Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

الروضة الوائلية (7)

$
0
0
الروضة الوائلية (7)


وائل حافظ خلف






((فوائد في علوم شتى نفيسات - خواطر عليات - حِكَم فائقات - نوادر مستحسنات - أشعار منتقاة - حكايات مصطفاة))






[هذه - أسعدك الله - روضة لديدة سَنية، ناضرة بهية، دانية قطوفها، مأمونة فصولها؛ فتأنق حيث شئت فيها جَيْئَة وذُهُوبًا، وكن للدعاء لغارسها بذَّالاً وَهُوبًا].



[نفس زاكية]




قال أبو محمد اليافعي في "روض الرياحين في حكايات الصالحين = نزهة العيون النواظر"، وعنه نقل السخاوي في "المنهل العذب الروي":

بلغني أن الشيخ الإمام محيي الدين النووي - رضي الله تعالى عنه - خطف سارقٌ عمامته وهرب، فتبعه الشيخ وصار يعدو خلفه ويقول له: (( مَلَّكتُك إياها، قل: قَبِلْت ))، والسارق ما عنده خبر من ذلك!





[التأويل الصحيح لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعوها فإنها منتنة"]



لما كَسَع غلامٌ من المهاجرين غلامًا من الأنصار في غزاة بني المصطلق، واستغاث الأول: يا لَلْمهاجرين، ونادى الآخر: يا لَلأنصار، سمِع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"، فحكوا له ما جرى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".



والحديث مخرج في "الصحيحين" وغيرهما من رواية جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما.



وإن كثيرًا من الشراح ليذهبون إلى أن المراد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" هُتافُ الغلامين: يا لَلْمهاجرين، و: يا لَلأنصار.



لكنّ روايةً في "مسند الإمام أحمد" ترجح غير ذلك، وتبين أن المراد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ": الكسعةُ[1]. وإنْ خطَّأ بعض الشارحين من رجَّح هذا، فالدليل حكمٌ وأي حكم.



قال الإمام أحمد (3/385): حدثنا سُرَيْج بن النعمان، حدثنا سعيد - يعني: ابنَ زيد -، عن عمرو بن دينار، حدثني جابر بن عبد الله، قال: كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا لَلأنصار، وقال المهاجري: يا لَلمهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوا الْكَسْعَةَ؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".



ولا بأس بإسناد ذا الخبر؛ لكلام في سعيدٍ يؤثر، وقد وثقه ابن معين في رواية الدوري، وغيرُه.



ويؤيد ما قلنا روايةُ ابن جُرَيْج، قال: أخبرني عمرُو بن دينار، أنه سمغ جابرًا - رضي الله عنه - يقول: غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثابَ معه ناسٌ من المهاجرين حتى كَثُروا، وكان من المهاجرين رجلٌ لَعَّابٌ، فكسع أنصاريًّا، فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا حتى تَدَاعَوْا، وقال الأنصاري: يا لَلأنصار، وقال المهاجري: يا لَلمهاجرين، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟"، ثم قال: "مَا شَأْنُهُمْ"، فأُخبر بكسعة المهاجريِّ الأنصاريَّ، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ"...



فهذا كالصريح. ورواية ابن جريج هذه عند البخاري (3518)، قال: حدثنا محمد (هو ابن سلام)، أخبرنا مَخْلَد بنُ يزيدَ، أخبرنا ابن جريج بها.



ونحوها رواية سفيان بن عيينة عن عمرٍو. وهي لدى البخاري (4905، 4907)، ومسلم (2584/63)، والترمذي (3315).



وأصرح من هذا في المراد رواية أيوبَ عن عمرٍو، وفيها:

كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأله القَوَد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". خرّجها مسلمٌ.



فأفادت هذه الرواية أن النبي قد ذكر نتن الكسعة إذ طُلب القوَد فيها، وهذا فيصل قاض بأنها المرادة بذاك الوصف في هذا الموضع لا دعوى الجاهلية.



وإنما استفهم النبي عن استغاثة الرجلين أهي دعوى جاهلية؟! فلما انجلى له الأمر وأنه لا فتنة، وامَّحَى ما كان قد خشي منه - صلى الله عليه وسلم - ومن أجله سأل؛ قال عندئذ: "لا بَأْسَ".



فعند مسلم (62/2584) من رواية أبي الزبير عن جابر قال:

اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر أو المهاجرون: يا للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "مَا هَذَا؟ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؟"، قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الآخر، قال: "فَلَا بَأْسَ، وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا: إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ".



ولعلنا بهذا نكون قد دَلَّلنا على ما إليه ذهبنا. ومن الله التوفيق.





[جميع أسماء الشهور مُذَكَّرَة إلا جُمَادَيَيْنِ]




قال ابن الأنباري:

أما أسماء الشهور فإنها مذكَّرَة إلا جُمَادَيَيْنِ فإنهما مؤنَّثتان[2].



تقول: مضَى رجبٌ بما فيه، ومضى المحرَّم بما فيه، ومضتْ جُمَادَى بما فيها.



فإنْ سمعْتَ في شعرٍ تذكيرَ جُمَادَيَيْن فإنما يُذهَب به إلى معنى الشهر، كما قالوا: هذه ألف درهم، فقالوا: هذه على معنى الدراهم، ثم قالوا: ألف درهم[3].



وهذا باب من العلم يجهله الأكثرون، فإياك وأن تقفو أثرهم.

فإن قلت: هل من بأس على من ذكَّر مؤنثًا أو أَنَّث مذكرًا؟




فالجواب ما قاله أبو بكر - رحمه الله -:

((اعلم أن من تمام معرفة النحو والإعراب معرفةَ المذكر والمؤنث؛ لأن مَن ذكَّر مؤنثًا أو أنث مذكرًا كان العيب لازمًا له كلزومه مَن نَصَبَ مرفوعًا أو خفَض منصوبًا)).



وعليه؛ فمَن بدَّل كان من الخاطئين، ومن أتى بالتأنيث والتذكير على الوجه كان ((خارجًا عن جملة اللاحنين، ومُبَاينًا جماعةَ الْمَعِيبِين))، فتبصر.





[كل الأيام تُجمع وتُثَنَّى إلا الاثنين]




الأيام جميعها تُثنى وتُجمع حاشا الاثنين؛ ذلك أنه تثنية؛ فلا يثنَّى.



قال أبو نصر الجوهري:

((فإن أحببت أن تجمعه كأنه صفة للواحد قلت: (أثانين))).



وقال الفراء - رحمه الله -[4]:

((الجمع الأقل فيه: (أثناء)، وجمع (الأثناء): (أثانٍ)، و (الأثاني) غاية الجمع. و(الثِّناء) ممدود، الجمع الكثير.



فأما مَن جمع (الأثانين)؛ فإنه بناه على أن جعل نون التثنية من نفس الكلمة)).



قلت:

يجمع (السبت) على: (أسبتة)، و: (أَسْبُت)، و: (سُبُوت). ومثناه: (سبتان).

و(الأحد) على: (آحاد) في القلة، وفي الكثرة، ما جاوز العشرة، قال يحيى بن زياد على القياس: (إحاد)، قال: ((غير أنهم لم يتكلموا به)). والمثنى منه: (أَحدان).



و(الثلاثاء) على: (ثُلاثاوات) بقلب الهمزة واوًا[5]، و: (أثالِث). والتثنية: (ثلاثاوان).



و(الأربعاء) على: (أربِعَاوات)، و: (أرابيع). والمثنى: (أربعاوان).



و(الخميس) على: (أخمسة)، و: (أخامِس)، و: (أَخْمِساء)، و: (أخاميس). وزاد أبو زكريا قياسًا: (خُمُس)، كما تقول: قميص وقُمُص وأقمصة. وقال: ((لم أسمعه من العرب)). والمثنى منه: (خميسان).



و(الجمُْعة) على: (جمُعات) لمن حرك ميم المفرد، و: (جُمَع) لمن سكنها. والمثنى منه معروف: (جمعتان).



وفي مفرد بعضها غير لغة.





[ إنَّ عناءً تقويم ما لا يستقيم ]




قال البَلَاذُري في "أنساب الأشراف" (ج4/ص291/=ص1705):

حدثني المدائني، عن ابن جابان قال:

كان ابن المقفع ظريفًا مزَّاحًا ذا دعابة، فكان بعض مَن يحسُده يقول: إن أدبه أكثر من عقله.



وقال ابن المقفع يومًا لغلامه، وسمعه يقول: ما أكثرَ الدخَّانَ، فقال: ويلك! لا تقل: (الدخّان)، إنما هو: (الدخَان).



ثم سمع يومًا كلامًا فقال: ما هذا الذي أسمع؟ فقال الغلام: هذا كلام قوم جلوس على الدكَان [بتخفيف الكاف]!



فضحِك ابنُ المقفع وقال: أنا كنت أعجب منك يا بني.



وسمِع ابن المقفع يومًا بعضَ ولد إسماعيلَ بن عليٍّ يقول: أعطوني بِرْذَوْني الأسود! فقال له: لا تقل هذا، وقل: برذوني الأدهم. فلما أُتي ببرذونه قال: هاتوا طيلساني الأدهم! فقال له: ((إنَّ عناءً تقويمُ ما لا يستقيم)).





ويشاكه هذا من وجهٍ ما قال ابن بحر في "البيان" (ج2/ص109) ط/ دار الكتب:

زعم يزيدُ مولى ابن عون قال: كان رجل بالبصرة له جارية تُسمَّى: ظَمياء، فكان إذا دعاها قال: يا ضَمياء، بالضاد! فقال ابن المقفع: ((قل: يا ظمياء)). فناداها: يا ضمياء. فلما غَيَّرَ عليه ابنُ المقفع مرتين أو ثلاثًا قال له: هي جاريتي أو جاريتك؟!!.





ونقل ابن الجوزي عن ميمونِ بنِ هارونَ قال:

قال رجل لصديق له: ما فعل فلان بحمارِه؟

قال: باعِهِ!

قال: قل: باعَهُ.

قال: فلِمَ قلتَ: بحمارِهِ؟

قال: الباء تجر.

قال: فمَن جعل باءك تجر وبائي ترفع؟!!!





وعن أبي عبد الله الشطيري قال: كان إبراهيم يقرأ على الأعمش، فقال: ((قال لمن حولِه ألا تستمعون))!!

فقال الأعمش: ((لمن حولَه )).

فقال: ألست أخبرتني أن (من) تجر ما بعدها؟!!!





[الصفح الجميل - الصبر الجميل - الهجر الجميل]




قال الله - جل ثناؤه -: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾[6].

وقال - تقدست أسماؤه -: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾[7].

وقال - عَزَّ مِن قائل -: ﴿ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾[8].



قال أبو العباس ابن تيميّة - رحمه الله -:

(( قد قيل: إن (الهجر الجميل) هو هجر بلا أذى، و (الصفح الجميل) صفح بلا معاتبة، و (الصبر الجميل) صبر بغير شكوى إلى المخلوق ))[9].





[البدع دهليز الكفر]




قال شيخ الإسلام[10]:

((البدع دهليز الكفر والنفاق، كما أن التشيع دهليز الرفض، والرفض دهليز القرمطة والتعطيل)).







[1] قال الإمام الجوهري - رحمه الله - في "الصحاح": ((الكَسْع: أن تضرب دبر الإنسان بيدك أو بصدر قدمك)).




[2] وتعليل هذا أن (جمادى) جاءت على بِنية (فُعَالى)، و (فعالى) لا تكون إلا للمؤنث. قاله الفراء.




[3] "المذكر والمؤنث" (ج1/ص270-271) ط/ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر.




[4] "الليالي والأيام والشهور" (ص33).




[5] وإن قلت: (ثلاثاءَات) جاز. قاله الفراء.




[6] [الحجر: 85].




[7] [المعارج: 5].





[8] [المزمل: 10].




[9] "مجموع الفتاوى" (ج10/ص183، 666).




[10] "الفتاوى" (ج2/ص230).








Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343