هل أترك عملي للتفرُّغ لتربية بناتي؟
السؤال
أنا امرأة متزوِّجةٌ منذ عشر سنوات مِن رجلٍ مُلتزمٍ - والحمد لله, وعندي طفلتان: الأولى 8 سنوات، والثانية 4 سنوات، عملتُ لمدة عامَيْنِ في التدريس؛ بناء على رغبتي، ومُوافَقة زوجي، والآن أودُّ أن أتركَ العمل, لأبقى بجانب ابنتيَّ؛ كي لا يَشْعُرَا بتقصيرٍ مني كما السابق، لكن زوجي يَرْفُض أن أتركَ عملي، خاصَّة بعد أنْ حصلتُ عليه بصعوبةٍ, فهو يرى أنَّ هذه فُرصة في حياتنا لا يُمكن أن تتكررَ مرة أخرى، مع العلم أنه بتوقُّفي عن العمل ستزداد الديون وتتراكَم، علماً بأني أُسْهِم براتبي في مَصاريف المنزل، فماذا أفعل؟
أرشدوني.
الجواب
الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكر تواصُلكم وثقتكم في شبكة الألوكة .
سؤالك - أختنا الكريمة - يتعلَّق بموضوع التوازُن بين حقوق المعيشة الاقتصادية وحقوق الأسرة التربويَّة والأخلاقيَّة، وهو ميزانٌ دقيقٌ، بحاجةٍ لمزيدٍ مِنَ التحرِّي والضبط، ونحن نشيد بمُستوى التفاهم بينك وبين زوجك الكريم، والتعاوُن في بناء عشِّ الزوجية، والمُساهَمة في حَمْل العِبْء الاقتصادي بجانب الزوج، رغم أنَّ العمل ليس بواجبٍ عليك، وإنما هو محضُ تعاوُن منك مبنيٍّ على التفاهُم والانسجام.
لا شك أنَّ مَطْلَب تربية الأبناء مِن المطالِب المهمَّة والمُلِحَّة، بحيث لا تقتصر التربيةُ على مجرد رعاية الجسَد طبيًّا وكفايته مِن الطعام والشراب، بل التربية الأهم هي التربية الرُّوحيَّة والخُلُقيَّة، ورعاية الجوانب العاطفيَّة لدى الأبناء، وللأمِّ قِسْطٌ كبيرٌ في هذا الجانب، غير أنَّ هذا الأمر هو نسبيٌّ أيضًا، وليس هناك تحديدٌ مُعَيَّنٌ في هذا الأمر؛ فكم مِن أُمٍّ مُتفرِّغةٍ لأبنائها في البيت لا ينالون مِن تربيتها إلا نسبةً ضئيلةً، بينما قد تكون هناك أُمٌّ مشغولةٌ بوظيفةٍ صباحيَّةٍ، لكنها عند عودتها إلى أطفالها ولقائها بهم تعطيهم ما يستحقون مِن الرِّعاية العاطفيَّةِ، والاهتمام النفسي ما لا تعطيه تلك الأم!
إذًا سنخلص إلى مُعادَلةٍ مفادها: أنَّ التربية أمرٌ نسبيٌّ يعتمد على طريقة إدارة المنزل، وطريقة التواصل الوالدي مع الأبناء، وعليه فإننا نقترح عليك التالي:
- توافَقي مع زوجك على موضوع الاستمرار في عملك السابق؛ لتوفير الناحية الاقتصاديَّة، وحبذا لو تَمَّ تحديدُ هدفٍ معينٍ؛ كقضاء ديون، أو بناء منزل، أو إنشاء استثمار تجاري، وبمُجرد تحقيق الهدف الاقتصادي يُمكنك الرجوع بسلامٍ إلى المنزل بين بناتك لمزيد مِن العناية والاهتمام.
- التخطيط الجيد لموضوع تربية البنات في فترة الْتقائك بهنَّ، ويُمكن وضْعُ أهداف تربويةٍ شتَّى؛ مثل: زراعة قيمة تربوية مُعينة كل يوم - كالأمانة، والصِّدق - عبر حكاية قصة معهنَّ وما شابه، كما يُمكن توظيف مهاراتك التدريسية في هذا الجانب، على ألا يتحوَّلَ البيتُ إلى فصلٍ دراسيٍّ، وعلاقةٍ بين معلمة وتلميذاتها، بل أشعريهنَّ بعلاقة الأمومة، وإشباع الجانب النفسي لديهنَّ.
- بنتك الكُبرى في العادة ستكون مَشغولةً بدراستها في ذات الوقت الذي ستكونين أنت فيه مشغولةً بالتدريس، والبنتُ الصُّغرى يمكن إلحاقها بإحدى رياض الأطفال كذلك، وهذا عمليًّا يعني أنَّ وقت التربية سيكون لغيرك (للمدرسة) وليس لك، وسيبدأ وقتك معهنَّ مِن حين العودة من المدارس.
- تعلَّمي كيف تكسبين بناتك، وكيف تُقَدِّمين لهنَّ وجبةً نفسيَّةً مُشبعةً، عبر الاحتضان تارة، والتشجيع تارة أخرى، كما يمكنك تثقيف نفسك في هذا الجانب عبر القراءة والاطِّلاع، أو أخْذ دورات تخصصيَّة في مواضيع التربية، وإن كان هذا في الأصلِ جزءًا مِن ثقافة المدرس.
- برنامج التربية - بالطبع - لن تقومي به وحدك كأمٍّ، بل لا بُدَّ مِن مُشاركة الأب، فلكلِّ واحدٍ دورٌ لا يُحسنه الآخرُ! وما دام زوجُك متفهمًا لهذا الوضع، فسيكون خير مُعينٍ لك في هذه المهمة العظيمة.
نسأل الله تعالى أن يُوفِّقكما في تربية البنات، وأن يرزقكما عيشًا هنيئًا، ورضوانًا في الآخرة.
أ. فيصل العشاري |
السؤال
أنا امرأة متزوِّجةٌ منذ عشر سنوات مِن رجلٍ مُلتزمٍ - والحمد لله, وعندي طفلتان: الأولى 8 سنوات، والثانية 4 سنوات، عملتُ لمدة عامَيْنِ في التدريس؛ بناء على رغبتي، ومُوافَقة زوجي، والآن أودُّ أن أتركَ العمل, لأبقى بجانب ابنتيَّ؛ كي لا يَشْعُرَا بتقصيرٍ مني كما السابق، لكن زوجي يَرْفُض أن أتركَ عملي، خاصَّة بعد أنْ حصلتُ عليه بصعوبةٍ, فهو يرى أنَّ هذه فُرصة في حياتنا لا يُمكن أن تتكررَ مرة أخرى، مع العلم أنه بتوقُّفي عن العمل ستزداد الديون وتتراكَم، علماً بأني أُسْهِم براتبي في مَصاريف المنزل، فماذا أفعل؟
أرشدوني.
الجواب
الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكر تواصُلكم وثقتكم في شبكة الألوكة .
سؤالك - أختنا الكريمة - يتعلَّق بموضوع التوازُن بين حقوق المعيشة الاقتصادية وحقوق الأسرة التربويَّة والأخلاقيَّة، وهو ميزانٌ دقيقٌ، بحاجةٍ لمزيدٍ مِنَ التحرِّي والضبط، ونحن نشيد بمُستوى التفاهم بينك وبين زوجك الكريم، والتعاوُن في بناء عشِّ الزوجية، والمُساهَمة في حَمْل العِبْء الاقتصادي بجانب الزوج، رغم أنَّ العمل ليس بواجبٍ عليك، وإنما هو محضُ تعاوُن منك مبنيٍّ على التفاهُم والانسجام.
لا شك أنَّ مَطْلَب تربية الأبناء مِن المطالِب المهمَّة والمُلِحَّة، بحيث لا تقتصر التربيةُ على مجرد رعاية الجسَد طبيًّا وكفايته مِن الطعام والشراب، بل التربية الأهم هي التربية الرُّوحيَّة والخُلُقيَّة، ورعاية الجوانب العاطفيَّة لدى الأبناء، وللأمِّ قِسْطٌ كبيرٌ في هذا الجانب، غير أنَّ هذا الأمر هو نسبيٌّ أيضًا، وليس هناك تحديدٌ مُعَيَّنٌ في هذا الأمر؛ فكم مِن أُمٍّ مُتفرِّغةٍ لأبنائها في البيت لا ينالون مِن تربيتها إلا نسبةً ضئيلةً، بينما قد تكون هناك أُمٌّ مشغولةٌ بوظيفةٍ صباحيَّةٍ، لكنها عند عودتها إلى أطفالها ولقائها بهم تعطيهم ما يستحقون مِن الرِّعاية العاطفيَّةِ، والاهتمام النفسي ما لا تعطيه تلك الأم!
إذًا سنخلص إلى مُعادَلةٍ مفادها: أنَّ التربية أمرٌ نسبيٌّ يعتمد على طريقة إدارة المنزل، وطريقة التواصل الوالدي مع الأبناء، وعليه فإننا نقترح عليك التالي:
- توافَقي مع زوجك على موضوع الاستمرار في عملك السابق؛ لتوفير الناحية الاقتصاديَّة، وحبذا لو تَمَّ تحديدُ هدفٍ معينٍ؛ كقضاء ديون، أو بناء منزل، أو إنشاء استثمار تجاري، وبمُجرد تحقيق الهدف الاقتصادي يُمكنك الرجوع بسلامٍ إلى المنزل بين بناتك لمزيد مِن العناية والاهتمام.
- التخطيط الجيد لموضوع تربية البنات في فترة الْتقائك بهنَّ، ويُمكن وضْعُ أهداف تربويةٍ شتَّى؛ مثل: زراعة قيمة تربوية مُعينة كل يوم - كالأمانة، والصِّدق - عبر حكاية قصة معهنَّ وما شابه، كما يُمكن توظيف مهاراتك التدريسية في هذا الجانب، على ألا يتحوَّلَ البيتُ إلى فصلٍ دراسيٍّ، وعلاقةٍ بين معلمة وتلميذاتها، بل أشعريهنَّ بعلاقة الأمومة، وإشباع الجانب النفسي لديهنَّ.
- بنتك الكُبرى في العادة ستكون مَشغولةً بدراستها في ذات الوقت الذي ستكونين أنت فيه مشغولةً بالتدريس، والبنتُ الصُّغرى يمكن إلحاقها بإحدى رياض الأطفال كذلك، وهذا عمليًّا يعني أنَّ وقت التربية سيكون لغيرك (للمدرسة) وليس لك، وسيبدأ وقتك معهنَّ مِن حين العودة من المدارس.
- تعلَّمي كيف تكسبين بناتك، وكيف تُقَدِّمين لهنَّ وجبةً نفسيَّةً مُشبعةً، عبر الاحتضان تارة، والتشجيع تارة أخرى، كما يمكنك تثقيف نفسك في هذا الجانب عبر القراءة والاطِّلاع، أو أخْذ دورات تخصصيَّة في مواضيع التربية، وإن كان هذا في الأصلِ جزءًا مِن ثقافة المدرس.
- برنامج التربية - بالطبع - لن تقومي به وحدك كأمٍّ، بل لا بُدَّ مِن مُشاركة الأب، فلكلِّ واحدٍ دورٌ لا يُحسنه الآخرُ! وما دام زوجُك متفهمًا لهذا الوضع، فسيكون خير مُعينٍ لك في هذه المهمة العظيمة.
نسأل الله تعالى أن يُوفِّقكما في تربية البنات، وأن يرزقكما عيشًا هنيئًا، ورضوانًا في الآخرة.