Quantcast
Channel: منتدى فرسان الحق فرسان السُـنة خير الناس أنفعهم للناس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

أحوال الأمم وسنن الله تعالى في الاجتماع البشري والمجتمعات الإنسانية من خلال القرآن الكريم

$
0
0
أحوال الأمم وسنن الله تعالى في الاجتماع البشري والمجتمعات الإنسانية من خلال القرآن الكريم


ناصر بن سعيد السيف









إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن النظر في ملكوت السماوات والأرض يهدينا إلى معرفة السنن الكونية والنظر في تاريخ الأمم وأحوال المجتمعات يهدينا إلى معرفة السنن الاجتماعية، وكلاهما - تبعاً للمنهج القرآني - ذو أهمية في الحياة العملية للإنسان، والظواهر الاجتماعية فهي تلك التي تنجم عن تجمع الناس وتفاعلهم مع بعضهم، ودخولهم في شبكة من العلاقات المتبادلة، والفعل البشري بالنسبة للظواهر الاجتماعية هو الذي تتشكل بموجبه حركة التاريخ زماناً ومكاناً، مقدمات ونتائج، وأمر البشر هذا وما يترتب عليه من تبعات يجري وفق قواعد ثابتة وسنن مطردة، مؤطرة بمشيئة الله تعالى وإرادته في خلقه وعادته فيهم.



وأحوال الأمم وسنن الله تعالى في الاجتماع البشري والمجتمعات الإنسانية من خلال القرآن الكريم واضحة المعالم لمن تأمل في الآيات الكريمة ولعل في هذا البحث المختصر نذكر شيئًا يسيرًا حول الموضوع، وقد قسمت البحث إلى خمسة مباحث:

المبحث الأول: تعريف السنن لغة واصطلاحًا.

المبحث الثاني: أهمية دراسة سنن الله تعالى.

المبحث الثالث: طرق معرفة السنن وقانونها العام.

المبحث الرابع: خصائص سنن الله تعالى في المجتمعات.

المبحث الخامس: صور من سنن الله تعالى في المجتمع الإنساني والمجتمعات البشرية.

نسأل الله العلي القدير التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.







المبحث الأول

تعريف السنن لغة واصطلاحًا

السنة في اللغة: السيرة، حسنة كانت أو قبيحة.[1]

والأصل في هذا اللفظ - السنة -الطريقة والسيرة، وفي حديث المجوس: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) أي خذوهم على طريقتهم وأجروهم في قبول الجزية منهم مجراهم.[2]



والأصل فيها الطريقة والسيرة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ سنة حسنة)) أي طرق طريقة حسنة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم طريقته التي كان يتحراها.[3]



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (السنة هي العادة التي تتضمن أن يفعل في الثاني مثل ما فعل بنظيره الأول، ولهذا أمر الله تعالى بالاعتبار). [4]



وقال رشيد رضا رحمه الله تعالى: (السنن جمع سنة، وهي الطريقة المعبدة أو السيرة المتبعة أو المثال المتبع). [5]

والسنن في الاصطلاح: السنن والقوانين التي تحكم نظام العالم وفق إرادة الله الخالق باطراد وثبات.[6]



وقال الدكتور عبدالكريم زيدان رحمه الله تعالى: لاحظ أن هذه الكلمة يدور معناها على معنى (الطريقة المتبعة) فيكون معنى (سنة الله تعالى) هي الطريقة المتبعة في معاملة الله تعالى للبشر بناء على سلوكهم وأفعالهم وموقفهم من شرع الله وأنبيائه وما يترتب على ذلك من نتائج في الدنيا والآخرة. [7]






المبحث الثاني

أهمية دراسة سنن الله تعالى

سنن الله تعالى التي بينها الله في القرآن الكريم أو بينها الرسول صلى الله عليه وسلم جديرة بالدراسة والفهم، بل إن دراستها وفهمها من الأمور المهمة جداً والواجبة ديانة، لأن معرفتها معرفة لبعض الدين، قال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89] [8]، قال الآلوسي في تفسير الآية: (والمراد من (لكُلِّ شَيْءٍ) ما يتعلق بأمور الدين أي بياناً بليغاً لكل شيء يتعلق بذلك، ومن جملته أحوال الأمم مع أنبيائهم). [9]



ومن الواضح أن أحوال الأمم مع أنبيائهم التي اعتبرها الآلوسي بحق أنها من جملة الدين، هذه الأحوال تعني ما جرى لهم مع انبيائهم وماحلّ فيهم بسبب سلوكهم معهم وموقفهم منهم وفقاً لسنّة الله تعالى، وما طلبه الله منا من الاتعاظ والاعتبار بهم؛ فيتحصل من ذلك أن معرفة سنن الله جزء من معرفة الدين أو معرفة لجزء من الدين، وأن هذه المعرفة ضرورية.



ومن الواجبات الدينية لأنها تبصرنا بكيفية السلوك الصحيح في الحياة حتى لا نقع في الخطأ والعثار والغرور والأماني الكاذبة، وبذلك ننجو ممّا حذّرنا الله منه، ونظفر بما وعد الله به عباده المؤمنين المتقين. [10]



المبحث الثالث

طرق معرفة السنن وقانونها العام

السبيل لمعرفة سنة الله تعالى يكون بالرجوع إلى كتاب الله العظيم وسنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فما فيهما هو القول الفصل، وما بيّناه - أي القرآن والسنة النبوية - من أنه هو سنة الله تعالى أي قانونه العام الذي تجري بموجبه أحداث ووقائع البشر، فهذا البيان هو الحق المبين والقول الصدق: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122] [11]، وهو الإخبار الحق الصادق عن هذا القانون العام: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87].[12]



وسبيل المعرفة - كذلك - بالقانون بالآلات التي ركبها الله في الإنسان (السمع والبصر والأفئدة) يكون بالمشاهدة والنظر والتأمل واستخلاص النتائج في ضوء ذلك للتعرف على القواعد التي تحكم موجودات هذا العالم وحوادثه المادية.



وجاء في تفسير الآلوسي بصدد الآية الكريمة: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، قال الآلوسي: (والمعنى: جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها العلم والمعرفة بأن تحسوا بمشاعركم جزئيات الأشياء وتدركوها بأفئدتكم - أي بعقولكم - وتنتبهوا لما بينها من المشاركات والمباينات بتكرير الإحساس فيحصل لكم علوم بديهية تتمكنون بالنظر فيها من تحصيل العلوم الكسبية). [13]



المبحث الرابع

خصائص سنن الله تعالى في المجتمعات

من خصائص سنن الله تعالى في المجتمعات:

1- الثبات:بمعنى أن الله سبحانه قد حكم بالعدل في كل أمه كفرت وطغت بالعقاب، وكل أمة أطاعت بالثواب، ومن ذلك سنته في إيقاع العذاب بلمم المخالفة لدينه وشرعته، قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214]. [14]



2- مقارنة للبيان وتابعه لها: وذلك إنه سبحانه وتعالى يبعث الرسل ويقيم الحجج على الأمم، قال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [يونس: 47] [15]، وقال تعالى:﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 208] [16]فما يجريه عليهم من سننه وحكمه جاء بعد أن يبين لهم ما يتقون.



3- إنها مقدرة بآجال لا يعلمها إلا الله تعالى: قال سبحانه: ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يونس: 48] [17]، قال تعالى:﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [يونس: 49].[18]




4- تتسم بالعدالة التامة:قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].[19]




5- تتسم بالثبات والاطراد والعموم: قال تعالى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الأحزاب: 62] [20]، وكقوله تعالى: ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴾ [القلم: 35]. [21]



المبحث الخامس

صور من سنن الله تعالى في المجتمع الإنساني والمجتمعات البشرية

من صور سنن الله تعالى في المجتمع الإنساني والمجتمعات البشرية:

1- حلول العذاب على الأمم التي تنكبت الصراط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقلة القائمين أو عدمهم، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116]. [22]



2- سنة الله في الاختلاف والمختلفين: قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً [المائدة: 48]. ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119][23]



3- سنن الله تعالى على عباده في تداول الأحوال، قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]. [24]

♦ ♦ ♦





انتهى البحث

وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين








[1] انظر: لسان العرب، ابن منظور، ج17، ص 89.




[2] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، ج2، ص 409.




[3] انظر: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الفيروز أبادي، ج3، ص 267 - 268.




[4] انظر: مجموع الفتاوى للشيخ الإسلام ابن تيمية، ج13، ص 69.




[5] انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا، ج4، ص 140.




[6] انظر: السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبدالكريم زيدان، ص 11.




[7] انظر: السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبدالكريم زيدان، ص 11.




[8] سورة النحل، آية 89.




[9] انظر: تفسير الروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الألوسي، ج14، ص 214.




[10] انظر: السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، عبدالكريم زيدان، ص 11.




[11] سورة النساء، آية 122.




[12] سورة النساء، آية 87.




[13] انظر: تفسير روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الألوسي، ج14، ص 201.





[14] سورة البقرة، آية 224.




[15] سورة يونس، آية 47.




[16] سورة الشعراء، آية 208.




[17] سورة يونس، آية 48.




[18] سورة الأعراف، آية 34.




[19] سورة يونس، آية 40.




[20] سورة الأحزاب، آية 62.




[21] سورة القلم، آية 35.




[22] سورة هود، آية 116.




[23] سورة هود، آية 118 - 119.




[24] سورة آل عمران، آية 140.









Viewing all articles
Browse latest Browse all 1343

Trending Articles