Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

الفضائيات الإسلامية سلبيات وتوجيهات(2)

$
0
0





الفضائيات الإسلامية سلبيات وتوجيهات(2)

د. محمد يسري إبراهيم









القسم الثاني: ملحوظات فنية وإدارية





لا اختِلافَ بين جمِيع المهتمِّين بشأن الإعلام الإسلاميِّ المُعاصِر على ضَرُورة تقديم وصُنع إعلامٍ إسلاميٍّ مُعاصِر وَفْقًا لرُؤيةٍ حَضاريَّةٍ واعيةٍ؛ ليُعِيد تشكيلَ الوعي للأمَّة من جديد، ويَرعَى تَنشِئة اجتماعيَّة لهذا الجيل الواعي، ويُحقِّق تَبلِيغًا عامًّا واتِّصالاً إنسانيًّا مع الناس كافَّة، يُبرِز المُعطَيات الحضاريَّة للإسلام، ويُرسِّخها في نُفُوس بَنِيه.







والتحدِّيات الفنيَّة والإداريَّة التي تُواجِه الإعلامَ الفضائيَّ في عالَم اليوم مُتعدِّدةٌ ومُتنوِّعة، وفيما يلي تَعريجٌ على جوانبَ من الخَلَلِ، وتأمُّلات في سبل العِلاج.







1- النقص الحادُّ في الموارد البشريَّة:



يُعتَبر نقْص الكوادر البشريَّة المُؤهَّلة في الإعلام الإسلامي الفضائي أحدَ أكبر العقبات، وأخطر التحدِّيات؛ حيث تُوجَد كَفاءات فنيَّة مُدرَّبة، ولكن خارج الإطار الإسلامي، وتُوجَد تلك الكَفاءات الدعويَّة والعلميَّة، ولكن خارج الإطار الإعلامي، كما أنَّ افتِقاد طواقم الفنيين الذين يحمِلُون رسالة الإسلام في أنفُسهم وفي تخصُّصهم الإبداعي والفني يُعَدُّ من أكبر السلبيَّات؛ لأنَّ تلك العناصر الفنية الفعَّالة والجادَّة، والتي تستَشعِر المسؤوليَّة، وتُؤمِن بخطورة العمل المرجوِّ والمنتظر منها، وتتحمَّل تبعات ذلك دون كَلَلٍ أو مَلَلٍ، إنما هي في الحقيقة أندَرُ من الكبريت الأحمر كما يُقال.







وإذا وُجِدت الكوادر الإعلاميَّة المحليَّة، فربما لم تكنْ مُعدَّة لِمُخاطَبة الرأي العام الدولي، والانفِتاح على العالم بشكلٍ مباشرٍ.







وكثيرًا ما تُواجِهنا في الفضائيات الإسلامية أزماتٌ سببها الحقيقي هو غِياب الاحترافِ، وضعْف كفاءة مُعدِّي ومُذِيعي البرامج الدينية، بل ضَآلة الثقافة الشرعيَّة لدَيْهم، ويَزداد الأمرُ حرَجًا حين يتولَّى المهمَّة الإعلاميَّة المُسنَدة بعضُ الدُّعاة غير المؤهَّلين إعلاميًّا، أو غير المدرَّبين على الأقلِّ على إدارة مثْل تلك الحلقات والبَرامج.







والحاصل أنَّ الحاجة ماسَّة لقطارٍ من المتخصِّصين إعلاميًّا، المحتَرِفين مهنيًّا، والمُستَقِيمين دِينيًّا، المثقَّفين شرعيًّا؛ ليَظهَر الإعلاميُّ الفضائيُّ الإسلاميُّ بالمظهر اللائق بهذا الإعلام، وليُؤدِّي رسالته التي تُراد له.







ولكي تسدَّ الحاجة؛ فلا بُدَّ من إجراءاتٍ جادَّة في هذا السبيل، ولا بُدَّ إذًا من اعتِماد التدريب كأولويَّة قُصوَى في الإعلام؛ حيث إنَّ مَن أراد الاستِمرار لا بُدَّ له من التدريب، فكيف بِمَن أراد التطويرَ، أو إحداث نقلةٍ نوعيَّةٍ في الإعلام؟!







والتدريب يشمَل الجوانب الفنيَّة والمهنيَّة، كما يَشمَل التأهيلَ بالجوانب الرِّساليَّة، على أنَّ كثيرًا من الدُّعاة بحاجةٍ إلى التدريب على فُنونٍ إعلاميَّة ومهارات تتعلَّق بالحضور أمامَ الكاميرات.







ولا شَكَّ أنَّ الحاجةَ ماسَّة لمركز تدريبٍ إعلاميٍّ من المنظور الإسلامي للإعلام؛ وذلك ليُعنَى بتأهيل وتخريج الكوادر في مُختَلف التخصُّصات، على أنْ يجتَمِع في الإشراف عليه فريقٌ من عُلَماء الشريعة، وخُبَراء الاجتماع، وعُلَماء النفس، مع المتخصِّصين في الإدارة والإعلام معًا.







2- غِياب أو ضعْف الإدارة الإعلامية المتخصِّصة:



تُواجِه الإدارة في الفضائيات الإسلامية مصاعب وتحدِّيات عدَّة، تبدأ من تأخُّر الشرق عامَّة في الجوانب والمسائل الإداريَّة، إلى غِياب مفاهيم الإدارة الإعلاميَّة لدى مَن يتصدَّى لهذا الأمر من الإسلاميين.







بحيث بدَا جانبُ عدم الاحتراف في الإدارة واضحًا من مؤهِّلات القائمين على تلك القنوات وسابقاتهم العمليَّة؛ حيث يَكاد يعتبر هذا التخصُّص مفقودًا لدى مَن يُدِير هذه الأمورَ الآن!







والإدارة الإعلاميَّة - كما هو ظاهرٌ من تركيبها - تُعنَى بتيسير الأعمال الإعلاميَّة البحتة والمساندة، إضافةً إلى الأعمال الإدارية التقليدية، وهي تتعامَل مع تخصُّصات نوعيَّة وإبداعيَّة متنوِّعة، والتعامُل معهم بشكلٍ تقليدي يصنع مشكلاتٍ لا نهاية لها.







وأخيرًا: فإنَّ الإدارة الإعلاميَّة تتعامَل مع جمهورٍ عريض مختلف الثقافات، ومتعدِّد التوجُّهات، وتتعامَل أيضًا مع مؤسسات حكومية وشعبية لها كلمتها ورؤيتها التي قد تَتعارَض، والإدارةُ الإعلاميَّة المحتَرِفة هي تلك التي تستَوعِب الجميع لتُقدِّم ما يخدم رِسالتها، وينفَع جمهورَها، ويُرضِي قبل ذلك كلِّه ربَّها - تبارك وتعالى.







3- نُدرة الإنتاج الفَضائي الإسلامي المتميِّز:



كنتيجةٍ طبيعيَّة لمحدوديَّة عُمر الفضائيَّات الإسلاميَّة، وقلَّة الكوادر الفنيَّة المحترفة إعلاميًّا والمؤهَّلة بثقافةٍ إسلاميَّة أصيلة، ولضعف الإمكانات الماديَّة؛ فإنَّ الإنتاجَ الفضائيَّ المتميِّز يُعدُّ عملةً نادرة.







وإنَّ نظرةً إلى عدد الساعات الإنتاجيَّة التي تَتكاثَف نسبيًّا مع مُرور الأيَّام كافيةٌ ليَرَى الفاحص أنَّ أكثر هذه الساعات فقيرةٌ جدًّا في بُعدِها البحثي العلمي والوثائقي، والتقني الفني، وتفتَقِد إلى التكامُل الإعلامي، والتنوُّع المتخصِّص، مع ضَعْفٍ في وسائل الإبهار والجذب الفني والتقني.







وهذه الملحوظة تدعو أربابَ الأموال إلى أنْ يستَثمِروا في الإعلام الإسلامي، وأنْ تُوجَد بينهم ثقافةُ الاستثمار الوقفي في الصناعة الإعلاميَّة، وأنْ تَقوَى القَناعة بالمجال الإعلامي، والجِهاد المالي في دَعمِه وعَونِه، مع إدراكٍ لِحَجمِ التحدِّيات الكبرى الناتجة عن التدفُّق الإعلامي الخارجي، والغزو الثقافي الموجَّه.







وممَّا يُقتَرح في هذا الصدد: إنشاءُ مؤسَّسات وشركات إنتاج إعلامي تلفزيوني محترفة، تعمَلُ على تغيير نمط الإنتاج؛ ليكون إيجابيًّا نافعًا يخدم هذه المجتمعات التي تُعانِي من الإعلام السلبي العربي والغربي على حَدٍّ سَواء، وحيث ينتقل الإنتاج من التسلية إلى التنمية، ويتحوَّل المشاهد من السلبية إلى الإيجابية.







4- ضعف الجودة الفنيَّة:



لا تُخطِئ العينُ في كثيرٍ من البَرامج الفضائيَّة الدينيَّة رتابةً تَصِلُ إلى حَدِّ الجمود في جوانب الإبهار، ووسائل الجذْب والتأثير، لا يَصبِر عليها إلا طلبَةُ العلم أو مَن يَدُورُ في فلكهم، يظهَرُ ذلك من خِلال الإصرارِ والانكِفاء على أسلوب الوَعْظ دون غيره، وإيثار الثَّبات في المقدِّمات والخواتيم، والحِرص على أسلوبٍ واحدٍ في الإخراج والشكل والإعداد، واعتِماد العمل بعقليَّة الشخص الواحد.







كما غدا الإسراف في البرامج الحواريَّة أمرًا ملحوظًا، والبحث عن الإثارة هدفًا منشودًا، ولو على حِساب القضيَّة والرسالة والرؤية.







وبشكلٍ عام، فإنَّ ضعف الجانب الابتكاري الإبداعي في البرامج المعروضة، والتَّكرار في أكثرها، وتحدِّيات التقنيات الحديثة في الاتِّصال والتأثير من خِلال هندسة الصوت، وفُنون الإضاءة، وعلوم الإخراج الفني - يُعتَبر من السلبيات التي تُنتَقد في الفضائيات الدينية اليوم.







وهذه الانتقادات تُؤثِّر بشكلٍ مباشرٍ في الانتفاع بتلك الوسائل الإعلامية، التي يَفُوق تأثيرها بالصوت والصورة كلَّ ما عَداها من وسائل التأثير.







وعلى ما نلحَظُ من التأثير وتنوُّعه وتعدُّد مَجالاته، فإنَّ الرصد التحليلي والإحصائي - ولو تقريبيًّا - قد يُعطِي نتائج تبدو غريبةً ومتذبذبةً.







فعلى سبيل المثال ووفْق إحصائيَّات شهر رمضان 1428م لشركة "إبسوس"[1]، كانت قناة "المجد" في المرتبة الخامسة سعوديًّا، وتعقبها مباشرة قناة "اقرأ" بفارق عشر قنوات، ثم "الرسالة"، وقد تتبادَل "اقرأ" مكان "الرسالة"، أمَّا في خارج المحيط السعودي فإنَّ "الرسالة" "واقرأ" تتقدَّمان "المجد".







وهذه القنوات الإسلاميَّة المسجَّلة ضمن القنوات الـ"25" الأولى في هذا العام، وإلاَّ فهناك غيرها.







ولئنْ كنَّا نؤمن بالتنوُّع واحترام الرُّؤى الفقهيَّة، إلاَّ إنَّنا نَتساءَل عن حجم المشاهدة لبرامج قنواتنا الإسلاميَّة؟



فالإحصاءات تُثبِت أنَّ نسبة المُشاهَدة في القنوات الإسلاميَّة كلها لا تزيد عن "5%" في رمضان، فضلاً عن غيره من الشُّهور؛ إي: إنَّه من بين مائة مُشاهِدٍ يَراها خمسةٌ فقط[2].







وعليه؛ فلا بُدَّ من رِعاية الجوانب الفنيَّة، والتنوُّع في المادة الإعلاميَّة، والبُعد عن الإغراق في الأساليب الحواريَّة، والاستفادة من الدورات المكثَّفة والمتنوِّعة لأساليب التطوير الفني والتأثير الإعلامي، وإخراج مُبادَرات إعلاميَّة جريئة وناضِجة ومنضبطة في وقتٍ واحدٍ، وهذا هو التحدِّي.







5- قلَّة الفضائيَّات النوعيَّة المتخصِّصة:



عامَّة الفضائيات الإسلاميَّة تميل إلى التنوُّع، وهو بشكلٍ عامٍّ منحى جيِّد، إلا أنَّه تقَع معه بعضُ الملحوظات، فيضعف الخطاب المُوجَّه لنوعيَّات وشرائح من الجمهور، فقد يقَع إهمالٌ لشريحة النساء تارَةً، أو لشريحة الأطفال والناشئة تارَةً أخرى، ولا يجدُ الشباب بُغيَتهم وحاجتهم تارَةً ثالثة.







ثم إنَّ كثيرًا من المُتابِعين قد تشبَّع بالمنوَّعات والمُنتَجات العامَّة، وعددًا غير قليل يبحث عن المنتج المتخصِّص المفيد في شتَّى جوانب الحياة، ولقد بَدَا في الآوِنة الأخيرة عُزُوفٌ عن القنوات المنوعة، وميلٌ إلى جهة التخصُّص في القنوات.







والذين سبَقُونا في هذا المجال من الغربيين تعجُّ سماواتهم بقنواتٍ متخصِّصة في الاقتصاد والإدارة والتطوير الشخصي، وشُؤون المرأة والطفل والشباب، والعمل والوظائف، والأخبار، جنبًا إلى جنبٍ مع القنوات المتنوِّعة النافعة والضارَّة على حَدٍّ سَواء.







والفضائيَّات الدينيَّة مدعوَّة إلى تقديم قَنوات تدعَمُ الاقتصاد الإسلامي، والفِكر الإسلامي، والحضارة الإسلاميَّة، ومختلف الفنون والعلوم من وجهة النظر الإسلاميَّة، وقنوات للمُنافَحة عن الإسلام وحرماته، وشَعائره وشَرائعه، وقنوات للدعوة والحوار بين طوائف الأمَّة من جهةٍ، وبين المُخالِفين في أصل الدِّين من جهةٍ أخرى، وقنوات تُعنَى باللُّغة العربيَّة وآدابها وفنونها الجميلة، وقنوات تعرض السيرة النبويَّة وجوانب الرحمة في حَياة خير البريَّة - صلَّى الله عليه وسلَّم.







وحين تُذكَر الفضائيَّات الإسلاميَّة المتخصِّصة تتعيَّن إشادةٌ وإشارةٌ إلى تَجرِبة باقة المجد الموفَّقة، والتي أولَتْ عنايةً لهذا الجانب، فكانت صاحبةَ سبقٍ في هذا المجال، على مزيد حاجةٍ في إثْراء برامجها التي تبثُّها قنواتها المتخصِّصة، والتي بلغَتْ اثنتي عشرة قَناة، بثَّت وأنتجَتْ أكثر من 200 ألف ساعة إنتاج، منها 70% قابلاً لإعادة البث[3].







[1] "إبسوس" شركةٌ تعتَمِد على جمع استِبيانات عَشوائيَّة من المصلِّين في المساجد إلى المشتركين داخل الأسواق، وهي من الشركات المعتَمَدة في سوق المملكة العربيَّة السعوديَّة.




[2] "رؤية تطويريَّة للصحوة السعودية"؛ د. علي العمري، ط دار الأمة للنشر والتوزيع، 1429هـ - 2008م، (ص26، 207).



[3] "محددات القناة الإيجابية المؤثرة"؛ أ. عادل الماجد ( ص12).













Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles