتراف بها وتعليلها بطبيعة الطينة التي خلق منها كل فريق، وهو يؤكد الأمر ولا ينفيه.
[19] المراد بفلان وفلان أبو بكر وعمر - كما قاله شراح الكافي - وهذا إشارة لأهل السنة.
[20] أصول الكافي: 1/375.
[21] ابن بابويه/ علل الشرائع: ص200، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 18/463، المجلسي/ بحار الأنوار: 27/231.
[22] رجال الكشي: ص342-343.
[23] رجال الكشي: ص342-343.
[24] التنظيم السري العالمي للروافض يؤيد الدخول في الحكومات، مع أنهم لا يعترفون بشرعية أي حكومة مهما كانت صالحة عادلة، ويعتقدون أن كل حكومة تقوم غير حكومة المهدي أو نائبه الولي الفقيه بحسب النظرية الخمينية فصاحبها طاغوت وإن كان يدعو إلى الحق (انظر: الكافي مع شرحه للمازندراني: 12/371). ومع ذلك فإنهم يحضون أتباعهم على المشاركة فيها، ويسمي الخميني هذا المسلك بـ«الدخول الشكلي في الحكومات» فيقول: «إن من باب التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلاطين إذا كان في دخوله الشكلي نصر للإسلام وللمسلمين مثل دخول نصير الدين الطوسي» (الحكومة الإسلامية ص142)، وانظر بحث: الدخول الشكلي في الحكومات (منشور بمجلة البيان).
[25] وقد وصفه الجزائري بأنه من خواص الشيعة (الأنوار النعمانية: 2/308).
[26] التيس ذكر المعز.
[27] «الأنوار النعمانية» 2/308.
[28] «الأنوار النعمانية» 2/308.
[29] «الألفين» ص3، وانظر: «أصول مذهب الشيعة» 2/ 714-715.
[30] انظر: «تاريخ الطبري» 8/190 (حوادث سنة 169هـ).
[31] «بحار الأنوار» 52/318، وهذه الرواية في بصائر الدرجات كما أشار إلى ذلك المجلسي.
[32] «البحار» 52/389.
[33] «البحار» 52/313.
[34] «الغيبة» للنعماني ص153، «بحار الأنوار» 52/353.
[35] بحار الأنوار: 52/318.
[36] بحار الأنوار: 52/231، 349.
↧
September 7, 2016, 3:26 pm
↧
September 7, 2016, 3:37 pm
↧
↧
September 7, 2016, 6:24 pm
أريد العيش في بيت مستقل
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة تسكُن في بيت عائلة زوجها، بينها وبين أهل زوجها مشكلات؛ مما أدى إلى تركِها للبيتِ، ولا تريد الرجوع إلى البيت إلا إذا استقلَّتْ في سكنٍ آخر بعيد عن أهل زوجها.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة، وزوجي ولله الحمدُ صفاتُه الخلُقية محمودة، لكن المشكلة أنه ضعيفُ الشخصية أمام أهلِه؛ فالكلُّ يتحكَّم فيه، ولا يُعيرُونه اهتمامًا.
وقعتْ خُصومةٌ كبيرة جدًّا بيني وبين زوجة أخيه، وظلَمتني وكذبتْ عليَّ، وحلفتْ على القرآنِ زُورًا أنني أسبُّ وأشتكي لها من إخوة زوجي، وأنني أكرههم، وأشياء كثيرة جدًّا لا أعلم عنها أي شيء!
صُدِمْتُ مما قيل، وتركتُ البيت، وللأسف زوجي وجميع الأهل صدَّقوا ما قالتْ وكذَّبوني!
الآن لَم أَعُدْ أحتَمِل الوضع بتاتًا، وقد عانيتُ كثيرًا، ومرضتُ لهولِ ما حدث، واستقرَّ رأيي على عدم الرجوع إلى البيت حتى يستقلَّ زوجي عنهم، لكن زوجي رفض، ورأيُه أن لنا شقةً خاصة بنا، ولا داعي لأن نترُكَ البيت مِن الأصل؛ لأن الأمر لا يَستدعي!
لو طلبتُ النقل بالكلية وأصررتُ على ذلك فسيُطلِّقني، ولديَّ أولادٌ، ولا أعلم ماذا أفعل؟ ولو رجعتُ إلى البيت ستكون نهايتي، وستتأثَّر صحتي، وربما أموت مَوتًا بطيئًا.
فما الحل مِن وجهة نظَركم؟ وهل لي الحق في طلَب سكنٍ مُستقلٍّ؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بُنيتي الغالية، حياكِ الله.
اسمحي لي أن ألفتَ انتباهكِ الكريم إلى طريقة تفكيركِ التي بَدَتْ بين إفراطٍ وتفريطٍ؛ فأنتِ في تعاملكِ معهم باللين الشديد والضعف الذي لا أراه يختلف عن زوجكِ كثيرًا، رغم أن لهم عليه مِن الحقوق ما يَحمله على التجاوُز ما ليس لكِ.
ألم يكنْ بإمكانكِ ترْكُ التواصل معهم، والاختلاط بهم، وإبداء ما تُبدين الآن مِن القوة والإصرار على الرأي، عِوَضًا عن طلب مسكنٍ جديدٍ في الغالب لن يقدرَ عليه زوجُكِ؟
هو مُحِقٌّ في رفضِه لصعوبة مثلِ هذا الإجراء، مع عدم توفر المسكن البديل أمامه، أو لرغبته في البقاء إلى جوار أهلٍ قد يكونون في حاجة إليه ولهم عليه حقوقٌ، ولو كانوا ظالمين، لكنكِ مُحقة إن طلبتِ تجنُّبهم وعدم الاختلاط بهم على أيِّ نحو، على ألا تمنعي أبناءكِ أو زوجكِ من زيارتهم والتواصل معهم، أو تحرضي عليهم - تصريحًا أو تلميحًا - بالسوء، وبما قد يُوغر الصدور.
فنصيحتي لكِ باختصار: أن تعدلي مِن قراركِ أو طلبكِ بهذا الطلب الجديد: "أن تستقلِّي عنهم في شقتكِ، دون اختلاطٍ بهم بأيِّ وسيلة".
ونصيحة أخرى أيتها العزيزة: نحن كثيرًا ما نَحْكُم على الآخرين مِن وجهة نظرنا التي نراها ولا نرى غيرها، وقد يكون الوضعُ على غير ما يَبدُو لكِ، أو على الأقل باختلافٍ قد يُغير مِن نظرتكِ إليهم، ولن يكون مِن السهلِ عليكِ أن يحلفَ أحدُهم أمامكِ بالأيمان المُغلَّظة على أمورٍ لن تملكي إلا أن تُصدقيها حين لا يدافع المُدعي عليه عن نفسه، أو يحاول أن يَدْرَأَ الشُّبْهة بحججٍ تَدْحَض ما تقول.
لا أعني بقولي هذا أنهم على صوابٍ مِن تصديقِ ما قالتْ وادَّعتْ، لكن الأمر ليس على هذا النحو من اليُسر، وكم مِن موقفٍ يسهل علينا أن نحكمَ عليه مِن بعيدٍ ثم لا نفعل إلا كما فَعَلَ مَن ننتقده ونتعجَّب منه!
فإن عدتِ إلى بيتكِ واعتزلتِهم، فلْتَجْعَلي في اعتزالك شُرفة بينكِ وبينهم، ولا تكوني غليظةً في أي موقفٍ قد تتعرضين إليه، ولتُوازني بين اللين وحِفْظ حقكِ كاملًا، وثقي أنَّ الله لا يُذهِب أجرَ الصبر على المسلمين سُدًى، ولن يَدومَ كيدُ الكائدين.
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
↧
September 7, 2016, 6:26 pm
أمي تريد أن أهين والد زوجتي
أ. لولوة السجا
السؤال
♦ ملخص السؤال:
شاب حصلت مشكلة بين أمه ووالد زوجته عبر الهاتف، وأمه تطلب منه أن يشتم والد زوجته أو تقاطعه، لكنه رفض، فطلبتْ منه أن يطلق زوجته ليكسر أهلها، وانتقامًا لها، لكنه رفض.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في السادسة والعشرين مِن عمري، أعمل صيدلانيًّا، تخرجتُ في جامعة أجنبيةٍ، وطوال هذه السنوات كانتْ والدتي هي المتكَفِّلة بمعيشتي.
وجدتُ عملاً يُساعدني في مَصْروفاتي، وبعد إتمامي للكلية، وانتهاء دراستي، عدتُ لبلدي وتزوجتُ، وكان أملي أن أعملَ في مستشفى، لكن حالت الظروف دون ذلك.
اضطررتُ للسفر إلى دولةٍ أخرى، وتكفلتْ والدتي بالنفقة عليَّ، ثم سكنتُ بجانب أخي في شقة أمي، لكن للأسف بدأتْ تظهر المشكلات بين زوجتي وأخي.
في كل مرَّة كنتُ أحضر زوجتي لكي تعتذرَ لأخي؛ سواء كانتْ مخطئة أو لا، ثم حصَل سوء تفاهُم بين والدتي ووالد زوجتي أثناء مكالمة هاتفية، وفهمتْ أمي الحديث خطأ، وأغلقت الهاتف في وجهه.
أخبرتني أمي بما حدَث، واحتدتْ عليَّ، وأنا أعرف أن أمي متسرِّعة، ووالد زوجتي رجل رفيق ولا يعلو صوته، ولا أنسى فضله عليَّ حينما تزوجتُ ابنته ووقَف معي.
اتصلتْ بي أمي وهي مصمِّمة على أن أتصل به وأشتمه أمامها، وإن لم أفعل فإنها ستقاطعني، أخبرتها بأن هذا لا يجوز، وأن الرجل لم يقصدْ إهانتك، فشتمتني وأغلقت الهاتف في وجهي، ثم طلبتْ مني أن أترك الشَّقَّة التي أجلس فيها، فغادرتُ.
تطور الأمر فطلبتْ مني أن أطلق زوجتي لأكسر أهلها، فرفضتُ، وقلت: لن أشترك في هذا الظلم.
فأخبروني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعدُ:
فأخي الكريم، ما دام الأمرُ كما ذكرتَ، فهذا يعني أن والدتك تُطالبك بمعصيةٍ، وهي شتمُ والد زوجتك، كما تطالبك بظُلم زوجتك؛ وهذا أمرٌ لا يرضاه الله.
اعلمْ أنك بين أمرين أحلاهما مُرٌّ، ولكن مرارة دون مرارة، فأنت مُخَيَّرٌ بين طاعتها وبقائك في الشقة، أو عصيانها وتحمُّل تبِعة ذلك.
ولا شك أن الثاني طاعة لله، فاعملْ به، وسيكفيك الله، ولا يمنع ذلك مِن مُحاوَلة إقناعها، ولكن بالحسنى.
اشرحْ لها الموقف لعلها تتفهَّم، حاولْ مرارًا وتَكْرارًا، واستعْطِفْها بالكلمات الطيبةِ، وأشْعِرْها بعدم استغنائك عنها كوالدة، وأن الموقف ليس موقفًا عاديًّا؛ لعلها ترِقُّ وتَعْذِرك.
المهم ألا تيئس، وألا تقطع تواصلك بوالدتك، فهي أُمٌّ قَبْلَ كلِّ شيءٍ، أضفْ إلى ذلك ما قامتْ به من أجْلِ راحتك وإسعادك.
كما أقترح أن تطلب مِن والد زوجتك أن يتواصل معها، ويحاول إفهامها، والاعتذار إن أمكن؛ لعلها ترضى.
واحذرْ أثناء حديثك مع والدتك أن ترفع من شأن زوجتك وأهلها؛ فإن هذا مما يُصيبها في مقتلٍ؛ حيث يُشْعِرُها بانجذابك لهم، برغم أنها هي صاحبة الفضل، بل ليتك تُلَمِّح لها بأنك تنتقد فِعْل والد زوجتك، لكنك لا تريد أن تَدْخُلَ معهم في إشكالات، حتى لو اضطررتَ أن تكذبَ، فالكذبُ للإصلاح بين الناس جائز.
ولا تنسَ أن تَتَضَرَّع إلى الله أن يكشفَ هذه الغمة عنك، وأن يهديك إلى الرشاد، وأن يجعل لك مَخْرجًا، فهو وحده سبحانه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
ويَحْسُن بك أن تتفقد علاقتك بالله؛ فما نزَل بلاء إلا بذنب، ولا رُفِعَ إلا بتوبة، وهكذا المؤمن دائم الاتهام لنفسه حين نُزُول المُلِمَّات.
أعانك ربي، وأزال همَّك، ويسَّرَ أمرك، وسخَّر لك مَن حولك
↧
September 7, 2016, 6:29 pm
طرائق التدريس والتقييم: قراءة تحليلية في منهاج اللغة العربية 2011 للسلك الابتدائي
إبراهيم مهديوي
محتويات العمل:
مدخل عام.
مقدمة.
أولاً: مبادئ واعتبارات عامة.
ثانياً: طرائق التدريس.
1) ما هي الطرائق التي يوصي بها المنهاج؟
2) هل هناك طرائق خاصة بتدريس اللغة العربية أم أنها طرائق عامة؟
3) استنتاج.
ثالثاً: التقييم التربوي.
1) ما المقصود بالتقييم؟ وما الفرق بينه وبين كل من التقويم والقياس؟
2) ما هي أنواع التقييم التي أوصى بها المنهاج؟
3) هل هذه الأنواع من التقييم خاصة باللغة العربية أم أنها عامة؟
4) إلى أي مدى تم الاهتمام بالكفايات العامة والكفاية اللغوية بخاصة؟ وكيف تم ذلك؟
أ) تقييم الكفايات.
ب) تقييم المهارات.
ت) تقييم المعجم.
ث) تقييم المعارف.
رابعاً: علاقة التدريس بالتقييم.
خامساً: التقرير الموضوعاتي والتحصيل الدراسي في مادة اللغة العربية.
خاتمة عامة.
ملخص
نسعى في هذه القراءة التحليلية، لوثيقة التوجيهات التربوية الصادرة عن مديرية المناهج شتنبر 2011 الصيغة النهائية، إلى إبراز طرائق التدريس التي يوصي بها المنهاج ومدى مناسبتها لخصوصية اللغة العربية، وكذا عرض أنواع التقييم التي يوصي بها، لنستخلص طبيعة العلاقة التي تجمع التدريس بالتقييم في أفق تجاوز المستويات المتدنية للتحصيل الدراسي في مادة اللغة العربية.
Résumé de Lecture
Notre étude analytique des orientations pédagogique de septembre 2011, consiste à présenter, tout d’abord, les méthodes des l’enseignement / apprentissage recommandées par le programme et leur degré de correspondance avec la langue Arabe. Ensuite, nous allons présenter les types d’évaluation pour déduire enfin la relation qui lie l’enseignement/ apprentissage à l’évaluation au niveau de la langue Arabe. Cela a pour but principal d’améliorer la réussite scolaire dans cette langue.
أسئلة البحث:
حظي موضوع طرائق التدريس من لدن المتخصصين في مجال التدريس باهتمام كبير، نظراً لأنها ترمي إلى إبلاغ المعلومات والمعارف والمهارات والقيم إلى أذهان المتعلمين على اختلافهم. وتتنوع الطرائق بين العامة والخاصة؛ فالأولى تهم جميع المواد الدراسية وجميع المدرسين وتعتمد مبادئ ديداكتيكية عامة، أما الثانية فتخص تدريسية اللغات والثقافات، وتروم بناء المهارات والكفايات الخاصة بكل لغة. وإلى جانب طرق التدريس، يفرض التقييم ذاته كذلك كمكون وركن أساس من أركان العملية التعليمية التعلمية، فتتباين أنواعه بحسب المعيار الذي اعتمد في التقسيم (تقييم تشخيصي، تقييم ذاتي، إلخ).
وانطلاقاً مما سبق، يمكن تحديد وصياغة أسئلة البحث على النحو التالي: ما هي الطرائق التي يوصي بها المنهاج؟ وهل هناك طرائق خاصة بتدريس اللغة العربية أم أنها طرائق عامة؟ وما المقصود بالتقييم وما الفرق بينه وبين كل من التقويم والقياس؟ وما هي أنواع التقييم التي أوصى بها المنهاج؟ وهل هذه الأنواع من التقييم خاصة باللغة العربية أم أنها عامة؟ وإلى أي مدى تم الاهتمام بالكفايات العامة والكفاية اللغوية بخاصة وكيف تم ذلك؟ وهل الطرائق التي يتم بها التدريس هي التي يجري بها التقييم؟ وما طبيعة العلاقة التي تجمع التدريس بالتقييم؟ ثم ما هو مستوى التحصيل الدراسي في مادة اللغة العربية كما حدده التقرير الموضوعاتي 2009؟
مدخل عام:
يعد التدريس ذلك العمل الذي يقوم به المدرس أو المعلم لنقل المعارف والمهارات والقيم إلى المتعلمين، مستخدما بذلك كل الطرق والأساليب التعليمية المساعدة على إيصالها بشكل واضح وسلس. ومن هذا المنطلق، تقوم العملية التعليمية التعلمية على عدة مكونات وأسس مركزية أبرزها: طرائق التدريس، وطرق التقييم. فالأولى توظف لإيصال المعارف والمعلومات إلى المتعلمين، وضمان تمثلهم لها بشكل جيد. وحقيق بالذكر إلى أن الطرق التدريسية متعددة، والمعلم أو المدرس الناجح هو الذي يستطيع استخدام الطريقة التي تسمح بها الوضعية التعليمية التعلمية، وهو ما اصطلح عليه في بعض الأبحاث بالتدريس الموقفي[1].
وينبغي للطريقة أن تتناسب والأهداف التي يرجى تحقيقها، ومع مستوى المتعلمين وأعمارهم وخبراتهم السابقة وحاجاتهم التعليمية. وإن تحديد المدرس لأهدافه هو الذي يحدد طريقة التدريس كذلك، ونظام الدرس الذي يقدمه.
وتجمع الطريقة علاقة وطيدة بالمحتوى؛ إذ يعد المحتوى هو المادة الدراسية أو المادة التعليمية أو المقرر الدراسي. ويمكن تفسير العلاقة التي تربطهما كالتالي: إن الطريقة تحدد إلى حد كبير ما يتعلمه المتعلم، كما أن طبيعة المحتوى تحدد إلى حد كبير المحتوى[2].
وبهذا يتضح أن الطريقة والمحتوى ركيزتان أساسيتان تقوم عليهما عملية التدريس أو التعليم، وبدونهما لا تصح العملية، مادامت العملية التدريسية/ التعليمية التعلمية تفرض أهدافا، ومحتوى، وطرقا.
ولضمان سير أفضل للعملية التدريسية يتم "تقييمها" على كافة المستويات، يكون الهدف منه هو الوقوف على مدى تحقق الأهداف الدراسية.
وملخص ما سبق، هو أن العملية التعليمية التعلمية لها ركائز لا مناص منها: طرق التدريس، والتقييم، والمحتوى، والمعلم، والمتعلم، والمادة، إلخ. وسنحاول من خلال هذا العمل، تقديم قراءة في بعض الوثائق التربوية: التوجيهات التربوية الصادرة عن مديرية المناهج 2011م نموذجا، لنقف عند بعض طرائق التدريس التي تحددها، ونستشف فعلا هل هي خاصة بتدريس اللغة العربية أم أنها تسقط على جميع المواد الدراسية، ثم نرصد جانب التقييم فيها وأنواعه، وأخيرا وليس آخرا مدى تلاؤم هذه الأنواع من التقييم مع خصوصيات تدريس اللغة العربية، وكذا إلى أي مدى تم الاهتمام بتقييم الكفايات والمهارات والمعجم، لنستنتج في النهاية طبيعة العلاقة التي تربط التدريس وطرائقه بالتقييم.
مقدمة:
مما لاشك فيه أن الديداكتيك هو علم أو فن تدريس اللغات والثقافات، يقوم على عدة مرتكزات رئيسة تضمن السير الفعال للعملية، ويعد جانب طرائق التدريس والتقييم أحد أبرز تلك الجوانب. وكأي مجال تطبيقي لا بد وأن يُؤطَّر بوثيقة رسمية ترسم الخطوط العملية الكبيرة، وتعد وثيقة التوجيهات التربوية الصادرة عن مديرية المناهج شتنبر 2011 - الصيغة النهائية - إطارا نظريا حدد رؤية عامة للعملية التربوية، وسنحاول من خلال هذه القراءة التحليلية الوقف عند ما ترمي إليه.
وعليه، كيف حددت الوثيقة طرائق التدريس؟ وما هي أنواع التقييم التي تناولتها؟ وهل هذه الأنواع من التقييم وطرائق التدريس عامة أم خاصة؟ وما نوع العلاقة التي تربط التدريس بالتقييم؟ ثم كيف نظر التقرير الموضوعاتي لمستوى التحصيل في مادة اللغة العربية؟
أولاً؛ مبادئ واعتبارات عامة:
يتبنى المنهاج المقاربة بالكفايات، ويتخذ من بيداغوجيا الإدماج إطارا منهجيا لتفعيلها. ولهذه الغاية تم اعتماد مجموعة من الاعتبارات والمبادئ التي فرضتها خصوصيات متعلمي المدرسة الابتدائية المغربية، وطبيعة المادة وتدريسية مكوناتها، وفيما يلي عرض أبرز تلك المبادئ والاعتبارات:
أ) مبدأ التوظيف اللغوي؛ بحيث يتم الحرص على توظيف اللغة العربية الفصيحة في أنشطة كل المواد الدراسية التي تقدم باللغة العربية، وكذا حتى في التواصل اليومي المدرسي.
ب) مبدأ الوحدات؛ الذي يفرض تقسيم البرنامج إلى وحدات تدريسية منسجمة، إذ هي من العمليات الأساس التي على معلم اللغة أن يجيدها لضمن الانسجام بين الوحدات، ويراعي علاقة الجزء بالكل، حتى يتجنب أن لا تقود هذه العملية إلى التجزيء[3].
ت) مبدأ التكامل؛ بحيث يضمن تكاملا سواء بين مكونات اللغة العربية، أو بين اللغة العربية والمواد الدراسية الأخرى.
ث) مبدأ الإضمار؛ ويسعى إلى تمرير الظواهر والأساليب التركيبية إلى المتعلم بكيفية ضمنية في السنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، على أن يتم التصريح بذلك تدريجيا ابتداء من السنة الثالثة.
ج) مبدأ التدرج؛ إذ يضمن ترتيبا منطقيا للدروس، بحيث يتم الانتقال من الصعب إلى السهل، ومن المحسوس إلى المجرد، ومن الضمني إلى الصريح، ومن المركب إلى المعقد، ومن الكل إلى الجزء.
ح) مبدأ التركيز على الكيف؛ وذلك بتجاوز التراكم المعرفي في تخزين المعلومات والمعارف إلى الاهتمام بالكفايات وفق التوجهات التربوية الحديثة.
خ) مبدأ النسقية؛ بحيث يتم تدريس اللغة العربية على أنها نسق دون فصل بين مكوناتها، وإن حدث ذلك فهو فصل منهجي إجرائي أملته أسباب تعليمية/ تدريسية.
على كل، فهذه مبادئ من ضمن أخرى ضمها المنهاج. وحديث " كريستيان بورن" في مقاله "تدريس اللغات والثقافات" عن المبادئ والعمليات التي ينبغي على المعلم القيام بها، وهي: الانتقاء، والتقسيم، ثم ملائمة هذا التقسيم للغلاف الزمني؛ إنما هو دليل على موائمة هذه المبادئ والتوجهات الموجودة في المنهاج وتلك التي جاء بها الباحث لجميع اللغات. ومن المبادئ التي أشار إليها "بورن": أولا الانتقاء؛ فبما أنه لا يمكن للمدرس الإحاطة بالكل، وجب عليه انتقاء واختيار المحتويات المراد تدريسها، والمحققة للأهداف المنشودة وللتعلمات، بالإضافة إلى ملاءمتها لخصوصيات المتعلمين الثقافية والاجتماعية والنفسية، ولمداركهم المتباينة. ثانيا التقسيم؛ وذلك بتقسيم المحتوى إلى وحدات تدريسية متناسقة ومنسجمة ومتدرجة ومتكاملة فيما بينها. ثالثا التوزيع؛ وذلك بتوزيع تلك الوحدات التعليمية وفق ما يسمح به الغلاف الزمني لها، وبشكل كرونولوجي متدرج ومتسلسل.
ويتضح لنا بهذا، أن هذه المبادئ شاملة لكل اللغات وليست خاصة باللغة العربية، أما ما ورد منها في المنهاج فهو الآخر لا يخرج عن ذلك، خصوصا إذا علمنا أنها تتقاطع وأخرى تقوم عليها مناهج اللغات عبر التاريخ، وهو أمر أقرَّته المقاربات التاريخية في تدريس اللغات والثقافات.
ثانياً؛ طرائق التدريس:
يعرف زيد الهويدي (2005) طريقة التدريس بأنها جملة من الإجراءات التي نتخذها للوصول إلى الغايات التربوية المنشودة[4]، وهي كذلك الوسيلة التي يتبعها المدرس لإفهام المتعلمين درسا من الدروس، كما أنها الخطة التي يرسمها المدرس قبل إنجاز الدرس ويعمل على تنفيذها في حصة دراسية[5].
وعليه، نستنتج أن طريقة التدريس تتغيا نقل المعارف وإيصالها إلى ذهن المتعلم. والمدرس الناجح هو من ينتقي ما يناسب من الطرق بما يلائم الوضعيات الدراسية، ويحقق الأهداف التربوية. والمهم من هذا كله هو انتقاء الطريقة الجيدة في التدريس التي تُحْدِث التعلم، وتسهم في تحقيق الأهداف بكفاءة عالية وبأقل جهد وفي أقصر وقت ممكن[6].
1) ما هي الطرائق التي يوصي بها المنهاج؟
بالاستناد إلى وثيقة التوجيهات التربوية نستشف في أول حديثها عن طرائق التدريس سعيها تجاوز الطرق القديمة[7] التي يلعب فيها المدرس دورا محوريا كمالك المعرفة، إلى طرق تساير الحاجات والمتطلبات الجديدة للمجتمع وللمتعلمين.
وإذا كان ذلك كذلك، فإن الوثيقة التربوية اهتمت بمجموعة من الأنشطة التدريسية التي تأخذ بعين الاعتبار سن المتعلم وخصوصياته. لذلك، دعت إلى أن تسود الأنشطة التدريسية: أولا؛ التعلم الذاتي لما له من أهمية كبيرة في تعزيز ذكاءات المتعلم المتعددة، وتحسين قدرته على حل المشكلات، وإثارة اهتمامه وفضوله المعرفي. ثانيا؛ تنويع هذه الأنشطة مراعاة للفوارق بين المتعلمين، والابتعاد عن الملل. ثالثا؛ التعلم الجماعي الذي له بالغ المكانة من خلال الاشتغال سواء في مجموعات أو ورشات، تسهم من جهة في ترسيخ مبادئ التواصل والحوار واحترام الآخر وإثبات الذات والإيمان بالاختلاف، ومن جهة أخرى في سيادة روح المشاركة والتعاون وتبادل الآراء تحفيزا لهم على الإنتاج والإبداع[8].
وعلى الجملة، فإن حديث التوجيهات التربوية عن هذه الأنشطة والطرائق؛ إنما ينم على اعتمادها للمقاربتين البنائية والبنيوية التكوينية كإطار مرجعي، لكن الملاحظ هو أن منهاج اللغة العربية لم يطبقهما نظرا لغياب الوسائل والأدوات، لتظل الطرائق المعتمدة تقليدية وغير ملائمة.
2) هل هناك طرائق خاصة بتدريس اللغة العربية أم أنها طرائق عامة؟
من خلال ما تقدم، يتضح أن الأنشطة التي حددها المنهاج تهدف إلى خلق جو تفاعلي داخل الفصل متجاوزة بذلك جو التلقين والحفظ السائد قديما. والملاحظ أيضا أنها أنشطة تلائم جميع المواد الدراسية وجميع المتعلمين مع اختلاف خصوصياتهم، ومعنى هذا أنها تصلح لجميع المدرسين وجميع المواد؛ مما يفسر أنها طرق بيداغوجية وليست تدريسية كما تم الادعاء. وبالتالي، فإنه لم يتم تخصيص اللغات بطرائق مخصوصة، ومعلوم أنها، أي اللغات، أكثر المواد إقبالا على التعلم سواء من أبناءها أو غيرهم. وعليه، يمكننا القول إن ما جاءت به التوجيهات التربوية يتأطر ضمن الديداكتيك العامة، فكيف لها أن تستثمر في تعليم وتعلم اللغة العربية، باعتبار عملية تدريسيتها تحددها الديداكتيك الخاصة.
3) استنتاج:
وقصارى القول، إن الطرائق التي سعت التوجيهات إلى اعتمادها حديثة وتفاعلية، لكنها لم تطبق على مستوى الفصل نظرا لبساطة الأدوات والوسائل. وإننا نرى أن هذه الأنشطة التفاعلية التي حددتها الوثيقة لم ترسم معالمها بوضوح حتى يسهل تطبيقها داخل القسم، أضف إلى ذلك أنها لم تحدد الغلاف الزمني الذي يمكن أن يمارس فيه كل نشاط، علاوة على المفارقة الكبيرة المتمثلة في أنها عنونت حديثها عن الطرائق بطرائق التدريس، وفي حديثها تفصل في أنواع الأنشطة؛ مما يفسر قولنا أنها أنشطة لم تخص اللغات، بل عمّت جميع المواد الدراسية، كما لم تهتم باللغة الأم / الأصل للمتعلم وخبراته المكتسبة في لغته الشفوية؛ والمفروض الإشارة إلى الاهتمام بآلياته في الاكتساب الطبيعي للغة، حتى يتم استثمارها في إعداد المناهج الدارسية، وبالتالي تفعيل وأجرأة تلك الوسائل الطبيعية في التعلم خاصة على مستوى التعبير.
ثالثاً؛ التقييم التربوي:
1) ما المقصود بالتقييم؟ وما الفرق بينه وبين كل من التقويم والقياس؟
يعد التقييم التربوي ركنا أساسا من أركان العملية التعليمية التعلمية، وقد تعددت تعريفاته بتعدد المقاربات: الأهداف، والكفايات. ويعرف بصفة عامة التقييم على أنه مجموع العمليات التي تهدف إلى الحكم الموضوعي على عملية التعلم من مختلف جوانبها ومراحلها: المنهاج المقرر، الكتاب المدرسي المستعمل، التعليم، التعلم،... وذلك بهدف ضمان سير أفضل للعملية التعليمية التعلمية[9].
أما تقييم الطالب الذي يهمنا بصفة أخص، فإن محمد الدريج (2003) يعرفه بكونه الجمع المنظم للمعلومات قصد معرفة مدى حدوث لدى التلاميذ، بعض التغييرات المقصودة والمتضمنة في الأهداف، ومراقبة مستواها لدى كل تلميذ وإصدار الحكم الملائم واتخاذ القرارات المناسبة[10].
وهكذا، فالتقييم هو إصدار حكم وإعطاء قيمة للشيء، وأيضا رجع للصدى، يهتم بالمعايير[11] ومدى صلاحيتها، ووسائل تطبيقها وتقدير أثرها. وقد تتداخل مع هذا المفهوم مفاهيم أخرى كالتقويم، والقياس. وإذا كان التقييم كذلك كما حددناه سلفا، فإنه أعم من التقويم، لأن هذا الأخير ينحصر في الإصلاح وتقويم الاعوجاج والمعالجة والتصحيح والتطوير. أما القياس؛ فهو إعطاء الأرقام للأشياء والأحداث والسلوكات الإنسانية بناء على قواعد معينة[12]، أضف إلى ذلك أنه مجرد وصف وتقدير كمي للحالة، يهتم بالوسائل دون الاهتمام بقيمة ما يوصف[13].
وعلى هذا الأساس، يعد القياس أحد الأدوات الضرورية للتقييم، لأنه يقدم له المعطيات الكمية (الرقمية) الضرورية لإصدار الحكم واتخاذ القرارات.
وللإشارة، فإن التقييم يطال الموارد والكفايات، ومغزى هذا أنه لا يقيس فقط الجوانب المعرفية الصرفة لدى المتعلم (ة)، بل يقيس أيضا قدرته على توظيف هذه المكتسبات وقدراته التحليلية والمنهجية والإستراتيجية[14].
2) ما هي أنواع التقييم في المنهاج؟
بالرجوع إلى الوثيقة التربوية، نجد أنها حددت أنواع التقييم بحسب زمن إجرائه[15]، فوزعته إلى أقسام ثلاثة، هي: تقييم تشخيصي، وتقييم تكويني، ثم تقييم إجمالي، ويمكن تفسيرها كما يلي:
أ) التقييم التشخيصي: هو نمط من أنماط التوقعات، فهو يتيح للمدرس (ة) ما إذا كان المتعلم قادرا على متابعة ومسايرة الأنشطة المنتظر إنجازها. كما أنه يقوم على تشخيص منطلقات وضعية التدريس من خلال بناء وضعيات مناسبة، في بداية كل درس أو وحدة من وحدات البرنامج الدراسي أو بداية كل سنة دراسية، بحيث يسمح تشخيصها وفحص معالمها بالحصول على بيانات تمكن من اتخاذ قرارات حول ما يحقق من تعلمات[16]. ويهدف إلى التعرف على مؤهلات ومكتسبات المتعلمين السابقة، ويساعد المدرس على تحديد إيقاع الدرس وطريقة التدريس، إلخ. ويكون هذا النوع من التقييم لأغراض توجيهية.
ب) التقييم التكويني؛ ويسميه الدريج (2003) بالتقييم التطويري، ويروم فحص وتعرف مدى تمكن المتعلم من تحصيله واستيعابه لجزئيات الدرس. كما يسمح باكتشاف مواطن الصعوبات التي يصادفها التلاميذ في تعلماتهم، مما يتيح إمكانية تعزيز جوانب القوة، وتأهيل مواطن الضعف. ولا يخفى في هذا السياق الدور الذي يلعبه التقييم التكويني، لأنه يصاحب العملية التعليمية التعلمية، ويعتبر أداة تحفيز تساعد المتعلم على تتبع عمله ومجهوداته، وتمكن المدرس من التحقق من مدى بلوغ أهداف التعلم ومستويات إنجاز الكفايات، وصلاحية العمل والتقنيات التربوية التي يعتمدها[17]. لذلك، نجد أنه قد حددت له وظيفة تعديلية.
ت) التقييم الإجمالي؛ إذ يهدف إلى فحص حصيلة التعلم في نهاية كل وحدة وكل دورة دراسية لاتخاذ القرارات وإصدار أحكام ختامية على مستوى تمكن التلاميذ من التعلمات والمعارف اللغوية والمعرفية والمنهجية والثقافية. وجدير بالذكر أنه قد يكون التقييم إما كتابيا أو شفهيا أو عمليا، مع العلم أنه قد يغلب عليه الطابع الشفهي في المراحل الأولى من التعليم الابتدائي. وتتحدد وظيفة التقييم النهائي في الوظيفة الإشهادية.
3) هل هذه الأنواع من التقييم خاصة باللغة العربية أم أنها عامة؟
من خلال ما سبق، نستشف أن هذه الأنواع من التقييم هي عامة تدخل في إطار التقييم العام، لذلك فهي تصلح لتقييم جميع المواد الدراسية ومن ضمنها اللغات واللغة العربية على وجه التحديد. وبالتالي فما تم التوصل إليه من نتائج أثناء تناول طرائق التدريس تسقط على التقييم وأنواعه، وسيتم تفسير ذلك بشكل جلي أثناء تناول علاقة التدريس بالتقييم في محور قادم.
4) إلى أي مدى تم الاهتمام بالكفايات العامة والكفاية اللغوية بخاصة؟ وكيف تم ذلك؟
سبق الإشارة إلى أن التقييم يطال الموارد والكفايات، واعتمادا على المنهاج يتضح لنا أن ما يتم التركيز عليه في التقييم هو المعارف والمكتسبات والمعلومات. أما تقييم الكفايات فلم يأت إلا على كفايتين هما: الكتابية والشفوية. لذلك ينبغي أن يكون هناك تقييم لما يلي:
أ) تقييم الكفايات؛ وذلك بأن يطال ويغطي كل الكفايات العامة ومن أبرزها:
• كفاية التكيف؛
• كفاية حل المشكلات؛
• كفاية المباعدة (اتخاذ المسافة)؛
• الكفاية اللغوية (التوجيهات 2011 ترادفها بالكفاية التواصلية، ص. 20)؛
• كفاية إعطاء معنى للعناصر المعروفة وغير المعروفة؛
• كفاية التحليل النقدي للوضعيات والأنشطة التي يوجد فيها المتعلم؛
• كفاية تدبير التواصل في السياقات الغيرية والثقافية؛
• كفاية الاعتراف بثقافة الآخر.
ب) تقييم المهارات: يستهدف البرنامج تدريب التلاميذ على مهارات لغوية ومهارات ذهنية ومهارات حس حركية وغيرها من المهارات، كالتمكن من الفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتعليق والتلخيص والتعبير حسب الموقف والمقام التواصلي والقراءة المعبرة والحوار والحجاج والبرهنة واتخاذ موقف شخصي[18]. وإذا كان ذلك كذلك، فإنها لا تترجم على مستوى الواقع وغالبا ما يرجع ذلك إلى ضعف الوسائل والأدوات المتاحة.
ت) تقييم المعجم: هذا المكون عنصر أساس لعمليتي الفهم والإنتاج لدى المتعلم. وما نلاحظ هو إفقار المعجم، وذلك راجع إلى التصور الناقص للمعجم على أنه لائحة من المفردات، والاقتصار على الحديث عن رصيد معجمي وظيفي، فلم يتم التطرق مثلا إلى كفاية معجمية، أضف إلى ذلك أنه لم يتم الاستفادة من خبرات المتعلم اللغوية في لغاته الشفوية في تعليمه لغته المُدرَّسة التي من المفروض أن تكون استمرارا لما اكتسبه في محيطه أثناء تواصله مع أفراد عائلته في المحيط. وبالتالي، يغيب أي تقييم للتمكن من المعجم، في مقابل حفظ المفردات وعدم استعمالها في سياقات تواصلية.
ث) تقييم المعارف: يقتصر المنهاج في مجال المعارف على ذكر التمكن من رصيد معجمي وظيفي وأساليب لغوية، ومن معلومات علمية واجتماعية وثقافية وغيرها مرتبطة بالمجالات الدراسية المبرمجة التي تخدم نماء كفاية المتعلم[19]. ويمكن أن نحدد أنواع المعارف في: المعارف، ومعارف الفعل أو الأداء، ثم معارف الكينونة أو المعارف الوجدانية، ويمكن التفصيل فيها كما يلي:
1 - المعارف les savoirs؛ وهي مجموع المعارف التي يملكها المتعلم دون أن يستعملها، ومن ضمنها على سبيل الذكر لا الحصر: معرفة الثقافات، معرفة العناصر المكونة للكلمات والجمل، معرفة بعض التعابير التي توظف في التعبير عن الأحاسيس والمشاعر، إلخ.
2 - معارف الفعل les savoirs faire؛ وهي القدرة أو الاستعمال أو التوظيف الجيد للمعارف في سياقات مختلفة، وتضم ما يلي: معرفة معاني المفردات، معرفة استعمال المعارف والمكتسبات، القدرة على إنتاج نص، القدرة على إنتاج وحدات صوتية غير عامية، القدرة على استغلال التجارب، القدرة على استعمال بعض الموارد، إلخ.
3 - المعارف الوجدانيةles savoirs etre؛ وهي كل معرفة لها علاقة بالذات المتعلمة، مثل: الثقة في النفس، تقدير الذات، الاقتناع بالتعلم، الإحساس بالطمأنينة والراحة أثناء الفصل، أخذ المبادرة، تحفيز الذات، قبول الآخر، النقد والتقييم الذاتيان، تنمية ملكة الإبداع، إثبات الذات، إلخ.
رابعاً؛ علاقة التقييم بالتدريس:
من خلال ما سبق، تبين أن التدريس عملية يراد منها تبليغ المعارف والمعلومات بطريقة تضمن تمثلها من قبل المتعلمين. ونظرا لاختلاف الوضعيات التعليمية، فإنه من الضروري أن تختلف الطرق المعتمدة في التدريس بما يلائم خصوصيات المتعلمين ومداركهم وما يتناسب مع الموقف التعليمي التعلمي. وانطلاقا من الحديث أعلاه عن الطرائق التي تناولتها الوثيقة التربوية، نستشف أنها تدخل في إطار الديداكتيك العامة ولم تندرج في قضايا الديداكتيك الخاصة.
أما جانب التقييم التربوي، فإن أنواعه عامة كذلك؛ الأمر الذي يفسر عمومية المداخل التدريسية التي تتناولها التوجيهات التربوية، فالحديث أيضا عن التقييم جاء عاما يدخل في إطار التقييم العام الذي يسقط على جميع المدرسين وجميع المواد، ولم يخصص في التقييم الخاص الذي يتناول اللغات وتقييم مكوناتها.
وعلى هذا الأساس، فإن طرائق التدريس هي امتداد لطرائق التقييم، حيث إن الكيفية التي ندرس بها على أساسها نقيم، ولا يمكن أن نقيم إلا فيما دُرِّس. وبما أن هناك ديداكتيك عامة وأخرى خاصة، فإن هناك كذلك تقييم عام وآخر خاص، وبالتالي فعلاقة التدريس بالتقييم علاقة تفاعلية، بحيث تمرر طرائق التدريس المعارف والمعلومات والمواقف باعتبار خصوصيات المتعلمين المتباينة، وطرق التقييم نقيم بها مدى تمكن المتعلمين من تلك المعارف المتنوعة التي دُرّستْ بطرائق متعددة فرضتها طبيعتا الموقف التدريسي والمادة.
خامساً: التقرير الموضوعاتي والتحصيل الدراسي في مادة اللغة العربية:
بالاستناد إلى التقرير الموضوعاتي لسنة 2009، الذي حاول رصد مستوى التحصيل الدراسي لمادة اللغة العربية في السلكين الابتدائي والإعدادي الثانوي في مختلف الجهات المغربية بالمجالين القروي والحضري، يمكن أن نستنتج ما يلي:
• لم تحقق الأهداف التعليمية المحددة لتدريس اللغة العربية في السلكين الابتدائي والإعدادي الثانوي.
• ضعف التحصيل الدراسي في الوسط القروي مقارنة بجودته في المجال الحضري؛ وهذا راجع إلى الظروف الصعبة المحيطة بالتعلم خصوصا في بعض الجهات غير المؤهلة بالعالم القروي.
• غياب درس المعجم من البرنامج الدراسي أفضى إلى مشاكل على مستوى فهم المقروء، وضعف أيضا في استثماره على مستوى الإنتاج الكتابي.
• معاناة غالبية المتعلمين من صعوبات في التعبير والإنشاء على المستوى المنهجي والمعرفي واللغوي، نتيجة العجز المتراكم في مجالات القدرات القرائية وضعف تحصيل الموارد اللغوية.
• إن برنامج اللغة العربية بالمدرسة المغربية كثيف جدا، تتداخل فيه كثير من دروس الصرف والنحو التجريدية، ويغلب عليه الطابع المعياري في تناول القواعد، وذلك على حساب الجانب التواصلي والوظيفي للغة مما يحد من درجة التحصيل[20].
وللإشارة، فإنا عمدنا إلى تناول هذا التقرير الموضوعاتي لنقف من خلاله عند وضع التحصيل في اللغة العربية بعد التنظير لمبادئ البرنامج وطرائق التدريس والتقييم، خصوصا وأن وثيقة التوجيهات التربوية الصادرة سنة 2011 استفادت كثيرا من النتائج المتوصل إليها في هذا التقرير.
خاتمة:
حاصل القول، تعددت طرائق التدريس بين التقليدية والحديثة، ولتحقيق متطلبات المجتمع والمتعلمين اعتمد المناهج الحديثة التفاعلية منها، لضمان نقل المعارف والعلوم والتقنيات وتحقيق الأهداف، ولقياس مدى تحققها نلجأ إلى التقييم بأنواعه الثلاثة. وما تجدر الإشارة إليه هو أن هناك علاقة تفاعل وتكامل بين التدريس والتقييم، وهو أمر فسرنا كيفية قيامه فيما سبق من ثنايا العمل. وعلى هذا الاعتبار، فاللغة العربية استفادت كثيرا سواء من طرائق تدريس اللغات أو من التقييم التربوي وأنواعه، في بلورة نموذج تدريسي جيد لمكوناتها المتنوعة ضمانا لسير فعال للعملية التدريسية.
وبالرجوع إلى بعض المقررات: المنير في اللغة العربية السنة الرابعة الابتدائية 2003، ومنار اللغة العربية السنة السادسة الابتدائية 2005؛ يتضح لنا ذلك البون الكبير بين التنظير والتفعيل أو التطبيق. فبالنسبة لطرائق التدريس نجد الوثيقة التربوية تسعى إلى تجاوز الطرق التقليدية، لكن ما هو موجود هو طرائق مبتذلة قائمة على الحفظ والتلقين، وهو أمر يعود إلى ضعف الوسائل والأدوات. أما بالنسبة للتقييم، فما يلاحظ هو الاهتمام المبالغ فيه للتقييم النهائي ثم من بعده التكويني، أما التشخيصي وهو المهم الذي يرسم الخطى ويحدد مدى قابلية المتعلمين للتعلم، فمهمل إما لتغيُّب المتعلمين في الحصص الأولى أو لعدم إدراك قيمته الكبرى في العملية، ونحن لا ننفي وجوده وإنما تفعيله. وبالتالي، فهناك شرخ كبير بين ما ينظر له بالوثيقة التربوية وما يمارس في الممارسة المهنية.
وعلى العموم، يتضح من خلال قراءتنا التحليلية، لوثيقة التوجيهات التربوية، الخاصة بسلك التعليم الابتدائي، "الصيغة النهائية"، الصادرة عن مديرية المناهج، ما يلي:
• أن بناء الكفاية يتداخل فيه ما هو تركيبي بما هو صرفي.
• تغييب الكفاية المعجمية.
• أنها تُغيِّب كذلك مهارة الاستماع؛ لأنها لم تخصص حصصا لقراءة القصص قصد تنمية ملكة السمع لدى المتعلمين.
• أنها ألغت المعجم وهو النواة؛ حيث إن الأصوات والتركيب والدلالة كلها تصب في المعجم، لذلك كان نواة العملية التعليمية التعلمية.
• هناك نقص في الكفايات، بحيث لم يتم جردها كلها.
• لم تهتم بالتعليم الأولي باعتباره منطلقا لتعليم وتعلم اللغات، وقوة الدول الرائدة في التعليم نابعة من اهتمامها الكبير بالمستويات الأولية، واكتفت بالمقابل إلى الإشارة إلى أن التعليم الابتدائي يلتحق به الأطفال الوافدون من التعليم الأولي بما فيه الكتاتيب القرآنية، وكذا الذين لم يستفيدوا من هذا النوع من التعليم[21].
• بدأت بالكفاية الشفوية لاختلاف الدوارج المغربية عن لغة التمدرس.
• لم تهتم باللغة الأم/ الأصل للمتعلمين، كما لم تنبه إلى أهمية استثمار ذلك الرصيد المعجمي المشترك بين النسقين في إطار ما يصطلح عليه مبدأ التناوب والتداخل بين اللغات.
• لما تقرأ التوجيهات التربوية نجدها تتحدث عن المهارات، ولكن بمجرد تصفح الكتاب المدرسي نجد نتفا من هذه المهارات وليس كله مهارات من البداية حتى النهاية.
• تغييب درس المعجم من البرامج الدراسية، وهذا راجع ربما إلى التصور الناقص للمعجم على أنه لائحة من المفردات؛ في حين أنه نظام له خاصية الربط والتعدد الدلالي والاشتقاق والقالبية في التخزين، أي يشتغل وفق مبدأ القرن.
• أما ما يخص جانب التقييم التربوي؛ فنجد إهمالا تاما للتقييم التشخيصي، على حساب التركيز على التقييم الإجمالي، ولربما هذا راجع إلى التركيز الكبير على قيمة الشواهد.
وفي الختام، إننا لنعتقد أن اللغة العربية لها من الخصوصيات المميزة عن باقي اللغات ما يكفي لتحقيق أهداف دراسية، إن نحن كثفنا البحث في مجال تدريسها أولا، ثم في التفعيل المثالي لما تم الوصل إليه في الأبحاث النظرية.
لائحة المراجع المعتمدة:
• أوزي، أحمد. (2006)، المعجم الموسوعي لعلوم التربية، مطبعة النجاح الجديدة.
• آل عمرو، فهد بن عبد الله. (2000)، طرق تدريس المواد الاجتماعية، دار إشبيليا للنشر والتوزيع، ط. 1.
• التقرير الموضوعاتي. (2009) حول نتائج البرنامج الوطني لتقويم التحصيل الدراسي 2008، كتيب اللغة العربية، ماي 2009، المجلس الأعلى للتعليم.
• التوجيهات التربوية شتنبر (2011) الخاصة بسلك التعليم الابتدائي، الصادرة عن مديرية المناهج.
• التوجيهات التربوية الخاصة بمادة اللغة العربية غشت (2009)، الخاصة بسلك التعليم الثانوي الاعدادي، مديرية المناهج.
• الدريج، محمد. (2003)، الكفايات في التعليم - من أجل تأسيس علمي للمنهاج المدمج-، منشورات سلسلة المعرفة للجميع، أكتوبر.
• شبشوب، أحمد. (1997)، مدخل إلى الديداكتيك - الديداكتيك العامة -، دفاتر في التربية، سلسلة علم التدريس، ع. 4، منشورات دمسيس الرباط، ط. 1، يونيو.
• الغراري، حليمة. القيادة في التدريس: القيادة: نطرياتها وتطبيقاتها - نموذج التدريس الموقفي.
• كريستيان، بورن. التطور التاريخي لمقاربات تدريس اللغات والثقافات.
• لجوندر(1990): المعجم المعاصر للتربية، لاروس.
• مسكي، محمد. الإستراتيجيات التعليمية، دراسات تربوية.
• منار اللغة العربية، السنة السادسة الابتدائية، 2005.
• المنير في اللغة العربية، السنة الرابعة الابتدائية، 2003.
• الناقة، محمود كمال. (1985)، تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى: أسسه - مداخله - طرق تدريسه، دراسات في تعليم العربية لغير الناطقين بها، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، السعودية.
• الهويدي، زيد. (2005)، الأساليب الحديثة في تدريس العلوم، دار الكتاب الجامعي - العين.
[1] للتفصيل أكثر أنظر: الغراري، حليمة، القيادة في التدريس: القيادة: نطرياتها وتطبيقاتها - نموذج التدريس الموقفي -، وفي هذا الصدد قد اقترحت للقيادة الموقفية ثلاثة أسس هي: القائد أو المدرس، والموقف، ثم التابع. والقائد الفعال هو الذي يستطيع أن يكيف أسلوبه في القيادة ليتناسب مع الموقف القائم، ص. 17.
[2] الناقة، محمود كمال. (1985)، تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى: أسسه - مداخله - طرق تدريسه، دراسات في تعليم العربية لغير الناطقين بها، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، السعودية، ص.45، وما بعدها.
[3] كريستيان، بورن: التطور التاريخي لمقاربات تدريس اللغات والثقافات، ص. 1.
[4] الهويدي، زيد. (2005)، الأساليب الحديثة في تدريس العلوم، دار الكتاب الجامعي - العين -، ص. 137.
[5] مكسي، محمد، الإستراتيجيات التعليمية، دراسات تربوية، ص. 35.
[6] آل عمرو، فهد بن عبد الله. (2000)، طرق تدريس المواد الاجتماعية، دار إشبيليا للنشر والتوزيع، ط. 1، ص. 109.
[7] للإشارة فإن طرق التدريس التقليدية يلعب فيها المدرس دورا مركزيا على حساب دور المتعلم السلبي المتجسد في تلقي المعارف والمعلومات التي يلقنها إياه المعلم. وجذير بالذكر إلى أن التقييم في هذا النوع من الطرائق يعتمد على الاسترجاع والتذكر للمعلومات.
[8] التوجيهات التربوية (2011) الخاصة بسلك التعليم الابتدائي، مديرية المناهج، ص. 15.
[9] شبشوب، أحمد(1997)، مدخل إلى الديداكتيك - الديداكتيك العامة -، دفاتر في التربية، سلسلة علم التدريس، ع. 4، منشورات دمسيس الرباط، ط. 1، يونيو، ص. 87، نقلا عن لجوندر(1990): المعجم المعاصر للتربية، لاروس.
[10] الدريج، محمد(2003)، الكفايات في التعليم - من أجل تأسيس علمي للمنهاج المدمج-، منشورات سلسلة المعرفة للجميع، أكتوبر، ص. 173.
[11] حددت التوجيهات التربوية معايير يُعتمد عليها في التقييم وهي معايير الحد الأدنى ومعايير الإتقان، انظر التوجيهات التربوية (2011)، ص. 14.
[12] أوزي، أحمد. (2006)، المعجم الموسوعي لعلوم التربية، مطبعة النجاح الجديدة.
[13] الدريج، محمد. (2003)، ص. 181، 182.
[14] التوجيهات التربوية. (2011)، ص. 17.
[15] هذا المعيار اعتمده في تبيان أنواع التقييم محمد الدريج في: الكفايات في التعليم، ص. 185 وما بعدها.
[16] التوجيهات التربوية الخاصة بمادة اللغة العربية غشت (2009)، الخاصة بسلك التعليم الثانوي الإعدادي، مديرية المناهج، ص. 47.
[17] التوجيهات التربوية (2011)، ص. 17.
[18] التوجيهات التربوية (2011)، ص. 20
[19] الوثيقة والصفحة نفسهما.
[20] التقرير الموضوعاتي (2009) حول نتائج البرنامج الوطني لتقويم التحصيل الدراسي 2008، كتيب اللغة العربية، ماي 2009، المجلس الأعلى للتعليم، 49.
[21] التوجيهات التربوية (2011)، ص. 11.
↧