بسم الله أوله وآخره
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره))؛ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، والنسائي في الكبرى والحاكم، وهو صحيح.
ولفظ الترمذي والحاكم: ((إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: بسم الله))، ولفظُ آخرِه عند الترمذي وابن ماجه والحاكم: ((فليقل: بسم الله في أوله وآخره))، ولفظ النسائي: ((فليقل: بسم الله في أوله وفي آخره))[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: دل الحديث على مشروعية التسمية عند بداية الأكل، وأن ذلك هو الأصل فيها، كما دل على أن من نسي التسمية في أول الطعام والشراب أنه يشرع له استدراك ذلك، وهذا الاستدراك له صفة خاصة، وهي أن يقول: ((بسم الله أوله وآخره))، فمن قال ذلك كان مستدركًا لما فاته من التسمية في أول الطعام، وقد ورد في حديث أمية بن مخشي رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -: أن رجلًا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر، فلم يسمِّ حتى كان في آخر طعامه لقمةٌ، فقال: بسم الله أوله آخره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى، فلم يبق في بطنه شيءٌ إلا قاءه))؛ رواه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف[2].
الفائدة الثانية: بيَّن الحديث صفة التسمية المشروعة عند الأكل والشرب، وأنها على وجهين:
الوجه الأول: التسمية في ابتداء الطعام، وصفتها أن يقول: ((بسم الله))، ولا حاجة هنا لزيادة: (الرحمن الرحيم)؛ لعدم ورودها، ولتصريح هذا الحديث وغيره بالاكتفاء بقول: ((بسم الله))، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: المراد بالتسمية على الطعام قول: (بسم الله) في ابتداء الأكل، وأما قول النووي في أدب الأكل من الأذكار: والأفضل أن يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فإن قال: (بسم الله)، كفاه وحصلت السنَّة، فلم أرَ لِما ادعاه من الأفضلية دليلًا خاصًّا؛ اهـ[3].
والوجه الثاني: التسمية أثناء الطعام لمن تركها نسيانًا أو تعمدًا، وصفتها أن يقول: ((بسم الله أوله وآخره)).
الفائدة الثالثة: للتسمية على الطعام فوائد عديدة، منها: حلول البركة في الطعام والشراب، ومنها: منعُ مشاركة الشيطان للعبد في طعامه وشرابه، ومنها: تذكر العبد ارتباطه بالله تعالى في جميع أموره؛ فهو يذكر الله تعالى عند أكله وشُربه، كما يذكره عند دخول بيته والخروج منه، وعند نومه واستيقاظه، وعند دخول الخلاء والخروج منه، وغير ذلك من الأحوال، وهو بذلك يحقِّق اندراجه فيما حث الله تعالى عليه من الإكثار من ذِكره؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41]، وبهذا يحوز على الفضل العظيم للذين يُكثرون من ذكر الله؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
[1] رواه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام 3/ 347 (3767)، والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام 4/ 288 (1858)، وابن ماجه في كتاب الأطعمة، باب التسمية عند الطعام 2/ 1086 (3264)، والنسائي في السنن الكبرى 6/ 78 (10112)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 4/ 121 (7087)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه ابن حبان 12/ 13 (5214)، وقال ابن القيم (زاد المعاد 2/ 397): حديث صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل 7/ 24 (1965)، والسلسلة الصحيحة 1/ 382 (198).
[2] رواه أحمد 4/ 336، وأبو داود في كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام 3/ 347 (3768)، والنسائي في الكبرى 4/ 174 (6758)، وإسناده ضعيف؛ فيه: المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي، قال علي بن المديني: مجهول، وقال الذهبي: لا يعرف؛ (تهذيب التهذيب 10/ 34)، وقال في التقريب ص519: مستور.
[3] فتح الباري 9/ 521.
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري |
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره))؛ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، والنسائي في الكبرى والحاكم، وهو صحيح.
ولفظ الترمذي والحاكم: ((إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: بسم الله))، ولفظُ آخرِه عند الترمذي وابن ماجه والحاكم: ((فليقل: بسم الله في أوله وآخره))، ولفظ النسائي: ((فليقل: بسم الله في أوله وفي آخره))[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: دل الحديث على مشروعية التسمية عند بداية الأكل، وأن ذلك هو الأصل فيها، كما دل على أن من نسي التسمية في أول الطعام والشراب أنه يشرع له استدراك ذلك، وهذا الاستدراك له صفة خاصة، وهي أن يقول: ((بسم الله أوله وآخره))، فمن قال ذلك كان مستدركًا لما فاته من التسمية في أول الطعام، وقد ورد في حديث أمية بن مخشي رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -: أن رجلًا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر، فلم يسمِّ حتى كان في آخر طعامه لقمةٌ، فقال: بسم الله أوله آخره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى، فلم يبق في بطنه شيءٌ إلا قاءه))؛ رواه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف[2].
الفائدة الثانية: بيَّن الحديث صفة التسمية المشروعة عند الأكل والشرب، وأنها على وجهين:
الوجه الأول: التسمية في ابتداء الطعام، وصفتها أن يقول: ((بسم الله))، ولا حاجة هنا لزيادة: (الرحمن الرحيم)؛ لعدم ورودها، ولتصريح هذا الحديث وغيره بالاكتفاء بقول: ((بسم الله))، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: المراد بالتسمية على الطعام قول: (بسم الله) في ابتداء الأكل، وأما قول النووي في أدب الأكل من الأذكار: والأفضل أن يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فإن قال: (بسم الله)، كفاه وحصلت السنَّة، فلم أرَ لِما ادعاه من الأفضلية دليلًا خاصًّا؛ اهـ[3].
والوجه الثاني: التسمية أثناء الطعام لمن تركها نسيانًا أو تعمدًا، وصفتها أن يقول: ((بسم الله أوله وآخره)).
الفائدة الثالثة: للتسمية على الطعام فوائد عديدة، منها: حلول البركة في الطعام والشراب، ومنها: منعُ مشاركة الشيطان للعبد في طعامه وشرابه، ومنها: تذكر العبد ارتباطه بالله تعالى في جميع أموره؛ فهو يذكر الله تعالى عند أكله وشُربه، كما يذكره عند دخول بيته والخروج منه، وعند نومه واستيقاظه، وعند دخول الخلاء والخروج منه، وغير ذلك من الأحوال، وهو بذلك يحقِّق اندراجه فيما حث الله تعالى عليه من الإكثار من ذِكره؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41]، وبهذا يحوز على الفضل العظيم للذين يُكثرون من ذكر الله؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
[1] رواه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام 3/ 347 (3767)، والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام 4/ 288 (1858)، وابن ماجه في كتاب الأطعمة، باب التسمية عند الطعام 2/ 1086 (3264)، والنسائي في السنن الكبرى 6/ 78 (10112)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 4/ 121 (7087)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه ابن حبان 12/ 13 (5214)، وقال ابن القيم (زاد المعاد 2/ 397): حديث صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل 7/ 24 (1965)، والسلسلة الصحيحة 1/ 382 (198).
[2] رواه أحمد 4/ 336، وأبو داود في كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام 3/ 347 (3768)، والنسائي في الكبرى 4/ 174 (6758)، وإسناده ضعيف؛ فيه: المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي، قال علي بن المديني: مجهول، وقال الذهبي: لا يعرف؛ (تهذيب التهذيب 10/ 34)، وقال في التقريب ص519: مستور.
[3] فتح الباري 9/ 521.