Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

زوجي خالف شرط العقد

$
0
0
زوجي خالف شرط العقد


الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي





السؤال



♦ ملخص السؤال:

فتاة تزوجتْ وبعد مدة خالَف زوجُها شروط العقد، كما أنها اكتشفتْ أنه لا يصلي وغير مهتم بنظافته الشخصية، وتريد الطلاق منه.



♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا زوجة ثانية، كنتُ قد اشترطتُ على زوجي إكمالَ دراستي الجامعية، ثم التوظيف، وأن يكون لي بيتٌ مستقل، لكن اكتشفتُ بعد الزواج أنه لا يُصلي، وغير مهتم بنظافته الشخصية، ولا يغتسل بعدَ الجماع، ورائحته قذرة، وقد أخبرتُه بكل ذلك، لكنه لم يأبَه بكلامي.




قام زوجي بسحب ملفي من الجامعة، وباع جميع ذهبي، ورغم أني كنتُ موافقة في الظاهر، إلا أنني لم أكنْ راضيةً مِن داخلي، وخالَف شرط السكن فلم يُسكني في بيتٍ مستقلٍّ، بل أسكنني في بيت زوجته الأولى، وقسم لي منه جزءًا، كذلك طلب مني أن أطبخَ لزوجته وأولاده، وقد فعلتُ له ما أرادَ، رغم أن طلبه مخالفٌ لشروط العقد.




بعد ذلك ندمتُ على موافقتي على كلِّ ما جرى، وطلبتُ منه أن أعودَ لدراستي الجامعية، فرفَض طلبي، وأجبَرني على الطبخ لزوجته الأولى وأولاده رغم رفضي الشديد لذلك!




أنا الآن أريد الطلاق منه؛ لأنه خالف شروط عقد زواجي، ولأنه لا يصلي، ولا يهتم بنظافته، فهل يحقُّ لزوجي لو طلبتُ الطلاق أخذ عِوَضٍ مادي؟ وهل يحق لي أخذ جميع أغراضي من بيته التي اشتريتُها من مال المهر؟


الجواب



الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإنَّ الناظرُ في رسالتك أيتها الابنةُ الكريمة يُدرِكُ مقدارَ تفريطك في اختيار زوجِك، فأنا لا أكادُ أتصوَّر أن هذا الكمَّ الكبير من المساوئ لم يظهرْ منها شيءٌ قبل الزواج، سواءٌ لك أو لأسرتِك، ولكن قدَّر اللهُ وما شاءَ فعل، واحمدي اللهَ أنَّك ما زلتِ في أوَّل الطريقِ والخَسارة هيِّنة، فليس عندك ولدٌ يُعقِّد الأمور، ونصيحتي لك هو عدمُ التردُّد أو الرجوع عن قرارِ الطلاق؛ فصفاتُ هذا الزوج يَستحيل معها الزواجُ إلا لمن كانتْ على شاكلتِه، وتَتَّصِفُ بنفس صفاته، و((الأرواحُ جنود مجنَّدة، فما تعارَف منها ائتلَفَ، وما تناكَر منها اختلف))؛ كما في الصحيحين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكثيرٌ من الزوجات يرتكِبْنَ خطأ كبيرًا في حقِّ أنفسِهنَّ وحقِّ الأبناء والمجتمع؛ حينما يظهر لها من بدايةِ الحياة الزوجيَّة استحالةُ العِشرة فتُسوِّف، وتُصرُّ على التمسُّك حتى يضيعَ عمرُها، وتعيشَ حياة تعيسةً، ثم يقعُ الطلاق في نهاية الأمر، ولكن تكونُ الكُلفةُ حينئذ أشدَّ، والخسائر أكبر!




والسببُ وراء كلامي هذا أن من أهمِّ أسباب السعادة الزوجيَّة التفاهمَ بينَ الزوجين، والتقاربَ الثقافيَّ والأخلاقيَّ والدينيَّ مع استعدادِ كلا الزوجَيْنِ للتضحية، والبَذْلِ والعطاءِ المادِّي والمعنوي والعاطفي، ولا يتحقَّقُ ذلك أبدًا إلا بحُسْنِ الاختيارِ للشريك؛ كما في وصايا الرسولِ للزوج وللزوجة فقال لكليهما: ((فعليكَ بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يداك))، و: ((إذا خطَب إليكم مَن ترضون دينَه، وخلقَه، فزوِّجوه))، وهذا ما لم تجديه في زوجِك، والحمدُ لله على كلِّ حال؛ فالرجلُ تاركٌ للصلاةِ، وأدلة الكتاب والسنة وإجماعُ السلف مِن الصحابة والتابعين على كفرِ مَن ترَكَ الصلاةَ تكاسلًا أو تشاغلًا عنها، حتى قال شيخُ الإسلام ابن القيِّم في كتاب "الصلاة وأحكام تاركها" (ص: 49): "لا يصرُّ على ترك الصلاة إصرارًا مستمرًّا مَن يصدِّق بأن اللهَ أمر بها أصلًا؛ فإنَّه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدِّقًا تصديقًا جازمًا أن الله فرض عليه كلَّ يومٍ وليلةٍ خمسَ صلوات، وأنَّه يُعاقبه على ترْكِها أشدَّ العقاب - وهو مع ذلك مُصرٌّ على ترْكِها، هذا من المستحيل قطعًا، فلا يحافظ على ترْكِها مصدِّق بفرضِها أبدًا، فإنَّ الإيمان يأمُرُ صاحبَه بها، فحيث لم يكُنْ في قلبِه ما يأمر بها، فليس في قلبه شيءٌ مِن الإيمان، ولا تصغِ إلى كلام مَن ليس له خبرة ولا علم بأحكام القلوب وأعمالها، وتأمل في الطبيعة بأن يقومَ بقلب العبد إيمانٌ بالوَعد والوعيد، والجنة والنار، وأن الله فرض عليه الصلاةَ، وأن الله يعاقبُه معاقبة على تَرْكِها، وهو محافظ على التَّرْك في صحته وعافيتِه، وعدم الموانع المانعة له من الفعل".




نعم، الشريعةُ الإسلامية أرشدَتْ إلى بَذْل محاولاتٍ للإصلاح حفاظًا على الحياة الزوجيَّة قدر المستطاع من التصدُّع، وأنه مهما أمكنك الحفاظ على البيت فهو خيرٌ من الطلاق، غير أن العطبَ في مشكلتكِ قد وصل لمكانٍ يصعُبُ معه الإرشاد لمثل هذا؛ فالرجل من الناحية الدينيَّة لا يصلِّي ولا يغتسل من الجنابة، ومن الناحية الشخصيَّة غيرُ نظيف، وتمتنعين عنه بسبب رائحتِه القذرة - على حدِّ قولك - ولا يستجيب للتوجيه، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم لما أتَتْه امرأةُ ثابتِ بنِ قيسٍ فقالت: يا رسول الله، ثابتُ بن قيس، قالت: ما أعتبُ عليه في خُلقٍ ولا دين، ولكني أكره الكفرَ في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتردِّين عليه حديقتَه؟))، قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقبَلِ الحديقة، وطلِّقها تطليقة))، وفي رواية: ((إني أكرهُ الكفرَ في الإسلام، ولا أطيقُه بغضًا))؛ أي: أكرهُ إن أقمتُ عنده أن أقعَ فيما يقتضي الكفرَ، ويحتمل أن تريد بالكفرِ كفرانَ العَشير؛ إذ هو تقصير المرأة في حقِّ الزوج، أخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي حكمَه من نشوزٍ وفرك، وغيره مما يتوقَّع من الشابَّة الجميلة المُبغِضة لزوجها إذا كان بالضد منها؛ قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) بتصرف يسير (9/ 400).




والحاصل: أن استمرارَ الحياة بهذه الطريقةِ مَضيعةٌ للوقتِ، وغير مُجْدٍ ما دام الزوج غير قابل لتعديل سلوكِه، وقد خالف ما اشترطتِه عليه، وهذا بمفرده يُوجِبُ فسخ العقد، مع أَخْذِ جميع حقوقك الشرعيَّة، فكيف إذا انضمَّ لذلك تركُ الصلاة، فارفعي أمرَكِ للمحكمة الشرعية إن لم يستجِبْ لطلب الطلاقِ بهدوءٍ، فإن تعسَّر ذلك فاطلبي الخُلْعَ، وافتدي نفسَكِ، وقد وعد الله عزَّ وجل الزوجين بأن يغنيَ كلَّ واحد منهما من فضله وسَعَته إذا تفرَّقَا؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [النساء: 130].




ونسأل الله العظيم أن يُهيِّئ لكِ من أمركِ رشدًا، وأن يخلفَ عليكِ







Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles