Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

تابع أقسام الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 5)

$
0
0
تابع أقسام الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 5)
د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن




مقالات في الرخصة والعزيمة (5)



تابع أقسام الرخصة











تعَرَّضنا فيما سبقَ لتقسيم الرخصة عِند الحنفيَّة، وقُلنا: إنَّ الحنفيَّة قسموا الرخصة إلى أقسام باعتبارينِ مختلفين:



الأول:باعتبار الحقيقة والمَجاز.



الثاني:باعتبار الإسقاط والترفيه.



وقد شرَحنا الاعتبار الأول في المقال السابق، وفي هذه السطور نتعرَّض للاعتبار الثاني عندَ الحنفيَّة، وهو اعتبار الإسقاط والترفيه.







التقسيم الثاني: أقسام الرخصة باعتبار الإسقاط والترفيه:



لقد قسَّم الحنفيَّة الرخصة باعتبار الإسقاط والترفيه إلى قسمين:



القسم الأول: رخصة الإسقاط.



وهي: التي لم تبقَ العزيمة فيها مشروعةً؛ ولِذا كان المشروع فيها هو الرخصة، وأمَّا العزيمة، فقد سقط حكمها.



ومثالها: إباحة أكل الميتة وشرب الخمر عند الضرورة، وقصْر الصلاة الرباعية في السفر.







القسم الثاني: رخصة الترفيه.



وهي: التي تَبقى معها العزيمة مشروعةً، ولكن رخِّص في تركها تخفيفًا وترفيهًا عن المكلَّف.



ومثالها: التلفُّظ بكلمة الكفر عند الإكراه مع اطمئنان القلب، والإكراه على إتلاف مال الغير، والإكراه على الإفطار في نهار رمضان[1].







تعقيبٌ وترجيحٌ:



بعد الوقوف على أقسام الرخصة عند الحنفية، وكيف أنهم قسموها إلى تقسيمين باعتبارَينِ مختلفين، فإنَّه يُمكن تقرير النتائج التالية:



أولًا: أنَّ رفع الحكم السابق على مَن كان قبلنا يُعَدُّ نسخًا وليس رخصةً، إلا أن الحنفية اعتبَروا وضع الإصر والأغلال التي كانت على مَن قبلَنا تخفيفًا وتيسيرًا علينا - رخصةً مجازيَّةً.







وهو إطلاق يَحتاج إلى وقفة، وفي النفس منه شيء؛ لأنه يُمكن أن يَندرج تحت هذه الرخصة المجازيَّة كلُّ حكم نُسِخ بحكم أخَفَّ أو بغير حكم تمامًا، نحو: رفع تقديم الصدقة عند مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يَقُل أحد: إنَّ رفع هذا الحكم في حقنا رخصة، إلا إن قِسناه على الرخصة المجازية عند الحنفية، وإطلاق النَّسخ عليه أَولى مِن إطلاق الرخصة، وإن كان فيه نوع مِن التخفيف والتيسير، إلا أنَّ الرخصة متعلِّقة بفعل المكلَّف، وفي الأحكام السابقة فإنها قد رُفِعَت جميعها، ولم تَعُد تتعلَّق بفعل المكلَّف، فكيف تُسمَّى "رُخصة"؟!







ثانيًا: أنَّ النوع الرابع هو الفعل الذي أبيحَ تيسيرًا على المكلَّفين، أو ما سقط عن العباد مع كونه مشروعًا، ومثَّلوا له بالسَّلَم، وقصر الصلاة في السفر، وشرب الخمر وأكل الميتة عند الضرورة، والمسح على الخفَّين.



ولو نظرنا إلى هذه الأمثلة التي تخصُّ هذا النوع، فسنَرى أنه يُمكن إدراجها في النوع الأول؛ لأنَّ الفعل فيها أبيحَ لعذر مع قيام السبب المُحَرِّم، وحينئذٍ تكون الرخصة في النوع الرابع حقيقيةً وليست مجازية.







ثالثًا: أنَّ رخصة الإسقاط هي التي لم تَبقَ العزيمة فيها مشروعةً، وهو تعريف أرى أنَّه لا ينطبق على بعض الأمثلة التي أَوردوها؛ فإباحةُ الخمرِ عِندَ الضرورة، وأكل الميتة: العزيمةُ فيهما غير مشروعة، فلا تبقى حرمة الشرب أو الأكل مِن الميتة، وإنما هي ساقطة عن المكلَّف في حالة الضرورة.







وأمَّا قَصْر الصلاة في السفر والمسح على الخفَّين، فإن العزيمة فيهما مشروعة؛ لأنَّ المسافر يجوز له الإتمام وكذا المسْح على الخفين؛ ولِذا فإنه يُمكن اعتبار الرخصة هنا رخصة ترفيه، وليست رخصة إسقاط.







وأمَّا رخصة الترفيه، وهي ما يَبقى معها حكم العزيمة، فهي محصورة في الرخصة الحقيقيَّة بنوعيها، ولكن لو نظرنا إلى معنى الترفيه - وهو التوسِعة والتخفيف[2] - فسنرى أنه معنى يشمل كثيرًا مِن أمثلة الرُّخص التي أَوردها الحنفية بأنواعها الأربعة عدا النوع الثالث؛ فإنه إسقاط حقيقيٌّ، وكذا إسقاط حرمة شرْب الخمر، وحرمة الأكل مِن الميتة.







أَما باقي الأمثلة، فإنَّه يمكن حَملُها على رخصة الترفيه؛ لما فيها مِنَ التخفيفِ والتوسِعة على المكلَّف.








[1] انظر: حاشية نسمات الأسحار (ص: 173)، وعلم أصول الفقه؛ للشيخ عبدالوهاب خلاف (ص: 130، 131)، وغاية الوصول (ص: 253، 254).



[2] انظر: المصباح المنير (1 / 234).





Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles