والدي يأخذ راتبي الشهري
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
أب يأخُذ راتب ابنه الشهري، ويهدد زوجته، وإذا لم يحصل على المال يغضب ويستخدم الضرب.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن عائلة متوسِّطة الدخل، ووالدي يُحاول الحصول على المال بشتى الطرُق، يأخُذ ذهَب أمي ليبيعَه ويأخذ المال، ويذهب لمن يعمل معهم ويبكي لهم ليأخذَ منهم المال!
في الآونة الأخيرة بدأ يرتبط بالهاتف ومواقع الإنترنت، ويصرُخ بصورة هِستيرية إذا لم نسمعْ كلامه، ويُهدِّد أمي بالطلاق، ويقول: "إذا حصلتُ على المال فسأتزوَّج غيرك"! كما أنه يَشرب العقاقير المخدِّرة.
يَطلُب مني كل شهر راتبي، وإذا لم أُعطه المال يَضربني ويَسبني بأقبح الألفاظ، ويَسب الدين، ورغمًا عني أُعطيه المال.
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنا لله وإنا إليه راجعون، لك الله أيها الابن الكريم، وأعانك على ما ابتلاك به، وشكَر لك حرصك على رضا الله تعالى واتقائه في والدِك.
إن كان حالُ والدِك بالسوء الذي ذكرتَه، فلا تُطعه فيما يَطلبه منك مِن مالٍ، ولا تُعطه مِن راتبك شيئًا، إلا أن تجده مُحتاجًا لطعامٍ أو شرابٍ أو دواءٍ أو غيرها مِن الحاجات الأساسية، فتُحضره أنت له، ولا تُمَكِّنه مِن المال لأنه سيئ التصرُّف فيه، أو مُصاب ببعض الأمراض النفسية، والتي مِن أعراضها: الاستحواذُ على ما في أيدي الغير، وكيفما قلنا فإنَّ امتناعَك عن إعطائه المال ليس مِن العقوق، بل هو مَن يَعقكم بسوء تصرُّفه.
حاوِلْ أن تَنصحَه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادِلْه بالتي هي أَحسَن، وبَيِّنْ له حُكمَ ما يَفعله مِن منكراتٍ، وأنَّ سب الدين كفرٌ مجرد، وأنه يجب عليه التوبة النَّصوح قبل حُلول الأجل، عسى أن تنفعَه النصيحةُ، ويَتوب الله عليه، فإذا أَصَرَّ على المنكرات فاعتزلْه فيها، ولا تُعِنْه عليها، ولا تُعطه شيئًا، وصاحِبْه في الدنيا بالمعروف؛ لقوله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 14، 15].
ولو كنتَ تستطيع السكَن بمفردك بعيدًا عنه وتصطحب والدتك بعيدًا عنه وتحميها مِن أذى والدك فافْعَلْ.
وادعُ اللهَ له بالهداية والصلاح، ولك في قصةِ خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام مع والده أُسوةٌ حسنةٌ فاقرأها وتدبَّر آياتها؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 41 - 48].
وفقك الله لكلِّ خيرٍ، وأَصْلَحَ والدك
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
أب يأخُذ راتب ابنه الشهري، ويهدد زوجته، وإذا لم يحصل على المال يغضب ويستخدم الضرب.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن عائلة متوسِّطة الدخل، ووالدي يُحاول الحصول على المال بشتى الطرُق، يأخُذ ذهَب أمي ليبيعَه ويأخذ المال، ويذهب لمن يعمل معهم ويبكي لهم ليأخذَ منهم المال!
في الآونة الأخيرة بدأ يرتبط بالهاتف ومواقع الإنترنت، ويصرُخ بصورة هِستيرية إذا لم نسمعْ كلامه، ويُهدِّد أمي بالطلاق، ويقول: "إذا حصلتُ على المال فسأتزوَّج غيرك"! كما أنه يَشرب العقاقير المخدِّرة.
يَطلُب مني كل شهر راتبي، وإذا لم أُعطه المال يَضربني ويَسبني بأقبح الألفاظ، ويَسب الدين، ورغمًا عني أُعطيه المال.
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنا لله وإنا إليه راجعون، لك الله أيها الابن الكريم، وأعانك على ما ابتلاك به، وشكَر لك حرصك على رضا الله تعالى واتقائه في والدِك.
إن كان حالُ والدِك بالسوء الذي ذكرتَه، فلا تُطعه فيما يَطلبه منك مِن مالٍ، ولا تُعطه مِن راتبك شيئًا، إلا أن تجده مُحتاجًا لطعامٍ أو شرابٍ أو دواءٍ أو غيرها مِن الحاجات الأساسية، فتُحضره أنت له، ولا تُمَكِّنه مِن المال لأنه سيئ التصرُّف فيه، أو مُصاب ببعض الأمراض النفسية، والتي مِن أعراضها: الاستحواذُ على ما في أيدي الغير، وكيفما قلنا فإنَّ امتناعَك عن إعطائه المال ليس مِن العقوق، بل هو مَن يَعقكم بسوء تصرُّفه.
حاوِلْ أن تَنصحَه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادِلْه بالتي هي أَحسَن، وبَيِّنْ له حُكمَ ما يَفعله مِن منكراتٍ، وأنَّ سب الدين كفرٌ مجرد، وأنه يجب عليه التوبة النَّصوح قبل حُلول الأجل، عسى أن تنفعَه النصيحةُ، ويَتوب الله عليه، فإذا أَصَرَّ على المنكرات فاعتزلْه فيها، ولا تُعِنْه عليها، ولا تُعطه شيئًا، وصاحِبْه في الدنيا بالمعروف؛ لقوله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 14، 15].
ولو كنتَ تستطيع السكَن بمفردك بعيدًا عنه وتصطحب والدتك بعيدًا عنه وتحميها مِن أذى والدك فافْعَلْ.
وادعُ اللهَ له بالهداية والصلاح، ولك في قصةِ خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام مع والده أُسوةٌ حسنةٌ فاقرأها وتدبَّر آياتها؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 41 - 48].
وفقك الله لكلِّ خيرٍ، وأَصْلَحَ والدك