زوجي سافر ولم يعد
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة منذ شهرين زواجًا غير قانوني، عن طريق الشُّهود والمأذون، وسافَر زوجُها ولم يَعُدْ، ولا تعلم ماذا تفعل، وتريد النصيحة.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة منذ شهرين، كنا سنَتزوَّج قانونيًّا، لكن زوجي تهرَّب مِن الزواج القانوني، وتزوَّجنا بالشهود والمأذون، وأخبَرَني أنه سيعود للزواج القانوني، والمشكلة أنه سافَر ولم يَعُدْ منذ شهرين، مع أنه يُكلِّمني في الهاتف باستمرارٍ، وطلبتُ منه الطلاق لكنه رفَض.
أنا حائرة ولا أعلَم ماذا أفعل؟ خاصَّة أن شكلي أمام أهلي والمجتمع أصبح سيئًا!
أشيروا عليَّ جزاكم الله خيرًا
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شكَّ أنَّ مَن طالَع رسالتَك يُدرك شيئًا غيرَ منطقي في ترتيب ومجرى أحداثها، مما يجلب الحيرةَ والقلقَ، وربما ما أسهم في هذا الغموض الذي أحاط بأحداثها الأسلوبُ المختصر الذي صِيغتْ به رسالتك، فأنت متزوجةٌ منذ شهرين، وهو عُمرُ المشكلة كما يَظهر مِن كلامك، وزوجُك يُكلِّمك باستمرارٍ، فما السبب إذًا في طلبك للطلاق؟! وما الذي يُلجئك لهذا الطلب؟! وما الذي يَدفعه للتهرُّب مِن أن يجيبك للطلاق؟! فإمَّا أن يكونَ مُتمسِّكًا بك للغاية، ولكن الظروف كلها ضده، وفي تلك الحال يَحْسُن منك أن تَصبري عليه، ولكن إن كان هو إنسانًا جيدًا فلماذا سافَر فجأةً ولم يَعُدْ؟!
كذلك تهرُّبه عن توثيق الزواج يُثير الريبةَ حقًّا، ولعل هذا تحديدًا هو ما دَفَعك لطلب الطلاق، أتراه يرفض الطلاق تمسكًا بك حقًّا؟ أم إنه يُراوغ فقط كي لا يَتَحَمَّل تبعاته؟! وإن كان كذلك فلماذا تزوَّجك ابتداءً؟ إلى غير ذلك مِن الاحتمالات التي لا تنتهي، والتي لن تَتَمَكَّني من الجزم بأَيِّها، إلا بالحوار الهادئ، والمناقشة العاقلة لاستبيان الحال، فالإنسانُ كما قيل: مخبوءٌ تحت طيِّ لسانه.
أمر آخر مُلغز وهو: ما المراد بقولك: تزوَّجنا بالشهود والمأذون؟! فهل تقصدين أن زواجك كان عرفيًّا؛ بمعنى: أنه تم بغير وليٍّ، فإن كان هذا ما أردتِ حقًّا فالزواجُ باطلٌ، وهو والعدمُ سواء، وأنت لا تحتاجين له كي يُطَلِّقك، وإنما عليك أن تُقطِّعي الورقة العرفية؛ وذلك أن الزواج الشرعي هو ما استكمل الشروط والأركان من الولي والشهود والصيغة والمهر وغيرها، فهذا هو الزواجُ الصحيح، ولو لم يُوَثَّقْ في المحكمة، فليس التوثيقُ مِن شروط صحة الزواج، وإنما الشأنُ في اختلال أحد الشُّروط السابقة، فإنه يعود بالفساد والبطلان على العقد، حتى لا يُسمى زواجًا أصلًا.
فاستفسري منه عن سبب عدم عودته لإتمام إجراءات الزواج، وهل هناك ما دَفَعَهُ للتأخير، وتفحَّصي كلامُه جيدًا، وانظري هل هو مُقنع للعقل أو لا؟!
أما مَظهرك أمام أسرتك والمجتمع ونظرتهم إليك، فيمكنك تبديد قلقهم بإشراكهم معك في حل المشكلة، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع، واسترشدي برأيهم في إتمام زواجك أو إنهائه، كما يمكنك الاستعانة أيضًا بمَنْ كان وسيطًا في زواجكما أو بغيره ممن له عقلٌ راجحٌ، فيتكلم مع زوجك، ويستجلي الأمر، ويعرف مدى جِديته.
فإنْ ظَهَر لك بعد هذه المحاولات صدقُ زوجك، فتمَهَّلي في طلَب الطلاق، ولعل رفضه لطلبك كان نابعًا مِن تَمَسُّكه بك.
ولكن إنْ ظَهَر لكم أو غلب على ظنكم أنه مخادعٌ، فلا تَتَرَدَّدي في طلب الطلاق أو الخلع، فإنْ رَفَضَ فارفعي أمرَك للمحكمة.
وكلُّ هذا بلا شك إن كان الزواجُ قد تَم بصورة صحيحة، وأمَّا إن كان باطلًا كما سبق الإشارة إليه فلا تحتاجين لشيءٍ مِن هذا كله.
واستفيدي من تلك التجربة في حياتك القادمة، فلا تقبلي الزوج إلا بعد سؤال أوليائك عنه، وأن يكون مَرْضِيَّ الدين والخُلُق.
كوني على ثقة أيتها الأخت الكريمة أنَّ الله تعالى لم يُقَدِّرْ لك إلا ما فيه الخير، وإن غاب عنك وجه الخيرية، وأن ما كُتِب لكِ فلن يَفُوتَكِ منه شيء، واطمَئِني إلى رحمةِ الله وعدله وحكمته؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
وكوني هادئةَ النفس، مطمَئِنةً إلى عدل الله تعالى وفضله، واصْدُقي اللجوء إلى الله، وتأمَّلي قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقوله: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، وقوله: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18].
وأسأل الله أن يُقَدِّر لك الخير حيث كان، وأن يُلهمك رشدك، ويُعيذك مِن شر شياطين الإنس والجن
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة منذ شهرين زواجًا غير قانوني، عن طريق الشُّهود والمأذون، وسافَر زوجُها ولم يَعُدْ، ولا تعلم ماذا تفعل، وتريد النصيحة.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة منذ شهرين، كنا سنَتزوَّج قانونيًّا، لكن زوجي تهرَّب مِن الزواج القانوني، وتزوَّجنا بالشهود والمأذون، وأخبَرَني أنه سيعود للزواج القانوني، والمشكلة أنه سافَر ولم يَعُدْ منذ شهرين، مع أنه يُكلِّمني في الهاتف باستمرارٍ، وطلبتُ منه الطلاق لكنه رفَض.
أنا حائرة ولا أعلَم ماذا أفعل؟ خاصَّة أن شكلي أمام أهلي والمجتمع أصبح سيئًا!
أشيروا عليَّ جزاكم الله خيرًا
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شكَّ أنَّ مَن طالَع رسالتَك يُدرك شيئًا غيرَ منطقي في ترتيب ومجرى أحداثها، مما يجلب الحيرةَ والقلقَ، وربما ما أسهم في هذا الغموض الذي أحاط بأحداثها الأسلوبُ المختصر الذي صِيغتْ به رسالتك، فأنت متزوجةٌ منذ شهرين، وهو عُمرُ المشكلة كما يَظهر مِن كلامك، وزوجُك يُكلِّمك باستمرارٍ، فما السبب إذًا في طلبك للطلاق؟! وما الذي يُلجئك لهذا الطلب؟! وما الذي يَدفعه للتهرُّب مِن أن يجيبك للطلاق؟! فإمَّا أن يكونَ مُتمسِّكًا بك للغاية، ولكن الظروف كلها ضده، وفي تلك الحال يَحْسُن منك أن تَصبري عليه، ولكن إن كان هو إنسانًا جيدًا فلماذا سافَر فجأةً ولم يَعُدْ؟!
كذلك تهرُّبه عن توثيق الزواج يُثير الريبةَ حقًّا، ولعل هذا تحديدًا هو ما دَفَعك لطلب الطلاق، أتراه يرفض الطلاق تمسكًا بك حقًّا؟ أم إنه يُراوغ فقط كي لا يَتَحَمَّل تبعاته؟! وإن كان كذلك فلماذا تزوَّجك ابتداءً؟ إلى غير ذلك مِن الاحتمالات التي لا تنتهي، والتي لن تَتَمَكَّني من الجزم بأَيِّها، إلا بالحوار الهادئ، والمناقشة العاقلة لاستبيان الحال، فالإنسانُ كما قيل: مخبوءٌ تحت طيِّ لسانه.
أمر آخر مُلغز وهو: ما المراد بقولك: تزوَّجنا بالشهود والمأذون؟! فهل تقصدين أن زواجك كان عرفيًّا؛ بمعنى: أنه تم بغير وليٍّ، فإن كان هذا ما أردتِ حقًّا فالزواجُ باطلٌ، وهو والعدمُ سواء، وأنت لا تحتاجين له كي يُطَلِّقك، وإنما عليك أن تُقطِّعي الورقة العرفية؛ وذلك أن الزواج الشرعي هو ما استكمل الشروط والأركان من الولي والشهود والصيغة والمهر وغيرها، فهذا هو الزواجُ الصحيح، ولو لم يُوَثَّقْ في المحكمة، فليس التوثيقُ مِن شروط صحة الزواج، وإنما الشأنُ في اختلال أحد الشُّروط السابقة، فإنه يعود بالفساد والبطلان على العقد، حتى لا يُسمى زواجًا أصلًا.
فاستفسري منه عن سبب عدم عودته لإتمام إجراءات الزواج، وهل هناك ما دَفَعَهُ للتأخير، وتفحَّصي كلامُه جيدًا، وانظري هل هو مُقنع للعقل أو لا؟!
أما مَظهرك أمام أسرتك والمجتمع ونظرتهم إليك، فيمكنك تبديد قلقهم بإشراكهم معك في حل المشكلة، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع، واسترشدي برأيهم في إتمام زواجك أو إنهائه، كما يمكنك الاستعانة أيضًا بمَنْ كان وسيطًا في زواجكما أو بغيره ممن له عقلٌ راجحٌ، فيتكلم مع زوجك، ويستجلي الأمر، ويعرف مدى جِديته.
فإنْ ظَهَر لك بعد هذه المحاولات صدقُ زوجك، فتمَهَّلي في طلَب الطلاق، ولعل رفضه لطلبك كان نابعًا مِن تَمَسُّكه بك.
ولكن إنْ ظَهَر لكم أو غلب على ظنكم أنه مخادعٌ، فلا تَتَرَدَّدي في طلب الطلاق أو الخلع، فإنْ رَفَضَ فارفعي أمرَك للمحكمة.
وكلُّ هذا بلا شك إن كان الزواجُ قد تَم بصورة صحيحة، وأمَّا إن كان باطلًا كما سبق الإشارة إليه فلا تحتاجين لشيءٍ مِن هذا كله.
واستفيدي من تلك التجربة في حياتك القادمة، فلا تقبلي الزوج إلا بعد سؤال أوليائك عنه، وأن يكون مَرْضِيَّ الدين والخُلُق.
كوني على ثقة أيتها الأخت الكريمة أنَّ الله تعالى لم يُقَدِّرْ لك إلا ما فيه الخير، وإن غاب عنك وجه الخيرية، وأن ما كُتِب لكِ فلن يَفُوتَكِ منه شيء، واطمَئِني إلى رحمةِ الله وعدله وحكمته؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
وكوني هادئةَ النفس، مطمَئِنةً إلى عدل الله تعالى وفضله، واصْدُقي اللجوء إلى الله، وتأمَّلي قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقوله: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، وقوله: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18].
وأسأل الله أن يُقَدِّر لك الخير حيث كان، وأن يُلهمك رشدك، ويُعيذك مِن شر شياطين الإنس والجن