طاقة من فن الدوبيت
د. عبدالحكيم الأنيس
أورد الإمامُ أبو الفرج ابنُ الجوزي في كتابه "الخواتيم"[1] (خواتيم مجالس الوعظ) (35) رباعية مِنْ فن الدوبيت[2]، منها في كتابه "المُدهش" (20) رباعية، وانفرد "الخواتيم" بـ (15) رباعية، وهي رباعياتٌ رقيقةٌ مؤثرةٌ، نثرَها في فصول الكتاب الأربعين.
وقد بدا لي استخراجُها، وترتيبُها على الحروف[3]، ونشرُها مجموعةً، بين يديْ نشرِ الكتاب قريباً بإذن الله تعالى.
وقد بحثتُ عن قائل هذه الرباعيات فلم أجدْ سوى رباعيتين، وهما لابن الخل البغدادي (المتوفى سنة 552هـ)، ومن المُحتمل أن يكون بعضُها لابن الجوزي نفسه. وأقول: من المُحتمل، لأننا لا نملك دليلاً على ذلك، ومردُّ الاحتمال إلى أنه أوردَ مِنْ شعر نفسهِ في هذا الكتاب، ومنه مِنْ فنّ "كان وكان".
وهذه هي الرباعيات، وما كان في "المُدهش" بينتُهُ:
يتبع
د. عبدالحكيم الأنيس
أورد الإمامُ أبو الفرج ابنُ الجوزي في كتابه "الخواتيم"[1] (خواتيم مجالس الوعظ) (35) رباعية مِنْ فن الدوبيت[2]، منها في كتابه "المُدهش" (20) رباعية، وانفرد "الخواتيم" بـ (15) رباعية، وهي رباعياتٌ رقيقةٌ مؤثرةٌ، نثرَها في فصول الكتاب الأربعين.
وقد بدا لي استخراجُها، وترتيبُها على الحروف[3]، ونشرُها مجموعةً، بين يديْ نشرِ الكتاب قريباً بإذن الله تعالى.
وقد بحثتُ عن قائل هذه الرباعيات فلم أجدْ سوى رباعيتين، وهما لابن الخل البغدادي (المتوفى سنة 552هـ)، ومن المُحتمل أن يكون بعضُها لابن الجوزي نفسه. وأقول: من المُحتمل، لأننا لا نملك دليلاً على ذلك، ومردُّ الاحتمال إلى أنه أوردَ مِنْ شعر نفسهِ في هذا الكتاب، ومنه مِنْ فنّ "كان وكان".
وهذه هي الرباعيات، وما كان في "المُدهش" بينتُهُ:
لو قطَّعني الغرامُ إرْباً إرْبا ![]() ما ازددتُ على المَلام إلا حُبَّا ![]() لا زلتُ بكم أسيرَ وجدٍ صَبَّا ![]() حتى أقضي على هواكمْ نَحْبا[4] ![]() يا يوسُفُ صِلْ فإنني يعقوبُ ![]() دمعي ودمي كلاهُما مَسْكوبُ ![]() والنومُ إذا هجرْتَني مَسْلوبُ ![]() ما أصبرَني كأنني أيوبُ؟! ![]() باللهِ عليكَ يا فتى الأعرابِ ![]() إنْ جُزْتَ على مواطنِ الأحبابِ ![]() فاشرَحْ سقَمي وقلْ لهم ممّا[5] ![]() بي: ذاكَ المُضْنى يمُوتُ بالأوصابِ[6] ![]() ما للبَيْنِ سادتي يُغرَى بي ![]() قد قطَّعَ مِنْ وصالِكم أسبابي ![]() الهجرُ أمرُّ مِنْ جميعِ الصَّابِ ![]() الموتُ ولا قطيعةُ الأحبابِ ![]() يا لفؤادِ وامقٍ ما يَصحو ![]() قد طالَ لعُظْمِ ما عناهُ الشرحُ ![]() والعينُ لها دمٌ ودمعٌ سحُّ ![]() ذا[7]يكتُبُ شجوَهُ، وهذا يَمْحو[8] ![]() ما أشوقَني إلى نسيمِ الرَّندِ؟ ![]() يشفي كمَدي إذا أتى مِنْ نجدِ ![]() والشِّيحِ فإنهُ مُثِيرُ الوجدِ ![]() شوقي شوقي له ووجدي وجدي[9] ![]() الجسمُ يذيبهُ الأسى والسهدُ ![]() والقلبُ ينوبُهُ الجوى والكَمَدُ ![]() قد وَجدوا وهكذا ما وَجدوا ![]() ما جُنَّ بهم مثلَ جنوني أحَدُ[10] ![]() ساروا وأقام في فؤادي الكَمَدُ ![]() لم يلقَ كما لقيتُ منهم أحَدُ ![]() شوقٌ وجوىً ونارُ وجدٍ تقدُ ![]() مالي جلَدٌ ضعُفتُ ما لي جلَدُ[11] ![]() إنْ كان بكائي في هواكمْ يُجْدي ![]() أقرحتُ بما يَفيضُ منهُ خدِّي ![]() أو كنتم ترضونَ بالجفا والصدِّ ![]() سلَّمتُ لأمركمْ وهذا حدِّي ![]() كم أكتمُ حبَّكُمْ عن الأغيارِ ![]() والدمعُ يُذِيعُ في الهوى أسراري؟ ![]() هبني غالطتُ رؤيةَ الأبصارِ ![]() هل يخفى في الحشا لهيبُ النارِ؟ ![]() أين الصبحُ هل أرى مِنْ فجرِ ![]() أين الصلحُ كم نُرى في الهجرِ؟ ![]() يا مَنْ يَبري سهامَهُ كم تَبري؟ ![]() سهمٌ يكفي لنحْرِ هذا النَّحرِ ![]() إنْ كان عهودُ وصلكمْ قد دَرَسَتْ ![]() فالرُّوحُ إلى سواكمُ ما أنِسَتْ ![]() أغصانُ هواكُمُ بقلبي غُرِسَتْ ![]() مُنُّوا بوصالكمْ وإلا يَبِسَتْ[12] ![]() يا مَنْ لحشا المُحبِّ بالشَّوق حَشا ![]() ذا سِرُّ سُراك في الدجى كيف فَشا ![]() هذا المولى إلى المماليكِ مشى ![]() لا كان عَشاءٌ يُورِثُ القلبَ عَشا ![]() بالجسمِ مِنَ السقام ما يُحْرِضُهُ ![]() والقلبُ يذوبُ مِنْ جوىً يمرضُهُ ![]() ما قدْ حكَمَ الإلهُ مَنْ ينقضُهُ؟ ![]() قد أعوزني الصبرُ فمَنْ يُقْرِضُهُ؟[13] ![]() مِنْ أجلكَ قد جعلتُ خدِّي أرضا ![]() للشامتِ والحسودِ حتى ترضى ![]() مولاي إلى متى بهذا أحظى؟ ![]() عُمْري يفنى وحاجتي ما تُقضى[14] ![]() مَنْ يُرجِعُ دهرَنا بأرضِ الجِذعِ ![]() بين الأَثَلاتِ والرُّبا في سَلْعِ؟ ![]() قالوا: صبرٌ وليس ذا في وُسْعي ![]() يا حُزنُ أقِمْ، وأنتَ سِرْ يا دَمْعي ![]() واهاً لزمانِنا الذي كان صفا ![]() أبكِي مرَضي وليسَ ليْ منه شِفا ![]() ذَابَتْ روحي وَمَا أرى غيرَ جَفا ![]() هَذَا رمَقي تَسَلَّموهُ بِوفا[15] ![]() مِنْ أجلِ هواكمُ هويتُ العشقا ![]() قلبِي كلِفٌ ودمعتي مَا ترقى ![]() فِي حُبِّكمُ يهُونُ مَا قد ألْقى ![]() مَا يحصُلُ بالنعيم مَنْ لَا يَشقى ![]() |