Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

التوكل من ثمرات التعبد بالأسماء والصفات

$
0
0
التوكل من ثمرات التعبد بالأسماء والصفات
الشيخ وليد بن فهد الودعان




إنَّ من أجلِّ ما يثمره التعبُّد بالأسماء والصفات أن يعتمد القلبُ على الله ويخلص في تفويض أمره إليه؛ وذلك حقيقة التوكُّلِ على الله.







والتوكُّل من أعظم العبادات تعلُّقًا بالأسماء والصِّفات؛ ذلك أنَّ مبناه على أصلين عظيمين:



الأول: علم القلب؛ وهو يقينه بعلم الله وكفايتِه وكمالِ قيامه بشأن خلقه؛ فهو القيُّوم سبحانه الذي كفى عبادَه شؤونهم، فبه يقومون وله يصمدون.



والثاني: عمَل القلب؛ وهو سكونُه إلى العظيم الفعَّال لما يريد، وطمأنينتُه إليه، وتفويض أمره إليه، ورضاه وتسليمه بتصرُّفه وفعله؛ إذ كلُّ شيء يمضي ويكون فبحُكمه وحِكمته، وقدَرِه وعلمه، لا ينفُذُ شيء في الأرض ولا في السماء عن قدرته؛ فله الحكم كلُّه، وإليه يُرجع الأمر كلُّه[1].







ومتى ما أخلص القلبُ ذلك لله علمًا وعملًا كان من سابقي المتوكِّلين وصادقي المفوِّضين والمستسلِمين، وإنَّه والله لَغاية الأُنس والعزِّ أن يعتمد الإنسان في جميع أمره وشأنِه على الله تعالى.







ولما أن كان هذان الأمران إنَّما ينبنيان على العلم بهذا الباب العظيم بابِ الأسماء والصِّفات قال بعضُ العلماء مفسِّرًا التوكلُّ بأنه المعرفة بالله، وإنما أراد أنه بحسب معرفة العبد بالله تعالى وبأسمائه الحسنى وصِفاتِه العليا وتعبُّده بها، وعلمه بقدرة الله وكفايته، وتمام علمه وقيوميَّتِه، وصدور الأمور عن مشيئته - يصحُّ له التوكُّلُ ويتمُّ له ويتحقق، قال ابن القيم: "كلَّما كان بالله أعرف كان توكُّله عليه أقوى"، ولذا قال ابن تيمية: "لا يصحُّ التوكل ولا يُتصوَّر من فيلسوفٍ ولا من القدَرية النفاة القائلين بأنَّه يكون في ملكه ما لا يشاء، ولا يَستقيم أيضًا من الجهمية النُّفاة لصِفات الربِّ جلَّ جلاله، ولا يستقيم التوكُّل إلَّا من أهل الإثبات"[2].










[1] انظر: "طريق الهجرتين" (426).




[2] "مدارج السالكين" (2 / 123)، وانظر: "طريق الهجرتين" (423).








Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles