Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

إحياء فريضة الجهاد والاستعداد له

$
0
0
إحياء فريضة الجهاد والاستعداد له


الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي





معالم تأهيل الأمة الإسلامية لمرحلة القيادة والخلافة الإسلامية

إحياء فريضة الجهاد والاستعداد له

نستكمل بعض المعالم والإشارات التي نحسب أنها تؤهل الأمة الإسلامية للسير حثيثًا نحو إقامة حكم الله في الأرض، والتمكين لدينه.


1- حقيقة الجهاد:
ومن الواجب على الأمة الإسلامية، إذا تأهلت لمهمة الخلافة والقيادة أن تعمل على إيحاء روح الجهاد والفروسية في قلوب الشباب المسلم، وإيقاظ هذه الفريضة في قلوب الغافلين، إحياءها بمفهومها الشرعي الصحيح الشامل، الذي يبدأ من طلب العلم النافع للمسلمين بدأً من طلب العلوم الشرعية، ثم بكل علم نافع في شتى مجالات الحياة البشرية، ثم الجهاد ببذل المال والصدقات والزكوات في سبيل الله تعالى، وإنشاء كل عمل يخدم هذه الأمة ويؤهلها لمرحلة القيادة والخلافة الراشدة، ثم الاستعداد النفسي والبدني للجهاد في سبيل الله، في سبيل إعلاء كلمة التوحيد والإسلام، والاستعداد العسكري المسلح لخوض المعارك، وفتح البلاد بنور الإسلام وعدله وسلامه.


فالجهاد في سبيل الله لا يعني سفك الدماء، ولا قتل الأبرياء بغير حق كما فهم بعض الناس، وأساؤوا بفهمهم هذا إلى الإسلام نفسه، مما أتاح الفرصة أمام أعداء الله تعالى والحاقدين من المنافقين والعلمانيين ومن سار على طريقتهم باتهام الإسلام وأهله وفريضة الجهاد بأنها نوع من الإرهاب والتخويف. كلا، إنما حقيقة الجهاد إزاحة الظالمين والطغاة من أن يقفوا في وجه هذه الدعوة الإسلامية الخالدة، وأن يمنعوا أمة الهدى والنور من تبليغ هذه الرسالة للناس وإسماعهم لما فيها من الحق والعدل والرحمة، وفيها من معاني التحرير الرباني للبشرية من ظلم الظالمين، ومن جور الحكام والساسة الذين طالما قهروا الناس وأخرسوا ألسنتهم، وكمَّموا أفواههم عن قول كلمة الحق، ونصرة المظلوم، ومن أن تستنشق نسائم الإيمان والقرآن، والعدل والرحمة، والمساواة بين العباد في تكاليف العبودية لله وحده.


وإن للجهاد في الإسلام لشرف ومكانة يوم أن تخلت عنها الأمة الإسلامية ذلت وضعفت وهانت، ويوم أن كان فيهم العدل والإسلام، نشروا التوحيد وعقيدته الصافية، وعلموا الدنيا مبادئ الهدى، وأقاموا دوله على أركان القوة والإيمان بالله تعالى، ومكارم الأخلاق التي بعث بها النبي - صلى الله عليه وسلم.


لقد تقدم الصحابة والتابعون بالجهاد، ففتحوا به بلاد الدنيا شرقًا وغربًا حتى وصلوا إلى الصين، ودخلوا بلاد الأندلس، ودخلوا بلاد السند والهند، ومع ذلك كانوا أحرص الناس على هداية الناس إلى نور الإسلام، لقد فتح الله عليهم خيرات الأرض وكنوزها، يوم أن كانوا أعزة بهذا الدين، وصدق القائل:
خلق الله للجهاد رجالا
ورجالاً لقصعة وثريد

2- فضل الجهاد في الكتاب والسنة والدعوة إليه:
والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية فيها دعوة جليلة لبذل الأموال والأنفس للجهاد في سبيل الله تعالى: فمن القرآن الكريم قوله تعالي:
قول الله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[البقرة: 216].


وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ[آل عمران: 156-158].


وقوله تعالى: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[آل عمران:169- 175].


وقوله تعالى: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 74].


ومنها آيات كثيرة جعلها الله تعالى في سورة تحث على إحياء الجهاد في نفوس المؤمنين، والصبر والثبات في قتال الكافرين ومن ذلك في سورة الأنفال قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60] إلى قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنفال: 65]. وهذه سورة التوبة سورة الجهاد والبراءة من الكافرين والمنافقين تحث أهل الإيمان على الجهاد وتحذر من الإخلاد إلى زينة الحياة الدنيا كما في قول الله تبارك وتعالى في قتال المشركين: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 14]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29]، وقوله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41].


وقوله تعالى: ﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 88، 89]. وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].


وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]. وقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]. والقرآن فيه الكثير من مثل هذه الآيات الجليلة والمتأمل لسورة البقرة وآل عمران والأنفال والتوبة ومحمد والأحزاب والفتح والصف وغيرها، يرى مدى اهتمام القرآن بإحياء هذه الفريضة، التي هي وسيلة كبيرة إلى تعبيد الناس لخالقهم سبحانه وتعالى.


أما الأحاديث النبوية في الجهاد فهي كثيرة ومستفيضة في هذا الباب، وإليك بعض الأحاديث النبوية الشريفة في ذلك: فعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم بأن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل" رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة، واللون لون الدم، والريح ريح المسك". رواه البخاري ومسلم. وعن أنس - رضي اللهُ عنه - قال: "غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين: ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى، أو نظن: أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه". إلى آخر الآية". رواه البخاري.


وعن أم حارثة بن سراقة أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا نبي الله، ألا تحدثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر، أصابه سهم غرب - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البكاء؟ قال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ". أخرجه البخاري. وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". أخرجه الشيخان وأبو داود. وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخير فقد غزا". رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. وعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من احتبس فرسا في سبيل الله، إيمانا بالله، وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريّه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة". رواه البخاري.


وعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - قيل: يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال " لا تستطيعونه قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: لا تستطيعونه. ثم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد ". أخرجه الستة إلا أبو داود. وعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنهُما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله". رَوَاهُ التِّرمِذِيّ.


وعن سهل بن حُنيف - رضي اللهُ عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه". رواه الخمسة إلا البخاري. وعن خريم بن فاتك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أنفق نفقة في سبيل الله تعالى كتبت له بسبعمائة ضعف". رواه الترمذي وحسنه والنسائي.


وعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - قال: مر رجل من أصحاب رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته، فقال لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اُغْزُوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة". رواه الترمذي. وعن المقدامِ بنِ معدِ يكربَ قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "للشَّهيدُ عندَ اللهِ ستُ خصالٍ يغفرُ لهُ في أوَّلِ دُفعةٍ ويُرى مقعدهُ من الجنَّةِ ويجارُ من عذابِ القبرِ ويأمنُ من الفزعِ الأكبرِ ويوضعُ على رأسهِ تاجُ الوقارِ الياقُوتةُ منها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها ويزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ ويشفَّعُ في سبعينَ من أقربائهِ". رواه الترمذي وابن ماجه. وعن أنس - رضي اللهُ عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من طلب الشهادة صادقًا أعطيها ولو لم تصبه". رَوَاهُ مُسلِمٌ. وعن جَابِرَ بْنَ عِبْدِ اللهِ رضي الله تعالى عنه يقُولُ: لَمَّا قُتِلَ عِبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، يَوْمَ أُحُدٍ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا جَابِرُ! أَلاَ أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللهُ عزَّ وجَلَّ لأَبِيكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدًا إِلاَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي! تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ! تُحْيِيِني فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيةً، قَالَ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِليْها لا يَرْجَعُونَ قَالَ: يَا رَبِّ! فأَبْلِغْ مَنْ وِرِائي، فأَنْزِلَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ هَذهِ الآيَةَ: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذيْنَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتًا.. الآيَةَ كُلَّهاَ". رواه ابن ماجة.


وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.


وعن أنس - رضي اللهُ عنه - قال: انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال عمير بن الحمام: بخ بخ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يحملك على قولك بخ بخ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل". رواه مسلم. وعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق". رواه مسلم وأبو داود.


3- أنواع الجهاد وصوره:
أما بالنسبة لأنواع الجهاد عمومًا فهو ينقسم إلى قسمين:
جهاد الطلب، وجهاد الدفع، أما جهاد الطلب فهو طلب المشركين، وجهاد الدفع: هو دفع المشركين، يعني جهاد الدفع أن يغزوا المشركون المسلمين في بلادهم، وأما جهاد الطلب فخلافه، ففي حديث بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث سريةً وأمَّر عليها أميرًا فأوصاه بخاصة نفسه ومن معه بأن يتقوا الله عز وجل إلى آخره، فهذا من جهاد الطلب.


لكن متى يشرع جهاد الطلب؟
نقول بأن جهاد الطلب يشرع إذا كان هناك من يقف أمام الدعوة إلى الله عز وجل، ويحول دون تبليغ الإسلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث من يبلغ المسلمين فإذا كان هناك أحد يمتنع من الإسلام ونحو ذلك أو يكون حائلًا دون تبليغ دعوة الإسلام فإنه يُجَاهَد في هذه الحالة، وهذا هو جهاد الطلب، وقبل أن يُجَاهد فهو يخير بين أمور ثلاثة: إما القتال وإما الإسلام وإما الجزية.


وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد:
أن الجهاد أربع مراتب جهاد النفس، وجهاد الشيطان،وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين.
فجهاد النفس أربع مراتب أيضًا:
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.


الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لميضرها لم ينفعها.


الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لايعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولاينجيه من عذاب الله.


الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلىالله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار منالربانيين فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحقويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات.


وأما جهاد الشيطان فمرتبتان:
إحداهما: جهاده على دفع ما يلقي إلى العبدمن الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.


الثانية: جهاده على دفع ما يلقيإليه من الإرادات الفاسدة والشهوات فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكونبعده الصبر. قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة 24 ]، فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين فالصبر يدفعالشهوات والإرادات الفاسدة واليقين يدفع الشكوك والشبهات.


مراتب جهادالكفار والمنافقين:
وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب بالقلب واللسان والمال والنفس وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان.


جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات:
وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكراتفثلاث مراتب الأولى: باليد إذا قدر فإن عجز انتقل إلى اللسان فإن عجز جاهد بقلبه.فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد و "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزومات على شعبة من النفاق". رواه مسلم.


هذه بعض معالم الجهاد في سبيل الله تعالى، ولكن الجهاد القتالي هذا مع العدو قد يفرض أحيانًا، لأنهم دخلوا ديار المسلمين عنوة، واقتحموا حرماتهم وأعراضهم، واستحلوا دمائهم وأموالهم، فهذا النوع من الجهاد لا حاجة فيه لأمير ولا أن يستأذن فيه لأنه صار فرض عين على كل المسلمين في ذلك البلد. أما الخروج للجهاد والفتح والطلب فله شأن آخر، ويكون على الأمة الإسلامية عندما تؤهل للخلافة الراشدة أو الإمارة المسلمة، وتتملك الأمة زمام القيادة والحركة والدعوة، فهذا له شروطه وضوابطه، التي ينبغي الوقوف عندها والفهم لها، حتى لا نخلط المسائل ونأتي بالضرر للأمة من حيث نريد النفع لها.


ومع ذلك:
يجب أن نتصدى اليوم بما نستطيعه من وسائل المجاهدة لأعداء الله في كل ديار الإسلام: ببيان حقيقة منهج الإسلام الحنيف، وقوة عقيدته وأخلاقه وتشريعاته، وصلاحيتها وسموها في قيادة الناس والعالم كله من جديد، وأن نتصدى لهم بنشر العلم الشرعي، وفق منهج الكتاب والسنة الصحيحة ومنهج السلف الصالح عليهم رضوان الله تعالى، وجمع الناس على ذلك.


وأن نعنى بتربية الشباب المسلم على الفروسية والاستعداد للفتح الإسلامي والجهاد في سبيل الله تعالى.


وأن نرد شكوكهم وأباطيلهم التي يريدون بها، زعزعة الإسلام والشريعة في قلوب المسلمين، وأن نستخدم كل متاح ومباح وفق منهج الله تعالى، في نشر دعوة الإسلام، بمفهومها الصحيح الشمولي المتوازن، وأن نصبر على كيد الكافرين والمنافقين حتى يأتي وعد الله لنا بالنصر والتمكين: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ [المجادلة: 21]،﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 173].



هذه أهم المعالم والمهمات التي نحسب أنها من الأهمية اليوم، في حياة المسيرة الدعوية والصحوة بمكان، والتي ينبغي أن نلتفت إليها ونقف معها طويلًا، في سبيل بناء دعوة إسلامية صحيحة، وبناء جيل التمكين المسلم، الذي يفتح الله تعالى على يديه النصر والتمكين لهذه الأمة، نسأل الله تعالى أن يهدينا سواء السبيل. والله المستعان.





Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles