حديث: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: صلاح العمل مرتبط بصلاح القلب، وفساده مرتبط بفساده، يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: القوم إذا صلحت قلوبهم فلم يبقَ فيها إرادة لغير الله عز وجل صلحت جوارحهم فلم تتحرك إلا لله عز وجل، وبما فيه رضاه.
ويقول أيضًا: ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح.[2]
وبعض من نقص علمه قد يظن أن هناك انفصالًا بين صلاح القلب وصلاح العمل الظاهر، وقد يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((التقوى ها هنا)) ويشير إلى صدره، ثلاث مرات[3]، وهذا فهم خاطئ للشريعة، وإنما يدعو إليه أحد أمرين: إما الجهل، وإما الهوى، والواجب علينا أن نعلم: أن الإيمان قول وعمل ونية، وأن صلاح الباطن يؤثِّر في صلاح الظاهر، وكلما ازداد صلاح الباطن كان ذلك زيادة في صلاح الظاهر، ومما يدل على هذا الترابط أيضًا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))؛ رواه مسلم[4].
الفائدة الثانية: يجب على المسلم أن يهتم بصلاح قلبه، فيتفقده دائمًا، ويتجنب ما قد يعرض له من المفسدات، سواء أكانت من الشبهات أم من الشهوات؛ وذلك لأنه إذا صلح القلب تبعته جميع أعضاء البدن، كما ينبغي على الدعاة والمعلمين أن يهتموا بإصلاح قلوب العباد، فإنها إذا صلحت استجاب الناس لشريعة الله، ورغبوا فيما عنده.
الفائدة الثالثة: مما يعين على صلاح القلب: التضرع إلى الله تعالى، واللجوء إليه، وكثرة الدعاء؛ يقول الله تعالى - مخبرًا عن دعاء عباده الراسخين في العلم -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك))؛ رواه مسلم[5]، وكان صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه رضي الله عنهم أن يدعوا بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك...قلبًا سليمًا، وأسألك لسانًا صادقًا))؛ رواه أحمد[6].
[1] رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه 1/ 28 (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات 3/ 1219 (1599).
[2] جامع العلوم والحكم، آخر شرح الحديث رقم (6) بتصرف يسير.
[3] جزء من حديث رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم 4/ 1987 (2564).
[4] رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره وذمه وعرضه وماله 4/ 1987 (2564).
[5] رواه مسلم في كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء 4/ 2045 (2654).
[6] رواه أحمد 4/ 123، 125، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه (23) 5/ 476 (3407)، والنسائي في كتاب السهو، باب (61) نوع آخر من الدعاء 3/ 54 (1304) بلفظ: كان يقول في صلاته، وصححه ابن حبان 5/ 310 (1974).
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: صلاح العمل مرتبط بصلاح القلب، وفساده مرتبط بفساده، يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: القوم إذا صلحت قلوبهم فلم يبقَ فيها إرادة لغير الله عز وجل صلحت جوارحهم فلم تتحرك إلا لله عز وجل، وبما فيه رضاه.
ويقول أيضًا: ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح.[2]
وبعض من نقص علمه قد يظن أن هناك انفصالًا بين صلاح القلب وصلاح العمل الظاهر، وقد يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((التقوى ها هنا)) ويشير إلى صدره، ثلاث مرات[3]، وهذا فهم خاطئ للشريعة، وإنما يدعو إليه أحد أمرين: إما الجهل، وإما الهوى، والواجب علينا أن نعلم: أن الإيمان قول وعمل ونية، وأن صلاح الباطن يؤثِّر في صلاح الظاهر، وكلما ازداد صلاح الباطن كان ذلك زيادة في صلاح الظاهر، ومما يدل على هذا الترابط أيضًا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))؛ رواه مسلم[4].
الفائدة الثانية: يجب على المسلم أن يهتم بصلاح قلبه، فيتفقده دائمًا، ويتجنب ما قد يعرض له من المفسدات، سواء أكانت من الشبهات أم من الشهوات؛ وذلك لأنه إذا صلح القلب تبعته جميع أعضاء البدن، كما ينبغي على الدعاة والمعلمين أن يهتموا بإصلاح قلوب العباد، فإنها إذا صلحت استجاب الناس لشريعة الله، ورغبوا فيما عنده.
الفائدة الثالثة: مما يعين على صلاح القلب: التضرع إلى الله تعالى، واللجوء إليه، وكثرة الدعاء؛ يقول الله تعالى - مخبرًا عن دعاء عباده الراسخين في العلم -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك))؛ رواه مسلم[5]، وكان صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه رضي الله عنهم أن يدعوا بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك...قلبًا سليمًا، وأسألك لسانًا صادقًا))؛ رواه أحمد[6].
[1] رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه 1/ 28 (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات 3/ 1219 (1599).
[2] جامع العلوم والحكم، آخر شرح الحديث رقم (6) بتصرف يسير.
[3] جزء من حديث رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم 4/ 1987 (2564).
[4] رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره وذمه وعرضه وماله 4/ 1987 (2564).
[5] رواه مسلم في كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء 4/ 2045 (2654).
[6] رواه أحمد 4/ 123، 125، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه (23) 5/ 476 (3407)، والنسائي في كتاب السهو، باب (61) نوع آخر من الدعاء 3/ 54 (1304) بلفظ: كان يقول في صلاته، وصححه ابن حبان 5/ 310 (1974).