Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

الهوى يعمي ويصم!

$
0
0
الهوى يعمي ويصم!


الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل







إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفِره، ونعوذ بالله مِن شرور أَنفُسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على الخِيرة مِن خَلقِك، والمصطفى من عبادك؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبِه وأتباعه أجمعين.

وبعد:
فعِندما يُريد شخص تنفيذ مآربه، فإنما يَنظر إليها ويسمع بعَين وأُذن، وبهذا فإن ما يُسمَّى بحرب الإرهاب التي تزعَّمَتها أمريكا، قد صار بعَين وأُذن إن لم يَكن أَعمى وأَصم، لا يَنظر ولا يَسمع إلا بمكْر اليهود وخِداعهم، فأحداث أمريكا استُغلَّت مِن قِبَل اليهود ضد المسلمين عربهم وعجَمهم، وجعلوا آثار هذه الأحداث وسيلةً لفَرض طُغيانهم وجبَروتهم ومَكرِهم على المسلمين، فأخذوا يَعيثون في الأرض فسادًا دون نظر أو تفكُّر، فدكَّوا المدن والجبال، وأفسدوا الأرض والهواء، وقتَلوا وشرَّدوا البشَر ممَّن لا ذنبَ لهم فيما ادَّعت به ضدَّ أشخاص باعتداء عليها إن لم يكن مِن اليهود أنفسهم أو لهم فيه يدٌ طائلة.

إن مكر اليهود وخِداعهم يَقلب الحقائق أمام الأعمى الأصمِّ الذي لا يَنظر إلا تحت قدميه، وهذا وأمثاله بذلك مُسيَّر لا مخيَّر؛ ولهذا يُبارك زعماء أمريكا ما يفعله اليهود في فلسطين ضد شعبٍ أعزلَ؛ مِن هدْم للقُرى، وقتْل للأبرياء، وإفساد في الأرض والحرث، ولا يرى هؤلاء اليهود أنهم بذلك أصْل للإرهاب، وجذور الإرهاب نبتت في أرضهم، ولكنهم - كعادتهم - حولوا هذه الوحشية إلى أنه دفاع عن النفس، أما الذين يُدافعون عن أنفسهم ووطنهم بالحِجارة، فإنهم - في نظر أمريكا - إرهابيُّون؛ تصديقًا لليهود حتى في اتهامهم للفلسطينيين بأنهم سفينة الأسلحة، ولو قيل: إنها للفلسطينيين، ألا يكون ذلك حقًّا للفلسطينيِّين في مُقابل ما يَملكه اليهود من القنابل الفتاكة، والطائرات والدبابات المدمِّرة، والتي تمدُّها بها أمريكا؟ ولو قيل: إن كلاًّ مِن الفلسطينيين واليهود يُدافع عن نفسه، ألا يَنبغي أن يكون هناك تناسبٌ بين القوتين ولو كان قليلاً؟! ولكنَّ الهوى يُعمي ويصمُّ! وهذا لأن الحكم للأقوى، ولو كان الحق للضعيف ومَن يدافع عنه أو يؤيِّده، تُقام ضده الدنيا ولا تقعد.

إن وسائل إعلام أمريكا - والتي يُديرها اليهود - تشنُّ الحملات الماكِرة والمُغرضة والشَّرسة ضدَّ السعودية، والمؤيِّدة لحق الفلسطينيين في بلادهم والدفاع عن أنفسهم، ولعلَّ هذه الحملة الشرسة من إعلام الغرب ضدَّ السعودية؛ لما لها مِن ثِقل، ووقوف مع الحق، وقبول وتأييد، وهذا أكثر ما يَخشاه اليهود مِن انعكاسات وتأثيرات على أعمالهم الشريرة ضدَّ الفلسطينيين، فمنذ ما يَزيد على خمسين سنةً سكَت العالَم إلا القليل منهم أمام المُستعمرين الصهيونيين، وأُيدتْ من قِبَل النصارى ومَن شايعهم ممن غرس هذه النبتة الفاسدة في فلسطين؛ تخلصًا من أذى اليهود لهم، ولشَغْل المسلمين في أوطانهم، ولعلَّ ما حدث يكون ابتلاءً وامتحانًا للمسلمين دولاً وشعوبًا؛ ليُحاسبوا أنفسهم، ويَعرفوا من أين أُتُوا، فيرجعوا إلى ربهم، ويُحكِّموا شرع الله، ويتسلَّحوا بالإيمان به - جل وعلا - وبالقوة الحسِّية التي أمَر الله بها المؤمنين، فيَجمعوا بين القوة المعنوية والقوة الحسية لإرهاب أعدائهم، فلا يفكِّر هؤلاء الأعداء في الاعتداء عليهم، ولا الوقوف أمام دعوتهم للإسلام الذي جاء لصالح البشرية في دُنياها وأُخراها، فكفَر به مَن كفَر، وتسلَّح بالسلاح الفتَّاك مَن تسلَّح؛ ليَمنعوا انتشاره ويُطفؤوا نور الله، فعاثوا في الأرض فسادًا بأسلحتهم الفتاكة، ونشَروا الرعب، وأفسدوا الأخلاق بمدنيَّتهم الزائفة، وأصبحوا كالأنعام لا يَعرفون معروفًا، ولا يُنكِرون منكرًا، وهم كالحيوانات في إشباع البطن والفرْج.

لقد آن لأمة الإسلام أن تعود إلى مجْدِها، وتتسلَّح بالسلاحَين المعنويِّ والحسي؛ لتُخلِّص البشرية مِن وَيلات الحروب الفتاكة، والمواد المُهلِكة، والأخلاق الهدَّامة، فإنها أمة رسالة سامية جاء بها خاتم الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليه - المبعوث رحمةً للعالمين؛ ليُخرج الناس مِن الظلمات إلى النور، ومِن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد وحده لا شريك له، فمَن أطاعه سعد في دنياه وأُخراه، ومَن عصاه شقي في دُنياه وأُخراه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ * قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 107، 108]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، فمَن عبد اللهَ وحده، وامتثَل أوامره، واجتنَب نواهيه، سعد في دنياه وأخراه؛ فأمة الإسلام أمة رسالة سامية صالحة لكل زمان ومكان، وقد قال نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((بلِّغوا عني ولو آية)).


فعلى أمة الإسلام أن تَعي رسالتها، وتُعيد مَجدها، وتتذكَّر أعمال أسلافها الصالِحين، وتحذوَ حَذوَهم في علاقتهم مع ربها، وعلاقتهم فيما بينهم ومع غيرهم؛ لتَسعد البشرية، وتسلَم مِن ويلات الدمار، ويَسعد مَن أطاع الله في دُنياه وأُخراه.

نرجو الله أن يُصلح أحوال المسلمين، وأن يَهديهم صِراطه المستقيم؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.






Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles