جزيرة الأحبار
د. محمد منير الجنباز
[1] جزيرة الأحبار، تبعد حوالي 20كم عن مدينة جيزان، وهي في البحر الأحمر. (ربيع الثاني 1396هـ).
د. محمد منير الجنباز
طلَع الصَّباح بنوره المتجدِّد ![]() يزهو سناه فوق دارِ المعهدِ ![]() فكأنما لبَسَ الجديدَ تأنُّقًا ![]() ليقابل الأحبابَ في وجهٍ ندي ![]() ما خلتُه قبلًا بطلعته التي ![]() ملأ الفَضاءَ بهاؤها بتودُّدِ ![]() يوم الخميس أطلَّ صبحًا هادئًا ![]() فهو الذي يأتي بأطيَب موعدِ ![]() جمع الأحبَّة فالتقوا في ساحةٍ ![]() يتهيَّؤون لرحلة وتجدُّدِ ![]() ما أخلفوا إلَّا قليلًا منهمُ ![]() خافوا ركوبَ البحر بعد تردُّدِ ![]() ونسُوا بأنَّ الموت أمرٌ كائن ![]() في البرِّ أو في البحر أو في المقعدِ ![]() من يجعلِ المولى رفيقَ دروبه ![]() يسعدْ بهِ والمرء ليس بمخْلَدِ ![]() يا أيها الركب الميمِّمُ شطره ![]() لجزيرة "الأحبار" بعد تزوُّدِ ![]() نِعم الرجال ونِعم ما قد حمِّلوا ![]() من برتقالٍ أو خروفٍ أجعد ![]() صعدوا أسودًا فوق ظهر سفينةٍ ![]() ثمَّ امتطوَها كالجواد الأجرد ![]() شدُّوا العنان وآذنوا برحيلها ![]() فغدَت تشقُّ البحرَ شق مهنَّدِ ![]() وتميل فوقَ البحر ميلَ تفاخرٍ ![]() كالهودج الميَّاس مال لِمُنشدِ ![]() لما درَت ركّابها من معهدٍ ![]() سارت بهم سيرَ الأمين بسيِّدِ ![]() حين اطمأنَّت واستوَت في سيرها ![]() قمنا نجوبُ خلالها لتفقُّدِ ![]() وأطلَّ من عليائها ركبٌ غدوا ![]() سُمرَ الوجوهِ وطرفهم لم يغمدِ ![]() جالوا به الآفاقَ وهْي مشيرة ![]() ألوانها زُرق بوشيِ مورَّدِ ![]() وغدا النَّسيمُ الغضُّ يَمسح وجهَهم ![]() بنعومةٍ ورطوبةٍ وتبرُّد ![]() ثمَّ استكانوا والسكون بأعين ![]() نفَّاذة تمضي لشأن تعبُّدِ ![]() يتفكَّرون كتاب ربٍّ قادرٍ ![]() وصَف البحارَ بدقَّة وتفرُّد ![]() وجزيرة الأحبار لمَّا عاينَت ![]() ركب الأحبَّة أشرقَت كالعسجدِ ![]() قلنا لها: شكرًا، إليك متاعَنا ![]() فاستقبلَته بدون أيِّ تمرُّدِ ![]() أمَّا مكان الأُسدِ فهو سباحة ![]() في بحر عينيك الجميلِ الأرمد ![]() ما نحن إلَّا الكحل يا عصفورتي ![]() أيفيد عين الرمْدِ غير الإثمدِ ![]() ثم انتثرنا تحت طرفٍ ناعسٍ ![]() لنجول في دمع العيون السهَّدِ ![]() والشمسُ تَرقب لا تريد فراقَنا ![]() وشعاعُها يدني لهيب توقُّدِ ![]() والناشطون السَّابحون بشَوقهم ![]() لا يشعرون بما يَحيك المعتدي ![]() لو تذهب الأعضاء تَتلو بعضَها ![]() يبقى صفاء الروحِ دون تأكسُدِ ![]() لما انتشينا بعد طول سباحةٍ ![]() عدنا إلى الكبش الحنيذِ المقعدِ ![]() فوق السماط محمَّرٌ قد شدَّه ![]() طبَّاخنا الميمون والد أسعدِ ![]() وأجلتُ طرفي في عيون صحابتي ![]() فإذا بها صور الخروفِ المسندِ ![]() كلٌّ يخطِّط للهجوم لقطعة ![]() وأشعَّة العينين دربٌ لليدِ ![]() ووكيل معهدنا تأخَّر برهةً ![]() عن وقتهِ.. هيَّا ابدؤوا بتعمُّدِ ![]() ثمَّ ابتدا عدَّ التنازل قائلًا ![]() عشر وتسع وانثنى بتنهُّد ![]() ومضى يعدُّ فقال صِفرٌ وانحنى ![]() نحو اللحوم وكلُّنا كالمرصدِ ![]() وبلحظةٍ كنا وراء محمد ![]() نقتاتُ من لحم الخروف الجيِّدِ ![]() وإذا السكون على الجميع مخيِّمٌ ![]() فتراهمُ بين اللحومِ وأكبد ![]() ولقد ذكرنا إخوةً لم يَحضروا ![]() كي يَنعموا برؤى النَّعيم الأجودِ ![]() ولقد سررتُ لرحلة أخَّاذةٍ ![]() فيها التعاون ثَمَّ دون تبلُّدِ ![]() وتعاهد الأحبابُ عودَ الملتقى ![]() فالروح تَهفو للِّقاء المسعِدِ ![]() |
[1] جزيرة الأحبار، تبعد حوالي 20كم عن مدينة جيزان، وهي في البحر الأحمر. (ربيع الثاني 1396هـ).