Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

كيف نبعد أخي عن حب ابنة عمه؟

$
0
0
كيف نبعد أخي عن حب ابنة عمه؟


أ. عائشة الحكمي



السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم اللهُ خير الجزاء على ما تقدِّمونه، فهذه المرة الثانية التي أُرسل فيها استشارةً؛ لأنني أثق بكم، وبما تُشيرون، جزاكم اللهُ الفردوسَ، وأعانكم، ونوَّر لكم طريقكم، كما أنرتُم طريقي.

هناك أمرٌ عجزتُ عن التفكير فيه، ولا أريد أن أخبرَ أمي أو أبي أو أحد إخوتي؛ فلديهم مِنَ الهموم ما يكفي، والحمدُ لله على كلِّ حال.
أخي أَحَبَّ ابنةَ عمِّي، وهي تحبُّه كذلك، هي تبلغ مِن العمر (12) عامًا، وهو في الجامعة، أمي وأبي تعِبَا عندما عَلِمَا بالأمر، وسببُ عدم رضا أمي أنها تمنع زواج الأقارب للأمراض الوراثيَّة!
حاوَلَا معه أن يتركَ هذه الفكرة، لكنه رفَض، حاولَا أن يُقنِعاه بأنها غير مناسبةٍ له؛ لأنها صغيرة السِّنِّ، ولا صلاة، ولا حجاب، وصوتُها عالٍ، ولا تبر والديها!
الآن يعتقد أبي وأمي أنه نسيها، لكنه ما زال مُرتبطًا بها، وعندما يجلس معي يقول لي: انصحيها، فماذا أفعل؟ أريدُه أن يبعدَ عنها، ونصحتُه كثيرًا، لكنه لا يستجيب!
حاولتُ أن أقنعَها فوجدتُها مرتبطةً به أيضًا، فهي عنيدةٌ، وعنادُها يزيد مِنْ كرهي لها.

أخبروني كيف أبعد أخي عنها، أو أقنعه بتركِها؟ علمًا بأنه يقول: لن أتزوَّج غيرها!


الجواب
بسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان

أيتها العزيزة، تشْكُر لك شبكةُ الألوكة حُسْنَ ظنِّك، حين جعلتِها موْضِعَ ثقتك، وعسى الله أن يُوفِّقك لما يحب، ويوفِّقنا لما تحبين، آمين.
وبعدُ، فلقد أذكرني أمرُكم هذا خبر مجنون ليلى لما سار به أبوه إلى بيت الله الحرام، فيما رواه أبو علي القالي في كتابه "الأمالي"، "قال: وأخبرني عبد الله بن خلَف، قال: أخبرني أحمد بن زُهير، قال: أخبرني مصعب بن عبد الله الزُّبيري، عن بعض أهلِه، عن أبي بكر الوالبي، قال: أُخْبِرْتُ أنَّ أبا المجنون قال له حين سار به إلى بيت الله الحرام - وكان أخرجه ليَسْتَشْفي له -: تعلَّقْ بأستار الكعبة، وقُل: اللهمَّ أَرِحْنِي مِنْ ليلى ومِنْ حُبِّها، وتُبْ إلى اللهِ مما أنتَ عليه، فتعلَّقَ بأستار الكعبة، وقال: اللهمَّ مُنَّ عليَّ بليلى وقُرْبِها، فزَجَرَهُ أبوه، وجعل يُعَنِّفه، فأنشأ يقول:

يَقَرُّ بِعَيْنِي قُرْبُها وَيَزِيدُني
بِهَا كَلَفًا مَن كَانَ عِنْدي يَعِيبُها

وَكَمْ قَائِلٍ قَدْ قَالَ: تُبْ! فَعَصَيْتُه
وَتِلْكَ لَعَمْرِي تَوْبَةٌ لَا أَتُوبُهَا!


فما أعجبَ ما يفعلُه الآباءُ إذا علِموا أنَّ قلبَ ابنهم أو ابنتهم قد علق بحبِّ حبيبٍ! لا يزالون يُقَلِّبون فِكْرهم، ويحتالون لهم الحيلَ؛ حتى يُفَرِّقوا بين أبنائهم وبين مَنْ يُحبُّون! مع أنَّ الشرعَ الحنيفَ قد ندب إلى السَّعْي في إنكاح المتحابين والشفاعة لهم؛ كما في الحديثِ الصحيحِ، الذي رواه ابنُ عباس عند ابن ماجَهْ والحاكم: ((لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ))، وكما نجد في قصص التراثِ الإسلامي مِن شواهدَ يطول سَرْدُها، فإنْ شئتِ وشاء مَن شاء التثبُّت مما أقول، فلْيقرأ الباب الخامس والعشرين مِن الكتاب البارع: "روضة المحبِّين ونُزهة المشتاقين"، للعلامة الإمام ابن قيم الجوزيَّة - قدَّس اللهُ روحه، وأفاض الرحمة السابغة عليه - وهو الفصلُ المُعَنْوَن بـ: "في رحمة المحبين والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يبيحه الدينُ"، وقد قال اللهُ - سبحانه وتعالى - في كتابه المجيد: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 3]، ونفس أخيك لا تطيب إلا بزواجِه مِن ابنة عمه التي تحبُّه كما يحبها، والأَوْلَى شرعًا تزويج الفتاة بمَن تحبه، لا أن تُمْنَعَ منه وتُكره على غيره، كما يفعلُ أكثرُ الناس اليوم! وقد تقدَّم حديثُ ابن عباس، وأصلُه أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ الله، في حجري يتيمةٌ قد خطبها رجلٌ مُوسرٌ، ورجلٌ مُعْدَمٌ، فنحن نحب الموسِر، وهي تحبُّ المُعْدَم، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ))، أما الداعي لمنْعِ والدتك من تزويج أخيك بابنة عمِّه فقائمٌ على طريق الاحتمالات والتخمين، لا على حقيقة اليقين، وفي الإمكان التحقُّق مِن عدم انتقال الأمراض الوراثية طبِّيًّا عبر فحْصِ الزواج، فإنْ أبتْ أنفسُكم إلا التضييق على أخيكم، فاشترطوا لتزويجِه أن يجريَ فحْصَ الزواج في الخارج أيضًا مع ابنة عمه، فإنْ أظهرت النتائجُ المحلية والخارجية احتمالية الإصابة بأمراضٍ وراثية، كان ذلك السبب أكثر إقناعًا لأخيك ليعدلَ عن رأيه في هذا الزواج! وما عدا ذلك فليس مِن وسيلةٍ يُمكن بها صرْفَ أخيك عن حبِّه لابنة عمه، إلا أن يقلِّبَ مقلبُ القلوب قلبه، فينصرف عنها إلى غيرها، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ [الأنفال: 24]، وما مِن أحدٍ يُمكنه معرفة الغيب، أو يعلم ما الذي يُمكن أن يتغيَّرَ بعد خمس سنين - أقل أو أكثر - حين يُصبح أخوك قادرًا على الزواج، هل سيظل حبه لابنة عمه على حاله، أو يجد الحب عند غيرها، فلِمَ تثقلون عقولكم بالتفكير في أمرٍ لا يعلمه غير الله تعالى؟!
جُلَّ ما في مقْدورِك أن تفعليه اليوم هو تذكير أخيك وابنة عمك بالتقوى والعفاف، وأنَّ رِزْقَ الزواج لا يستجلب بالمعاصي، والوصال الحرام.

لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُرَاقِبُ رَبَّهُ

عِنْدَ الْهَوَى وَيَخَافُهُ أَحْيَانَا

حَجَبَ التُّقَى بَابَ الْهَوَى فَأَخُو الْهَوَى
عَفُّ الْخَلِيقَةِ زَائِدٌ إِيمَانَا


أما أن تحسبي المناصَحة في الإقناع العقلي بتغيير رأيه ورأيها في هذا الحب والزواج، فتكوني مُخطئةً جدًّا، ولم تفهمي بعدُ أنَّ القلوبَ بِيَدِ خالقِها - عز وجل - لا بيدي ولا بيدك ولا بيد والدتك الكريمة - غفر اللهُ لنا ولها ولجميع المسلمين!
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب







Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles