ذهب الى الحج سكيناً فعاد شفرةً
مرشد معشوق الخزنوي
تروى في أدبيات المجتمع الكثير من القصص والأساطير لربما الكثير منها خيالي مصطنع ومنها ما وقع، غير أن جميع تلك القصص تحاول الدلالة على معنى أو مفهوم ما، ومما يروى في أدبيات مجتمعنا أن تاجراً كان له أربعة أبناء، كلهم أدوا فريضة الحج ألا الولد الصغير فلم يتسنى له الحج بعد، وفي يوم من الأيام جاء إليه رجل ليودع عنده صرة من الدراهم إلى حين عودته من سفر له، وبعد مدة رجع صاحب الدراهم ليطالب بدراهمه، فأنكرها عليه الحاج التاجر، وجاهد صاحب الدراهم ليثبت للتاجر الحاج حقه، لكنه فشل فقد تواطئ الأبناء الثلاثة الحجاج مع أبيهم وأنكروا عليه دراهمه، ولكن الابن الأصغر حاول أن يذكر أباه بأمانة الرجل والموضع الذي وضع فيه الدراهم والهيئة التي كانت عليها، وبعد افتضاح أمر التاجر على يد ابنه قال له أباه جهز نفسك للحج في السنة القادمة.
تروى هذه القصة على السنة العامة للدالة لما صار إليه وضع الناس من خداع ودجل، واستغلال لكل مقدس من أجل المصالح، فالغاية تبرر الوسيلة عندهم، إلى أن بلغ الأمر بالناس إلى أن يختبئوا تحت الأسماء النظيفة والعناوين البراقة واللماعة ليمرروا خداعهم وضلالهم وكذبهم، ومن أكثر ما تعرض للتشوية هو اسم الحج الحاج ومن ذلك المثل القائل: " ذهب للحج سكينة فعاد إلينا شفرة" كناية عن ازدياد شره.
وبما أن الحج من أعظم شعائر الإسلام ولها من الفضل العظيم الذي قال عنها النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) وروى البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا)) ما يكون حافزاً قوياً للمسلم للتقرب إلى الله والتوبة عما بدر منه في سالف أيامه، وبدل أن يستغل المذنب الذي تفضل الله عليه في أن هيأ الله له أسباب الحج ليرجع إلى أهله ليناً سهلاً تائباً، تراه يستغل هذا الفضل لتلميع صورته أمام المجتمع ليبدأ صفحة جديدة من الخداع والشر، وهذا ما بات يعرف بين الناس بالالتزام الأجوف، للدلالة على الشخص الذي يتظاهر بالالتزام والصلاح والتقوى ويقوم بشعائر الإسلام لكنه لا يفقه منها شيئاً ولا يدرك حقيقتها، على أنني لا أوفق على هذه التسمية؛ لأنه هو غير ملتزم أصلاً ويتخذ آيات الله هزواً، لأن تسمية الشخص الحسن المظهر الكريه الباطن المستغل للشعائر الإسلامية لتحقيق مصالحه وأطماعه تسمية مثل هذا الشخص بالملتزم الأجوف كتسميتنا للقول المكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الموضوع وهو ليس حديثاً أصلاً، وذلك لأن مثل هذا لا يعلم من الإسلام إلا الرسم والاسم، بل ويخشى على مثل هذا من خلل في إيمانه أصلاً، يقول الحسن البصري - رحمه الله -: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل"، ولو أجرينا قياساً هذه القضية على مبادئ علماء الفلسفة لكانت الطامة الكبرى، فمن القواعد المهمة عند علماء الفلسفة أنك إذا أضفت مقدمة ثانية للمقدمة الأولى وجب أن تعطيك نتيجة صحيحة، وإن لم تعطك تلك النتيجة فالخلل في إحدى المقدمتين، وقياساً عليه يقول الله –عز وجل-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) العنكبوت 45، طبعاً ولا يطالب بالصلاة إلا المسلم المؤمن، فإذاً الإسلام أو الإيمان تكون بمثابة المقدمة الأولى، والصلاة بمثابة المقدمة الثانية ومحصلة المقدمتين يجب أن تردع الإنسان وتمنعه عن الفحش والخبائث والرذائل، فإن لم تعطي هذه النتيجة الصحيحة السليمة كما هو الحال عند الكثير دل ذلك على خلل في إحدى المقدمتين، وأم المصائب لو كان الخلل في المقدمة الأولى وتلك الطامة الكبرى.
هذا نموذج لشعيرة من شعائر الإسلام، وبقية الشعائر مثلها، وعلى المسلم المصلي أو الحاج أو الصائم أن يتحقق من إيمانه، ويعمل بمقتضى هذا الإيمان، فالعمل الذي هو بالضرورة نتيجة للإيمان، هذا العمل في درجة مهمة بحيث يسبق الأقوال يقول المولى - عز وجل - (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت 33. كما أن القيام بالشعائر بشكل روتيني مفرغة من معانيها دون أن تنعكس على الجوارح لا يستفيد منها الإنسان ويأتي يقول القيامة وكأن لم يعمل شيء، وينطبق عليه قول المولى –عز وجل-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) الفرقان 23، والدليل عليه ما رواه مسلم عن أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وذكاه ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل انقضاء ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار))، أجل لقد صلَّى وصام وزكَّى، ولكنه أضاع أعماله بالتَّعَدِّي على الناس، والتطاول على أعراضهم، فشتم من شتم منهم، وليس هذا من خلق المسلم فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذي)) رواه الترمذي، وكذلك قذف أعراضاً للمسلمين بريئة من كل عيب ونقص فدنس طهرها إذ رماها بالزنا ووصمها بالفاحشة، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اجتنبوا السبع الموبقات - وذكر منها - قذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) متفق عليه، أو تناول أموال الناس بالظلم ويأكلها بالباطل يسوقه طمعه الشديد ويؤزه جشعه إلى المزيد، لا يفرق بين مال حلال او حرام، ولا يتيم أو مسكين والله - عز وجل – يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) النساء: 10، أو يكون اقتطعها بيمن فاجرة كاذبة كما روى أبو أمامه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله، قال: وإن قضيباً من أراك)) رواه مسلم.
وإن عدنا لقصة البداية لنتعرف عن أسباب ذلك، والذي أدى بأحدهم ان يخرج من مولد الخير صفر اليدين لوجدنا أن سبب ذلك كله أننا أفرغنا كل الشعائر من معانيها ومضامينها، ولم نستفد من دروسها، ونحن في موسم الخير والحج لربما يظن البعض أن الحج ما هي إلا سياحة إلى أماكن مهد الإسلام والتعرف على تلك البقاع التي شهدت بداية الدعوة، علاوة على اكتساب لقب جديد في المجتمع لقب – الحاج- وهذا عين الخط وهو الذي يؤدي إلى أن تخرج الشعائر عن مسارها فالحج الذي هو أعظم أركان الإسلام ما هو إلا مؤتمر ودورة تدريبية للمسلم لا بد أن يخشع قلبه قبل جوارحه وهو يتلقى الدرس تلو الدرس في كل ركن أو واجب أو سنة من أركان وواجبات وسنن الحج.
فكل ركن أو واجب في شعيرة الحج تعطي المسلم دروساً هامةً لا بد أن يدركها ويتعهد على العمل بها حتى يكون من المشمولين بعفو ورحمة الله فلا يكون له جزاء إلا الجنة.
دروس الحج التي أعتقد أن على المسلم أن يتدرب عليها قبل سفره كما يتدرب على الأحكام الفقهية والتي لا تقل أهمية عنها، فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه ويستغل العروض الربانية التي يبذلها الله للتائبين النادمين العازمين على عدم الرجوع إلى الذنوب، والعزم على التوبة النصوحة، وليخشى المرء من انتقام الله أن هو اتخذ أمر الله هزوا وتناول عبادات وشعائر الله لعب ولهو.
مرشد معشوق الخزنوي
تروى في أدبيات المجتمع الكثير من القصص والأساطير لربما الكثير منها خيالي مصطنع ومنها ما وقع، غير أن جميع تلك القصص تحاول الدلالة على معنى أو مفهوم ما، ومما يروى في أدبيات مجتمعنا أن تاجراً كان له أربعة أبناء، كلهم أدوا فريضة الحج ألا الولد الصغير فلم يتسنى له الحج بعد، وفي يوم من الأيام جاء إليه رجل ليودع عنده صرة من الدراهم إلى حين عودته من سفر له، وبعد مدة رجع صاحب الدراهم ليطالب بدراهمه، فأنكرها عليه الحاج التاجر، وجاهد صاحب الدراهم ليثبت للتاجر الحاج حقه، لكنه فشل فقد تواطئ الأبناء الثلاثة الحجاج مع أبيهم وأنكروا عليه دراهمه، ولكن الابن الأصغر حاول أن يذكر أباه بأمانة الرجل والموضع الذي وضع فيه الدراهم والهيئة التي كانت عليها، وبعد افتضاح أمر التاجر على يد ابنه قال له أباه جهز نفسك للحج في السنة القادمة.
تروى هذه القصة على السنة العامة للدالة لما صار إليه وضع الناس من خداع ودجل، واستغلال لكل مقدس من أجل المصالح، فالغاية تبرر الوسيلة عندهم، إلى أن بلغ الأمر بالناس إلى أن يختبئوا تحت الأسماء النظيفة والعناوين البراقة واللماعة ليمرروا خداعهم وضلالهم وكذبهم، ومن أكثر ما تعرض للتشوية هو اسم الحج الحاج ومن ذلك المثل القائل: " ذهب للحج سكينة فعاد إلينا شفرة" كناية عن ازدياد شره.
وبما أن الحج من أعظم شعائر الإسلام ولها من الفضل العظيم الذي قال عنها النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) وروى البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا)) ما يكون حافزاً قوياً للمسلم للتقرب إلى الله والتوبة عما بدر منه في سالف أيامه، وبدل أن يستغل المذنب الذي تفضل الله عليه في أن هيأ الله له أسباب الحج ليرجع إلى أهله ليناً سهلاً تائباً، تراه يستغل هذا الفضل لتلميع صورته أمام المجتمع ليبدأ صفحة جديدة من الخداع والشر، وهذا ما بات يعرف بين الناس بالالتزام الأجوف، للدلالة على الشخص الذي يتظاهر بالالتزام والصلاح والتقوى ويقوم بشعائر الإسلام لكنه لا يفقه منها شيئاً ولا يدرك حقيقتها، على أنني لا أوفق على هذه التسمية؛ لأنه هو غير ملتزم أصلاً ويتخذ آيات الله هزواً، لأن تسمية الشخص الحسن المظهر الكريه الباطن المستغل للشعائر الإسلامية لتحقيق مصالحه وأطماعه تسمية مثل هذا الشخص بالملتزم الأجوف كتسميتنا للقول المكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الموضوع وهو ليس حديثاً أصلاً، وذلك لأن مثل هذا لا يعلم من الإسلام إلا الرسم والاسم، بل ويخشى على مثل هذا من خلل في إيمانه أصلاً، يقول الحسن البصري - رحمه الله -: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل"، ولو أجرينا قياساً هذه القضية على مبادئ علماء الفلسفة لكانت الطامة الكبرى، فمن القواعد المهمة عند علماء الفلسفة أنك إذا أضفت مقدمة ثانية للمقدمة الأولى وجب أن تعطيك نتيجة صحيحة، وإن لم تعطك تلك النتيجة فالخلل في إحدى المقدمتين، وقياساً عليه يقول الله –عز وجل-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) العنكبوت 45، طبعاً ولا يطالب بالصلاة إلا المسلم المؤمن، فإذاً الإسلام أو الإيمان تكون بمثابة المقدمة الأولى، والصلاة بمثابة المقدمة الثانية ومحصلة المقدمتين يجب أن تردع الإنسان وتمنعه عن الفحش والخبائث والرذائل، فإن لم تعطي هذه النتيجة الصحيحة السليمة كما هو الحال عند الكثير دل ذلك على خلل في إحدى المقدمتين، وأم المصائب لو كان الخلل في المقدمة الأولى وتلك الطامة الكبرى.
هذا نموذج لشعيرة من شعائر الإسلام، وبقية الشعائر مثلها، وعلى المسلم المصلي أو الحاج أو الصائم أن يتحقق من إيمانه، ويعمل بمقتضى هذا الإيمان، فالعمل الذي هو بالضرورة نتيجة للإيمان، هذا العمل في درجة مهمة بحيث يسبق الأقوال يقول المولى - عز وجل - (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت 33. كما أن القيام بالشعائر بشكل روتيني مفرغة من معانيها دون أن تنعكس على الجوارح لا يستفيد منها الإنسان ويأتي يقول القيامة وكأن لم يعمل شيء، وينطبق عليه قول المولى –عز وجل-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) الفرقان 23، والدليل عليه ما رواه مسلم عن أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وذكاه ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل انقضاء ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار))، أجل لقد صلَّى وصام وزكَّى، ولكنه أضاع أعماله بالتَّعَدِّي على الناس، والتطاول على أعراضهم، فشتم من شتم منهم، وليس هذا من خلق المسلم فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذي)) رواه الترمذي، وكذلك قذف أعراضاً للمسلمين بريئة من كل عيب ونقص فدنس طهرها إذ رماها بالزنا ووصمها بالفاحشة، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اجتنبوا السبع الموبقات - وذكر منها - قذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) متفق عليه، أو تناول أموال الناس بالظلم ويأكلها بالباطل يسوقه طمعه الشديد ويؤزه جشعه إلى المزيد، لا يفرق بين مال حلال او حرام، ولا يتيم أو مسكين والله - عز وجل – يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) النساء: 10، أو يكون اقتطعها بيمن فاجرة كاذبة كما روى أبو أمامه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله، قال: وإن قضيباً من أراك)) رواه مسلم.
وإن عدنا لقصة البداية لنتعرف عن أسباب ذلك، والذي أدى بأحدهم ان يخرج من مولد الخير صفر اليدين لوجدنا أن سبب ذلك كله أننا أفرغنا كل الشعائر من معانيها ومضامينها، ولم نستفد من دروسها، ونحن في موسم الخير والحج لربما يظن البعض أن الحج ما هي إلا سياحة إلى أماكن مهد الإسلام والتعرف على تلك البقاع التي شهدت بداية الدعوة، علاوة على اكتساب لقب جديد في المجتمع لقب – الحاج- وهذا عين الخط وهو الذي يؤدي إلى أن تخرج الشعائر عن مسارها فالحج الذي هو أعظم أركان الإسلام ما هو إلا مؤتمر ودورة تدريبية للمسلم لا بد أن يخشع قلبه قبل جوارحه وهو يتلقى الدرس تلو الدرس في كل ركن أو واجب أو سنة من أركان وواجبات وسنن الحج.
فكل ركن أو واجب في شعيرة الحج تعطي المسلم دروساً هامةً لا بد أن يدركها ويتعهد على العمل بها حتى يكون من المشمولين بعفو ورحمة الله فلا يكون له جزاء إلا الجنة.
دروس الحج التي أعتقد أن على المسلم أن يتدرب عليها قبل سفره كما يتدرب على الأحكام الفقهية والتي لا تقل أهمية عنها، فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه ويستغل العروض الربانية التي يبذلها الله للتائبين النادمين العازمين على عدم الرجوع إلى الذنوب، والعزم على التوبة النصوحة، وليخشى المرء من انتقام الله أن هو اتخذ أمر الله هزوا وتناول عبادات وشعائر الله لعب ولهو.