الظل الضائع
محمد الغباشي
أبحث عن ظلي دومًا..
ما بين الأخشابِ الملقاة بعيدًا في المرآبْ..
ما بين قصاصاتِ الأوراقِ..
في أحضانِ الكتبِ..
بين ثنايا أحرف كلمات الزهد لسلفٍ نُجُبِ..
لكنَّ حروف غياب ملامحه تتراقص قِبَلي..
ما يلبث ملمحه البارزُ..
يتلاشى من عينيْ رأسي..
فأراه كالعدم المتبخِّر بالأنَّاتْ..
كدخانٍ متداعٍ خانقْ..
تشعثه أنفاس صبي حدث الأسنانْ..
أما صورته في المرآة..
فتولِّي مسرعةً نحو الشمس..
تخطف أبصار الكونِ محلِّقة في الأفْق الواسعْ..
فالصورة مُنْعَكِسٌ فيها ما خلف الجسد المترهلْ..
(المتبلِّلِ بدموعٍ من أنهار الوحدة..
والمتبتِّلِ في محراب الوحدة..
والمتململِ من سيطرة الوحدة)..
فعناصر صورته لا تحوي إلا الحائطَ والصنبورْ..
بخارَ الماء الساخن مثل الشمس اللاسعةِ..
وإطارات الأزهار الغضَّةْ..
أما جسدي فهُراءٌ محضٌ..
متخشبُ فوق القمر بلا مؤنسْ..
أو في صحراءٍ جرداءْ..
أو في وديانٍ قاحلةٍ..
أو في غاباتٍ سوداءٍ موحشةٍ..
التفَّت فيها أغصانُ الأشجارِ المرعبةِ الضخمةْ..
حول الأزهار المَكْسُوَّةِ رِقَّةْ..
أو بين معاطف بُنِّيَّةْ..
قاسيةِ الملمسِ..
قابعةٍ في دولابٍ متهالكْ..
تملكه عجوزٌ شمطاء..
أما هاتفه المحمول..
فهو مليء بالنغمات المشحونة همًّا وجفاءً..
لا يحوي إلا القيدْ..
فهو في المجملِ مجموعةُ أغلالٍ دُقَّتْ..
من أجل أيادٍ لم تلمسْ شيئًا..
لم تفعل شيئًا..
لم تكسب شيئًا إلا الآلام..
لم تسعفها الأقدار..
لتلامس أيديَ أخرى اختُضِبَتْ بالحناء..
أو لتقابل أيديَ ماهرةً..
في الربت على الظهر المتقوس من أحمال داكنة سوداءْ..
أو أيديَ ثالثةً تعرفُ..
كيف تجفف دمعًا سال على الخدينِ..
في ليل شاتٍ من أيام الصيفِ الباردةِ..
أو أيديَ رابعةً تدركُ..
معنى التضحية لأجل الحبِّ..
أو خامسة أو سادسة أو سابعة..
الكل سواء..
لم تعرف أيًّا من هاتيك الأدوية..
أو ترياقات الأدواءْ..
لم تعرف إلا سوسنةً زرقاءْ..
أو زنبقةً سوداءْ..
أو سِنَّورًا منكسرَ الأسنانْ..
أو زمنًا مغبرَّ الأركانْ..
أو دنيا امتلكتها حفنة أشرارٍ حافيةِ الأقدامْ..
أو بؤسًا مكسوًّا بملامح مرعبةٍ..
مفزعةٍ..
لا تظهر إلا في الليل الدامسِ..
قاتلةً كل معاني الأمن والاستسلام..
فَيَدَا ظِلِّي ظلّت طول حياتي مبتورة..
أو مجبرةً تفعلُ ما لم تخلق من أجله..
تطعمُ ما تكره..
تعملُ ما تكره..
تلعبُ ما تكره..
تُلقي للصاحب كرةً..
لم تختر يومًا أن تحملها..
تتـملّك أسمالًا ليست لائقةً بالجسد الفارع في الطول..
وترتب أفكارًا في عقل لا يهتم بهاتيك الأفكار..
أو تكتب كلماتٍ فارغةً..
تأباها الأقلام المسنونةْ..
وتفكر أفكارًا مجنونةْ..
وتظل طوال العمرِ..
تفتش مهمومةْ..
عن ظلٍّ ضائعْ..
أو تبحثُ..
عن مفتاح الأغلالْ..
محمد الغباشي
أبحث عن ظلي دومًا..
ما بين الأخشابِ الملقاة بعيدًا في المرآبْ..
ما بين قصاصاتِ الأوراقِ..
في أحضانِ الكتبِ..
بين ثنايا أحرف كلمات الزهد لسلفٍ نُجُبِ..
لكنَّ حروف غياب ملامحه تتراقص قِبَلي..
ما يلبث ملمحه البارزُ..
يتلاشى من عينيْ رأسي..
فأراه كالعدم المتبخِّر بالأنَّاتْ..
كدخانٍ متداعٍ خانقْ..
تشعثه أنفاس صبي حدث الأسنانْ..
أما صورته في المرآة..
فتولِّي مسرعةً نحو الشمس..
تخطف أبصار الكونِ محلِّقة في الأفْق الواسعْ..
فالصورة مُنْعَكِسٌ فيها ما خلف الجسد المترهلْ..
(المتبلِّلِ بدموعٍ من أنهار الوحدة..
والمتبتِّلِ في محراب الوحدة..
والمتململِ من سيطرة الوحدة)..
فعناصر صورته لا تحوي إلا الحائطَ والصنبورْ..
بخارَ الماء الساخن مثل الشمس اللاسعةِ..
وإطارات الأزهار الغضَّةْ..
أما جسدي فهُراءٌ محضٌ..
متخشبُ فوق القمر بلا مؤنسْ..
أو في صحراءٍ جرداءْ..
أو في وديانٍ قاحلةٍ..
أو في غاباتٍ سوداءٍ موحشةٍ..
التفَّت فيها أغصانُ الأشجارِ المرعبةِ الضخمةْ..
حول الأزهار المَكْسُوَّةِ رِقَّةْ..
أو بين معاطف بُنِّيَّةْ..
قاسيةِ الملمسِ..
قابعةٍ في دولابٍ متهالكْ..
تملكه عجوزٌ شمطاء..
أما هاتفه المحمول..
فهو مليء بالنغمات المشحونة همًّا وجفاءً..
لا يحوي إلا القيدْ..
فهو في المجملِ مجموعةُ أغلالٍ دُقَّتْ..
من أجل أيادٍ لم تلمسْ شيئًا..
لم تفعل شيئًا..
لم تكسب شيئًا إلا الآلام..
لم تسعفها الأقدار..
لتلامس أيديَ أخرى اختُضِبَتْ بالحناء..
أو لتقابل أيديَ ماهرةً..
في الربت على الظهر المتقوس من أحمال داكنة سوداءْ..
أو أيديَ ثالثةً تعرفُ..
كيف تجفف دمعًا سال على الخدينِ..
في ليل شاتٍ من أيام الصيفِ الباردةِ..
أو أيديَ رابعةً تدركُ..
معنى التضحية لأجل الحبِّ..
أو خامسة أو سادسة أو سابعة..
الكل سواء..
لم تعرف أيًّا من هاتيك الأدوية..
أو ترياقات الأدواءْ..
لم تعرف إلا سوسنةً زرقاءْ..
أو زنبقةً سوداءْ..
أو سِنَّورًا منكسرَ الأسنانْ..
أو زمنًا مغبرَّ الأركانْ..
أو دنيا امتلكتها حفنة أشرارٍ حافيةِ الأقدامْ..
أو بؤسًا مكسوًّا بملامح مرعبةٍ..
مفزعةٍ..
لا تظهر إلا في الليل الدامسِ..
قاتلةً كل معاني الأمن والاستسلام..
فَيَدَا ظِلِّي ظلّت طول حياتي مبتورة..
أو مجبرةً تفعلُ ما لم تخلق من أجله..
تطعمُ ما تكره..
تعملُ ما تكره..
تلعبُ ما تكره..
تُلقي للصاحب كرةً..
لم تختر يومًا أن تحملها..
تتـملّك أسمالًا ليست لائقةً بالجسد الفارع في الطول..
وترتب أفكارًا في عقل لا يهتم بهاتيك الأفكار..
أو تكتب كلماتٍ فارغةً..
تأباها الأقلام المسنونةْ..
وتفكر أفكارًا مجنونةْ..
وتظل طوال العمرِ..
تفتش مهمومةْ..
عن ظلٍّ ضائعْ..
أو تبحثُ..
عن مفتاح الأغلالْ..