تعريف الصحابي
يفسر كل من (لسان العرب)، (وتاج العروس) كلمة الصحابي بالآتي:
"صحب" صحبة يصحبه صُحبة "بالضم"، وصحابة "بالفتح"، وصاحبه عاشره، والصحب جمع الصاحب، والأصحاب، جماعة الصحب. والصاحب المعاشر لا يتعدى تعديًا بالفعل إذا استعمل في الأسماء كما يمكن استعماله كصفة.
والجمع: (أصاحب)، و(أصاحيب)، و(صحبان)، و(صاحب)، وصحب وصحابة. كما ذكرا أنه ممكن تأنيث الجمع فقالا: (وممكن تأنيث الجمع مثل: حديث قيلة: "خرجت أبتغي الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهو بالفتح جمع (صاحب)، ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا. ويصحب يمنع ويحفظ مثل قوله تعالى: ﴿ ... وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 43] أي: يُمنعون. ويقال: (صحبك الله) أي: حفظك وكان لك جارًا[1].
هذا، والصحابي بمفهومنا هو المسلم الذى آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحَبَه.
وتعرف كتب السيرة الصحابي عدة تعريفات:
فترى ابن حجر العسقلاني يعرف الصحابة بقوله: (... وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل ذلك فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى). ويقول أيضًا: (ويدخل في قولنا (مؤمنًا به) كل مؤلف من الجن والإنس. ثم يقول: (وخرج بقولنا: "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله. وقد وجد من ذلك عدد يسير كعبيد الله بن جحش الذى كان زوج أم حبيبة، وكعبد الله بن خطل الذى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة)[2].
أما ابن حزم الأندلسي في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام)[3] فقد قال:
(وليس كل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه صحابيا، ولو كان ذلك لكان أبو جهل من الصحابة؛ لأنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وحادثة وجالسه وسمع منه، وليس كل من أدركه - عليه السلام - ولم يلقه، ثم أسلم بعد موته عليه السلام، أو في حياته إلا أنه لم يره معدودًا في الصحابة، ولو كان ذلك لكان كل من كان في عصره عليه السلام صحابيًا، ولا خلاف بين أحد في أن علقمة والأسود ليسا صحابيين، وهما من الفضل والعلم والبر بحيث هما، وقد كانا عالمين جليلين أيام عمر، وأسلما في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الصحابة الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ... ﴾ [الفتح: 29].
لكنه أضاف أن (من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بشيء والسامع كافر ثم أسلم فحدّث به وهو عدل فهو مسند صحيح واجب الأخذ به، ولا خلاف بين أحد من العلماء في ذلك ).
ثم يستطرد ابن حزم في تعريفه للصحابي بقوله[4]:
(أما الصحابة رضي الله عنهم فهو كل من جالس النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمرا يعيه ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر حتى ماتوا على ذلك، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه كهيث المخنث ومن جرى مجراه، فمن كان كما وصفنا أولا فهو صاحب).
ثم يضيف بقوله: (وأما من أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقله وسنّه، إلا أنه لم يلقه، فليس من الصحابة ولكنه من التابعين.. وأما من ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أن لقيه وأسلم وحسن حاله كالأشعث بن قيس، وعمرو بن معدى كرب وغيرهما، فصحبته معدودة وهو بلا شك من جملة الصحابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمت على ما سلف لك من خير").
[1] انظر: لسان العرب ج2 ص 7- 9 (فصل الصاد - حرف الباء) تاج العروس، ج1، ص 332- 333 (فصل الصاد - باب الباء).
[2] الإصابة ج1 ص 2، 3.
[3] ج1 ص 217 طبعة بيروت، وانظر أيضًا (علقمة بن قيس بن عبد الله بن عبد الملك بن علقمة بن سلامان بن كميل بن بكر بن عوف بن النخع، الفقيه، وابنا أخيه: الفقيهان: الأسود، وعبد الرحمن ابنا يزيد) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 415- 416، بيروت، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، 1418هـ، 1998م.
[4] الإحكام في أصول الأحكام، ج2 ص86، 87.
د. سامية منيسي |
يفسر كل من (لسان العرب)، (وتاج العروس) كلمة الصحابي بالآتي:
"صحب" صحبة يصحبه صُحبة "بالضم"، وصحابة "بالفتح"، وصاحبه عاشره، والصحب جمع الصاحب، والأصحاب، جماعة الصحب. والصاحب المعاشر لا يتعدى تعديًا بالفعل إذا استعمل في الأسماء كما يمكن استعماله كصفة.
والجمع: (أصاحب)، و(أصاحيب)، و(صحبان)، و(صاحب)، وصحب وصحابة. كما ذكرا أنه ممكن تأنيث الجمع فقالا: (وممكن تأنيث الجمع مثل: حديث قيلة: "خرجت أبتغي الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهو بالفتح جمع (صاحب)، ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا. ويصحب يمنع ويحفظ مثل قوله تعالى: ﴿ ... وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 43] أي: يُمنعون. ويقال: (صحبك الله) أي: حفظك وكان لك جارًا[1].
هذا، والصحابي بمفهومنا هو المسلم الذى آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحَبَه.
وتعرف كتب السيرة الصحابي عدة تعريفات:
فترى ابن حجر العسقلاني يعرف الصحابة بقوله: (... وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل ذلك فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى). ويقول أيضًا: (ويدخل في قولنا (مؤمنًا به) كل مؤلف من الجن والإنس. ثم يقول: (وخرج بقولنا: "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله. وقد وجد من ذلك عدد يسير كعبيد الله بن جحش الذى كان زوج أم حبيبة، وكعبد الله بن خطل الذى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة)[2].
أما ابن حزم الأندلسي في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام)[3] فقد قال:
(وليس كل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه صحابيا، ولو كان ذلك لكان أبو جهل من الصحابة؛ لأنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وحادثة وجالسه وسمع منه، وليس كل من أدركه - عليه السلام - ولم يلقه، ثم أسلم بعد موته عليه السلام، أو في حياته إلا أنه لم يره معدودًا في الصحابة، ولو كان ذلك لكان كل من كان في عصره عليه السلام صحابيًا، ولا خلاف بين أحد في أن علقمة والأسود ليسا صحابيين، وهما من الفضل والعلم والبر بحيث هما، وقد كانا عالمين جليلين أيام عمر، وأسلما في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الصحابة الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ... ﴾ [الفتح: 29].
لكنه أضاف أن (من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بشيء والسامع كافر ثم أسلم فحدّث به وهو عدل فهو مسند صحيح واجب الأخذ به، ولا خلاف بين أحد من العلماء في ذلك ).
ثم يستطرد ابن حزم في تعريفه للصحابي بقوله[4]:
(أما الصحابة رضي الله عنهم فهو كل من جالس النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمرا يعيه ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر حتى ماتوا على ذلك، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه كهيث المخنث ومن جرى مجراه، فمن كان كما وصفنا أولا فهو صاحب).
ثم يضيف بقوله: (وأما من أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقله وسنّه، إلا أنه لم يلقه، فليس من الصحابة ولكنه من التابعين.. وأما من ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أن لقيه وأسلم وحسن حاله كالأشعث بن قيس، وعمرو بن معدى كرب وغيرهما، فصحبته معدودة وهو بلا شك من جملة الصحابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمت على ما سلف لك من خير").
[1] انظر: لسان العرب ج2 ص 7- 9 (فصل الصاد - حرف الباء) تاج العروس، ج1، ص 332- 333 (فصل الصاد - باب الباء).
[2] الإصابة ج1 ص 2، 3.
[3] ج1 ص 217 طبعة بيروت، وانظر أيضًا (علقمة بن قيس بن عبد الله بن عبد الملك بن علقمة بن سلامان بن كميل بن بكر بن عوف بن النخع، الفقيه، وابنا أخيه: الفقيهان: الأسود، وعبد الرحمن ابنا يزيد) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 415- 416، بيروت، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، 1418هـ، 1998م.
[4] الإحكام في أصول الأحكام، ج2 ص86، 87.