ملامح من تجديد النحو (دعوة ابن مضاء النحوية)
نجمة الورفلي
عندما فتح المسلمون بلادَ الأندلس سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، اتَّجهت أنظارٌ إلى البلاد العربيَّة في المشرق تقطف من ثمارها وتنهل من عطاء أعلامها، وتتلقَّى أصنافًا من العلوم؛ فنشطَتِ الحركة العلميَّة، وفتحت دور العلم، واستثمرت الجهود المضنية؛ فحرص طلَّاب العلم والعلماء على المكابدة في طلب العلم، وفتحت دور العلم، وزوِّدتْ بالمكتبات، فتبارى العلماء في مجالات العلوم وفنونها.
لقد كان لعلماء الأندلس دورٌ بارز في إثراء المكتبة العربيَّة بكثير من المؤلَّفات، وعلى رأسها النحو، بيد أنَّهم لم يكونوا مقلِّدين علماء المشرق التقليدَ الشامل في أخذهم للعلوم؛ حيث امتازت جلُّ دراساتهم بالاجتهاد ما دعت الضرورةُ لذلك.
إنَّ الأسس والقواعد التي بَنى عليها علماءُ النحو نظرياتهم وآراءهم أمرٌ عظيم جدير بالاهتمام، ولكن هذا لا يَعني أنَّ الاجتهاد فيه ممنوع أو غير مرغوب فيه.
لقد عانى الكثير من طلَّاب العلم وروَّاده من تلكم التعقيدات التي أخذَتْ منهم كلَّ الجهد والوقت؛ وما كان ذلك إلَّا بسبب هذه الأبواب الكثيرة والمسائل المتشعبة العميقة التي أُفردَتْ لها المصنَّفات، وألِّفت فيها المؤلَّفات ثمَّ الشروحات والحواشي؛ حتى قلَّ المطمع فيها، وهجر الكثير من الطلاب سطورها وما فيها.
ولقد خرجت كثير من الصَّيحات التي تطالب بإعادة النَّظر في أبواب النحو؛ تصانيفه والاجتهاد فيه بما يذلِّل من شائكاته ويقلِّل من صعوباته؛ كتلك الدعوة التي أطلقها ابن مضاء في كتابه الرد على النُّحاة؛ فالنحو ليس صعبًا كما يتبادر إلى أذهان البعض ممَّن توجس منه خيفة؛ وإنَّما هو التعقيد الذي لحق النَّحو كنتيجة لتلك التصانيف.
لقد جاء مصنَّف ابن مضاء داعيًا للتيسير، نابذًا التكلُّف والتعقيد، لا مهاجمًا النحو العربي كما زعم البعض.
قال ابن مضاء في كتابه:
• (وإنِّي رأيتُ النحويين رحمة الله عليهم قد وضعوا صناعةَ النحو لحفظ كلام العرب من اللَّحن وصيانته عن التغيير، فبلغوا من ذلك إلى الغاية التي أمُّوا، وانتهوا إلى المطلوب الذي ابتغوا، إلَّا أنهم التزموا ما لا يَلزمهم، وتجاوزوا فيها القدرَ الكافي فيما أرادوا منها، فتوعَّرتْ مسالكها، ووهنت مبانيها، وانحطَّتْ عن رتبة الإقناع حججها).
نجمة الورفلي
عندما فتح المسلمون بلادَ الأندلس سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، اتَّجهت أنظارٌ إلى البلاد العربيَّة في المشرق تقطف من ثمارها وتنهل من عطاء أعلامها، وتتلقَّى أصنافًا من العلوم؛ فنشطَتِ الحركة العلميَّة، وفتحت دور العلم، واستثمرت الجهود المضنية؛ فحرص طلَّاب العلم والعلماء على المكابدة في طلب العلم، وفتحت دور العلم، وزوِّدتْ بالمكتبات، فتبارى العلماء في مجالات العلوم وفنونها.
لقد كان لعلماء الأندلس دورٌ بارز في إثراء المكتبة العربيَّة بكثير من المؤلَّفات، وعلى رأسها النحو، بيد أنَّهم لم يكونوا مقلِّدين علماء المشرق التقليدَ الشامل في أخذهم للعلوم؛ حيث امتازت جلُّ دراساتهم بالاجتهاد ما دعت الضرورةُ لذلك.
إنَّ الأسس والقواعد التي بَنى عليها علماءُ النحو نظرياتهم وآراءهم أمرٌ عظيم جدير بالاهتمام، ولكن هذا لا يَعني أنَّ الاجتهاد فيه ممنوع أو غير مرغوب فيه.
لقد عانى الكثير من طلَّاب العلم وروَّاده من تلكم التعقيدات التي أخذَتْ منهم كلَّ الجهد والوقت؛ وما كان ذلك إلَّا بسبب هذه الأبواب الكثيرة والمسائل المتشعبة العميقة التي أُفردَتْ لها المصنَّفات، وألِّفت فيها المؤلَّفات ثمَّ الشروحات والحواشي؛ حتى قلَّ المطمع فيها، وهجر الكثير من الطلاب سطورها وما فيها.
ولقد خرجت كثير من الصَّيحات التي تطالب بإعادة النَّظر في أبواب النحو؛ تصانيفه والاجتهاد فيه بما يذلِّل من شائكاته ويقلِّل من صعوباته؛ كتلك الدعوة التي أطلقها ابن مضاء في كتابه الرد على النُّحاة؛ فالنحو ليس صعبًا كما يتبادر إلى أذهان البعض ممَّن توجس منه خيفة؛ وإنَّما هو التعقيد الذي لحق النَّحو كنتيجة لتلك التصانيف.
لقد جاء مصنَّف ابن مضاء داعيًا للتيسير، نابذًا التكلُّف والتعقيد، لا مهاجمًا النحو العربي كما زعم البعض.
قال ابن مضاء في كتابه:
• (وإنِّي رأيتُ النحويين رحمة الله عليهم قد وضعوا صناعةَ النحو لحفظ كلام العرب من اللَّحن وصيانته عن التغيير، فبلغوا من ذلك إلى الغاية التي أمُّوا، وانتهوا إلى المطلوب الذي ابتغوا، إلَّا أنهم التزموا ما لا يَلزمهم، وتجاوزوا فيها القدرَ الكافي فيما أرادوا منها، فتوعَّرتْ مسالكها، ووهنت مبانيها، وانحطَّتْ عن رتبة الإقناع حججها).